قراءة .. في عقيدة صلب المسيح بين المسيحية و الأسلام / الجزء الثاني

بدء بواسطة يوسف تيلجي, مارس 25, 2016, 02:11:41 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

يوسف تيلجي

( ج ) القراءة الحداثوية للصلب :                                                                                               سأسرد قراءتي الخاصة لما ورد من تفاسير حول عملية الصلب ، مضيفا أليها ما أرتايت انه يخالف ما ذهب اليه النص القراني فيما يخص عملية الصلب .                                                                                                     1.  تاريخ كتابة الأناجيل و القرأن  :                                                                                                   أن الأناجيل التي تعترف بها الكنيسة هي أربعة ، وهي حسب القدم ( متى ، مرقس ، لوقا ويوحنا ) وكتبت بتواريخ مختلفة و كما يلي :                                                                                                      أنجيل متى / كتبه أحد تلامذة المسيح ،  وهو أقدمها ، ولا بد أن هذا الإنجيل قد كتب قبل خراب أورشليم وينبىء ص 24 بوقوع ذلك . وذهب بعض القدماء إلى أنه كتب في السنة الثامنة بعد الصعود وآخرون إلى أن إنجيلنا الحالي كتب بين سنة 60 وسنة 65 م . ( المصدر منتديات الكنيسة ) .                                                                                                                      أنجيل مرقس ، وقد ذكر ايرينيوس أحد آباء الكنيسة الأولين ، أن البشير مرقس / وهو أحد تلامذة بطرس أهم تلميذ من الحواريين ، كتب البشارة التي تحمل اسمه قائلًا : " بعد أن نادى بطرس وبولس بالإنجيل في روما وبعد انتقالهما ( أو خروجهما ) سلم لنا مرقس كتابة مضمون ما نادى به بطرس" . وإذا كان الأمر كذلك فربما كتب هذا الإنجيل بين عام 65 وعام 68 م . بعض المصادر تقول 40.- 45 م ( حسب دراسة الكاتب عزيز سوريال ) ، وأخرى تقول 61- 63 ( مصادر الكنيسة الارذوكسية ) .                                                                   أنجيل لوقا / البشير لوقا رافق بطرس – أهم تلاميذ المسيح ، وأيضا برنابا ومرقس ، ولمعرفة الكثير عن لوقا البشير علينا أن نرجع إلى البشارة نفسها وإلى سفر الأعمال.  فإن تاريخ كتابة بشارة لوقا يتوقف إلى حد كبير على تعيين تاريخ كتابة سفر الأعمال ، وبما أنه مرجح أن سفر الأعمال قد كتب حوالي سنة 62 أو 63 ميلادية لذا فكل الدلائل التي لدينا تشير إلى أن هذه البشارة كتبت حوالي عام 60 ميلادي. / نقل بتصرف من موقع منتديات الكنيسة .                                                                                                                        أنجيل يوحنا / وهو التلميذ المقرب للمسيح  ، والذي رعى أمه العذراء مريم بعد عملية الصلب ، حيث قال المسيح ليوحنا " .. فلما راى يسوع امه و التلميذ الذي كان يحبه واقفا قال لأمه : يا أمراة هوذا ابنك ، ثم قال للتلميذ هوذا أمك و من تلك الساعة اخذها التلميذ الى خاصته .. / حسب أنجيل يوحنا " ، أما زمن كتابته : للأنجيل  فهو ما بين سنة 85- 100 ميلادية. / نقل بتصرف من موقع القديس تكلا .
أما القرأن فأسلاميا ، فقد تكفل الله تعالى بحفظه بنفسه حسب قوله تعالى : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) الحجر/ 9  ، قال ابن جرير الطبري في تفسيره (14/8 ) يقول تعالى " إنا نحن نزلنا الذكر " وهو القرآن وإنا له لحافظون . قال وإنا للقرآن لحافظون من أن يزاد فيه باطل ما ليس منه أو ينقص منه ما هو منه من أحكامه وحدوده وفرائضه .                                                                                                                 وقال السعدي في تفسيره (ص : 696 )  : إنا نحن نزلنا الذكر أي : القرآن الذي فيه ذكرى لكل شيء من المسائل والدلائل الواضحة ، وفيه يتذكر من أراد التذكر . / نقل بتصرف من موقع الأسلام سؤال و جواب .           بويع عثمان بن عثمان بالخلافة بعد الشورى التي تمت بعد وفاة  عمر بن الخطاب سنة ( 23 هـ ) الموافق   (644  م ) ، وقد استمرت خلافته نحو اثني عشر عاماً  ، أي بين 23- 35  هـ/  ( 643-  655  ) م  .
