مشاكسة خــذوا الحكمـــة مــن افـــواه الـ.../ مال الله فرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, ديسمبر 17, 2012, 07:19:00 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

مشاكسة
خــذوا الحكمـــة
مــن افـــواه  الـ...



مال اللـــه فــرج
Malalah_faraj@yahoo.com



افرزت الاحداث الملتهبة  وطنيا واقليميا ودوليا اوضاعا وتحولات اجتماعية قلقة ومستفزة ' بالاخص وانها نقلت خارطة العالم لتضعها على فوهة بركان لا احد يستطيع التكهن باللحظة التي سوف يستيقظ فيها من سباته ويلقي بحممه , بعد ان بات هذا البركان يتململ هنا ويتثائب هناك وكأنه كائنا حيا يستعد للنهوض من نومه ليستقبل نسيمات صباح جديد ما تزال تضاريسه في طي المجهول ' جاعلا عدة كراسي تهتز بعنف وقوة تحت بعض الحكام والملوك والامراء والقادة والرؤساء التأريخيين الثوريين الجالسين عليها رغم ثوريتهم وانسانيتهم وعطاءهم وتضحياتهم وعفتهم وانصافهم وشفافيتهم ونضالهم وخدماتهم الجليلة لشعوبهم وتوزيعهم بأنفسهم الثروات بمنتهى العدل والانصاف على الفقراء والمتعففين وعلى كافة المواطنين 'والذين توهموا بانهم قد نجحوا خلال سنوات حكمهم واستقطاباتهم وشعاراتهم وخطبهم وبياناتهم في جعل تلك الكراسي التي يجلسون عليها اشد من الجبال رسوخا لا تقوى كل عواصف واعاصير وزلازل وبراكين العالم حتى لو اجتمعت على هزها بعد ان حصنوها بالذهب والفضة ورصعوها باللؤلؤ والمرجان وبشعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان وعززوا قواعدها بعشرات وربما مئات المليارات من الدولارات والعمولات والحصص والصفقات من المال (الحــــلال), واذا بها تتحول بسرعة هنا وهناك الى قشة في مهب الريح لا تدع المجال لاحدهم كي يهدأ ويستريح ' بفعل موجات الغضب الشعبي ' وارادة التغيير والتحرير التي اشعلت اعنف الحرائق الوطنية وغيرت معالم الكثير من الخرائط السياسية ' وما تزال تهدد بالانتشار السريع والمريع على تضاريس الخارطة الشرق اوسطية لتغير معالمها التقليدية.
هذا الواقع بمتغيراته افرز اجواء سياسية ملتهبة في البيوت والمعامل والمدارس والاسواق والمعاهد والجامعات وفي صالونات التجميل والصيدليات ومراكز الرشاقة وعيادات الاطباء , وحمامات النساء ليشد الجميع الى مفردة (الســـياســــة) ' حتى امسى الجميع صغارا وكبارا ' نساء ورجالا ' شيوخا وشبابا يتنفسون سياسة ويأكلون سياسة ويشربون سياسة ويدورون في فلك المصطلحات السياسية ' بل ان بعضهم حول بعض الاسماء والرموز السياسية الى مسميات للتندر والمرح والفكاهة ' فمنهم من اطلق اسم احد السياسيين الفوضويين على زوجته واخرى اطلقت اسم (تاتشر) على حماتها  واخر اطلق اسم سياسي متزمت على زميلته واخر اطلق اسم احد اقطاب القوى السياسية ذات الطابع الديني على رئيسه في العمل ' لتتطاير النوادر والنكات عبر هذه التشبيهات والمسميات.
