التيار الصدري والفضيلة والمفوضية الفاسدة ...نحو موقف ملتزم أم نحو فضيحة جديدة؟

بدء بواسطة صائب خليل, يوليو 26, 2011, 05:41:49 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

صائب خليل

التيار الصدري والفضيلة والمفوضية الفاسدة ...نحو موقف ملتزم أم نحو فضيحة جديدة؟


طالما وقف التيار الصدري وفريقه البرلماني مواقف مشرفة أسهمت في دعم الشعب العراقي ومطالبه، في البرلمان وفي الشارع، وقد كتب كاتب هذه السطور عنها كثيراً ومطولاً، حتى لامه البعض على ذلك.
فقد تلقى أبناء هذا التيار بصدورهم العارية المؤامرات الأمريكية الخبيثة على هذا البلد، ووقفوا بوجه المعاهدة الأمريكية العراقية موقفاً مشرفاً لن ينساه التاريخ لهم، وهم وإن لم يتمكنوا من منعها للأسف، فأن لهم الدور الأول في تغيير مضمونها وتقليل أذاها كثيراً. كذلك كانت لهم مواقف مشرفة من الهجمة اللصوصية الدولية على ثروات العراق النفطية، وبشكل عام وقفوا بوجه كل مؤامرة أمريكية على البلاد، وكانوا سباقين إلى كشف المؤامرات التي تحاك في البرلمان وغيره، وأشروا نقاط الخلل والإلتفاف على الدستور في كل مرة.
ورغم أن التيار لم ينجح في كبح جماح المسيئين في جيش المهدي، إلا أن مواقف فريقه البرلماني لا يمكن إنكارها، وقد دفع هذا الفريق ثمناً لذلك من دماء شبابه، بالمعنى الحرفي للكلمة.

لكن الأمر لم يعد كذلك للأسف منذ حين، وقد فاجأنا الصدريون أكثر من مرة بمفاجآت تحمل خيبة أمل مريرة للشعب العراقي، من الجهة التي كان يؤمل منها ويعول عليها كثيراً. مفاجآت بدت أحياناً مذهلة للمواطن العراقي المراقب للأحداث.

وقد ابتدأت تلك المواقف الغريبة بدعم القائمة العراقية ومغازلتها في مناورات تشكيل الحكومة الأخيرة، علماً بأنها تمثل الجانب الأمريكي الذي يعلن التيار تكراراً أنه خصمه الإستراتيجي وخصم كل مظاهر الإحتلال، ويعلم الصدريون بكل يقين أن السفارة الأمريكية بذلت جهداً هائلاً لإعادة البعث إلى دائرة الضوء وإعادة المستثنيين من قبل هيئة المساءلة والعدالة، إلى الساحة السياسية العراقية، وبالتالي فلم يكن مفهوماً كيف يقف الصدريون بالضد من الإحتلال الأمريكي إستراتيجياً، ويقفون مع من يريدهم هذا الإحتلال لحكم البلاد؟

وبعد أن أثنينا كثيراً على مبادرة التيار الصدري في استفتاء جمهوره والجمهور العراقي فيمن يرشحه لرئاسة الحكومة الحالية، وإعلان التزامه بوضوح تام بخيار الشعب، وبعد أن اختار ناخبي التيار ومن شاركهم الإستفتاء، السيد الجعفري بوضوح لا لبس فيه، ولا غرابة في ذلك، فلقد كان للرجل موقف مشرف لإنهاء "حملة الفرسان" ضدهم والعودة إلى حلول التفاهم، بعد كل ذلك ، وبعد اتصالات مثيرة للقلق في قيادته، اتخذ التيار قراراً مذهلاً بترشيح المرشح الأمريكي الثاني ، عادل عبد المهدي، ذلك الرجل الذي ينتمي إلى الجهة التي طالما اتهمها التيار بارتكاب جرائم القتل ضد أبنائه، بديلاً للجعفري، ورغم كل الوعود لناخبي التيار!!