تم في عهده جمع القرآن / وهو ما نحن بصدده ، وعمل توسعة للمسجد الحرام وكذلك المسجد النبوي ، وفتحت في عهده عدد من البلدان وتوسعت الدولة الإسلامية . / نقل بتصرف من موقع الويكيبيديا . و موقع موسوعة الأسرة المسلمة ...                                                                                                        وهنا نحن أمام معلومة ، بل حقيقة أسلامية عامة ، وهي أن الله يحفظ القران ، وحسب الأية السابقة ، ليس هناك من بيان لطريقة حفظ الله تعالى للقرأن ، والنص القراني جاء مطلقا عاما غير محدد !!                                                                                                                          وحيث أن القرأن في أول الأمر كان في الصدور ، أي محفوظ من قبل الحافظين وهي عملية جدا معقدة ، خاصة في عملية أفراغ النصوص على الصحف ، مهما كان نوع هذه الصحف .. ولأختلاف القراءات أحس الخليفة عثمان بن عفان بأهمية التدوين ،  روى البخاري عن أنس : " أنّ حذيفة بن اليمان قدم على عثمان ، وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق ،  فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة ، فقال لعثمان : أدرك الأمة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى . فأرسل إلى حفصة : أن أرسلي إلينا الصحف ننسخها في المصاحف ، ثمّ نردّها إليك ؛ فأرسلت بها حفصة إلى عثمان ، فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف . وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة : إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيءٍ من القرآن ، فأكتبوه بلسان قريش ، فإنّه إنما نزل بلسانهم ، ففعلوا ، حتّى إذا نسخوا الصحف في المصاحف ، ردّ عثمان الصحف إلى حفصة ، وأرسل إلى كلّ أُفقٍ بمصحف ممّا نسخوا ، وأمر بما سواه من القرآن في كلِّ صحيفةٍ ومصحفٍ أن يحرق . قال زيد : فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف ، قد كنتُ أسمع رسول الله(( صلى الله عليه وآله وسلم  يقرأ بها ، فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الاَنصاري  : ((( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ) ( الأحزاب 33: 23) فألحقناها في سورتها في المصحف.. / نقل بتصرف من الموقع التالي : www.holyquran.net/books/tahreef/12-4.html .                                                         
أضاءة  : مما تقدم يتضح أن تدوين القرأن حصل في خلافة عثمان بن عفان ، " الذي أستمرت 12 سنة " ، أي خلال الفترة ( 643 – 655 م  ) ، ولعدم وجود تأريخ محدد لعملية بدأ ونهاية التدوين ، فلنفرض جدلا أن التدوين تم في نهاية خلافة عثمان أي عام 655 م ، ومن تواريخ كتابة الأناجيل / التي أجمعت كلها على عملية الصلب ، نرى أنها كتبت في القرن الأول الميلادي ، ولو أخذنا المعدل / المتوسط ، الحسابي لكتابة الأناجيل  ،  التي كانت مابين 40 م الى 100 م ، لكان المتوسط الحسابي هو 70 م ، مما سبق نصل الى حقيقة مفادها أنه هناك فارقا زمنيا كبيرا ، وهو ما يقارب 585 سنة بين كتابة الأناجيل وتدوين القرأن ، خلال هذه الهوة الزمنية الهائلة ، لم يردنا مثلا سردا أو حديثا أو أخبارا منقولة أو رواية عن المسيح أو الحواريين ، أو تلامذة الحوارين ومرافقيهم .. أو من عاصروهم ، تواردت الى عصر الرسالة المحمدية ينقل بها الراوي أو المحدث ، أو يفيد بأن الذي حصل قبل حوالي ستة قرون يتفق مع النص القرأني ، وبأن المسيح لم يصلب ولكن شبه له ، وارى أن هذه الفاصل الزمني كان سببا رئيسيا لعدم تواصل الأخبار ... وكل ما ورد من أخبار وتفاسير وروايات كان يتماشى بما يتفق مع النص القرأني حسرا ، وهي أن الذي صلب هو الشبيه وليس المسيح ، وذلك لعدم أستطاعة أي أحد من مخالفة ما أجمع عليه أهل الدين و الفقه و التشريع ..، وهو أن " المصلوب هو ليس المسيح بل هو شبيهه بغض النظر من يكون هذا الشبيه "!  .
