مشاكســــة أنصــــاف الضبــــــاع / مال اللــه فــرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, يوليو 02, 2015, 10:47:04 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

مشاكســــة
أنصــــاف الضبــــــاع



برطلي . نت / بريد الموقع

  مال اللــه فــرج
Malalah_faraj@yahoo.com

تحفل الذاكرة الشعبية والاقوال المأثورة للسياسيين والفلاسفة والمفكرين بالغزير من الامثال التي تحذر الانسان من عمليات الاستغفال والغش والخداع المختلفة التي تصادفه في حياته اليومية، سواء كانت تلك الخدع تمارس من قبل السياسيين والاصدقاء والبرلمانيين أم حتى من قبل المقربين بعد ان تنامت واتسعت وتزاوجت وتناسلت مختلف عمليات الخداع وامسى بإمكانها وبمنتهى اليسر والسهولة ان تتحول من الاقوال الى الافعال مرتدية الف ثوب وثوب ولم تنج من عدواها حتى العلاقات العاطفية والروابط الاسرية والزوجية.
وربما بالامكان تبرير خداع البسطاء مرات ومرات عندما يتقن المخادعون   المعنيون من بعض السياسيين والبرلمانيين والمسؤولين في هذه الدولة أو تلك، الذين امسوا أشبه بمهرجي السيرك وهم يتقافزون على حبال المصالح بين هذه الجهة أو تلك، تغيير ماكياجات وجوههم والوان ملابسهم ونبرات أصواتهم ولهجاتهم وتعابير بياناتهم ووقع خطاباتهم، ولكن ان ينخدع البعض برغم وعيه وثقافته وتجاربه بالوجوه نفسها والماكياجات والبهرجة السياسية والخطابات التي تغري بوعود لا تتحقق ابدا ولمرتين متتاليتين وربما لمرات بتلك الوجوه عينها، فتلك هي السذاجة بعينها التي تكاد ان تلامس الغباء، بل ربما هي الاصرار عليه.
وفي هذا الاطار ومن بين ما تختزنه الذاكرة الشعبية، تؤكد الامثال على ان (إن صدقتـــك مـــرة وخدعتنــي، فتـــلك طيبـــة منـــي، امـــا إن صدقتـــك مرتيـــن فـــذلك غبـــاء منـــي ) وكذلك (لا يلــــدغ المؤمــــن مـــن جحـــر مرتيـــن) و(ان خدعتنــي مـــرة فـــذلك عـــار عليـــك، امـــا ان خدعتنـــي مرتيـــن فـــذلك عـــار علــي).
وبهذا فان السؤال الذي يطرح نفسه في خضم ذلك كله ، ماذا لو اصر البعض على ان يستسلم لاوهامه ويحني رأسه للخداع ثالثة ورابعة؟ وكيف سيكون حال البلاد ومصير العباد عندما يمسك بخيوط السياسة والقرار والمال العام والمصير محترفو الخداع من أنصاف االضباع؟
في ضوء ذلك فان غالبية الدول على اختلاف مستوياتها ونظمها واتجاهاتها، وهي تشهد اوسع حملات الدعايات في المواسم الانتخابية وخصوصا البرلمانية منها، تكاد تغرق في بحار الوعود والعهود والخطب والبيانات والتصريحات والحوارات التي تحتضن معظم، ان لم نقل جميع، معاناة الفقراء والمعدمين وامنيات المشردين والعاطلين والمسحوقين، وهي تعدهم بفرص العمل وتخفيض الضرائب وبناء المدارس والمستشفيات والعلاج المجاني وزيادة الرواتب وبناء الوحدات السكنية وتحسين الاقتصاد وبالحريات العامة وتعزيز الركائز الديمقراطية والاهتمام بذوي الدخل المحدود واليتامى والارامل وذوي الاحتياجات الخاصة ومحاربة الفساد والفاسدين وتقليص الفجوات المعيشية بين الطبقات والحفاظ على المال العام ومحاربة الروتين واحترام حقوق الانسان، واخيرا التوزيع العادل للثروات، حتى ان الناخبين، لاسيما البسطاء والسذج منهم يغمضون اعينهم وهم يحلمون بان بلادهم ستصبح اشبه بفردوس ارضي على ايدي فرسان الوعود والخطابات والعهود والكلمات، مادام هؤلاء المرشحون (الافــــذاذ) سوف يتولون تحقيق كل هذه الطموحات، وما دامت برامجهم (الثوريــــة) تتكفل بحل كل المشكلات والتحديات الوطنية.
