اليزيديون وتاريخهم العريق في بلاد مابين النهرين/عابد عزيز ملاخا

بدء بواسطة برطلي دوت نت, ديسمبر 22, 2014, 08:48:23 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

اليزيديون وتاريخهم العريق في بلاد مابين النهرين


برطلي . نت / بريد الموقع
بقلم: عابد عزيز ملاخا

    لايخفى على كل مُطّلع، أبسط الحقائق التاريخية المُتعلّقة بحضارة شعب بلاد مابين النهرين، وموطن الشعب اليزيدي في جذوره التاريخية العريقة الذي ينتمي إليها في بلاد الحضارات آشور وبابل..
   لقد تعرّض الشعب اليزيدي إلى الإضطهادات والمجازر على مر التاريخ بفضل الفتاوي التكفيرية والخروج من الدين وعبادة الشيطان بالرغم من أن اليزيديين ينفون ذلك بشدة. ويؤكدون أنهم مؤمنون بالله وينفون الإتهامات الموجهة إليهم بعبادة الشيطان، ويقولون أن هذه التهم هي التي عرّضتهم لأنواع من الإضطهادات والمذابح عبر التاريخ. وأن حملات الإبادة هذه التي لاحصر لها إضطرت الكثيرين منهم إلى اللجوء إلى الكنائس وإعلان مسيحيتهم للتخلص من الملاحقة والظلم والتهميش.... ولنا شاهد يقين في ذلك، أن بعض العشائر في القرى والقصبات المسيحية، كان أصلها يزيدية(في القوش مثلاً)، حسب ماهو مُدوّن في كتاب(القوش عبر التاريخ) لمؤلفه المرحوم غبطة المطران يوسف بابانا، وأن هذه العشائر قدمت من بوزان القرية اليزيدية القريبة من القوش، وهي المعلومة المعروفة لجميع أهالي القوش.
  إبتدأت إضطهادات الشعب اليزيدي أيام الخليفة العباسي المعتصم، سنة 224هجرية،ومن ثم حملة نادر شاه الفارسي التي تواصلت من 1732م إلى 1743م، وكذلك حملات أمراء الموصل الجليليين،  وثم بدأت إضطهادات العثمانيين 1562. وحملة بدرخان بيك العثماني سنة 1844، واستمرت ضدهم الإضطهادات إلى ما بعد الحرب العالمية الأولى 1920م.
  يعيش اليزيديين ضمن مناطق ضيقة بالقرب من نينوى الآشورية أي في منطقة قضاء الشيخان ومنطقة سنجار التي تنتشر فيها قراهم والقريبة من منطقة كردستان الحالية حيث يتكلمون اللغة الكردية!
  يقول المرحوم هرمز ابونا:" إن وجود اليزيديين في مناطقهم الحالية، هو قبل وجود الأكراد في هذه المناطق" ويقول السيد أنور بن معاوية الأموي " أن اليزيدية كونها ديانة خاصة، تمتدة جذورها إلى الأمبراطوريتين الآشورية والبابلية، ويضيف: ولهم معبد خاص في خرسباد يُطلق عليه(إيزيدا). وأن أسم الطائفة اليزيدية أُشتق من هذا الأسم. ويضيف السيد أنور بن معاوية الأموي ويقول:"لليزيديين والآشوريين مصير واحد وقومية واحدة، وتبقى مناطقنا السكنية في الشيخان وسنجار تحت راية مابين النهرين"، كما ويشير السيد أنور ويقول: أن اليزيدية مرّت بمرحلتين مختلفتين، الأولى:ديانة نابو أي (عبادة الشمس)ذلك في أيام الأمبراطوريتين الآشورية والبابلية، والمرحلة الثانية وصول الشيخ عُدي بن مُسافر الأموي من بيت الغار في بعلبك واستقر في شمال العراق. ويضيف أن الديانة اليزيدية الحالية هي واحدة من الديانات التي كانت تدين بها الشعوب الآشورية والكلدانية(البابلية) قبل ظهور الديانات اليهودية والمسيحية وألإسلامية، وان اليزيديين بقوا على ديانتهم القديمة التي كانوا يدينون بها ضمن الأمبراطوريتين البابلية والآشورية ولحد الآن.
  ويشرح الأمير أنور موضحاً معنى كلمة «إليزيدا» التي أُشتق منها أسم الطائفة قائلاً: أن الكلمة مكونة من ثلاثة كلمات آشورية، وهي(نذهب لبيت الحق)، ويستطرد قائلاً:«أن معالم التراث البابلي والآشوري موجودة في الأعياد والملابس والرقص اليزيدي. ومن أهم الأعياد : رأس السنة الذي يُصادف في أول أربعاء بعد 12 يوم شهر نيسان من كل عام. وأن اليزيديين حتى اليوم يعتمدون على التقويم الشرقي أي ألاشوري البابلي».
  إن اليزيدية في كل أنحاء العالم يعتبرون مركز ديانتهم المُقدّسة منذ أيام الأمبراطورية الاشورية البابلية في منطقة نينوى. وأن اليزيدية مرتبطة بأرض العراق ديناً وأرضاً وشعباً. وأن المسكوكات واللقى الأثرية التي تم إكتشافها في المناطق التي يعيش فيها اليزيديون جميعها بابلية آشورية، ويعود الأمير أنور ويوضّح :«أن الكتابة التي إستخدمها اليزيديون لتدوين كتبهم المقدسة(الجلوة والكتاب الأسود)، مكتوب بنوع من الخط الآرامي وبالأحرف الأسطرنگيلي.
