تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

حروب قامت على أكاذيب

بدء بواسطة د.عبد الاحد متي دنحا, سبتمبر 21, 2014, 09:21:05 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

د.عبد الاحد متي دنحا

حروب قامت على أكاذيب

في كتابه الشهير "فن الحرب" يقول الصيني "سون تزو": "جميع الحروب مبنية على الخداع". ونجد أن ما كان صحيحاً في العصور القديمة أكثر صحة اليوم نظراً لوسائل التواصل الفورية العالمية, والأسلحة فائقة التطور التي تهدد واشنطن وإسرائيل باستخدامها كما لو كانت مجرد قنابل يدوية.

في مسرحية "الدكتور فاوستوس", ذكر الإنكليزي "كريستوفر مارلو" 'الوجه الذي تسبب بهجوم ألف سفينة' مشيراً إلى "هيلين طروادة" التي عرفت سابقاً بـ"هيلين اسبرطة", التي تسببت بهجوم ألف سفينة حربية يونانية لاستعادتها من طروادة بحسب الأساطير الإغريقية, وأعقب ذلك بداية حرب طروادة

ذكرت قصة الحرب في ملحمتي "الإلياذة" و"الأوديسة" للشاعر "هوميروس" الذي كتب بأنها بدأت بسبب شجار الآلهة واستمرت عشر سنوات, كما ذكرت في مؤلفات الشعراء الرومان مثل "فيرجيل" و"أوفيد".
وسواء كان السبب حقيقياً أم أسطورياً أم ملفقاً فهو خطوة مهمة لبدء حرب طويلة, ففي تلك العصور كان السبب خلاف "أثينا" و"هيرا" مع "أفروديت", واليوم هو 'الحرب على الإرهاب'. في نهاية حرب طروادة, دخلها اليونانيون باستخدام الحصان الشهير, أما سلاح الولايات المتحدة فكان أحداث الحادي عشر من أيلول, إذ كلاهما عرض مضلل استخدم لتدمير العدو المستهدف.

عوامل الحرب

الخوف, والتضليل, والخداع عوامل تتطلب دعماً شعبياً سواء في الصين القديمة أو في اليونان أو حتى في وقتنا الحاضر, وما يوفرها اليوم هو التلفزيون, فمنذ أيامه الأولى كذب وشتت وسلى الجمهور, وعمل على توفير منبر أميركي يتحكم بالرأي العام, ويبيع للناس ما لا يحتاجون إليه.


في كتابه "مفارقات التأريخ الأميركي" (1952) يقول المفكر الأميركي "راینهولد نیبور": "علينا أن نقاوم إحلامنا التي تحثنا على إدارة التأريخ".


فعندما تدرس الوسائل التي تستعد بها الولايات المتحدة لدخول أي حرب عبر التأريخ ستجد نمطاً سائداً؛ إذ يتألف الحدث الذي يشعل الفتيل من أزمة مفاجئة تحرك الرأي العام وتدعو إلى تدخل عسكري فوري, لكن غالباً ما نكتشف بأن هذا الحدث ناتج عن تصور مضلل أو تلفيق صريح.


إن قادة البلدان الأصغر أو الأقل تطوراً من أميركا ليسوا مجانين كما تدعي وسائل الأعلام, كما إنهم أكثر اطلاعاً من شعوبهم, وخلال الحروب لا يحتاج المهاجم إلى قوات مساوية لتلك التي يمتلكها العدو, لكن ما يحتاجه هو خمسة أضعاف أو أكثر من التفوق المحلي, إذ لا يبدأ أي طرف معركته دون أهداف مؤكدة ونصر سريع يلوح في الأفق, وإذا ما اندلعت حرب بين طرفين متقاربين من الناحية العسكرية, فمن المؤكد أن أحدهما مخدوع وفي طريقه إلى فخ، دبره طرف ثالث على الأرجح.



حرب المكسيك

بعد حرب الإستقلال الأميركية (1775– 1783) وتحدي إنكلترا لهذا الاستقلال (1812- 1815) لم تقدِم أية دولة على شن حرب ضد الولايات المتحدة, لكن تحالف الدول الأوروبية (وعلى رأسها إنكلترا وفرنسا) كان يهدف إلى تقسيم الولايات المتحدة عبر الاعتراف الدبلوماسي بالولايات الكونفدرالية التي تحاول الإنفصال, والذي أعقبه حصار بحري ضد الاتحاد.


