تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

ضبابية الرؤية

بدء بواسطة متي اسو, سبتمبر 14, 2014, 01:56:40 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

متي اسو


ضبابية الرؤية
كان شعار معاداة الامبريالية والاستعمار في بداية القرن الماضي من اهم الشعارات الذي كان يجذب الألآف من الشباب نحو الحركات اليسارية التي كانت تجيد صياغة هذا الشعار حينذاك . كان شعارا وطنيا لا ريب فيه .
كانت القوى الرجعية ، بما فيها بعض القوى القومية  ، غير مهتمة بذلك الشعار ، كان جل تركيزها على الداخل ، كيف تحارب وكيف تقصي وكيف تشوه سمعة اليسار وبالتالي كيف تقضي عليه . تم لها ما ارادت بعمل دؤوب مستميت ، وبمؤازرة  دول عربية ( منها ما توصف بالوطنية ) وبمباركة الغرب قاطبة .
مع تقدم الزمن  تغير الحراك السياسي في العالم عموما وفي البلدان العربية خاصة . من كان يصدق ، لسنتين خلت ، ان السعودية ستحارب اخوان المسلمين ؟  من كان يصدق ان امريكا والغرب سيحاربون حلفاء الأمس وتصبح العداوة بينهم على هذا النحو ؟
اختطفت الرجعية شعار اليسار العتيد " محاربة الامبريالية والاستعمار " كي يصبح شعارها الذهبي في تجنيد الملايين من الناس التي غدت مؤخرا شبه اميه . وبغية جذب الجماهير ( الطائفية ) هذه ، طوّرت القوى الدينية  ببراعة هذا الشعار ليصبح " معاداة  الغرب الكافر " .
هؤلاء الاسلاميون على درجة عالية من التكتيك والتنظيم ، في الغرب يرفعون شعار " فريدم " ( اي الحرية ) لانهم يعرفون ان المواطن الغربي يتعاطف مع هذا الشعار . الاسلاميون الذين يزعقون بـ " تكبير " بعد كل عملية " نحر كافر" ، هم انفسهم من طلب من الجالية المسلمة في ايطاليا التصويت لصالح الحزب الشيوعي الايطالي !!! في انتخابات سابقة كي لا يفوز غريمهم الرئيس بيرسكلوني ، وفي الوقت نفسه فإن الحركات الاشتراكية واليسارية تساندهم الى حد ما في العديد من الامور  . هؤلاء الاسلاميون ، رغم بؤس افكارهم ، بارعون جدا في الوصول الى مقاصدهم  ، انهم يعرفون ماذا يريدون .
البعث الصدامي لم يجد امامه غير الشعار نفسه . في الحقيقة أنه لايملك شيئا آخرا كي يثبت " وطنية قائده" الذي مات شهيدا وهو يقارع الامبريالية !! . ثم اخذ ينسج حكايات سخّر لها كل اعلامه المضلل . ( ان ضرب العراق ( القائد ) مؤامرة صهيونية مبيته منذ السبي البابلي .. ان الغرض من الغزو كان من اجل السيطرة على منابع النفط – لااعلم ان كانت امريكا قد سيطرت فعلا على شركات النفط ام ان بلدان اخرى لم تشارك في غزو العراق هي التي فازت بعقود النفط – على اية حال فان حصة كل عراقي من النفط لا زالت تصله غير منقوصة ) . استطاع البعث الصدامي بهذه الحكايات وغيرها ان يحكم قبضته على قاعدة الحزب قبل كل شيء بعد ان وجدت نفسها متورطة اصلا مع افعال هذا الحزب ، واستطاع ايضا ان يحشد الجماهير السنية ( بما فيها الحركات الاسلامية )، ومنح لنفسه اسما ( حزب العودة ) .
