البطاقة التموينية بين الفساد و تخفيف نسبة الفقر

بدء بواسطة حكمت عبوش, مارس 12, 2011, 03:21:00 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

حكمت عبوش

البطاقة التموينية بين الفساد و تخفيف نسبة الفقر

                                          حكمت عبوش

من المعروف إن العمل بالبطاقة التموينية هو ملجأ استثنائي يركن إليه في الحالات الخاصة كالحروب و الكوارث الطبيعية التي قد يطول زمن المعاناة منها و تسبب فقدان و انعدام الأغذية الأساسية للإنسان فتلجأ الدولة إلى استحداث نظام يتم فيه توزيع هذه الحاجات التي لابد من توفرها لتجنب كوارث المجاعة الشاملة و رغم ثراء و غنى العراق المعروف إلا أن الحروب العبثية التي دخلها النظام ألبعثي الدكتاتوري مع إيران و هجومه على الكويت و حروبه الداخلية الأخرى ثم الحصار الذي فرض على الشعب العراقي كل ذلك جعل حكومة صدام تعمل لمنع  توسع دائرة الفقر المدقع و الذي كان يزداد انتشارا بين العراقيين كانتشار النار في الهشيم فقررت من اجل ذلك الاستعانة بالبطاقة التموينية و كان نجاحها قليلا لماذا؟ لان أسباب الفقر و المجاعة الحقيقية بقيت هي نفسها بدون تغيير فالبطالة منتشرة في أوساط الجماهير القادرة على العمل في المدينة و الريف و كانت دخول (رواتب) العاملين و الموظفين على العموم لا تتجاوز (4000-5500) إذا كانت لديه خدمة (25) عاما أي لا تتجاوز 3 دولارات و الأمم المتحدة كانت تقول في تقاريرها إن الفرد الذي لا يتجاوز دخله في اليوم دولارا واحدا فهو دون مستوى الفقر فانظر صاحب عائلة و لا يتجاوز دخله ثلاث دولارات في الشهر كيف يعيش و عائلته. و طبعا المواطنون لن ينسوا الطحين الأسود و الرز و الشاي و الصابون الردئ التي كانوا يتقبلونها على مضض و دعك عن حالات الفساد المتنوعة التي كانت تكتنف أعمال بعض موظفي البطاقة التموينية و الوكلاء و لكن رغم هذا فقد كانت أكثر انتظاما من حصة هذا الزمان بعد التغيير في 2003 و كان السبب الغالب في انتظامها هو الخوف و ليس الحرص الدكتاتوري على مصلحة المواطنين. و لكن منذ التغيير إلى ألان و مع الأسف فان الحصة لا تصل إلى المواطن في عموم العراق بشكل طبيعي و منتظم و لأشهر عديدة و مواد كثيرة و السبب الأساس في هذا الخلل الفاضح هو الفساد الإداري و المالي و الذي أصبح السكوت عليه مستحيلا و نشرت قناة الديار حقائق تؤكد هذا الواقع قبل أيام إذ نقلت عن القائمة العراقية قولها (أن 30% من مخصصات البطاقة التموينية أي ما يتراوح من 3-4 مليارات دولار تتسرب من خلال الفساد) و قال احد المهتمين بالبطاقة التموينية (ناطق الموسوي) انه في عام 2008 زادت تخصيصات البطاقة التموينية لتصبح 8 مليارات دولار و لكن أي تحسن لم يطرأ على موادها. و يقول النائب احمد العلواني في البرلمان العراقي و كان رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان السابق(انه تم اكتشاف سرقات في الحصة التموينية بعد استلام وزارة التجارة لحصتها) و قال السيد احمد الصافي ممثل السيد علي السستاني قبل فترة قصيرة (أن سبب تدهور وضع البطاقة التموينية هو الفساد و عدم جدية الوزارة حيث حل محله الأخطاء).