في خضم هذه العدوى (السياسية) اشتكت احدى الزميلات  من عدم اهتمام زوجها بمتابعة دروس وواجبات ابنائهما في المدرسة ' علقت زميلة اخرى (موخوش سياسة) ' لكنها عندما استطردت في الحديث وسألتها عن (سياسته) تجاهها بالذات ' ابتسمت واجابت بعفوية (عال العال) وضحك الجميع بصخب بالاخص اولئك الذين فسروا بمنتهى الخبث تفاصيل السياسة الزوجية الحميمة تلك وفق خيالاتهم وتصوراتهم الخصبة ' مما جعلها تغرق في بحر من الخجل ' بينما نصح احد الزملاء مسؤول القسم الثقافي باهمية تغيير (سياسة) القسم والاهتمام بنشر النتاجات المسرحية الى جانب الاهتمامات الادبية والفنية الاخرى , وعندما اشتكت احدى الزميلات امتناع طفل شقيقها عن الذهاب الى الحضانة , نصحتها زميلتها بضرورة تغيير (سياستهم) معه.
هذا زمن تغلغلت فيه السياسة الى ادق تفاصيل حياتنا اليومية والى جزيئات بنائنا النفسي ' فالجزار اصبح يفلسف الاوضاع السياسية   وهو يقطع اوصال الخروف ويربط بين ارتفاع اسعار اللحوم وبين الخلافات البرلمانية وبين رغبة البعض بتشكيل حكومة اغلبية سياسية , والطبيبة النسائية ربما تتحدث عن الاسباب السياسية وراء ارتفاع اسعار عمليات التجميل والشد والربط والتصغير والتكبير  وهي تخضع مريضتها الحامل للفحص بالسونار في محاولة لتحديد جنس الجنين الذي تحمله في احشائها , واما سائق التاكسي تبرع وشرح لزميلي اسباب الازمة الحالية بين الاقليم والحكومة المركزية مؤكدا وجود اصابع خارجية تشعل هذه الازمات الوطنية للتغطية على ازماتها الداخلية , والحلاق اكد وهو يشذب ذقن زبونه ان معظم الازمات مفتعلة وان خيرات العراق تكفي الجميع لكن هنالك بعض السياسيين الفاسدين الذين يعيشون على الازمات ولهذا لا يريدون للشعب ان يستقر حتى لا يكتشف سعة فسادهم وعمقه وحتى لا يحاسبهم ولا يطالب بحقوقه,.
اخيرا ' اضطررت قبل ايام تحت ضغط الحاح مستمر لتلبية دعوة شخصية من قبل زميل عزيز لتناول العشاء في احدى النوادي الاجتماعية' حيث بالغ في الحفاوة ووفر لنا نحن الاثنين ما يكفي لعشرة اشخاص وبعد ان غرق في الشراب رمى بنفسه في بحر السياسة الواسع وراح يدلي بتحليلاته (الستراتيجية)  وخلص الى حلول ونتائج منطقية لكل الازمات الدولية , متوقفا ومحللا لازمات الجوع والديون اليونانية ومشكلة دول اليورو والنووي الايراني والازمة السورية والازمة اليابانية الصينية ومعرجا على البنيوية والمدرسة الفنية الانطباعية ولم تسلم من تحليلاته وانتفاداته حتى كرة القدم البرازيلية , وفي خضم تجلياته وتوهجاته السياسية ' توقف باهتمام واسهاب امام معضلة الازمة السياسية بين الاقليم والمركز , معرجا على قيادة عمليات دجلة وافرازاتها , وكان يكرر دائما مصطلح (قيادة عمليات نجلة)  وكلما صححت له اسم المصطلح عاد ليكرر خطأه مما اثارعجبي واستيائي فقد كنت اظنه ساخرا او مازحا او متهكما رغم جديته الواضحة ' لكنني غرقت بالضحك عندما علمت ان (نجلــــة) هو اسم زوجته وربما يكون في ذلك اليوم قد تشاجر معها وبقي اسمها بين شفتيه يردده دون وعي.
بيد انه لعجبي اكد وهو ثمل على محورين اساسيين واقعيين ' الاول لوخلصت النوايا لحلت بسلاسة جميع المعضلات والقضايا , والثاني , لو احترم الدستور لانحسمت كل الاشكالات والأمور.   
واخيرا خذوا الحكمــة من افواه الـ.....