«منظمة الدفاع عن المسيحيين»: حماية الاقليات بعيداً عن السياسة

بدء بواسطة برطلي دوت نت, يوليو 24, 2016, 11:12:09 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

   «منظمة الدفاع عن المسيحيين»: حماية الاقليات بعيداً عن السياسة   

      
برطلي . نت / متابعة


كلادس صعب / الديار

رغم ان الصراعات بين الاديان التي بأكثريتها مفتعلة منذ بدء التاريخ الى اليوم، الا ان «تاريخ الصراعات المذهبية يثبت ان العداء بين انصار المعتقدات المتقاربة وهي المذاهب المنتمية الى دين واحد يكون اشد مما هو عليه بين انصار الاديان المختلفة وفق رؤية الفيلسوف الفرنسي غوستاف لوبان الذي استبقت رؤيته الـ80 سنة التي مرت على وفاته حيث استعرت الحروب بين الاديان المختلفة ولكن اشدها كانت بين طوائف تؤمن بكتاب واحد وتتوجه الى رب واحد، وحتى ضمن المذاهب الواحد ولعل ما نشهده اليوم من تفسيرات للآيات القرآنية الكريمة يجافي حقيقة ما ورد فيها وخصوصاً على يد من يعتبرون انفسهم «خليفة» فأمعنوا في تحويرها وابرزهم التنظيمات الارهابية فيما يسمى بـ«الدولة الاسلامية في العراق والشام» و«جبهة النصرة»، ورغم ان الآيات القرآنية الكريمة واضحة في معانيها ومضمونها ولعل سورة المائدة الآية 48 الاصدق تعبيراً والتي يتبين من خلالها ان الله فرقهما فرقا ليختبرهم فيما اتاهم من الشرائع المختلفة لينظر المطيع منكم والعاصي وسارعوا الى الله مرجعكم جميعاً وهنا نص الآية الكريمة: «وانزلنا اليك الكتاب بالحق مصدّقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما انزل الله ولا تتبع اهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله يجعلكم امة واحدة ولكن ليبلوكم في ما اتاكم فاستبقوا الخيرات الى الله مرجعكم جميعاً فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون».
ان ما يشهده عالمنا اليوم يعيد بالذاكرة الى التاريخ القديم المليء بالحروب الاهلية والمذهبية والدينية برأي مصادر مسيحية، حيث لم تكن الشعوب على قدر من الوعي والثقافة، الامر الذي يمكن من خلاله تبرير بعض هذه الحروب.

لكن العالم اليوم يختلف عن السابق لناحية انفتاح الشعوب على بعضها وانتشار الافكار التحررية والانظمة الديموقراطية وتبادل الثقافات والتقاليد، تضيف المصادر، الامر الذي يجعل العالم «كرة كونية» منسجمة بيد ان المصالح السياسية والاقتصادية اعادت الى عقول الشعوب تلك «الصور المتحجرة» لناحية الدفاع عن ابناء الديانة الواحدة والطائفة والفرق المذهبية، لا سيما في الشرق الاوسط الذي يجمع تحت كنفه الاديان السماوية المختلفة. ورغم ان الصراع السني - الشيعي مستعر بشكل كبير، الا ان الاقليات ولا سيما اتباع السيد المسيح كانوا وما زالوا «الضحية» في كل هذه الصراعات يدافعون عن موئلهم بقواتهم الذاتية وان تلقوا بعض الاحيان جرعات دعم من الدول الغربية وفق مصالحها. انطلاقاً من كل ذلك نشأت العديد من المنظمات والهيئات التي تطالب بدعم وحماية الاقليات وتحديداً المسيحية. ولعل ما حصل في الموصل وسهل نينوى في العراق دليل على ما يتعرض له هؤلاء، من اضطهاد ومجازر.

محاولات عديدة قام بها العديد من الشخصيات المسيحية التي تعيش في بلدان الاغتراب ولا سيما في «عاصمة القرار» واشنطن حيث بدأت اواخر العام 2013 فكرة انشاء منظمة الدفاع عن المسيحيين IDC على ان لا يكون هناك منفذ للسياسة للدخول الى مضمون اهدافها، وهذا الامر خلق لها اخصاماً لكن هذه العثرة اضمحلت وانطلق قطارها برئاسة توفيق بعقليني الذي سعى مع عدد من الشخصيات اللبنانية الى اجراء لقاءات عدة مع شخصيات اميركية وبطاركة من مختلف البلدان وقد تبين آنذاك ان هناك العديد ليس على دراية بالوجود المسيحي في الشرق، وفي هذا الاطار بدأ السعي مع ممثل باب الفاتيكان ورئيس مجمع الكنائس الشرقية الكاردينال ليوناردو ساندري وكذلك حث العديد على الاطلاع على ما يجري في حق المسيحيين من اضطهاد ومجازر.

