إغلاق مقرّات الحزب الشيوعي العراقي...د . يوسف شيت

بدء بواسطة baretly.net, مارس 14, 2011, 07:26:59 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

baretly.net

إغلاق مقرّات الحزب الشيوعي العراقي , قضية صراع طبقي


د . يوسف شيت


عندما أرغمت المحاكم الكنسية العالم الفلكي غاليلو غاليلي للتراحع عن نظريته بدوران الأرض حول الشمس والإختيار بين الموت والحياة , قال لهم وبكل بساطة , "إذا أعدمت أو لم أعدم فإنّ الأرض تبقى تدور حول الشمس " . حاول ويحاول منظرّي الرأسمالية إيهام الناس بعدم وجود صراع طبقي بدليل إستقرار الكثير من المجتمعات وعدم الإستقرار في بعض المجتمعات سببه التناحرات الأثنية والدينية ,لذلك فهؤلاء المنظرون مهتمون بإثارة مثل هذه النعرات , ويدّعون بأنّ الذي يشيّع للصراع الطبقي هدفه خلق حالة عدم الإستقرار وتثوير عامة الناس على السلطات . والقسم الآخر يترجم كلمة الصراع عبارة عن عنف وإقتتال فقط لإبعاد الناس عن الذين يريدون تنويرهم بما يجري من مظالم تمارسه الطبقات الحاكمة . والقسم الآخر يشيّع بأنّ الصراع الطبقي أصبح مفهوما كلاسيكيا لايصلح للظروف الجديدة . فالرأسمالية لاتعترف بالصراع الطبقي ومها كان شكله عنفي أو سلمي , ولها مقولتها المشهورة بأنّ الأغنياء حصلوا على ثرواتهم بذكائهم  , وبكلمات أخرى , إنّ منتجي الخيرات المادية للبشرية من عمّال وفلاحين وموظفين بكل مستوياتهم من شغيلة اليدّ والفكر , كل هؤلاء هم أغبياء حسب إدّعائها. أمّا الكسالى الذين يمتلكون وسائل الإنتاج ولايعرفون سوى المحافظة على ثرواتهم وزيادتها عن طريق شراء قوّة عمل من تسمّيهم " أغبياء "  , يدوية كانت أم فكرية , بأبخس الأسعار هم أذكياء .               ء
لذلك فإنّ الصراع الطبقي كان ولايزال وسيبقى موجودا , بغض النظر عن كلّ من لا يحتمله أو كلّ من يعترف أو لا يعترف بوجوده , فهو موجود خارج وعي الناس , مازال هناك من يستحوذ على القيمة الزائدة للعمل الذي ينتجه الشغيل مهما كان موقعه الإجتماعي . ء
يبقى من مصلحة الرأسمالية ,سواء في بلد واحد أو بشكل عام , إثارة حروب وإقتتال قومي أو ديني أو مذهبي , وفي أفضل الحالات خلق تنافر ديني وقومي وطائفي وعشائري داخل المجتمعات لإبعاد الناس عن التفكير في موقهم الإجتماعي وأسلوب معيشتهم , أسلوب إنعدام توزيع الخيرات المادية بشكل عادل . بهذا الصدد يقول إنجلس " ... غير أ نّ عصرنا, عصر البرجوازية,يتميّز بتبسيطه التناحرات الطبقية " .          ء
والعراق ليس بعيدا عن منظري الرأسمالية والطبقة الطفيلية الحاكمة ومنذ الإنقلاب الفاشي في شباط 1963, عندما تاجرالبعث والقوميين العرب المتطرفين بالوحدة العربية وبالقضية الفلسطينية واعتبروهما القضية الرئيسية , بل القضية الوحيدة . بهذه الطريقة لقى المدافين عن حقوق الجماهير من أحزاب وشخصيات وطنية كل أنواع الإضطهاد من قتل وسجن وتعذيب وإغتصاب . وفي فترة حكمهم الثانية أراد السيئ الصيت صدّام حسين إلغاء الطبقة العاملة بجرة قلم , بإصداره قانون رقم 150 وتحويل العمال الى موظفين . وبعد الإجتياح الأمريكي للعراق في نيسان 2003 فرض الحاكم الأمريكي , السيئ الذكر, بريمر نظام تقسيم السلطة مذهبيا وقوميا واعتبر بأنّ المكونّات الرئيسية للمجتمع العراقي هم الشيعة والسنة والأكراد وإقصاء بقية الأقليات القومية والطائفية , أي أنّ الوصول الى السلطة يكون عن طريق الصراع الطائفي والقومي . واستطاعت الأحزاب الدينية والقومية في تأليب الناخبين لإنتخاب مرشحيها عن طرق تخويف طائفة من خطر طائفة أخرى وقومية من خطر قومية أخرى , هذا إذا تغاضينا عن عملية تزويرها بكل أشكالها. وهذا قد يلغي أو يؤجّل الى فترة ما , حسب عقلية المتمسكين بسياسة المحاصصة , الصراع الطبقي الى حين إستتاب الأوضاع لصالحهم . لقد حاولت وتحاول هذه الأحزاب التنصل من سياسة المحاصصة عن طريق الكلام فقط بعد أن لفضتها الجماهير , ولكنها تمارسها بكلّ وقاحة كونها تحقق لهم مصالحهم الضيقة, تاركين الأغلبية الساحقة من الشعب تحت وطأة الفقر والإرهاب وسوء الخدمات . رغم كل التحذيرات من قبل الأحزاب والشخصيات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني من خطورة هذه السياسات وإهمال مطاليب الجماهير ,إلاّ أنّ المتمسكين بالسلطة لم يهتموا بهذه التحذيرات , واعتبروا بأنّ أغلبية الناس غير واعية طبقيا ومفهوم الصراع الطبقي لايزال بعيدا عنها . لكن وعي الجماهير الى أوضاعها وتنويع طرق المطالبة بحقوقها كان بعيدا عن وعي الفئات الحاكمة , لذلك تفاجأ الحكّام بخروج آلاف المطالبين بحقوقهم وبمحاربة الفساد والمفسدين وإصلاح النظام السياسي , رغم محاولة السلطات إستخدام كلّ الأساليب لتحجيم أعداد المتظاهرين , ومنها الإعتداءات عليهم وإستشهاد عددا منهم ومنعهم من الإستمرار في رفع مطاليبهم . ولم يكن أمام الأحزاب الوطنية سوى دعم مطاليب الجماهير وإعلاء صوت الشعب, ومنها الحزب الشيوعي العراقي المتمرس في النضال من أجل حقوق الشعب ,وخاصة من العمال والفلاحين والمثقفين , والذي قدّم الآلاف من الشهداء ويقدّم  خلال 77 عاما من عمره , هؤلاء الشهداء الأماجد التي أرادت الأحزاب الدينية هذه اللجوء الى سرقة أسماءهم وضمّهم اليها بإعتبارهم شهدائها . لم تستطع السلطات المركزية والمحلية من تشويه سمعة المتظاهرين إمام إصرارهم على مواصلة عرض مطاليبهم . ولكنها , أي السلطة المركزية لجأت الى لجم صوت الأحزاب الداعمة لمطاليب الشعب , فقامت بمداهمة مقر اللجنة المركزية ومقرّ جريدة طريق الشعب الناطقة باسم الحزب الشيوعي العراقي ومقر حزب الأمة الذي يترأسه السيد مثال الآلوسي والطلب بإخلائها لأسباب تافهة أوتنفيذ مطاليب تعجيزية من قبل الحزبين . لقد كشف قادة الحزب الشيوعي خطل الإدّعاءات التي سيقت لإخلاء المقرّات , ففي مقابلة تلفزيونية مع السيد مفيد الجزائري على فضائية بغداد يوم 8 آذار , قال بأنّ  الجهات المعنية بإيجارات المباني العامة طلبت مبلغا قدره 400 مليون دينار كبدل إيجار , وأوضح بأنّ هناك أحد الأحزاب الديدنية السلطوية تستأجر بناية  أكبر من مقرات الحزب الشيوعي  مجتمعة ومن نفس الجهة بمبلغ رمزي يقارب ال 250 ألف دينار عراقي . والواضح من هذا , على الحزب الشيوعي العراقي الذي يحارب الفساد ويفضح الحراميّة ويطالب بالإصلاح السياسي أن يدفع مبلغا يعادل 1600 مرّة ما يدفعه هذا الحزب الطائفي , (وهنا لسنا بصدد إتّهامه بالسطو على المال العام ) . أما السيد جاسم الحلفي أوضح حول محاولة المالكي لإقناع الحزب الشيوعي بعدم الإشتراك بالمظاهرات قال : «كان الهدف هو محاولة اقناعنا بان لانشارك في التظاهرات، وعندما شاركنا في التظاهرات كان عقابنا هو الامر باغلاق مكاتبنا. وهذا لايتفق مع احاديث المالكي عن حق العراقيين في التظاهر». وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده الحزب الشيوعي الأربعاء 9 آذار أكدّ سكرتير الحزب السيد حميد مجيد موسى  "ان ما تعرض له مقر الحزب ومقـــــر "طريق الشعب " يوم 6 آذار الجاري "لم يكن تدبيرا إداريا - قضائيا كما يدعون ، بل هو ممارسة سياسية - امنية لادستورية وغير مبررة ولا عادلة". واضاف ان ذلك كان مخالفة قانونية ,وتشويها للديمقراطية وانتهاكا لحقوق الانسان، وتجاوزا على حزب مشهود له بالنضال المثابر ضدّ الدكتاتورية والاستبداد، ومن اجل الحرية والديمقراطية والسلام ودولة القانون والمؤسسات، وفي سبيل سعادة الشعب وكادحيه وحرية الوطن واستقلاله. حزب تتمثل سماته الاساسية في النزاهة والاخلاص والصدق، والتضحية من اجل مصالح الشعب والكادحين ...وإنّ غلق مقرّاتنا لن يغيّر موقفنا الداعم للتظاهرات ".       ء
إنّ محاولة الأحزاب الطائفية بإقامة نظام حكم على أساس عقيدة محددة , باءت وستبوء بالفشل , وأثبتت السنوات الثمانية الماضية في حكمها للعراق برفض الشعب لهذه المحاولات . وإنّ كل محاولات منظري الأحزاب الحاكمة وسياستها بتشويه نضال الشعب العراقي وإبراز الخلافات الطائفية والقومية الى السطح وإيهام الناس بها هو من أجل إبعادهم عن موقعهم الطبقي والنضال من أجل حقوقهم . لقد أجبر المتظاهرون بإصرارهم في النضال حتى تحقيق مطاليبهم , النوّاب ورئيس مجلس الوزراء في النظر بمطاليبهم . إنّه النضال بين أصحاب الدخل المحدود من عمال وفلاحين وموظفين من مختلف أديان وطوائف وقوميات الشعب العراقي ,من جهة وأصحاب الدخل , الذي لاأحد يعرف حدوده , من الحكّام من مختلف الأديان والطوائف والقوميات من جهة أخرى .     ء