دكتاتور بمواصفات أمريكية / جورج هسدو

بدء بواسطة matoka, أبريل 23, 2012, 04:44:34 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

matoka

دكتاتور بمواصفات أمريكية




جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com

منذ فترة ونحن نسمع عن دكتاتورية رئيس الوزراء نوري المالكي، فتارة يتحدث عنها نائبه صالح المطلك، ومرة ينوه إليها السيد مقتدى الصدر، وأغلب الأحيان يتطرق اليها أعضاء القائمة العراقية وفي مقدمتهم الدكتور أياد علاوي، وقبلهم تحدث بها النائب المستقل صباح الساعدي، وأخيراً أشار إليها رئيس إقليم كرستان مسعود البارزاني، وهؤلاء جميعاً يجمعون على أن ما يمارسه السيد المالكي لا يعدو عن كونه دكتاتورية بغطاء ديمقراطي.. لكن لنتناول المسألة من منطلق التحليل الموضوعي وليس بدوافع المتنافس السياسي، لنتعرف أكثر على مسألة كيفية تحول (أبو إسراء) الشخصية المعارضة الهادئة إلى (نوري المالكي) الحاكم القاسي الذي لا يتساهل مع خصومه ويواجههم بكل السبل المتاحة لإبعادهم عن هدفه الذي يتمحور حول كيفية بقائه في السلطة.

فشل أم نجاح..؟؟
فرئيس الوزراء العراقي الذي تسلم الحكم (الجمهورية السادسة) في أحد أحرج الظروف التي مر بها العراق كان يعلم أن عليه أن يكون حازماً وقوياً في قراراته وأن لا يتردد في مواجهة معارضيه وثنيهم عن ما يبدو له بأنه محاولة لإزاحته عن الحكم.. لكن من أين جاء بكل هذه القوة وكيف تفائل بنجاحه للمرة الثانية في ضوء الفشل الذي منيت به حكومته الأولى على الصعيدين الخدمي والسياسي؟؟!!، لا بل على ماذا أو من إعتمد في فوزه الثاني وكيف صاغ استراتيجيته البديلة لإدارة كابينته الثانية؟؟، خاصة وأنه كان يعلم أن أقرب حلفائه من الممكن أن يتحول لألد أعدائه إذا ما دعت ضرورة اللعبة السياسية ذلك!!.. من هذا وغيره نتوصل لنتيجة أن السيد المالكي قد راهن على دعم قوي ومنظم لمساعدته في بقائه على رأس السلطة مهما كانت النتائج، وهو نفس الدعم الذي أخرجه من عنق الزجاجة التي حُشر فيها إبان حكومته الأولى عندما إنسحب منها أكثر من نصف وزرائه.. والسؤال هنا، هل يوجد أقوى وأفضل من الولايات المتحدة الأمريكية لتلعب مثل هذا الدور وتقدم مثل هذا العرض مقابل المحافظة على (نظريتها) ومصالحها في بلد تتآكله الصراعات المذهبية وتنخر في جسده آفة الفساد ويواجه شبح التقسيم كلما طفت على السطح أزمة إنعدام الثقة المزمنة بين تياراته ونخبه السياسية؟.

بين أمريكا وإيران
أما لماذا وكيف؟؟، فبنظرة خاطفة على مجريات الأمور مؤخراً والتي تزامنت معاً من إنسحاب القوات الأمريكية (مع القبول بعدم منح الحصانة القانونية لجنودها المتبقين في العراق)، إلى لغز الحملة المنظمة لإعتقال المئات من عناصر البعث (تلك الحملة التي إرتبطت بتسريبات عن محاولة الإستيلاء على السلطة).. وزيارة المالكي السريعة لواشنطن مع إشارة الرئيس باراك أوباما خلال المؤتمر الصحافي إلى ((أن واشنطن تعزو الكثير من النجاحات الأمنية والسياسية في العراق إلى قيادة المالكي)) الذي قال بأنه سيبقى ((شريكاً أساسياً)).. ثم قضية مطاردة الشخصيات (المشاكِسة) كإتهام نائب الرئيس طارق الهاشمي بالإرهاب وقرار الإعلان عن الملفات المخفية منذ سنوات والإصرار على تقديمه للمحاكمة، والمطالبة بحجب الثقة عن نائب رئيس الوزراء صالح المطلك وإقالته من منصبه بل وحتى منعه من دخول مبنى رئاسة مجلس الوزراء.. نرى مدى تشبث الولايات المتحدة في إبقاء العراق أمام أنظارها وقريباً من أصابعها لضمان تواصله معها في تطبيق نظريتها الخاصة بالمنطقة، وهو الأمر الذي يتطلب بل يحتم ضمان ولاء شخص واحد قوي على سدة الحكم في العراق وعدم المغامرة (والمقامرة) بتوزيع القوة (السلطة) بين الأطراف المختلفة (والمخالفة)، ولا ضير من تحوله إلى مستبد بين أقرانه شرط ضمان عدم تحوله للجهة المعادية.. تلك الجهة التي دائماً ما ناصبت العداء لأمريكا وعلى الأقل حتى الآن في الأطر الدبلوماسية والإعلامية وهي جمهورية إيران الإسلامية، حيث أن الولايات المتحدة تدرك يقيناً بأن أي تقصير منها في مواصلة التعاون مع رئيس الوزراء نوري المالكي (رجلها القوي) سيفتح الباب على مصراعيه لإيران لطرح نفسها الحاضن الجاهز والمتلهف لإحتواء القرار السياسي العراقي وهذه المرة بالكامل.

نتائج الحاكم وخيارات المواطن
إذن، وكأن الواقع يقول للعراقيين أنهم اليوم أمام خيارين أحلاهما بطعم العلقم: أما القبول بحاكم دكتاتوري (بمواصفات أمريكية) لا يتردد في ضرب وتصفية خصومه مقابل فرض الأمن وسد الحد الطبيعي من إحتياجات مواطنيه الإقتصادية لتحقيق دولة مستقرة ومتماسكة، أو الإصرار على ممارسة الديمقراطية بحذافيرها والتنقل بين حكام ضعفاء والدوران (حد الدوخة) في إطار دولة مفككة ومهلهلة سياسياً.. كما أن الوقائع تشير لمن يتشكك بالمشروع الأمريكي أو يتحفظ عليه أن يلتفت للأدلة الواقعية ويستعرض تجارب الجوار التي باتت إمتداداتها تؤثر في الواقع العراقي منذ فترة ليست بقليلة، فها هم جميع حكام دول الخليج يسايرون سياسة الولايات المتحدة في الوقت الذي يضمنون فيه الحد المقبول من إستقرار بلدانهم وإحتياجات مواطنيهم، بينما تبقى الدول التي تصر على معاداة الطرح الأمريكي تدور في حلقة مفرغة من التصارع السياسي والفشل الإقتصادي.

فهل سنقتنع بأن الخيارين (المرّين) ليسا سوى نتيجة ضيق أفق نخبنا السياسية ونقبل صاغرين بأحدهما؟، أم سنبقى (نحلم) وننتظر من يأتينا بخيار ثالث يكون هدفه الوطن وليس السلطة ويعمل على تلبية رغبات المواطن وليس الحاكم.. فلننتظر ونرى!!.





ورد الينا عبر بريد الموقع






Matty AL Mache

صائب خليل