هل الإنتماء إلى الكنيسة الغربية عامل نعمة وبركة؟تعقيب على مقال المطران لويس ساكو

بدء بواسطة matoka, أغسطس 04, 2012, 02:24:38 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

matoka

هل الإنتماء إلى الكنيسة الغربية عامل نعمة وبركة ؟
تعقيب على مقال المطران لويس ساكو







ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد
برطلي . نت / بريد الموقع


أظن أن الجواب على هذا السؤال ليس يسيرا. الجواب حاضر ويسير لا بل بديهي ومطلق لكل من يضع المذهب والعقيدة قبل الهوية والتراث واللغة والطقس والتاريخ والأدب الكنسي وكل من لا يميز بين الكنيسة كرسالة سماء والكنيسة كمؤسسة شأنها شأن أي مؤسسة مدنية ومالية وسياسية وإستخباراتية  وعسكرية وغيرها.

أنا في كل كتاباتي أذكر هذا الأمر. وما بدر مني من نقد لم تكن وجهته العقيدة لا الكاثوليكية ولا غيرها. وجهته المباشرة هي المؤسساتية. والكنيسة أشأنا أم أبينا مؤسسة وما تمر به الكنيسة الكلدانية من أزمة لا علاقة له بالعقيدة. إنه شأن مؤسساتي بحت.

وكذلك ما تمر به الكنيسة الغربية (الفاتيكانية) حاليا من أزمة شديدة المتمثلة بالفاتيليكس والتي حسب أقوال الصحافة العالمية – والعهدة على الرواي – ترقى في كثير من تفاصيلها إلى ما تقوم به المافيات الإيطالية شأن مؤسساتي لا علاقة له بالعقيدة لا من قريب ولا بعيد.

لندع العقيدة جانبا
إذا لندع العقيدة جانبا رغم أن مناقشتها ليست أمرا محرما لأننا كبشر يجب أن ننزع حتى النص الذي نعده مقدسا من قدسيته – كونه كلمات نطقها الله ولا يجوز دراستها وتحليلها وتمحيصها ونقدها إنسانيا وتفسيرها إتكاءا على الزمان والمكان والثقافة واللغة وغيرها من الشؤون الإنسانية – كي نستطيع فهمه كبشر. وهذا ينطبق على الإنجيل والقرأن وغيرهما من الكتب التي يعدها الناس مقدسة.

وكذلك يجب أن ننزع القداسة من رجال الدين مهما علا شأنهم ومقامهم ومن كانوا  مسيحيين أم مسلمين أم يهود أو غيرهم كي نستطيع فهمهم  وتحليلهم ونقدهم من منظورنا الإنساني كبشر وإلا أصبحوا  في مصاف الألهة وعندئذ خارج نطاق الإدراك الإنساني.

الله قريب الإنسان
والمسيحية أقرب ديانة  - حسب إعتقادي – إلى المفهوم الذي ذكرته أعلاه. لماذا؟ لأنه حسب الإعتقاد المسيحي عندما أراد الله أن يخلص الإنسان نزل إلى الأرض وتجسد أي صار بشرا مثلنا ومن خلال مفهوم  الله كبشر أصبح الله حسب المفهموم المسيحي قريب الإنسان لا بل هو الإنسان، أي الكلمة – الله – حلت في البشر أي أن الله صار بشرا والله  والبشر، كل البشر، يعملان سوية. أليس هذا واحد من أهم أركان العقيدة المسيحية؟

الإنسان والنعمة والبركة
إذا ليس هناك شيء كله نعمة وبركة ما دام يضم الإنسان والإنسان واحد من خصائصه الأساسية أنه غير معصوم من الخطأ وقد يقترف جرائم وإنتهاكات فظيعة ولننظر إلى التاريخ القريب والبعيد وكذلك إلى ما حدث ويحدث في عالمنا اليوم إن كان من قبل المؤسسات الدينية – كل الأديان دون إستثناء – او من قبل المؤسسات الأخرى حيث الخير والشر مرتبطان بالمسيرة الإنسانية برمتها بإختلاف أديانها ومذاهبها وألوانها.

من هذ المنطلق أرى أن الكثير مما فعلته مؤسسة الكنيسة الغربية بحق مسيحيي المشرق ومنهم الكلدان لا يدخل في باب النعمة والبركة على الإطلاق وهذه  حجتي:

اولا، إغتصبت هذه المؤسسة منا الهند بملاينها من الأتباع  بأسلوب عنيف وبوسائل ترقى إلى جرائم ضد الثقافة الإنسانية حيث تم فيها قتل بعض رجال ديننا وتعذيب الكثير منهم وفرض تراث وثقافة وأدب أخر عليهم عنوة وحتى تطبيق ممارسات كانت جزءا من محاكم التفتيش السيئة الصيت.  لماذا لا زال هناك تواجد مؤثر للكنائس الشقيقة – الأشورية والسريانية – حيث لا زالت سلطة الجاثاليق لديهم قائمة هناك إلى يومنا هذا ولم يتم إغتصاب هذه السلطة إلا من جاثاليقنا (بطريركنا) ؟ وقراء هذا الموقع الأغر لا بد وأن لاحظوا النشاطات من رسامات وإجتماعات عقدتها هذه الكنائس في الهند مؤخرا. أين موقع الكنيسة الكلدانية والهند كانت تاج كنيستنا ؟  هل يجوز سلب أهلنا وثقافتنا وتراثنا وممتلكاتنا من الكنائس وغيرها وطمس تراثنا وأدبنا الكنسي وإستبداله بالأجنبي فيما يرقى إلى جريمة كبرى بحقنا ككلدان ومن ثم نقول إن الإنتماء إلى الذين فعلوا كل هذا بنا هو نعمة وبركة؟

