مشاكســة رعــــب يجتــــاح العالـــــــم / مال اللــه فــرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, ديسمبر 15, 2015, 05:02:24 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

مشاكســة
رعــــب يجتــــاح العالـــــــم   


برطلي . نت / بريد الموقع

  مال اللــه فــرج
Malalah_faraj@yahoo.com


فجر تصريح خطير لمسؤول كبير الخوف والذعر والقلق، جاعلا العالم في بحار الحيرة والهلع يكاد يغرق، فعادت الحرارة من جديد الى الخط الساخن العتيد بين الكرملين والبيت الابيض، ووضعت سيئول وبيونك يانك قواتهما في اقصى درجات الاستعداد، وتأهبت طوكيو معلنة حالة الاستنفار في مراقبة تحركات بكين العسكرية عبر اقمارها الصناعية الذكية منها والغبية، وراحت أنقرة تراجع تفاصيل أزمتها الاخيرة مع موسكو وتعيد الحسابات والتوقعات ازاء افرازات تلك التوترات، بينما هرول السيد بان كي مون، حال سماعه الخبر الشؤم، في منتصف الليل سريعا بملابس النوم الى مجلس الامن لتدارك الخطر قبل وقوعه، لاسيما وان (تصريح) ذلك المسؤول الرفيع لو تجسد على ارض الواقع عملا ووقائع، لأحدث تغييرات جذرية في البنية الدولية ولجعل العالم يقف وجها لوجه ازاء تحول ربما يكون دراماتيكيا من جهة، وايجابيا من جهة اخرى، ذلك لان ذلك (التصريح) المعني استطاع (بعبقرية متفردة)، اذهلت المجتمع الدولي باعجازها، الامساك بالضدين معا، فهو، لو اقتنعت الامم المتحدة بدعمه وتبنيه والعمل به، سيوفر للدول المعنية، ربما، آلاف المليارات من الدولارات، لكنه في الوقت نفسه سيضيف الى معدلات البطالة عشرات الملايين من العاطلات والعاطلين.
فقد اكد ذلك المسؤول الرفيع، الذي احترم تصريحاته وأؤمن بمصداقيتها مهما كانت عجيبة او غريبة او حتى مستحيلة لكونه يتحدث من موقع (مسؤول) وقريبا، ان لم اقل (لصيقا) بمركز صنع القرارات الستراتيجية والمصيرية، اكد بان (العراق لا يحتاج الى مقاتلين)، وهذا شيء حسن، بل رائع اكدته على الارض كل المعطيات والوقائع وفي مقدمتها الآلاف من المآسي والكوارث والفواجع بسبب جرائم داعش التي ما تزال تقض المضاجع وتنكأ جراحات ملايين المهجرين وتؤجج المواجع.
بيد ان الاخطر والاهم كان استدراكه واضافته التاريخية بأن (العراق هو الذي يصدر المقاتلين)، ويبدو ان العراق قد اتخذ هذا القرار (التاريخي) بعد نجاحه المؤزر في تحرير الموصل والرمادي وتكريت وجميع الاراضي التي يدنسها تنظيم داعش من شرور واحتلال وموبقات وجرائم ودماء ومآسي هؤلاء القتلة، فقرر تصدير هذه (المنتجات القتالية الوطنية) الى الخارج لدعم اقتصادنا المهترئ وخزانتنا الخاوية التي القت بعبئها اولا وقبل كل الحيتان الكبيرة على شريحة المتقاعدين المساكين، فاقتطعت من رواتبهم بدل ان ترفع من مستحقاتهم.