  ويقول الكاتب أمين جيجو: أن الأركان والركائز الأساسية للديانة اليزيدية يستند على المعتقدات الدينية لشعب بلاد مابين النهرين، وخاصة الديانة البابلية، ويضيف جيجو: اصبحت عبادة نابو منتشرة في بلاد آشور التي تشمل منطقة الشيخان والزابين والجزيرة..
  بتاريخ13 شباط من عام 1855م. قدم الرحالة الأنكليزي الشهير(أنتستورت) تقريراً في الجمعية (السورية-المصرية)-اللندنية بعنوان(The Izedis ordivil worshipper) :، عرض فيه تاريخ الأمة اليزيدية، وآراء الرحالة الآخرين، منهم من يُبرهن على الأصل الآشوري لهذه الطائفة ويقول:
1-   إكتشاف التماثيل في باڨيان بالقرب من ضريح الشيخ عادي(نبي اليزيدية) التي كانت شبيهة بملك طاووس الذي يعبده اليزيديون.
2-   الآشوريون كانوا يعبدون هذا الطائر.
3-   قدسية الينابيع في العهد القديم.
4-   إحترام اليزيديون للرموز الآشورية الأخرى مثل:رمز الأسد والثعبان والبلطة.
5-   صفات اليزيديون الفيزيائية.
6-   الرجال يلبسون الخاتم،والنساء يتزينَّ بالأحجار الكريمة وقبعات الرأس الاشورية.
في مقال كتبه العلامة المطران يوحنا دولباني في مطلع القرن العشرين المنصرم، وبالحرف الكرشوني(أي لغة عربية بحروف سريانية)، حيث إعتمد في مقالته هذه على كتاب وضعه القس اسحق أرملة بعنوان(قصة اليزيدية وتواريخهم). يقول:
«اليزيديون قوم مشهورون بالشجاعة والسخاء... إنهم بقايا الآشوريين الذين كانوا يعبدون السين(القمر)، والشمش(الشمس)، وأدد(الجو). كما ويعترف المثقفون منهم بهذه الحقائق. ويُستدل من مُعطيات التاريخ وجود أمة في جبل سنجار، في الجيل الرابع والخامس للميلاد، تعتنق ما كان يعتنقه الآشوريين قديماً، والذين لاتبتعد عنهم عاصمة الآشوريين كثيراً، ويتكلمون الكردية منذ إستيلاء العجم عليهم».
  في خريف 1924، قدم الجنرال الكلدوآشوري آغا بطرس،مطاليب شعبه إلى عصبة الأمم في جنيف وقبلها مؤتمر السلام عام 1919في باريس، وشكّلَ وفداً مُشتركاً من أبناء شعبنا الكلدوآشوري السرياني، ومع الأخوة اليزيديين بصفتهم شعب واحد يتعرض للإضطهادات خلال الحكم العثماني...
  إن الشعب اليزيدي أستمر يتحمل الظلم والإضطهاد بصمت، أسوةً ببقية الأثنيات الدينية والقومية الأصلاء في وطن مابين النهرين. وبالذات في مناطق سكناهم منذ غابر الأزمان في الشيخان وسنجار.. حيث إضطر قسماً منهم للهرب بفعل تلك المظالم إلى سوريا وجورجيا، حيث هناك تجمعات منهم في تلك البلاد. وأما عن الإضطهادات الحالية التي قام بها رجالات داعش الإرهابيين الوحوش ضد الشعب اليزيدي، فقد صرّح أحد وجهاء اليزيدية مؤخراً عن هذه المجازر ويقول:
  بلغ عدد المفقودين من اليزيدية بين مخطوف ومعتقل 6500 إنسان، عدد الإناث منهم أكثر من 3آلاف، عدد الأطفال المخطوفين والقتلى تجاوز 1500طفل تقريباً. ويُضيف:
»إن هذه الأرقام يتم التأكيد منها بدقة، ولا زال البحث جارياً.. إن الإحصائيات تتطلّب سنوات، نظراً لإبادة عوائل بأجمعها، وصعوبة البحث بسبب إنتشار اليزيدية في مناطق كثيرة مختلفة وبدون عناوين وسكن ثابت.«
  لكل ماتقدم نتطلع إلى إنصاف هذه الشريحة الأصلية من الشعب العراقي، ورفع الغبن والحيف الذي لحق بهم نتيجة التفرقة العتصرية والدينية التي رافقت مسيرة هذا الشعب من قِبَل الحكومات الظالمة المتعاقبة في العراق. وكلنا رجاء وأمل أن لاتعود تلك الظروف العصيبة على كافة أطياف شعبنا في العراق، الذي تحمّلَ ما يكفي من الأذى والظروف الإستثنائية التي لاتليق بالإنسان ومعاملته بهذ ا الشكل المزري.
المصادر: مقالات: زهير كاظم عبود/أمين فرحان جيجو/ معد فياض/ كتاب ألأيزيدية: جورج حبيب / كتاب القوش عبر التاريخ للمطران بابانا/كتاب الآشورين بعد سقوط نينوى:هرمز أبونا/ الرحالة الإنكليزي أنتستورت.