في ذلك الوقت, كانت الإمبراطورية البريطانية هي القوة البحرية الأعظم وتليها فرنسا, وقد أدت هذه الأحداث إلى الحرب الأهلية الأميركية (1861- 1865) إلا أن التدخل الروسي لصالح الاتحاد العام 1863 أدى إلى فشل الخطط الأوروبية.


فيما بعد, توالت الأكاذيب التي أدت إلى قيام الكثير من الحروب الأميركية, منها حربها مع المكسيك (1846- 1848) التي اندلعت نتيجة لسلسلة من الأحداث بدأت بالاستيلاء على فلوريدا العام 1819, ومن ثم إعلان استقلال تكساس عن المكسيك العام 1836.
بدأت الحرب العام 1846 عندما تحدث الرئيس الأميركي "جيمس بوك" عن اعتداءات ضد جنوده الذين كان قد أرسلهم بشكل متعمد لاستفزاز المكسيك, ورغم ادعائه بأنهم على الحدود الأميركية, يقال انهم كانوا قد بنوا حصوناً تخطت الحدود المكسيكية بنحو150 كيلومتراً.


عانت المكسيك من حكومة ضعيفة في ذلك الوقت, فبعد تغلب نابليون على إسبانيا في العام 1809 التي كانت تسيطر على المكسيك, سرعان ما ثارت المستعمرات السابقة لتشكيل دولة منفصلة, مما قاد إلى العديد من الثورات اللاحقة التي أضعفت البلاد.

قصص سفن متشابهة

أما حربها مع إسبانيا فبدأت سنة 1898 بعد الانفجار المفاجئ للسفينة الحربية الأميركية "مين" في "هافانا" بكوبا, مما أدى إلى مقتل 255 من افراد طاقمها, واتهمت الحكومة الأميركية التي يرأسها "ويليام ماكينلي" الإسبان, مدعيةً أن سبب الانفجار لغم تم التحكم به عن بعد, فأعلنت الحرب ضد إسبانيا وتم احتلال الفلبين وغوام وكوبا. لكن التحقيقات اللاحقة كشفت أن الانفجار حدث داخل "مين" وأن سببه إما حادث تسبب به الفحم أو قنبلة موقوتة وضعت في الداخل, لأن الغواصين الذين تفحصوا حطامها وجدوا أن صفائح السفينة المعدنية كانت قد انفجرت منحنيةً نحو الخارج وليس الداخل.


أما قصة أميركا في الحرب العالمية الأولى (1914- 1918) فتشبه قصتها مع إسبانيا؛ إذ قيل ان طوربيداً أطلق من غواصة ألمانية ضرب السفينة "لوسيتانيا" العابرة للمحيطات بالقرب من بريطانيا العام 1915 متسبباً بقتل 1200 شخص منهم 128 أميركياً.
لكن مرة أخرى, أثبتت التحقيقات أن الانفجارات الكبيرة كانت من داخل السفينة, إذ أنها كانت تنقل ستة ملايين رطل من قذائف المدفعية وذخائر البنادق ومتفجرات أخرى نيابة عن شركة "مورغان" لمساعدة بريطانيا وفرنسا بشكل سري.


كان إغراقها أحد أسباب اشتراك الولايات المتحدة في الحرب, وأصبحت السفينة رمزاً بارزاً في حملات التجنيد لتبين للرجال سبب المشاركة في الحرب, ويذكر أن نقل المواد الحربية مع المسافرين في السفينة نفسها مخالف للقوانين الأميركية.

بيرل هاربر

هناك حادث مماثل لكنه لم يكن سببا وحيدا لاشتراك أميركا في الحرب العالمية الثانية (1939- 1945). فبعد أن ضرب طوربيد ألماني سفينة "أثينيا" التي حملت 1100 راكب منهم 311 أميركيا, لم يقتل سوى 118 شخصاً منهم.


ومن جانب آخر, لم تستفز التحركات الأميركية الألمان؛ مثل مصادرتهم السفن التجارية الألمانية, ودعمهم بريطانيا بشتى الوسائل, وانضمام طياريهم إلى سلاح الجو الملكي البريطاني, وتدريب البريطانيين في أميركا, وكذلك تزويدهم بالكثير من السفن والطائرات والأسلحة, وبالتالي فإن أميركا لم تتخذ موقفاً محايداً تجاه الدول المتنازعة.