2. الرفع المعنوي للمسيح :                                                                                           تفسير " الدكتور نبيل أكبر " ، الذي أتفق / أسلاميا ، في تفسيرعملية الصلب ، ولكنه نهج نهجا أخرا في عملية الرفع ، حيث أنه أكد { بَل رَّفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ ... } و { يَاعِيسَى إنِّى مُتَوَفِّيكَ  وَرَافِعُكَ إلَىّ } وبين أن لا ْ نُفْهَمَ حرفياً إذ لا يمكن أن يكونَ الله سبحانه مَحدُوداً مُجسداً في مكانٍ كي يُعتقدَ بأنَّه رَفَعَ عيسى إلى ذلك المكان المُحدد !  ولمن يعتقد بأنَّ عيسى في السماء الآن فإنَّه ليس من ذِكر للسماء في آيات سورة النساء إطلاقاً  ( وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً ) (النساء : 157 ) ! ... فالرفعُ كان لله تعالى ولم يذكر السماء ، وبين أن الله جلّ جلاله منزهٌ عن المكان ، ولكل هذا ، فالرفع المقصود ليس مكانياً أو جغرافيا .   
أضاءة :  وهنا يضع الدكتور نبيل أكبر نفسه في موضعا حرجا ، حيث طرق نهجا حول المكان الذي يوجد به الله ، فالله غير محدد المكان ، أذن هو ليس  في السماء ، فأين يوجد الله أذن !، فلم يحدد  الدكتو نبيل هذا المكان ، ولم يأتي باية أدلة على ما يقول  ، ولا يستطيع كائن من يكون أن يقول  أين يوجد الله ، لأنها قضية أيمانية ، فالكل يعتقد أن الله في السماء ، فلم نهج هذا النهج ! هذا من جهة .                             
ومن جهة أخرى ، يبين أن الرفع هو رفعا ليس جسديا بل رفعا معنويا ينصب عل قيمة و مكانة و علو أسم المسيح . وبهذا يبتعد الدكتور نبيل عن مفهوم الرفع الجسدي للمسيح بشكل تام ، ويركز على عدم قدرة اليهود من النيل من المسيح بالصلب  بمعنى أنهم يقولون له سنهينك ونلعنك ، ثم يبين ، فقال تعالى لهم / لليهود ، بل لن تقتلوه ولن تصلبوه وسيموت حتف أنفه كغيره من الناس ، من كل ما سبق يتضح أن المسيح ليس على يمين أو يسار الله تعالى في السماء .. ولكن الله رفع من مكانته ، وهو مات كغيره ( رغم حتف أنفه .. ) ، والوصف الاخير أراه لا يليق بالانبياء و الرسل ! .. وبشكل عام أن تفسير الدكتور نبيل خالف أغلب ما قاله المفسرون .

3. تفسير الأمام الباقر :                                                                                                  فالأمام الباقر (ع) الذي يقول : ( اجتمع اثنا عشر ) ، بينما الذين جاؤوا من الحواريين هم ( أحد عشر ) ، فيهوذا لم يأتِ ، بل ذهب إلى علماء اليهود ليُسلِّم عيسى (ع) ، وهذا من المتواترات التي لا تنكر ، فالثاني عشر الذي جاء أو قل الذي نزل من السماء ، هو الوصي من آل محمد (ع) ، الذي صُلِبَ وقُتِلَ ، بعد أن شُبِهَ بصورة عيسى  ..
