مشــــاكسة/ ثـــورة الخطـــوط الحمـــــر /مال اللــه فــــــرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, يونيو 30, 2016, 07:51:26 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

     مشــــاكسة
ثـــورة الخطـــوط الحمـــــر
   
   

برطلي . نت / بريد الموقع
 
  مال اللــه فــــــرج
Malalah_faraj@yahoo.com 



كانت تقف إلى جانبي في صالة المصرف بانتظار استلام راتبها التقاعدي، متعبة ضجرة متأففة، ربما من طول فترة انتظارها، وربما بسبب مشكلات زوجية، بعد ان أمست المشاحنات والخلافات والمعارك  بين الازواج والزوجات سمة بارزة لمجتمعنا بسبب الرفاهية المفرطة التي حققتها لنا الحكومات المتعاقبة بخدماتها النموذجية وبمهنيتها العالية ونجاحاتها الاسطورية في تنمية مصادر الثروة الوطنية وإنعاش الاقتصاد وما نتج عن ذلك من الارتفاع الهائل في مداخيل المواطنين لاسيما الموظفين منهم والمتقاعدين، لكنه من جهة أخرى أشعل حرائق الخلافات الزوجية بسبب الخلافات بين الأزواج والزوجات حول أسلم وأفضل صيغ توظيف عائداتهم المادية الكبيرة الفائضة عن احتياجاتهم الفعلية خصوصا وان معظم الزوجات يفضلن توفيرها لدى امهاتهن  بينما يرفض الازواج وبشكل قاطع أن تلمس أصابع حمواتهم هذا (الفائــض النقـــدي الكبيـــر) مما دفع الحكومة للتدخل كرسول وفاق وسلام لإطفاء حرائق الخلافات الزوجية قبل ان تمسي حريقا كارثيا يشعل خارطة البلاد ويطيح باستقرار العباد، وتبعا لذلك، أضطرت الحكومة (مرغمــــة) لاقتطاع نسب من رواتب الموظفين والمتقاعدين لادخالها ضمن اول (تجربـــة دوليـــة) عبر التاريخ (للادخــار الحكومــي القســري) لتكون ضمانا لمستقبل أطفالنا وأحفادنا وأجيالنا اللاحقة التي ربما لن  تتبقى لها قطرة واحدة من ثروتنا النفطية، بسبب (حكمتنـــا الاقتصاديــة الرشــيدة) في التعامل مع هذه الثروة الناضبة ، حيث بادرت وفقا لنتائج دراسات وبحوث علمية ميدانية إلى احتساب الاحتياجات المادية والمصاريف الفعلية التي يحتاجها كل موظف وكل متقاعد وبما يمكنه من ان يتفوق بسعادته على الدانماركيين الذين صنفهم التقرير الرابع للسعادة حول العالم كأسعد شعوب الارض، واستقطاع نسب من تلك الفوائض ووضعها في صندوق الادخار الاجباري ، وهكذا أصابت الحكومة الرشيدة بخطتها الادخارية العتيدة عصفورين بحجر واحد،  فعمدت الى تنمية الثروة الوطنية ، وأطفاء لهيب الحرائق الزوجية.
الا أن تلك المتقاعدة المتضجرة المتبرمة المتأففة المشاكسة، والتي يشي شعرها الابيض وتضاريسها المختلفة بتجاوزها الستين أثارت استغرابي ودهشتي واستنكاري معا، إذ ما ان تسلمت راتبها التقاعدي وانتهت من احتسابه بدقة وعناية حتى همست بلهجة شعبية وبصوت متهدج وجعا تعمدت أن يسمعه الآخرون (اللــه لايوفقكــم ...لاحكينــا علــى فليســات التقاعــد ؟؟؟).
همست إلى نفسي لابد ان هذه المتقاعدة المسنة الفاضلة متوهمة او انها متمردة او ضعيفة في الحساب ولم تحتسب مقدار راتبها التقاعدي جيدا لاسيما وانا استعيد بذهني عبر استقرائي من بين الكثير من المواقف ، لعشرة مواقف مختلفة، توثق تفاصيل من (ثـــورة الخطـــوط الحمــــر) التي سبق لمعظم المسؤولين والسياسيين والبرلمانيين تفجيرها والمساهمة في إتقاد أتونها وكان جوهرها وهدفها، بل وشعارها (رواتـــب الموظفيـــن والمتقاعديـــن خـــط احمـــر)، خصوصا وان من بين مميزات حياتي الكثيرة، المسرة منها والمريرة، ميزة الثقة المطلقة بالحكومات، لا خشية سطوتها أو خوفا من (حنــان ورومانســـية) أجهزتها الامنية الشفافة بل لمصداقيتها مع شعوبها وحرصها على الديمقراطية التي أمست سمة هذا العصر الذي اصبحت فيه الشعوب هي التي تأمر والحكومات هي التي، بمنتهى الطاعة والامانة، تنفذ.
