الأكاذيب السعودية حول مساعدة سوريا ضغط إستباقي وله رد مناسب

بدء بواسطة صائب خليل, أغسطس 04, 2011, 06:35:06 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

صائب خليل

الأكاذيب السعودية حول مساعدة سوريا ضغط إستباقي وله رد مناسب


نشرت "الشرق الأوسط" السعودية، قصة ظريفة رغم وقاحتها، تدور حول عشرة مليارات دولار، "أمرت" إيران، الحكومة العراقية بتقديمها الى سوريا، وأن «المالكي رضخ لهذا المطلب الإيراني وقام بالفعل بدعم الرئيس السوري بشار الأسد ماديا». والقصة بعنوان: "قيادي في التحالف الوطني يكشف لـ«الشرق الأوسط» عن دعم مالي عراقي لسوريا" (1)

"الشرق الأوسط" استندت إلى قول لـ  "مصدر بارز في التحالف الوطني" لم تكشف عن إسمه، قال لصحفيها، معد فياض أن "السفير الإيراني في بغداد، حسن دنائي فر، نقل رسائل شفوية من مرشد الثورة الإسلامية علي خامنئي، والجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس، إلى قادة التحالف الوطني، كل على حدة، تتضمن ضرورة دعم الرئيس السوري ماديا وبمبلغ حدده بـ10 مليارات دولار" مشيرا إلى أن «الطلب الذي جاء بصيغة أوامر قد وافق عليه المالكي باعتباره رئيسا للحكومة العراقية».

ولكي تضيف الشرق الأوسط بعض الإخراج المسرحي، قالت أن "مصدرها" بين أن "بعض أعضاء التحالف الوطني أبدوا اعتراضهم على قيمة المبلغ وليس على مبدأ مساعدة الرئيس الأسد، لكن السفير الإيراني أبلغهم بأنه غير مخول بمناقشة الموضوع".
وذكر المصدر أن "السفير الإيراني قد أوجد للتحالف الوطني صيغة مناسبة لدعم النظام السوري، بحيث تدفع الأموال باعتبارها ضمن الاتفاقيات الاقتصادية التي تم إبرامها وتفعيلها بين بغداد ودمشق نهاية الأسبوع الماضي".

وأكملت الصحيفة الحديث عن "إجراءات من شأنها تسخير الإمكانيات العراقية لدعم النظام السوري" وأنه سوف يتم دفع الأموال "باعتبارها ضمن الاتفاقيات الاقتصادية" مشيراً إلى ترحيب المالكي بوزير الإقتصاد السوري وأمنياته بتطوير التعاون التجاري والإقتصادي بين البلدين.
كذلك أشارت الصحيفة إلى نفي "هاشم حاتم، مدير عام العلاقات الاقتصادية الخارجية في وزارة التجارة العراقية" وجود أية إتفاقيات جديدة وأن ما تم التوقيع عليه هو اتفاقيات تعود إلى سبعينات القرن الماضي، تم تعديلها لتناسب نهج السوق الحر الذي تنتهجه الحكومة العراقية حالياً. لكن الصحيفة أكدت "حسب المصدر القيادي" إن «الحكومة العراقية أبرمت اتفاقيات جديدة ... ودفعت مبلغ الـ10 مليارات دولار تنفيذا لإرادة إيرانية بحتة».

ردود الحكومة ا لعراقية جاءت على لسان حسن السنيد الذي نفى الأنباء، مشددا على أنه "لايمكن للحكومة الإقدام على خطوة مماثلة في حين يسعى العراق للحصول على مساعدات مالية من دول العالم لبناء بنيته الإقتصادية من جديد". مؤكداً أن "الحكومة العراقية لا يمكن أن تقدم مساعدات للأنظمة القمعية في العالم بضمنها النظام السوري" (2)

كذلك نفى النائب عن ائتلاف دولة القانون خالد الأسدي الموضوع كلية وقال " إن العراق بحاجة لأي مبلغ لإصلاح أوضاعه، فكيف يتبرع بعشرة مليارات دولار لسوريا". (3)