أضاءة : أرى في هذا التفسير ، سبقا غير منطقيا ، فكيف يصلب عوض المسيح أحد أوصياء آل محمد ، وهناك حوالي ستة قرون بين الصلب و البعثة المحمدية ، وهل كان في عام 33 م ، حقبة صلب المسيح ، أحدا من أتباع  آل محمد ، هذا أولا ، أما ثانيا أن هذا الوصي كان عند الله تعالى ، فمتى صعد عند الباري لكي ينزل فاديا للمسيح في صلبه ، ومن هذا الشبيه وما هو أسمه ، وما هي منزلة هذا الوصي الذي كان من آل محمد كي يكون عند الله في عليين هذا ثالثا .. أما ما نادى به المسيح / أحد أتباع آل محمد : ( يا علي يا علي لماذا أنزلتني ) ، والنصارى يترجمونها  هكذا  (  إلهي ، إلهي لماذا تركتني ) ، قبل الموت / قبل تسليم الروح ، فهي لوحدها قضية غريبة ومثيرة للجدل !! ، وأيضا يبتعد هذا التفسير عن السياق العام لباقي التفاسير ، في أكثر من قضية وموضوع  !

4. تفسير القاديانية للصلب :
هذه الملة لها أعتقادها المثير للجدل أيضا لعملية الصلب ، الذي كان يحاضر به " أحمد ديدات " ، يقولون .. مات عيسى ابن مريم ميتة عادية ، فلم يُقتل ولم يُصلب ، لكنه هو الذي عُلِّق على الصليب وأنجاه الله من الموت عليه ، فأُنْـزِل وهو حيٌّ مغشي عليه ، ثم يُدفن ، ثم يهرب من القبر ويذهب إلى الهند ، وهناك في كشمير يموت موتاً طبيعياً . وقبره في سرنجار / في الهند .
أضاءة :  حكاية هلامية غير متماسكة ، أسطورية ، روج لها " أحمد ديدات  1 يوليو 1918 – 8 أغسطس 2005 "  أعلاميا من خلال ندواته ومحاضراته التمثيلية ، فكيف أن رجلا / المسيح ، يبقى حيا لثلاث أيام عدا الفترات الزمنية للمحاكمة ، وبعد الكم الهائل و المبرح من العذاب الذي تعرض له من جراء ..( عدم الأكل من زمن ألقاء القبض عليه في بستان الجلجثة لحين الصلب ، المحاكمات التي أجريت له ، الضرب و اللطم الذي ناله ، الجلد بأسواط رهيبة ، حمله للصليب والسير به لمسافة طويلة ، دق المسامير في يديه ورجليه ، رفعه على الصليب واخيرا طعنه .. ) ، بعد كل هذا العذاب ، يغمى عليه ويظنوه ميتا ، ينزلوه ، و مجيء شخص شبيه به من الأمة الإسلامية ، يدفن ثم يهرب من القبر ويذهب إلى الهند ، وهناك في كشمير يموت ميتة طبيعيةً .. وأيضا تبين القاديانية ، أن المشبه به هو من الأمة المحمدية ، كرواية الأمام الباقر !                                                                                                                  القاديانية تروج لحكاية من وحي الأفق الهندي الغارق بالخيال الأسطوري ، من أدعاء " الغلام أحمد " أنه المسيح الموعود  و المهدي المنتظر ، وبهذا تحقق القاديانية شطحا عقائديا لا سابقة له بجمعها بين المسيح و المهدي المنتظر .                                                                                                                 التفسير بأجماله  ضعيف لا سند له وبعيد عن المنطق وهو أقرب ما يكون من الأساطير الهندية ، ولكن الترويج لهذا التفسير من قبل الداعية أحمد ديدات  كان كبيرا جدا ، خاصة وأنه  كان محتضنا من قبل المملكة العربية السعودية " والتي منحته جائزة  الملك فيصل  لجهوده عام  1986م " / نقل من أرشيف الفائزين بجائزة الملك فيصل ... " وللعلم عقائديا لا يعتبر حتى أحمد ديدات من أهل الجماعة و السنة " .

5. قتل الانبياء :                                                                                                              أذا كان القرأن يؤكد أن المسيح لم يصلب ولكن  شبه له  ، على أساس أن الأنبياء و الرسل بعيدين أو محصنين أو معصومين من القتل ، الصلب ، الغدر ، الاغتيال  أو غير ذلك ، فهذا غير صحيح ، لأنه يتنافى مع النص القرأني الذي يبين ورود  و أمكانية حصول أيا من هذه الأمور للأنبياء و الرسل ، وذلك بصريح النصوص الاتية :     'وَقَتْلَهُمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ' (سورة آل عمران 3: 181) .
'فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ' (سورة النساء 4: 155) .
'أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ' (سورة البقرة 2: 87) .              قطع رأس النبي يوحنا المعمدان / حسب الأنجيل ، والذي يدعى يحي بن زكريا / حسب رواية القرأن ، فالله هنا لم يأمر ملائكته بمنع هذه الميتة الشنيعة عن يوحنا والذي قال عنه القران في سورة أل عمران 19 : ( فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ) .. ورواية قطع رأس يوحنا .. " تزوج الملك هيرودس من هيروديا زوجة أخيه . وكان هيرودس يخاف يوحنا إذ قال له بأنه لا يجوز زواجه بزوجة أخيه فهذا لا يحل له . لذلك ، سجن هيرودس يوحنا وكانت هيروديا حاقدة على يوحنا من ذلك وفي عيد ميلاد الملك هيرودس دعا العظماء والقواد لعشاء فاخر ودخلت ابنة هيروديا ( سالومي ) لترقص فسرّ هيرودس الملك والمتكئين معه وقال الملك لها أطلبي ما تشائين وسوف يتحقق حتى ولو نصف مملكتي وأقسم على هذا أمام الجمع فخرجت الصبية لعند أمها وتشاورت معها وطلبت رأس يوحنا المعمدان على طبق فحزن الملك جداً لأجل القسم . وأرسل الملك سيافاً وأمره أن يأتي برأس يوحنا. وأتي برأسه للصبية ، والصبية بدورها أعطته لأمها.. " / نقلت بتصرف من موقع الويكيبيديا .

6. حقيقة موت المسيح قرأنيا :
تدل بعض الأيات القرانية ، بصورة  قاطعة وتامة وبشكل لا يقبل الشك ، بأن المسيح قد مات على الأرض ، وفي هذا أتفاق مسيحي أسلامي أي تطابق أنجيلي قرأني ، فليس من داع أن نذكر ما يؤيد ذلك حسب قراءة الانجيل لأن صلب المسيح هي محور عقيدة المسيحية ، ولكن سنذكر بعض الأيات القرأنية التي تؤيد ذلك :
'إِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ' (سورة آل عمران 3: 55).                                             'وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ' (سورة المائدة 5: 117).               'وَالسَّلاَمُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ ويَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً' (سورة مريم 19: 33).                                                           ولكن تبقى فارقة واحدة ، وهي طريقة الموت ، فمسيحيا " المسيح صلب " أما أسلاميا " المسيح توفى " وأرى أن النتيجة العملية واحدة ، وهي أنه مات  ، أما بعد حادثة الوفاة / أن كانت صلبا أو بأي مسبب اخر ، فان المسيح رفع الى السماء ، وقضية الرفع بعد الموت وحسب الأيات المستشهد بها أنفا أيضا متفق عليها مسيحيا و أسلاميا.
7. تنقيط القرأن :                                                                                                                          ( وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً ) ( النساء : 157 ) .                                        " اما تنقيط الحروف ، فهو ما يدل على ذات الحرف ، ويميز المتشابه منه ؛ لمنع العجمة ، أواللبس . كحروف الباء والتاء الثاء / والجيم والحاء والخاء / ، والراء والزاي/  والسين والشين / والعين والغين / والفاء والقاف / ونحوها مما يتفق في الرسم ويختلف في النطق ، فقد دعت الحاجة إليه عندما كثر الداخلون في الإسلام من الأعاجم ، وكثرالتصحيف في لغة العرب ، وخيف على القرآن أن تمتد له يد العبث .
ففي العهد الاموي ، أمر الحجاج بن يوسف ( 660- 714 ) م  ، بتنقيط القرأن الكريم وكلف لهذا كلاً من :                   نصر بن عاصم ، ويحيى بن يَعْمَر لهذه المهمة ؛ لأنهما أعرف أهل عصرهما بعلوم العربية وأسرارها ، وفنون القراءات وتوجيهها ، وقرروا إحياء نقط الإعجام ، وقررا الأخذ بالإهمال والإعجام .. وكتب هذا النوع من النقط بلون مداد المصحف ؛ حتى لا يشتبه بنقط الإعراب ، واستمر الوضع على ذلك حتى نهاية الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية سنة 132هـ " . / نقل بتصرف من موقع البوابة الرقمية .
