سوزان دبوس تروي قصة خطفها في شمال سورية: أشكر ربي أنهم كانوا من جبهة النصرة!

بدء بواسطة برطلي دوت نت, سبتمبر 20, 2014, 07:03:34 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

سوزان دبوس تروي قصة خطفها في شمال سورية: أشكر ربي أنهم كانوا من جبهة النصرة!



عشتارتيفي كوم- كميل الطويل: الحياة/

تشعر سوزان دبوس، الصحافية الإيطالية السورية الأصل، بأنها كانت «محظوظة»: «ربما عليّ أن أحمد ربي أنهم كانوا من جبهة النصرة وليسوا من الدولة الإسلامية». كانت سوزان (31 سنة) تروي قصة خطفها على أيدي «النصرة» في شمال سورية وكيف انتهت «نهاية سعيدة» عندما أُفرج عنها مع زملائها الإيطاليين الثلاثة الذين يعملون لتلفزيون «راي» بعد احتجاز دام قرابة أسبوعين. وهي بلا شك تعتبر نفسها «محظوظة» أنها وقعت في أيدي فرع «القاعدة» السوري، لأن مصيرها ومصير زملائها ربما كان مختلفاً لو كان خاطفوها من «الدولة الإسلامية» التي ذبحت حتى الآن، وأمام الكاميرات، صحافيين أميركيين إثنين وعامل إغاثة بريطانياً، وتهدد بقطع رأس آخرين.

كانت سوزان، هذا الأسبوع، ضيفة مركز «تشاتام هاوس» في لندن حيث تحدثت عن أدق تفاصيل ما حصل لها خلال فترة احتجازها في نيسان (ابريل) 2013، وهو أمر ترويه بالتفصيل في كتابها الصادر حديثاً «كيف تريد أن تموت؟».

دخلت سوزان، كما تقول، الأراضي السورية خلسة من طريق بلدة تركية قريبة من سواحل المتوسط، كانت مع فريق إعلامي إيطالي من تلفزيون «راي». لم يهتموا بتغطية المعارك على جبهات القتال، بل كانوا يفتشون عن قصص تتعلق بحياة السوريين ومعاناتهم نتيجة الحرب. وكان لهم ما أرادوا، إذ إن القرية السورية التي عبروا إليها من الأراضي التركية كانت مسيحية، وظنّوا أن في إمكانهم تقديم تقرير عن التعايش الإسلامي – المسيحي خلال الحرب الأهلية. لكنهم لاحظوا فوراً أن القرية خالية من سكانها. لم يلتقوا فيها سوى عناصر من «الجيش الحر» وكاهن كنيستها. سألوه عما حصل، فرفض الكلام. أصروا عليه، فقال لهم إنهم إذا أرادوا أن يعرفوا ماذا حصل للقرية فعليهم أن يأتوا إلى الكنيسة. وصلوا إليها لكنهم وجدوها مخرّبة تخريباً حديثاً وفي شكل يكشف أنه حصل عمداً وليس نتيجة قصف أو معارك. طلبوا منه أن يخبرهم بمن خربها، فأشار بإصبعه إلى مجموعة من الرجال كانوا يقفون في الخارج ويمكن رؤيتهم من نافذتها. «إسألوهم!»، رد الكاهن الذي كان يتحدث بالإيطالية مع الصحافيين كونه درس الكهنوت في إيطاليا. ما هي إلا لحظات حتى دخل إلى الكنيسة مسلحون، صادروا أشرطة التصوير من الفريق الإيطالي. لكنها قالت إن رفاقها لم يشعروا آنذاك بالخوف لأنهم ظنوا أن المسلحين من «الجيش الحر»، لكنها عرفت فوراً أنهم من «النصرة» وبدأ الخوف يدب في قلبها. قال المسلحون إن «أميرهم» سيأتي وسيتم اخضاعهم فقط للتحقيق.