وتكمن ظرافة القصة في انها كانت "عفوية" و منطلقة في وقاحتها، ولم تشوبها تشويهات لضرورات دبلوماسبة أو صحفية أو حتى تلك الضرورات اللازمة لتمكين الأكاذيب من الوصول إلى هدفها. يبدو أن تلك الضرورات لم تعد ضرورات، فقد نقلت صحف "عليها الإعتماد" هذا الخبر بلا تمحيص، كما أن "العراقية" المشاركة في الحكم وتعرف خفاياه لم تتردد لحظة في التهديد بالمساءلة القانونية لرئيس الحكومة على إثر ذلك، على لسان القيادي زياد ذرب الزوبعي، مؤكدا على ان "العراقية ستبحث المسألة في النواب العراقي بالإضافة الى دعوة لجنتي العلاقات الخارجية والنزاهة للتحقيق في المسألة لتبيان الحقائق." (2)

لا مشكلة إطلاقاً في التحقيق وتبيان الحقائق، لكن متى كان مجلس النواب بالأمانة السامية التي تحدوه إلى التحقيق، حتى عندما تكون هناك إشارة من "مصادر مجهولة" على الغش لإتخاذ إجراءاته؟ لا مفر لنا إلا أن نتذكر المصادر الموثقة تماماً، التي رفضت العراقية أن تستمع إليها في التصويت بحجب الثقة عن المفوضية، ولا مفر لنا من أن نفترض أنه لسبب لا يعلمه إلا الله، فأن أعضاء العراقية يفضلون "مصادر مجهولة" من صحيفة سعودية، على مصادر محددة من نائبة في البرلمان العراقي.

لكن من الظلم أن نعتبر "الشرق الأوسط"، ببساطة "جريدة سعودية"، رغم أنها ممولة من السعودية، فليس كل ما تموله السعودية سعودي بالضرورة. وليس من الدقة أن نصدق أنها "جريدة العرب الدولية"، كما تكتب تحت عنوانها، فقد يكون هذا إضافة هدفها التغطية، مثل أسماء "شريف" و "نظيف" في الحكومة المصرية السابقة. أفضل من الأسماء دليلاً، هو ما تشير إليه قائمة أهم كتاب الصحيفة وتوجهاتهم، ولدينا خبر طازج، بفوز الجريدة بأعلى عدد من الكتاب الذين نالوا تكريم الخارجية الإسرائيلية، (متقدمة على "السياسة" الكويتية و "الوطن" الكويتية) من بينهم رئيس تحريرها طارق الحميد، ورئيس تحريرها السابق عبد الرحمن الراشد، إضافة غلى كتابها تركي الحمد، مأمون فندي، علي سالم، عادل درويش وأيان هرسي علي، النائبة الهولندية السابقة والصومالية الأصل التي اكتشف تزويرها لإسمها وتلفيقها القصص عن حياتها، وأنيطت بها مسؤولية تشويه ومحاربة الإسلام في هولندا قبل سنوات. (4)
وليس الأمر غريباً، فلا أذكر إني قرأت لأي من هؤلاء مقالاً واحداً يمكن أن يزعج إسرائيل، مقابل سيول المقالات التي تنطلق من سياستها مباشرة، ولو كان الأمر غير ذلك لاعتبرناه تشويها إسرائيلياً متعمداً.

مقالة "الشرق الأوسط" تأتي ضمن محاولات إسرائيلية أمريكية لإثارة الكراهية لدى الشعب العراقي مع جيرانه، وخاصة الأنظمة غير العميلة لإسرائيل، وهي تحاول هنا ضرب عصفورين بحجر: علاقة العراق بكل من إيران وسوريا، والتأكيد على سلطة الحكومة الإيرانية على الحكومة العراقية وأن الأخيرة منقادة تماماً للأولى، فالسفير "غير مخول بمناقشة حتى المبلغ!"

هذا "الخبر"، أو القصة إن شئتم، ذكرني بخبر آخر قرأته قبل فترة وجيزة، يتناقض تماماً مع قصة المليارات العشرة، يقول عنوان الخبر: "الكهرباء الأتحادية:عقوبات مصرفية على ايران تعيق تسليمها  200مليون دولار" (5)
ويبين الخبر أن وزارة الكهرباء عجزت عن سداد ديونها المستحقة لإيران، لعقود توفير الكهرباء بينهما بسبب الحملة الأمريكية الدولية لمقاطعة إيران. ويشير الخبر إلى أن" وزارة الكهرباء تعمل على توفير آليات جديدة لتنظيم عملية التعاقد مع الشركات الايرانية بما يزيل شرط التحويل إلى مصارف وسيطة عالمية لتسديد 200 مليون دولار التي تطلبها إيران للعراق جراء تنفيذ مشاريع أستراتيجة".