وقد كانت الخطوة الاولى بهذا الاتجاه عقد مؤتمر يجمع بطاركة الشرق والغرب والمطارنة ايضاً تروي مصادر المنظمة، وبالفعل تم ذلك في احد فنادق العاصمة الاميركية Ommi Shorom حيث احتفل بالقداس بمشاركة الجميع وهي المرة الاولى التي يحصل فيها هذا الاجماع الكنسي وحضور لافت لحوالى 50 عضواً من الكونغرس الاميركي وحشد شعبي وصل الى 1700 شخص، واعقبه مؤتمر صحافي عقد بحضور الكاردينال ساندري وكاردينال واشنطن للاعلان عن المواضيع التي طرحت بشكل عام وهي حماية المسيحيين والمحافظة عليهم في الاماكن التي انطلقت منها المسيحية وهذا الامر ساهم في لفت انظار الشخصيات الاميركية الى ضرورة المساعدة، فكان لهم مساهمة كبيرة عبر طرح الامر في ارجاء الادارة الاميركية وتحديداً في البيت الابيض وقد بدأ من اخرها العمل الجدي من قبل الكونغرس وخصوصاً في العراق وسوريا بالتعاون مع منظمة الدفاع عن المسيحيين الذين قاموا باطلاع الاميركيين على ما يجري هناك من خلال اشخاص استقدموا من تلك الدول وعايشوا مآسي المسيحيين، وقد طالبوا آنذاك بضرورة انشاء مكتب يهتم بالمسيحيين في الشرق الاوسط وقد سعى بعض اعضاء الكونغرس الى ذلك عبر مطالبة الرئيس الاميركي باراك اوباما لتعيين شخص يمثله في هذا المكتب وقد نال موافقة الرئيس بعد مرور سنة ولكنه يتبع ايضاً لوزارة الخارجية الاميركية، وقد استطاعت المنظمة حث الادارة على تقديم المساعدات للمسيحيين المتواجدين في مناطق لا يمكن التواصل معها، كما انه كان لبقية الاقليات جانب كبير من اهتمام المنظمة.

لم يقتصر تحرك المنظمة تضيف مصادرها على هذا الدعم فقد كان لها عدة مؤتمرات سنوية تتركز على مواضيع عدة، ففي العام 2014 عقد المؤتمر الأول بمشاركة بطاركة المشرق من كلدان واشوريين وسريان وارمن وبطريرك الموارنة مار بشارة بطرس الراعي وقد استقبلهم الرئيس اوباما وهي سابقة اولى، وكان للبطريرك الراعي الدور الاساسي في الحض على حماية مسيحيي الشرق، اما عام 2015 فقد عقد المؤتمر الثاني تحت عنوان وقف المجازر بحق المسيحيين Stop the christian Genocide.

وعلى اثره تم الاتفاق على دعم صدور قانون عن الكونغرس الاميركي عبر عريضة وقعها عدد من الشخصيات وصل الى 200 خلال فترة زمنية لم تتعد الشهرين، يعتبر ما يحصل لمسيحيي الشرق «بالابادة» وذلك بعد اجتماع عقده ممثلو المنظمة مع 300 شخصية في مكاتب الكونغرس، وهذا الامر لقي ترحيباً من قبل الجمهوريين والديموقراطيين، لكنهم لم يحققوا انجازاً على هذا الصعيد كون الاميركيين اعتبروا ان ما حصل مع الايزيديين هو «ابادة» وليس مع الاقليات المسيحية، ولكن اليأس لم يدخل الى اعضاء المنظمة حيث قصدت بعثات تابعة لها سوريا والعراق وحملت معها شهادات حية تضمنت 1100 حالة في تقرير من 300 صفحة وفي اوائل اذار قام رئيس الكونغرس بول راين بطرح الامر للتصويت وقد نال 399 صوتاً ولكن رغم مروره في الكونغرس لم يحمل موافقة الحكومة الامر الذي دفع المنظمة الى الحصول على توقيع 200 الف اميركي وعلى اثرها تم اقراره بعد مرور 3 ايام في 17/3/2015 وهي المرة الثانية التي يتم فيها قانون يتعلق بالابادة بعد ما حصل «برواند».

هذا القانون يلزم الولايات المتحدة الاميركية تكثيف الدعم اما عبر المساعدات او عبر تواجدهم العسكري في تلك المناطق.

اما بالنسبة لمشروع المنظمة لهذا العام فهو وفق ما اكده رئيس منظمة الدفاع عن المسيحيين توفيق بعقليني ان لبنان في الدرجة الاولى وخاصة لناحية معضلة اللاجئين السوريين، عبر طرحهم انشاء منطقة آمنة محايدة في سوريا لاعادة هؤلاء الى بلدهم وهو امر يسعى اليه البطريرك الراعي ايضاً، على ان يقوم حلف الشمالي الاطلسي بتحديد المنطقة كما يحصل في بلدان اخرى تحت مظلة اميركية، على ان تشمل جميع اللاجئين من كل الاديان والطوائف.

اما الموضوع الآخر، فهو ايضاً ايجاد منطقة آمنة للمسيحيين والايزيديين في العراق وسيتم
التركيز عليها بشكل كبير.

اما الموضوع الثالث فهو الضغط للاعتراف بالابادة التي حصلت بحق الشعب الارمني منذ 100 عام.

وهنا لا بدّ من الاشارة الى ان المشاركة كانت بمعظمها من شخصيات اميركية بنسبة 7 % في حين ان المشاركة اللبنانية والتي تعتبر دائمة من قبل شخصيات لبنانية تتمتع بعلاقات كبيرة نذكر منها رئيس المؤسسة المارونية للانتشار نعمة افرام السيد انطوان الصحناوي والسيد شارل الحاج كما ان لجهود عميد كلية الفنون في جامعة الروح القدس السابق الدكتور الكسندر مكرزل دوراً فاعلاً لعلاقاته المتينة مع البطاركة والمطارنة الامر الذي ساهم في جمع هذه الكوكبة من الشخصيات الدينية ورغم ان مساعي المنظمة تقتصر فقط على الحفاظ على المسيحيين في الشرق وحمايتهم فهي تتلقى السهام من كل الجهات لادخالها في آتون الصراعات السياسية مع العلم ان المؤتمر الاول قد ضم العديد من الشخصيات اللبنانية التي مثلت احزاباً مسيحية وغير مسيحية.