كما خططت أميركا لجر اليابان إلى الحرب بتوجيه 'ثماني إساءات' إليها, وكان الرئيس "فرانكلين روزفلت" هو العامل الرئيس في هذه اللعبة, فمن أهم هذه الإساءات حصار كامل على واردات النفط اليابانية اتفق عليه مع بريطانيا وهولندا, كما أعلن حصاراً شاملاً على اليابانيين ومنعهم من استخدام قناة "بنما", وبذلك اعترض الطريق الذي يصلهم بنفط فنزويلا. علمت أميركا بالهجوم على "بيرل هاربر" قبل حدوثه, وذلك بعد تمكنهم من فك رموز الشفرات اليابانية- حتى انهم أهدوا بريطانيا آلات تفك الشفرات اليابانية تلقائياً- إلا أن روزفلت لم يبلغ القادة في هاواي.


بدلاً من ذلك، وجدت أميركا كبشي فداء؛ هما قائد البحرية الأميرال "هزبند كيمل" وقائد الجيش الجنرال "والتر شورت", واعتبرا مقصرين وقت الهجوم فخفضت رتبتهما وسمح لهما بالتقاعد, لكن بعض المعلومات السرية المخالفة للعملية نشرت سنة 2000, فقرر مجلس الشيوخ الأميركي أن الضابطين أديا خدمتهما "بكفاءة ومهنية.. وإنهما منعا من الحصول على معلومات حيوية في العام 1941".

كوريا وفيتنام

في العام 1949, تسببت الغارات التي شنتها كوريا الجنوبية ضد كوريا الشمالية إلى تبادل للاتهامات ومن ثم الحرب (1950- 1953). كانت أسباب هذه الحرب هي التحركات السرية لقادة كل من تايوان وكوريا الجنوبية, بالإضافة الى التدخلات الأميركية العدائية التي تنسب إلى عضو مجلس الشيوخ ووزير الخارجية الأميركي "جون فوستر دالاس", التي أدت إلى تزايد دعم القوى الشيوعية لكوريا الشمالية.


واجهت كوريا الجنوبية الخاضعة لسيطرة تحالف الأمم المتحدة بقيادة الولايات المتحدة أوقاتاً عصيبة في بداية الحرب, لكنها تقدمت بعد وصول العدد الكافي من القوات فتمكنت من اختراق كوريا الشمالية, إلا أن التدخل الصيني- الروسي غيّر مجرى الأحداث مرة أخرى, وأوشك تحالف الأمم المتحدة على خسارة الحرب بسبب الجيوش الصينية الجرارة على الأرض, وأعداد كبيرة من الطائرات السوفيتية في الأجواء. وأسفرت الحرب عن مقتل ثلاثة ملايين شخص من كوريا والصين وما يقارب 55 الف أميركي, وتدمير جميع المدن الكورية تقريباً, وبقاء تايوان تحت الحماية الأميركية, فيما أصبحت كوريا الجنوبية تحت حكم الرئيس اليميني "إي سنغ مان".
أما تصاعد حدة حرب فيتنام (1956- 1975), فجاء بعد استخدام الرئيس الأميركي "ليندون جونسون" ما يعرف بإسم "حادث خليج تونكين" لتبرير التدخل العسكري الأميركي الكبير في جنوب شرق آسيا؛ كانت الحادثة هجومين مزعومين شنتهما ثلاث سفن فيتنامية شمالية في العام 1964 على المدمِّرة "مادوكس" الأميركية في مياه متنازع عليها بعيداً عن ساحل فيتنام الشمالية.


لم تكن هذه الحادثة حقيقية- وربما اقتصر الجانب المهاجم على عدد من الحيتان- لكن ما كان حقيقياً هو الغارات العدوانية التي وجهتها فيتنام الجنوبية ضد الشمالية. ويذكر أن الوجود الأميركي على الأرض لم يكن حاسماً, كما وقع الرئيس "ريتشارد نيكسون" معاهدة هدنة في العام 1973, فيما انتهت الحرب بتغلب فيتنام الشمالية على الجنوبية العام 1975.