في حمى انبثاق (ثـــورة الخطـــوط الحمــــر)، يطالعنا في  15-1-2015، تشديد رئيس المجلس الاعلى الاسلامي السيد عمار الحكيم، على ضرورة أقرار الموازنة دون المساس برواتب الموظفين والمتقاعدين، عاداً اياها (خطـــاً احمــــر) لا يمكن تجاوزه، وتأكيدات مكتب رئيس مجلس النواب في11-4- 2015  على ان (الجبـــوري يؤكـــد بــأن رواتــب الموظفيــن خـــط أحمــر ولا يمكــن المســاس بهـــا)، وتحذيرات عدد من البرلمانيين في 9-8-2015 عبر تصريحات صحفية من المساس برواتب الموظفين والمتقاعدين، مؤكدين ان مدخولات موظفي القطاع العام (خـــط أحمـــر)، حيث أكد النائب عن ائتلاف (دولــة القانــون) عبد الهادي السعداوي، ان ائتلافه يعتبر رواتب الموظفين (خطـــا أحمــر) ويحذر من  المساس بها لأي سبب كان،  ومن جهته، أشار النائب عن  تحالف القوى احمد السلماني، الى أن كتلته البرلمانية ضد أي قرار يمس رواتب الموظفين أو المتقاعدين، مضيفا ان (الموظـــف مـــع راتبــه الحالــي مــا زال بحاجـــة الى زيـــادة... فكيـــف اذا مــا اســتقطع جــزء آخـــر مـــن راتبـــه؟)، في حين شدد النائب عن التحالف الوطني، موفق الربيعي، على ان (الموظفيــن اصحــاب الدرجــات الدنيــا والمتقاعديــن يحتاجــون الــى زيـــادة رواتبهـــم وليــس الاســتقطاع منهـــا).
وفي 4-2-2016 شددت عضو اللجنة الاقتصادية النيابية السيدة الفاضلة نجيبة نجيب، على أن (رواتــب الموظفيـــن خــط أحمــر وقــد أبلغنــا رئيــس الـــوزراء حيـــدر العبـــادي بـــرأي اللجنــة بعــدم القبـــول بالتــلاعب برواتــب موظفــي الدولـــة)، وفي 31-1-2016 اعتبرت كتلة بدر النيابية على لسان رئيسها السيد قاسم الاعرجي، ان رواتب الموظفين والمتقاعدين (خـــط احمــــر)،  وفي 18-2-2015  أكد عضو مجلس النواب عن ائتلاف الوطنية النائب كاظم الشمري، (إن رواتــب الموظفيــن خــط أحمــر لا يمكــن المســاس بــه بأي شــكل مــن الاشــكال دون العــودة الــى البرلمــان)، وفي 2-2- 2016 ، أكد النائب عن ائتلاف دولة القانون السيد عباس البياتي ان (رئيــس مجلــس الــوزراء حيـــدر العبـــادي أكـــد فــي اجتمــاع الرئاســات الثـــلاث ان رواتــب الموظفيــن والمتقاعديـــن والاعانـــات الاجتماعيـــة لـــن تمـــس وهــي خــط أحمــــر)، وفي 9-1-2016 ، أكدت عضو اللجنة المالية النيابية علا عودة الناشي على ان رواتب الموظفين (خــط احمـــر ولا نقبـــل المســاس بهـــا)، وكان نائب رئيس مجلس النواب ئارام شيخ محمد قد اكد في 16-1- 2016 أن (رواتــب موظفـــي الدولـــة قـــد أصبحــت خـطــا أحـمــر عنـــد الحكومـــة ولا يوجـــد أي تغـييـــر أو تأخـيــر فـــي صرفهــــا).
ومع كل ذلك (الحـــزم الوطنـــي) الذي امتازت به (ثـــورة الخطـــوط الحمــــر) تلك ، بيد ان الجهات المعنية استطاعت (بعنفهــا الثــــوري) تخطي كل تلك الخطوط واسقاطها، ومد اجراءاتها (الثوريـــة الاســـتقطاعية الحكيمـــة) الى رواتب الموظفين والمتقاعدين، بدل ان تسائل سراق المال العام الفاسدين والمرتشين ، وتقاضي الحيتنان الكبيرة التي ابتلعت حقوق القطاعات الفقيرة وتستعيد منها ملياراتنا الوفيرة.
ولأنني أثق بوطنية واخلاص ونزاهة الحكام والحكومات عامة وبوطنية وفاعلية مثل هذه التدابير والاجراءات فضلا عن حسن النيات، فانني اعتقد ان الحكومة لم تتجاوز هذه الخطوط الحمر قيد أنملة، ولكن المشكلة ربما تكمن في تصرف كيفي لبعض الموظفين (الصغــــار) انصـــاف (العميـــان) المصابين بعمى الالوان، تماما كما سقطت الموصل وضاعت في غفلة من الزمان امام انظار بعض المسؤولين (العميــــان) وما زال المسؤولون عن نكبتها تحت مظلات الحماية وفي طي الكتمان، وتماما كما سبق ان (هربـــت) ميزانياتنا المليارية المهولة واختفت في جهة مجهولة.