إن دلالات كثيرة أخرى مدعمة بالوقائع و الأرقام نستطيع إبرازها  مضافا إليها معاناة الجماهير الواسعة و العميقة وهذه كلها تظهر للملأ واقع البطاقة التموينية المزري و نذكر هنا أن زيادة ما خصص للبطاقة التموينية ليس هو المطلب الوحيد فقط فالذي يوازيه بل و يفوقه أهمية هو مكافحة الفساد السائد في وزارة التجارة – قسم البطاقة التموينية –  بموظفيه و العاملين في دوائره. هذا الفساد الذي عطل و يعطل وصول الحصة التموينية إلى المواطنين فهناك من يحرم منها نهائيا و هناك من تصلهم بعد ستة أشهر. لقد ضجر العراقيون حقا من هذا الفساد و إذا كان (الرمز صدام) فاسدا من اجل بناء جبروته الكاذب بتمويل أعمال القمع الوحشية ضد أبناء الشعب و إنشاء قصوره الستة و السبعين الباذخة فما بال المسؤولين الآن فقد كان الشعب يتوقع حقا و يأمل بحرارة أن يكون مجيئهم ثورة على واقعه المأساوي و عمل جاد لردم الفجوات العميقة التي حفرها في الواقع العراقي و خاصة في مجال مكافحة الفقر الذي عاش و يعيش ملايين العراقيين تحت وطأته إلى ألان بدون تغيير حقيقي و التغيير النسبي الذي أحدثته الحكومات في زيادة رواتب الموظفين ليس كافيا و واسعا و ظل الفقراء يعانون و كأن أي تغيير لم يحدث إذ بقت مآسيهم و معاناتهم على حالها رغم إن الصنم أوشك سقوطه أن يبلغ ثمان سنوات و الدليل على ذلك ما أظهرته وثيقة(إستراتيجية التخفيف من الفقر)التي أصدرها ( الجهاز المركزي للإحصاء و تكنولوجيا المعلومات ) التابع لوزارة التخطيط و التي اقرها مجلس الوزراء في تشرين الثاني 2009 و التي جاء فيها أن 22.9 % من العراقيين أي ما يقارب 7 ملايين يعيشون دون مستوى خط الفقر و الذي حددته الوثيقة بـ 77 ألف دينار للفرد    وفي حالة إلغاء البطاقة التموينية سترتفع نسبة العراقيين الذين يعيشون دون مستوى الفقر إلى 45% من السكان . لقد فعلت الحكومة صوابا بعدم استجابتها لدعوات إلغاء البطاقة التموينية – الغير ناضجة – و الداعية إلى إعطاء بديل نقدي عن البطاقة لان هذا البديل سيكون مستهدفا من قبل التجار و بعض الباعة الذين لا يفكرون بمصلحة الفقراء و معيشتهم بل يفكروا بجيوبهم و زيادة أرصدتهم وتحويل مخصصات شراء الطائرات الحربية F16 و البالغة 900 مليون دولار إلى ميزانية البطاقة التموينية   وقطع الحصة التموينية عن الذين يزيد دخلهم الشهري عن 1.5 مليون دينار و لكن يبقى الشئ الأكثر أهمية و الذي يجب على الدولة معالجته هو استئصال الفساد المالي و الإداري و محاربته و يتجسد هذا بوضوح من خلال وضع الإنسان المناسب في المكان المناسب و جعل الكفاءة و النزاهة هما المعيارين الأساسيين ليشغل الموظف مكانه المناسب في وزارة التجارة و أقسام البطاقة التموينية في بغداد و المحافظات و في هيئات النزاهة و التفتيش و المراقبة المختلفة و البعد تماما عن اعتبارات القرابة و الحزبية و الطائفية و القومية السائدة الآن والتي هي ولادات شرعية للمحاصصة المتعددة الأشكال وبذلك نستطيع إيقاف التغطية المكشوفة على أعمال السلب و النهب لطعام الفقراء و تأمين وصول حصة المواطن الفقير في وقتها المناسب بعد تحسين نوعيتها و إعادة مواد أساسية أخرى مثل حليب الأطفال  والشاي والصابون ومساحيق الغسيل وغيرها من المواد الضرورية  ومراقبة عدم استبدالها بمواد اقل جودة منها والحرص على عدم إلغاء البطاقة التموينية إلا بعد عودة الحياة الاقتصادية إلى طبيعتها حيث بها يعود المجتمع إلى حياته الاعتيادية وهذا لن يبدأ إلا بالقضاء على البطالة و شمول كل المواطنين بما فيهم المعوقين والعاطلين  والأرامل واليتامى بقانون الرعاية الاجتماعية والتوازن الفعال بين رواتبهم و الأسعار و هذا كله يرتبط بعودة الصناعة والزراعة والتجارة والجامعات والمستشفيات وكل مفاصل العمل الاجتماعي إلى العمل الطبيعي.



بهنام شابا شمني

لقد اصبح الفساد في العراق ظاهرة اجتماعية ومن لا يمارسه فهو شاذ وغير سوي والمضحك المبكي ان الذين يمتهنونه يخرجون علينا يوميا من على شاشات التلفزة ليلعنوه ( نحن بحاجة الى وزارة مكافحة الفساد ) 

ماهر سعيد متي

                   يجب محاسبة المفسد مهما كانت درجته او مقامه ... شكرا لك على المقالة .. تحياتي
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة