يوم .. بيوم / الخشبة العازفة

بدء بواسطة الاكليريكي بشار الشمني, يناير 26, 2011, 07:39:04 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 2 الضيوف يشاهدون هذا الموضوع.

الاكليريكي بشار الشمني


الخشبة العازفة

عن مركز التربية الدينية البطريركي بدمشق



       في ليلة من ليالي البردالقارصة جمع حطاب أثناء سهره قطع من الخشب لكي يستدفئ بها، وعندما علمت تلك الخشبة الملقاة وسط قطع الخشب مصيرها توسلت وهي باكية محدثة الحطاب بأن يرحمها ويتركها ولكنه كان ذو قلب غليظ قاسي، فأجابهابالرفض معللاً ذلك لأنها عديمة المنفعة وأكثر ما يمكن أن يستفاد به منها هو أن يستدفئ بها في تلك الليلةالقارصة البرودة.

      في ذلك الوقت تصادف مرور شيخ مسن ذو لحية بيضاء طويلة مسترسلة على صدره ووجهه وقد سمع توسلات قطعة الخشبة ورأى دموعها. فتقدم ذلك الشيخ إلى الحطاب وطلب منه تلك الخشبة، فأمتنع الحطاب أولاً بحجة أنه سوف يستدفئ بها. ولكن ما أن عرض عليه الشيخ مبلغ من النقود مقابل قطعة الخشب وافق. لكنه تساءل متحيراً كيف يدفع هذاالشيخ هذه النقود في تلك الخشبة عديمة الفائدة؟!! أما الشيخ فأخذالخشبة ولم يمشي ولكنه جلس بجـــــوار الحطاب وأخرج من جيبة سكينة صغيرة، وبدأ يقشـــر ما عليها من قشور، وفرغ ما بداخلها من حــــــــشو وثقب فيها عدة ثقوب. هذا كله حدث أمام الحطاب الذي كانت نظراته تلاحق وتتابع في دهشة واستغراب عمل ذلك الشيخ، أما القطعة الخشبية فكانت تبكي متألمة طالبة الرأفة من الشيخ الذي قال لها: لو تركتك ومضيت حتما ستقعين في يد من لا يرحمك ويكون مصيرك كالهباء، ثم قال لها تحملي قليلاً فإن هذه الآلام تؤول لمنفعتك.

      استمر الشيخ في عمله إلي نهايته ونظر إلى الحطاب الذي كان مذهولاً مستغرباً لما يحدث. وأخذ شهيقاً طويلاً وأدخل السكين إلى جيبه مره أخرى. وبدأ الشيخ يضع أطراف أنامله على الثقوب التي في قطعة الخشب وبدأ يرفع فوهتهاإلى فمه ثم نفخ فيها وهو يحرك أصابعه ويلاعبها على الثقوب وكم كانت دهشة الحطاب عندما سمع تلك النغمات المبدعة التي سرعان ما استوقفت المارة وجمعت شتاتاً من الناس أتوا على صوت أنغام الغابة، ووقفوا في إنصات عجيب أمام السيمفونية الرائعة التي عزفها ذلك الشيخ.
وهم يتطلعون إلي ملامحه وإلي لحيته البيضاء. وما أن انتهي الشيخ من عزفه حتى صفق له الجميع وانحنوا له في إعجاب. (ومنهم كثيرون من أرادوا شراء الخشبة) أقصد المزمار وبمبالغ كثيرة.

      في ذلك الحين نظر الشيخ إلي الحطاب وقال له أما زلت متعجباً بسبب ما دفعت لك ثمناً لهذه الخشبة، حقاً إنها في يدك لا قيمة لها لكن انظر كم تكون قيمتها الآن؟!!

+ هكذا فعل الله معنا دفع الكثير حتى يصنع منا شيء نافع

+ وهكذا علينا نحن ايضا ان نتحمل الالام لانه ستؤول فى النهاية الى صالحنا.

سيدى يسوع... آت اليك بإرادتى.
اعرف ان طريقك صعب لكن ثقتى بأنك ستعبر معى كل الحواجز.
فأنت قائدى فى هذا الدرب. فأنا آت اليك راميا كل احمالي عليك... غير لافتا الى الوراء... فنهاية هذا الطريق اللقاء بالحبيب يسوع.

"وكونوا لطفاء بعضكم نحو بعض، شفوفين متسامحين كما سامحكم الله ايضا في المسيح." " أفسس 4 : 32 "







matoka

                        شكرا الاخ  الاكليريكي بشار الشمني  على الموضوع
Matty AL Mache