واذ تنتهي الدورة الانتخابية بوعودها الثورية، وترحل حاملة معها كل وعود وعهود وخطابات وبيانات (فرســانها) الرومانسية، يقف الفقراء والمشردون والمسحوقون في معظم الدول البائسة واليائسة لتعداد واحصاء (نســـبة الانجـــازات والمكاســـب والانتصـــارات والنجاحـــات) المتحققة، ليفاجأوا بان في مقدمة تلك النجاحات الملحمية التاريخية المتفردة التي تحققت فعلا : 
اولا ـــ نجاح المسؤولون المعنيون باقتدار ثوري في اضافة ملايين جديدة من المعدمين والمسحوقين الى الملايين  الذين يعيشون (فـــي مملكــــة رفاهيــــة) تحت خط الفقر. 
ثانيا ـــ نجاح المعنيون وبجهود استثنائية في رفع معدلات البطالة من خلال استقطاب مئات الآلاف الى مسيرة الضياع اليومي للعاطلين.
ثالثا ـــ نجاح المسؤولون المعنيون بمضاعفة اعداد النازحين من خلال اضافة ملايين جديدة الى النازحين والمهجرين ومضاعفة خيام وكرفانات (مملكــــة نزوحــــهم).
رابعا ـــ نجاح المعنيون باقتدار ملحمي بزيادة اعداد المدن الساقطة بايدي الارهابيين القتلة باضافة مدن ساقطة اخرى الى هذا الانجاز (التأريخـــي). خامسا ـــ النجاح منقطع النظير للمسؤولين في الدول الساخنة خصوصا  برفع اعداد اليتامى والارامل في بلدانهم الى مستويات مذهلة باضافة آلاف جديدة الى المستويات القديمة بفضل تناسل المفخخات واعمال العنف.
سادسا ـــ نجاح الجهود المضنية من قبل المسؤولين المعنيين  باحداث نقلة نوعية وزيادة خرافية باعداد المشردين والمتسولين واطفال االشوارع باضافة مئات الالاف منهم الى  (الرفاهيـــــة) الاجتماعية والاقتصادية الخيالية التي يعيش في كنفها المشردون.
اما بعض المسؤولين (الأبــــــاة) ، ونظرا لانشغالاتهم اليومية في خدمة بلدانهم وشعوبهم  وتحقيق الرفاهية لهم ، فلم يحققوا لانفسهم ولعوائلهم الا نجاحات متواضعة لا تكاد تذكر ن ومنها على سبيل المثال :
اولا ـــ  نجاح اعداد كبيرة من الوزراء والمسؤولين الفاسدين والمختلسين في مضاعفة (مكاســـبهم) من جهة وتمكنهم في الهرب من جهة اخرى مع الملايين وربما المليارات (مـــن المــــال الحــــلال ومــــن عـــــرق جباههــــم الشــــريفة) الى الخارج.
ثانيا ـــ نجاح البرلمانيين من ذوي الشهادات المزورة في الاحتفاظ بكل الرواتب والامتيازات والمخصصات التي حصلوا عليها بالغش والخداع والتهرب من اعادتها.
ثالثا ـــ نجاح المسؤولين ورؤساء الحكومات المعنيين في بعض الدول باخفاء معالم ضياع الميزانيات السنوية دون سؤال او جواب.
وحيث ينشغل بعض هؤلاء المسؤولين (النزهــــاء) الوطنيين في هذه الدولة او تلك في مراجعة نجاحاتهم (الوطنيـــــة) من حيث حجم الرواتب والامتيازات والمخصصات والتسهيلات والنسب والحصص والسيارات وقطع الاراضي التي حصلوا عليها، بينما ينشغل الفريق الادائي لكل منهم في الاعداد لجولة جديدة من الانتخابات، تبرز المفارقة التي تشكل خلاصة الدورة الانتخابية تلك المتوجة بالانجازات الثورية وبالمكاسب والانتصارات والنجاحات الملحمية تلخصها جملة واحدة (مســـؤولون يحصـــون ملياراتهــــم الجديــــدة الكبيـــرة .. وشـــعوب تحصــي خيباتهـــا المريـــره)، وبذلك يزداد بعض المسؤولين غنى، ويزداد الفقراء فقرا ولوعة وحرمانا .
بيد ان العجيب والغريب في ذلك كله ان بعض البسطاء والسذج يعمدون ثانية وثالثة لانتخاب نفس فرسان الفشل والفساد والاحباطات المريرة، الذين ملت شعوبهم تكــــرار وجوه بعضهم الكالحة ، متقبلين على انفسهم وبجدارة ، العار الذي يجسده المثل القائل (ان خدعتنـــي مـــرة، فـــذلك عـــار عليــــك، امـــا ان خدعتنـــي مرتيـــن فالعـــار علـــي).