غرينادا وبنما



كان "موريس بيشوب"؛ حاكم جزيرة "غرينادا" الواقعة في البحر الكاريبي ذا توجهات يسارية, كما إنه دعا كوبا إلى مساعدته في بناء البنية التحتية لبلاده, بما في ذلك توسيع المطار ليصبح قادراً على استيعاب الطائرات السوفيتية بعيدة المدى, ما أدى إلى عزله ومن ثم إعدامه في 19 تشرين الأول العام 1983. وبعد ستة ايام تحديداً, غزت الولايات المتحدة الجزيرة مدعيةً أن سبب الهجوم هو الخطر الذي يحيط بالطلاب الأميركان الذين يدرسون في كلية "غرينادا" للطب نتيجة للوجود الكوبي فيها, فكان ذلك سبباً في تنفيذ عملية أطلقوا عليها "عملية الغضب العاجل" انتهت بدعم الزعيم اليميني الجديد "برنارد كوارد" الذي فضل القيم التقليدية.


أما بالنسبة لمبررات غزو "بنما" نهاية العام 1989, فقد صرح الرئيس "جورج بوش الأب" أنه سيقضي على دكتاتور فاسد يعامل شعبه بوحشية - في إشارة إلى الجنرال "مانويل نورييغا"- ورسمت وسائل الإعلام صورة نورييغا وكأنه رجل مجنون يلوح بمنجل أو سيف في وجوه الناس, وبعد أن دبر الجيش الأميركي حادثاً كاذباً معينا, ادعى بوش أن الغزو ضروري "لحماية أرواح الأميركيين, والدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان". ترتب على هذا الغزو الذي أسماه الأميركان "عملية القضية العادلة" استبدال "غييرمو إندارا" بنورييغا, وإلغاء الخطة التي وضعتها حكومة الرئيس "جيمس كارتر" لتسليم إدارة القناة إلى بنما, وبالتالي فإن الحرب كانت لضمان استمرار سيطرة الولايات المتحدة على هذه القناة الستراتيجية المهمة.

وهم اعلامي

أعقبت هذه الحروب حروب العراق وحرب أميركا ضد الإرهاب (في أفغانستان والعراق), ويبدو أن التدخل في شؤون العراق يتوافق مع أساليبها السابقة تماماً, كما يتضح من خلال مساهماتها على مدى 11 سنة مضت, لكن يتطلب التأريخ أن نتذكر أسباب قيام الحرب, وأسباب كونها غير حقيقية. قال الرئيس "جورج بوش الإبن" ان العراق يمتلك أسلحة دمار شامل بقدرة نووية, وأن له صلات واضحة مع تنظيم القاعدة المسؤول عن هجمات الحادي عشر من أيلول, واتضح فيما بعد أن هذه الإدعاءات كاذبة, لكن كانت تلك الفترة مظلمة بالنسبة لأميركا, لذا عدلت وكالة المخابرات المركزية الأدلة لتناسب الإدعاءات, وأيد الإعلام الأميركي الخداع بشكل كبير.


عندما كشفت الحقائق وتبخر مسوغ التدخل العسكري الأميركي, كان من الضروري ابتكار أساس منطقي
جديد للهجوم, فجاء بصورة خلق حكومة ديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط.


أثبتت الأحداث الأخيرة في العراق أن هذا الحلم الديمقراطي مجرد وهم, وعلى الخبراء السياسيين والصحفيين الذين نشروا الأكاذيب في بداية الحرب, ومن ثم انتقدوا "باراك أوباما" لفشله في المحافظة على الوجود العسكري الأميركي في العراق أن يحاولوا استعادة مصداقيتهم.

وفي نهاية الأمر, استخف الجميع بالولاءات القبلية والعرقية والدينية التي تسيطر على منطقة الشرق الأوسط, التي تجعل من إقامة أية نسخة "جفرسونية" (نسبة إلى الرئيس توماس جيفرسون) لدولة علمانية في العراق أمرا مستحيلا في المستقبل المنظور.

*صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأميركية

جوزيف جي إيليس *
ترجمة- هالة عدي
http://www.faceiraq.com/inews.php?id=3078105
لو إن كل إنسان زرع بذرة مثمرة لكانت البشرية بألف خير