إذن، أليس من الأجدى أولاً ، أن يأتي هذا السفير "الرهبر" المخيف، الذي يأمر فيخر له العراقيون ساجدين، ليحاول استلام مستحقات رسمية من أموال بلاده أولاً، قبل أن "يأمر" بإعطاء المال للآخرين؟
كيف لمن يعجز ويحار بالحصول على 200 مليون دولار له، أن يأمر بتسليم الغير 10 مليارات؟

قبل فترة كتبت عن عمليات "الضغط الإستباقي" على الحكومة، الذي أشرت إليه:
"اسميته "الضغط الإستباقي" وكما يفهم من اسمه فأنه يتم تسليطه مسبقاً لمنع الحكومة (أو أية جهة أخرى) من التصرف بشكل معين فيما إذا أرادت، أو لإجبارها مستقبلاً على أن تنحو نحواً معيناً في سياستها، ويتم بناء هذا الضغط بشكل تحضيري وقبل أن تبدأ الحاجة الفعلية إليه.
ومثل "الحرب الإستباقية" فأن "الضغط الإستباقي" يغلق على الضحية بعض الخيارات مسبقاً ويجهزها لتيسير بالإتجاه "المناسب". " (6)

وهذا مثال رائع على ذلك الضغط الإستباقي، الذي يهدف بوضوح إلى منع الحكومة العراقية حتى من التفكير بتطوير العلاقة الإقتصادية مع كل من إيران وسوريا. فرغم أن الكذبة مفضوحة ولن يتخذ على الأغلب أي إجراء بشأنها عدا الضجة الإعلامية، فأن هدفها في تقديري قد أنجز. الآن قد تهيأ الجو لمهاجمة أية إتفاقيات إقتصادية قادمة محتملة مع إيران أو سوريا، وستصرخ نفس وسائل الإعلام التي اخترعت الكذبة، وبعض تلك التي تلقفتها:
"أنظروا!! ألم نقل لكم هناك اتفاقات لتسليم المال العراقي لسوريا حسب الأوامر الإيرانية بطرق تجارية!!"
و لو تم إيجاد طريقة لسداد عقود الكهرباء مع إيران، فلن يكون التغيير كبيراً:
"أنظروا!! بعد اكتشاف أمرهم، إنهم يحولون المال المطلوب إلى إيران لتحوله إلى سوريا!!
وستتبادل القنوات الفضائية العراقية ، وما هي بعراقية، ترديد ذلك الصدى بلهجتها المثيرة للهيجان، وعندها ستفضل الحكومة على الأغلب الإنكفاء على نفسها وقبول محاصرتها، وتقبل حتى تعطيل مشاريع الكهرباء التي تعلم مدى اهميتها للعراق، ولها أيضاً، وتعود إلى البحث عن اتفاقات ضمن المجال المسموح لها به، ولا تجلب لها وجع الرأس، حتى لو كانت في غير صالح العراق: مع الأردن والسعودية وبقية عملاء أميركا. فالعراق وثرواته، كما ترى هذه الدولة، هو من حصتها وحصة عملائها من الدول، ويجب أن تقتصر علاقاته على تلك الدول فقط!

هذا في تقديري ما حدث ويحدث، أما الرد العراقي، فهناك رد مناسب تماماً على هذه الأكاذيب، رد لا يكلف العراق شيئاً، وبلا اية مواجهة، وسنقترحه في المقالة التالية.


(1) http://www.aawsat.com/details.asp?section=4&issueno=11935&article=633888
(2) http://www.iraqicp.com/2010-11-22-05-28-38/5422-2011-08-03-17-30-59.html
(3) http://www.kulalakhbar-iq.com/index.php?option=com_content&view=article&id=1857
(4) http://www.albadeeliraq.com/article15744.html
(5) http://www.aknews.com/ar/aknews/2/252370/
(6) http://qanon302.net/vb/showthread.php?t=972