اني اركز على هذا الشعار لخطورته علينا في الوقت الحاضر ، الملايين تركض خلف الشعار من اجل دحر " الغرب الكافر" . والجماهير هذه هي نفسها التي تسعى الى الاجهاز علينا . وراء هذا الشعار اصطف  الصداميون مع القاعديون مع الداعشيون ، يساندهم في الشعار نفسه خصومهم الايرانيون  .
وعندما تشكي حالك وتعبّر عما يصيب اهلك  ينبري لك " علمانيا " ليقول لك : اسأل "امريكتك المسيحية " !!!! . للأسف الشديد هناك مسيحيون ايضا ينسبون ما يحدث للأقليات هنا الى مؤامرات الغرب ضدهم ، يفعل الواحد منهم ذلك بفعل الاحباط  دون ان يعي انه  يبرأ  القتلة الحقيقيين من الفعل .
هل تعتقد اننا نكتب هنا لانفسنا ؟ . كما في هذا الموقع من يجوب مواقع اخرى لينتقي المواضيع التي تعجبه ليثقفنا بها ، كذلك الحال مع الغرباء الذين يتصفحون موقعنا ، ينقلون كلامنا هذا  وهم يضحكون " اقتلوهم فانهم يعتقدون ان - غربهم -  يقتلهم " . لا استغرب ايضا ان فعل ذلك مسيحي آخر من اجل ا حزبه فقط ، غير مبالي بشيء آخر .
لنسمع ما يقولونه في جوامعهم ، ومن على مكبرات الصوت يرددون دائما " اليهود والصليبيون " . المفروض في المؤذن ان يقرأ ما في قرآنه ، وفي القرآن لا وجود لكلمة " صليبيون " . فما المعنى اذا ؟ ، اليس هو تجييش طائفي ديني ، خاصة لدى عامة الناس ، ضد المسيحيين ؟.
انهم يرددون ذلك لمدة تزيد عن ربع قرن ، منذ ايام القائد المؤمن .
اما اليسار الذي اضاع قاربه " المجذاف والملاح " ( وعذرا للراحلة ام كلثوم ) ، اكتشفنا انه قد اضاع بوصلته ايضا . يبدو انه لم يسمع بعد بأن الأحداث قد تغيرت ولم تعد كما كانت منذ النصف الاول من القرن الماضي ، انه لا يعلم ان شعاره الجميل تم اختطافه من عصابات لاغراض بشعة ، انه لا يعلم ان هذا الشعار اصبح مغناطيسا ليس للجذب نحو اليسار بل للجذب نحو اقصى اليمين الذي يتربص بنا .
عوضا ان يستريح قليلا  ليعيد تنظيم نفسه ، يجلس قليلا ليرتب اولياته  وليمتع نظره ، ولأول مرة ، وهو يستمتع بدفء " نارهم  تأكل حطبهم "  بين امريكا وحلفاء الامس ،  اندفع رافعا شعاره القديم  ويسير ( كالعادة ) خلف احزاب يمينية . هو لا يريد ان يفهم بأنه يخدم اعدائه ( واعداء الاقليات خاصة ) . اندفع يساند اخوانه المجاهدين هذه المرة !! . جلس متخشبا على شعاراته وعلى ارائه وكأنه لا يستوعب ما يدور حوله . كانت فرصة ذهبية للتركيز على الداخل لتوعية الناس عما جرى وما يجري حاليا داخل العراق عوض صرف انظارهم نحو " مؤامرات الخارج "  كي يبرر في النهاية  ما فعله " الداخل " الشرير.
اندفع يزرع اليأس والاحباط  واللاجدوى في نفوس الناس ويمنح ، على نحو غير مباشر، البراءة لجلاديه .
أليس من الافضل ان تركز  على الداخل ثم تربطه بأخطاء الرأسمالية  ان كان ذلك ما يروق لك ؟ .
هل نترك انسانا يحترق امامنا ونشغل انفسنا بالسؤال عن من كان المسبب ؟
لست متأكدا ان كان ما يتعلمه اليسار هو : " الى اليمين در "  او " الى الوراء سر "
لكني متأكد من انه يجيد " في مكانك راوح " .