لم يكن لدينا لتفسير هذا الإنقلاب في المواقف الأساسية المبدئية للتيار سوى أن قياداته قد تعرضت لإبتزاز كبير، خاصة وأنها معروفة بأنها مخترقة إلى حد بعيد، وأن الكثير من رجال التيار قضوا زمناً طويلاً في السجون الأمريكية تحت التعذيب، وليس غريباً أبداً أن البعض منهم قد انهار وقرر العمل لصالح الإحتلال الأمريكي. هذا إضافة إلى ما قد تحتفظ به الإدارة الأمريكية من وثائق بشأن مقتل السيد الخوئي، وأية أوراق ابتزاز أخرى محتملة من وثائق فساد تطال بعض قيادات التيار، فقد كانت هذه هي السياسة المفضلة للولايات المتحدة منذ عقود طويلة، في اختراق قيادات الأحزاب المعارضة لها وتحييدهم بل قلبهم للعمل لصالحها.

وقبل أيام، أعلنت قيادة الصدريين إعلانات تثير القلق، تمثل تغييراً مخيفاً في موقفها من الإحتلال، فأعلن عن أن جيش المهدي لن يتم إعادته إن تم تمديد بقاء القوات الأمريكية، بحجة غير مقنعة، وفي توقيت يثير الشكوك والشبهات. وجاءت تعليقات بعض قياديي التيار مؤكدة هذا الإتجاه، وأستفاد منها كثيراً الإعلام الموجه أمريكياً ليعطيها صورة أكبر من حجمها أيضاً.

ثم جاء نفي التيار لتغير موقفه من الإحتلال وضرورة رحيله، واتهم الإعلام بتشويه صورة موقف التيار، رغم أنه لم ينف ما جاء في تصريحات قيادته، وبدت كلماته تبحث عن مخرج بين رفض "التمديد" و إبقاء قوات أمريكية "للتدريب"، وبدا أن هناك صراع يدور داخل التيار ، بين جماعة لا يستهان بها، تم اختراقها وابتزازها، وتعمل على تجنب إغضاب من يمتلك اوراقها، أو "تعمل بالممكن ولا تنسى الطموح"، - وجماعة مازالت مخلصة لمبادئها ولناخبيها، وان نتيجة هذه الصراع ليست محسومة على الإطلاق، وفي كل معركة حول قرار برلماني يهم الولايات المتحدة. وتشير حقيقة مخاطرة التيار وقيادته بسمعته تماماً في ترشيح عادل عبد المهدي بدل الجعفري، ومن ثم فشل ذلك المشروع بضغط القوة الشعبية لناخبي التيار وناخبي كتل آخرى.

واليوم يراقب الناس وناخبي التيار الصدري بشكل خاص، بقلق شديد موعد الخميس القادم، حيث تشير الدلائل إلى أن موقف قيادة التيار الصدري سوف يدعم المفوضية العليا للإنتخابات ويعمل على إفشال مشروع سحب الثقة منها، رغم أن الدلائل على فسادها لا ينافسها في وضوحها أية دلائل على أي فساد في أية جهة عراقية سابقة، وصلت حتى اكتشاف أن مفاتيح مركز إدخال المعلومات في المفوضية بيد الإرهابيين والأمم المتحدة (الإحتلال الأمريكي)، فما الذي ينتظر الصدريون أكثر من ذلك لتقديم موقف مبدئي لناخبيهم وللشعب العراقي؟ عندما اختار الصدريون عبد المهدي رغم انتخاب جمهورهم لإبراهيم الجعفري تساءلنا: هل سيكون بإمكانكم ان تتحدثوا براحة ضمير عن "الديمقراطية" وإنصات لصوت الناخب؟ واليوم نتساءل: إن صوتّم لبقاء المفوضية الفاسدة، هل سيكون لكم أن تتحدثوا بعد ذلك عن "الفساد" دون أن تحسوا بوخز الضمير؟

نفس هذا الكلام ينطبق بدرجة او أخرى على حزب الفضيلة، لذا لن نقوم بتكراره، بل نتساءل: أي شرف في دعم المفوضية المفضوحة و"أية فضيلة في دعم الفساد"؟

في الوقت الذي نحيي فيه موقف عراق القانون والمسيحيين والمستقلين الذين لم يكونوا بحاجة إلى من ينبههم إلى الموقف السليم، واتخذوا على عاتقهم مقاومة ضغوط يعلم الله ما هي، نقول إن الشعب العراقي لن يتسامح مع من يخون موقفه ووعده، والشعب يرى الفساد والمؤامرة بوضوح، وعلى الأحزاب والقيادات أن لا تعول على ناخبيها أن يكونوا مخلصين لها بشكل أعمى، وأمامكم المجلس الأعلى الذي انهار انتخابياً بشكل مفجع منذ اكتشاف ناخبيه أنه يمثل أجندة الإحتلال والفساد ويدعم اللصوصية والإثراء المشبوه، ولا نظن بأن جماهير التيار الصدري والفضيلة أقل وعياً من جماهير المجلس الأعلى، وعلى الحزبين أن لا يعولا على ذلك.