اما اين؟ ووفق اي مواصفات شرقية أم غربية ستقوم الجهات المعنية (بتصنيع المقاتلين)؟ والى أي جهة ستصدرهم؟ وكم تبلغ كلفة (تصنيع) فصيل من المشاة على سبيل المثال او فوجا من الدروع، او فرقة من الرصد والمخابرة او تشكيلا من المدفعية او الطيارين او من الدفاع الجوي؟ فهذا مالم تعلن عنه لحد الآن وربما ستعمد الجهات المعنية بعد حصولها على شهادة الجودة النوعية العالمية وبراءة الاختراع وموافقة المنظمة الدولية على البدء بالانتاج بتحديد شروط واسعار كل نوع من هذه (المنتجات القتالية البشرية) التي نأمل ان نتفاخر بنوعية ادائها القتالي امام العالم اجمع، وان لا تخذلنا كما سبق ان خذلتنا الكثير من المنتجات المماثلة سواء المنتجة محليا أم المستوردة، بدءا من صفقة الدروع الفاسدة التي كشف عنها وزير الداخلية محمد سالم الغبان، مرورا بصفقة الطائرات المستعملة والمدرعات الاوكرانية وانتهاء بأجهزة السونار سيئة الصيت التي نجحت في سرقة ثروتنا لكنها فشلت في اكتشاف المفخخات والعبوات اللاصقة وهي على بعد سنتيمترات منها في حين تنجح المجسات والرادارات واجهزة المراقبة والتجسس الدولية عبر الاقمار الصناعية في التعرف على اصواتنا والوان عيوننا وانواع والوان ملابسنا الداخلية وهي على بعد عشرات الآلاف من الكيلومترات عنا.
حالة (الرعب) العالمية التي اثارها هذا (التصريح) المثير الخطير في المجتمع الدولي تعود لامكانية احلال (صناعتنا القتالية) هذه محل الجيوش والقوات المسلحة في معظم الدول تحت مبرر (ما ذريعة جعل افراد تلك الجيوش والقوات العسكرية مشاريع واهدافا للقتل خلال الحروب والمنازعات الدولية ان كانت هنالك قوات قتالية اخرى مصنعة وفقا للمواصفات الدولية يمكن شراؤها للقتال وللقيام بهذه المهام؟).
بيد ان المثير للجدل ان مثل هذا التوجه، ان تم تطبيقه، سيؤدي الى فقدان حوالي عشرين مليون مقاتل من مختلف الدول لوظائفهم ودفعهم للانخراط في سوق البطالة مما سيؤدي الى أزمات مختلفة وفي مقدمتها ازدهار تجارة بيع الاعضاء البشرية والعنف والسرقة والجريمة المنظمة، ففي الولايات المتحدة وحدها كمثال هنالك بحدود مليون ونصف المليون مقاتل عدا حرس السواحل، وفي روسيا هنالك اكثر من مليون مقاتل، اما في الصين التي تحتل المرتبة الاولى فهنالك بحدود مليونين وربع المليون مقاتل، وفي كوريا الشمالية هنالك مليون ومائة الف مقاتل، اما الجيش الهندي الذي يحتل المرتبة الثالثة على قائمة اكبر الجيوش العالمية فقوامه (1.325.000) مقاتل.
بيد ان دخولنا الى هذا الميدان التصنيعي الستراتيجي الحيوي الذي يمثل قفزة جينية وطفرة تاريخية في نمط التفكير الانساني واحتكارنا لهذه الصناعة (الانسانية) النادرة سيجعلنا بحاجة الى وسائل انتاجية متعددة وباعداد هائلة وبامكاننا بهذا الميدان الاتفاق مع شركات صينية كما يفعل معظم تجارنا (النزهاء) لتصنيع ما نحتاجه وبدل ان يثبت عليه (صنع في الصين) يثبت عليه(صنع في العراق) وهكذا تطبق شهرتننا الافاق رغم العدى وشذاذ الافاق.
اخيرا، ان كنا نمتلك نمطا من المسؤولين بمثل هذا الوعي والذكاء والمستوى السياسي والثقافي والقيادي الرائع، أليس من الغباء ان يتساءل بعضنا عن اسباب كل هذه النكبات والمآسي والفواجع؟