ثانيا، إستخدمت مؤسسة الكنيسة الكلدانية الإنتماء للكنيسة الغربية ذريعة لتهميش أدبنا الكنسي الذي يرقى ويسمو في كل المناحي على ما تم إدخاله في أدبياتنا الكنسية نقلا عن الأخرين. أي أبرشية او خورنة ،أي مطران او قس لدينا اليوم يتباهى بكتاب الحوذرا او غيره من روائع وكنوز أدبنا الكنسي؟ ألم يركنه البعض ومنهم من هو في سدة الأسقفية بجانب سلة المهملات او ربما أخرجوه حتى من مكتباتهم وأحلوا مكانه ما هو أدنى مرتبة منه إن كان كنسيا اولغويا او حتى عقائديا؟

ثالثا، العلاقة المؤسساتية مع الكنيسة الغربية لم تكن علاقة تكافىء او حتى علاقة بين تراثين وادبين ولغتين كنسيتين. صارت نموذجا صارخا لعلاقة التابع (الخادم)– ليس عقائديا لأن العقيدة واحدة بل مؤسساتيا – بالمتبوع (السيد) إلى درجة أن المؤسسة الغربية هذه صارت تتدخل في إختيار المناصب والرسامات وفرضها على البطريرك رغما عنه ووصل الأمر إلى درجة القيام بإلغاء إنتخابات كنسية او رهبانية قانونية وديمقراطية وغيرها من الأمور. ولا أريد أن أذكر أمثلة.

رابعا، الإنتماء كان في أساسه عقائديا رغم أنه لم تكن هناك أي شائبة عقائدية في إنتماء أجدادنا النساطرة وهذا بإعتراف الفاتيكان ولكن سرعان ما تحول إلى  إستقطاعات جغرافية حيث قلصت جغرافية كنيستنا تدريجيا بإجبار الكنائس مع المؤمنيين تقديم الطاعة العمياء ليس عقائديا بل تراثيا وطقسيا ولغويا ومؤسساتيا حيث تم السيطرة  من خلالها حتى على الممتلكات. ولا حاجة إلى الإتيان بأمثلة.

خامسا، الكنيسة الغربية لم تترك لنا هامش حرية مؤسساتيا وأحلت أدبها الكنسي محل أدبنا وأسماء قديسيها محل قديسينا وأجبرتنا أن نعترف بكل قديسيهم وأن نستخدم الكثير من طقوسهم وصلواتهم وهم لا يعترفون بقديسينا ولا يرتلون صلواتنا رغم أننا نبزهم بالشهداء البررة والقديسين والقديسات والطقوس والتراتيل والصلوات. اليوم صرنا نعرف أكثر عن بريجيتا وشارل وريتا وفرنسيس ولوسيا وتريزيا وسلفستر وكشافة كولومبس أكثر مما نعرف عن أي من قديسينا. هل هم أكثر درجة عند الله ؟ لست أدري.

سادسا، وأنا أناقش المسائل المؤسساتية أطالب من كنيسة المشرق الكلدانية فتح أرشيف المراسلات بين بعض بطاركتنا والفاتيكان وترجمتها كي يطلع ابناء شعبنا الكلداني كيف أن مؤسسة الكنيسة الغربية لم تقبل حتى النقاش حول مسائل مؤسساتية تخص هويتنا ووجودنا في المسائل أعلاه وكيف تم تهديد بعض بطاركتنا الأجلاء بالحرمان الكنسي إن قاوموا قرارات مؤسساتية مجحفة. أي ان العلاقة المؤسساتية مع الكنيسة الغربية فاقت نموذج "نفذ ثم ناقش" الذي إعتمدته بعض الأحزاب الشمولية بل صارت "نفذ ولا تناقش."

كلمة أخيرة
وختاما دعني أقول مرة أخرى إنني أتحدث مؤسساتيا وأرى ككلداني كاثوليكي وحسب إطلاعي المتواضع أننا لم نحظ بأي نعمة وبركة من الناحية المؤسساتية جراء إنتمائنا للكنيسة الغربية ...
وعليه وفي الوقت الذي أدين فيه ككلداني وكاثوليكي أشد الإدانة ما إقترفته هذه المؤسسة بحقنا أطالب أن ترد كل ما أخذته منا جغرفيا وأن تستغفر الله كمؤسسة على ما فعلته بنا وبإسم المسيح  والصليب الذي هو فخرنا ورمزنا وحياتنا أدعو هذه المؤسسة إن كانت تؤمن بالعدالة والتسامح والمحبة المسيحية أن تعيد كل منطقة جغرافية سلبتها منا بمؤمنيها من الكلدان وبكنائسها وأديرتها وأوقافها وتراثها ولغتها وطقسها وتضعها مرة أخرى تحت سلطة بطريركنا مباشرة وعدا ذلك تكون هذه المؤسسة إستغلت العقيدة والمذهب لمأربها الشخصية والمؤسساتية وهذا ما حدث وهذا ليس نعمة ولا بركة.







Matty AL Mache