وفي الوقت الذي ننظر بيأس إلى أحزاب الكتلة الكردستانية التي تهتم بالأجندة الأمريكية أكثر من العراق، والمجلس الأعلى الغارق في التبعية الأمريكية والفساد، وكذلك القائمة العراقية المستفيدة المباشرة الوحيدة من التزوير والفساد في المفوضية، فأننا سعداء ومتفائلون بالأمل الذي يعطيه أنشقاق حزب التغيير عن التكتل الكردستاني المتراص من اللصوص الذين يسرقون ثروات كردستان قبل ثروات العراق ويغرقون في نفطه وميزانيته، وكذلك سعداء ومتفائلون بما فعلت العراقية البيضاء وأعطت الأمل بأن القائمة الأم قد لا تخلو من المزيد من الشرفاء. لقد اعلن حزب التغيير "كوران" أنه سيصوت ضد المفوضية الفاسدة، وكذلك فعلت "العراقية البيضاء"، ونأمل أن يلتحق بهما من الكتلتين الأخريين كل من يخشى على شرفه من لثمة لن تنسى في سجله السياسي أبداً. إنها فرصة ذهبية للمترددين من الكرد والعرب في القائمتين: أخرجو من قائمة اللصوص المغلقة فقد افتضح امرها ولم تعد كما كانت تسيطر على ساحة كردستان كما يرى كل من له عينان، وأخرجوا من "العراقية السوداء" التي لن تزداد إلا اسوداداً مع الزمن.
ولا نستثني من هذا النداء الشرفاء في المجلس الأعلى، وليس هذا الكلام إكمالاً للقائمة، فقد بينت الأحداث وجود انشقاق كبير فيه اضطره أحياناً إلى تعديل موقفه، وأن ليس كل مكونات المجلس راضية عن الطريقة التي يقود بها عمار وعبد المهدي المجلس لإنبطاح أمريكي تام داعم للفساد، ونقول هذه هي الفرصة التي لن تعوض للخروج من هذا الجب سيء السمعة.

إننا نأمل أيضاً أن يصوت الخميس القادم، بقية الكتل وجميع المستقلين الحريصين على شرف موقفهم وتاريخهم بشكل يحمي سمعتهم أمام شعبهم. إننا نعلم أن القضية ليست سهلة أمام البرلمانيين، وأن الموقف خطير، وأن الفساد لا يتخلى عن مواقعه بسهولة وقد يدافع عنها بكل السبل المتاحة له من تهديد وتشويه وحتى العنف والقتل، لكن ليس هناك مفر، فالمعركة واضحة، والصحيح والخطأ متميزان بشكل لا يترك حجة لأحد، خاصة بعد أن تهدأ الضوضاء الإعلامية الحالية التي تسعى لتشويش الموقف وتصويره بأنه حمال أوجه، وتبقى المعطيات المحددة الموثقة وحدها في ساحة التاريخ. الخميس القادم من لحظات التاريخ التي تسوّد فيها وجوه وتبيض فيها وجوه، ولن يكون ممكناً مستقبلاً إعادة الزمن لتصحيح قرار خاطئ أبداً.



رابط إلى مقالة سابقة لي بعنوان:" ماذا يعني ان تكون مفوضية الإنتخابات فاسدة ؟"
تحتوي معلومات وروابط كثيرة حول الموضوع، وكذلك التعليقات عليها لمن يريد الإطلاع: هنا:
http://www.almothaqaf.com/index.php?option=com_content&view=article&id=51995
و هنا:
http://qanon302.net/news/news.php?action=view&id=5951


أنظر أيضاً مقالة الزميل عباس العزاوي:دعوة لنصرة العراق ضد المفوضية الفاسدة
http://qanon302.net/news/news.php?action=view&id=6000