مشاكســــة الصحفيــــون وعــــورات المسؤوليـــــــن / مال الله فرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, مايو 07, 2014, 07:47:22 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

مشاكســــة

الصحفيــــون

وعــــورات المسؤوليـــــــن



    مال اللــــه فـــرج
Malalah_faraj@yahoo.com

احتفل العالم في الثالث من آيار باليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يمثل مناسبة سنوية لقرع جرس الانذار بشدة أمام الاسرة الدولية  وتحذيرها من حرائق الانتهاكات الخطيرة بل والمأساوية التي بات  لهيبها يتصاعد على مختلف الجبهات محاولا التهام حرية التعبير من جهة، ولتذكيرها  بالكثير من الصحفيين الشجعان الذين آثروا الموت أو السجن والتعذيب والانتهاكات الجسدية والنفسية العنيفة على خيانة شرفهم المهني وكانوا بحق  فرسانا اشداء في مهنة البحث عن المتاعب وهم يخوضون غالبا غمار اشرس المعارك واخطرها في مسيرة ملاحقتهم للحدث ووضع الحقائق بمنتهى النزاهة المتفردة امام الرأي العام.
حط الثالث من آيار على رصيف حياتنا في خضم تواصل شلال الدماء الصحفية الذي لا يزال يتدفق بعنف خصوصا على الجبهات الملتهبة وفي مناطق النزاعات المسلحة وفي الدول التي تعيش على وقع افرازات الفوضى السياسية والعنف والارهاب والجريمة المنظمة والمعارك المحتدمة ليخط باللون الاحمر ان صحفيا شجاعا مر تحت وابل القنابل مسرعا واستشهد هنا, وان صحفية جريئة تسللت الى منطقة ملتهبة لتكون اقرب الى الحدث واصيبت هناك, وان مراسلا موضوعيا تعرض للضرب بعنف في هذا الشارع  وان مصورا مهنيا اختطف في تلك الساحة, وان فريقا اعلاميا اعتقل هنا لان اجهزة تصويره المشاكسة اجتهدت في التقاط الحقائق وكشف عوراتها بدقة ونقلها (عارية) الى الرأي العام , وبذلك فانها من وجهة نظر المعنيين (المؤمنين النزهاء الاتقياء) في تلك الدول تكون قد مارست الفسق والفجور والرذيلة السياسية واثارت شهوات وشبق الفقراء والمعدمين وجوعهم  لمشاهد عري الفساد السياسي والبرلماني والحكومي ومتابعة اوضاعه الساخنة التي لا يزال دخانها يتواصل ويتصاعد في مواخير الصفقات الوهمية والعقود الفاسدة والسرقات واحتكار السلطة وتهريب المال العام بواسطة سماسرة متمرسين يعرفون كيف يوفرون الاجواء الرومانسية ومستلزماتها لمواصلة الليالي الحمراء المشتعلة بالرغبات المجنونة في مواخير وحفلات العهر السياسي لانتاج المزيد من (اجيال الفساد) غير الشرعيين الذين يكادون ان يكونوا في بعض الدول هم القاعدة واجيال النزاهة الشرعيين هم الاستثناء, كما يكاد ان يكون الفاسدون في بعض الدول المنهوبة والمنكوبة هم (الاغلبية السياسية) وتكاد ان تكون شعوبهم اقرب الى (الاقلية المعارضة) المعدومة والمحرومة.
  ولتلمس حقيقة الاخطار الجدية المحدقة بفرسان الحقيقة الذين أبوا ويأبون دائماً مقايضة شرفهم المهني بأية مناصب او حوافز او اغراءات اذ هم مستعدون دائما للمخاطرة بحياتهم من اجل الامساك بالحقائق رغم مرارة وخطورة ذلك, يكفي ان نشير الى تقرير لاحدى  المنظمات الدولية اكدت فيه ان نصف الصحفيين الذين قتلوا في العالم، لقوا حتفهم في العالم العربي.
من جانبها اكدت منظمة (حملة الشارة الدولية لحماية الصحفيين)   ان عام (2013) فقط شهد مقتل (139) صحفياً في (29) دولة وهو ما يعد رقماً قياسياً. ويشير التقرير السنوي لمنظمة (مراسلون بلا حدود) إلى ان اربع دول عربية احتلت المواقع الاولى على قائمتها كأسوأ مكان لممارسة العمل الصحفي في مقدمتها سوريا من بين 178 دولة, حيث حصد النزاع الدائر في سوريا  حياة  29  صحفياً عام 2013، مما يرفع عدد الصحفيين الذين قُتلوا خلال تغطيتهم للنزاع إلى 63، كما شهد هذا البلد اختطاف نحو 60 صحفياً على الأقل، بينما ظل 30 صحفياً في عداد المفقودين، يُعتقد أن معظمهم محتجزون لدى الجماعات المسلحة.
  ان ما يجعل الدماء الصحفية المضمخة بالمصداقية والشجاعة المهنية وشرف المواطنة في الدفاع عن الحقيقة دائمة التدفق يكمن غالبا في مواقفها المبدئية الرافضة لاستخدام الماكياج ومختلف ادوات التجميل الاخرى لاخفاء فساد المسؤولين والتغطية على فشلهم وصفقاتهم المشبوهة وتضخيم (انجازاتهم) سواء الوهمية منها أم تلك التي لايمكن رؤيتها بالعين المجردة لتواضعها ولصغر حجمها مقارنة بالميزانيات الخيالية التي يبعثرها بعض الحكام والمسؤولين والحكومات والبرلمانيين والاحزاب في هذا البلد أو ذاك على مصالحهم وملذاتهم الشخصية من المال العام الى جانب نجاح  ستراتيجية بعضهم في تحويل الوزارات والمؤسسات والدوائر التي يتحكمون فيها من املاك عامة الى اشبه باملاك عائلية, حيث يصر هؤلاء الصحفيون المشاكسون ذوو الالسن الطويلة والكلمات الشجاعة والمقالات الملتهبة والتحليلات الموضوعية الدقيقة على كشف عورات فساد المسؤولين امام الرأي العام دون أن تأخذهم في الحق لومة لائم, وبالتالي فان لا سبيل امام اولئك المسؤولين لاعادة ستر عوراتهم واخفاء عريهم وعهرهم السياسي والمالي والاجتماعي الا اسكات تلك الاصوات العالية وقطع تلك الالسن الطويلة وتهشيم تلك الاصابع المتمرسة التي تنقل بالصوت والصورة والكلمة جوانب وحيثيات وتفاصيل كل الاحداث الملتهبة غير خائفة ولا وجلة من ان تتحول حياتها في لحظة ما الى محرقة من اجل الحقيقة, فما أشجع وأشرف وأنزه أن يرفض فارس الكلمة كل اغراءات ومنافع ورشى الفاسدين ويختار طوعا ان يكون مشروع استشهاد من اجل الفقراء والمسحوقين.
في اليوم العالمي لحرية الصحافة, لكم المجد ايها الزملاء الشرفاء في كل مكان وانتم تمتطون صهوات الشرف المهني بحثا عن الحقيقة , ومجدا ومحبة لكم شهداء الكلمة الحرة فانتم خالدون في صفحات التاريخ وفي ضمائر شعوبكم وزملاء مهنتكم الذين يواصلون الدرب على خطاكم.