عندما وضعها عناصر «النصرة» في سيارتهم لنقلها إلى مركز التحقيق، شعرت من نظراتهم بأنهم غير سعداء بزيها. فقد كانت ترتدي «الجينز» وغطاء رأسها لم يكن فضفاضاً. وعلى رغم أنها عرفت من لهجاتهم أنهم سوريون، إلا أنها لاحظت أيضاً أن عناصر المجموعة هم خليط من الجنسيات، وبينهم مغاربة ومصريون وخليجيون.

«كانت الساعات الـ 24 الأولى مخيفة جداً، فقد كنت أخشى أن نُباع إلى جماعة أخرى»، كما قالت، مضيفة أن «التحقيق كان عنيفاً. سألني المحقق لماذا لا تبدو لهجتي سورية» فردت بأن والدها سوري لكن أمها إيطالية. فسألها المحقق: «كاثوليكية؟»، فقررت ألا تكذب عليه، وقالت إن أمها بقيت مسيحية على رغم أن والدها مسلم. اتهمها المحقق بأنها «جاسوسة»، فنفت ذلك. أمر بفصلها عن بقية الصحافيين الإيطاليين، لكنها صارت تتحدث معه عن تعاليم الإسلام ورغبتها في التعرف أكثر على الدين الإسلامي. فقال لرجاله: «خذوها إلى امرأة تعلّمها الدين».

كانت تلك المرأة زوجة أحد الخاطفين. تونسية تدعى «مريم» في الثانية والعشرين من العمر، وكانت أول وجه سافر تراه بعد احتجازها، فبقية الخاطفين كانوا دائماً ملثمين. صارت «مريم» تعلمها الصلاة وأصول الدين وفق فهمها له، ونشأت بينهما علاقة بحيث صارت التونسية تصارحها بأمور كثيرة تتعلق بنشأتها وسبب لحاقها بزوجها – التونسي أيضاً – لـ «الجهاد» في سورية. قالت إنها درست في الجامعة في تونس، وتعلّمت في فرنسا أيضاً، لكنها قررت أن تلحق بزوجها لـ «الجهاد» في سورية وهي مدركة مدى خطورة بناء عائلة على هامش الحرب الدائرة في هذا البلد. قالت مريم لسوزان إنها تزوجت «بناء على علاقة حب» بزوجها وليس نتيجة زواج مرتّب بين شخصين لا يعرفان بعضهما بعضاً.

سمعت سوزان خلال احتجازها عناصر «النصرة» يتابعون خطابات نارية لمشايخ يحضون على «قتل الكفار»، وقالت إن «الأمير» الذي يقود مجموعة الخاطفين قال لها «إن الحرب في سورية قد تدوم خمس سنوات، فهدفنا ليس فقط قتل الأسد (الرئيس السوري) بل تطبيق الإسلام. فبعد الأسد سيأتي دور قتال العلمانيين والعلويين».

كانت سوزان ورفاقها معزولين عن العالم الخارجي خلال فترة احتجازهم التي دامت 11 يوماً فقط. قالت: «شكراً للوسيط الذي رتّب لنا الزيارة، فقد قام بجهود كبيرة للإفراج عنا. فهو رجل أعمال معروف وشقيقه شيخ محترم وقام بنفسه بالتفاوض مع جبهة النصرة، إلى أن ضمن سلامتنا». وأضافت أن زملاءها الصحافيين لم يُمسّوا بأذى، ولكن المكان الذي كانوا محتجزين فيه «كان مركزاً لتعذيب سوريين متهمين بأنهم عملاء للنظام». وأوضحت أنها ليست على علم بأنه قد تم دفع فدية من أجل تأمين إطلاقها ورفاقها و «لم أشعر أصلاً بأن الخاطفين كانوا وراء المال»، مشيرة إلى أن من المهم للصحافيين الذين يذهبون لتغطية الأحداث في سورية أن تكون للوسيط الذي يرتب لهم الزيارة صلات واسعة، لأنه لو كان ناشطاً عادياً لربما ما كان ليجرؤ على مواجهة جماعة قوية من الخاطفين. انتهت قصة خطف سوزان ورفاقها «نهاية سعيدة»، لكن هذا لم يكن حال الكاهن الذي بدأت محنتهم بلقائه. فقد قالت: «لقد قُتل بعد شهرين من الإفراج عنا».