أضاءة:  ان الرسول محمد ( 571- 632 ) م ، توفى عام 632 م ، وقد تم جمع القرأن في زمن الخليفة الراشد عثمان بن عفان ( 643 – 655 ) م ، وقد تم تنقيط الحروف في حقبة الدولة الأموية ، في عهد الحجاج بن يوسف الثقفي ( 660 – 714 ) م .. وفي عام 632 م / موت الرسول ، أنقطع الوحي وتم الأنتهاء من القرأن  ، وبعدها ب 23 سنة تم جمع القران / نهاية عهد الخليف عثمان ، وبعد ذلك ب 59 سنة ( من مقتل عثمان 655 م الى موت الحجاج 714 م ) تم تنقيط القرأن .. من هذا نرى أن طيلة هذه الفترة  البالغة 59 سنة  ، كان القرأن غير منقطا / هذا في حالة انه تم الأنتهاء من التنقيط في عام 714 م ، وأن كل أياته  كانت تحتمل اللبس في النطق و اللفظ ! ومن المؤكد أن الأية المشار أليها في أعلاه / من المحتمل ، قد مسها هذا الأمر ، حالها حال باقي أيات القرأن .
8. تعدد قراءات القرأن :                                                                                                                ( وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً ) (النساء : 157 ) . "                                     " تعدد القراءات القرآنية أمر واقع أجمعت عليه الأمة سلفاً وخلفًا ، وليس ثمة دليل لمن ينكر ذلك أو يستنكره ؛ وإذ كان هذا واقعاً لا يمكن نكرانه أو تجاهله فإن السؤال الوارد هنا : ما السبب الذي أوجب أن يختلف القراء في قراءة القرآن على قراءات عدة ومتعددة ، وصل المتواتر منها إلى أكثر من سبع قراءات.  ومن المفيد والمهم هنا التذكير بداية ، أن الاختلاف في القراءات القرآنية إنما كان فيما يحتمله خط المصحف ورسمه ، سواء أكان الاختلاف في اللفظ دون المعنى ، أم كان الاختلاف في اللفظ والمعنى ، وعلى هذا ينبغي أن يُحمل الاختلاف في القراءات القرآنية ليس إلاَّ. : إن الصحابة رضي الله عنهم كان قد تعارف بينهم منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم ترك الإنكار على من خالفت قراءته قراءة الآخر ، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أقرهم على ذلك ، ولو كان في الأمر شيء لبيَّن لهم ذلك ، أَمَا وإنه لم يفعل فقد دلَّ ذلك على أن الاختلاف في القراءة أمر جائز ومشروع ، وله ما يسوغه.  وقد صح في الحديث عنه صلى الله عل وسلم أنه قال :  إن القرآن نزل على سبعة أحرف كلها شافٍ  كافٍ رواه النسائي ، وفي " الصحيحين " عنه صلى الله عليه وسلم أيضًا ، قوله : أُنزل القرآن على سبعة أحرف ، فاقرؤوا ما تيسر  رواه البخاري ومسلم . / نقل بتصرف من موقع - أسلام ويب ، موضوع تعدد القراءات .                                                                                                أضاءة : أن تعدد القراءات  القرأنية حقيقة تأريخية أسلامية  ، يقر بها أهل العلم من المسلمين قاطبة ، حتى أن         " الصحابة رضي الله عنهم كان قد تعارف بينهم منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم ترك الإنكار على من خالفت قراءته قراءة الآخر ، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أقرهم على ذلك .. " ، وسائل يسأل ، لو أخذنا بنظر الاعتبار النقطة السابقة ( 7. تنقيط القرأن ) و أضفنا أليها النقطة الحالية ( 8. تعدد قراءات القرأن ) ، وطبقنا ذلك على سورة النساء 157 ( وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ .. ) لرأينا الشبهات و اللبس و الشك الذي نحن به لفظا و نطقا ومعنى ، وكذلك فيما يخص تعدد قراءات هذه الأية ، ومن ثم قراءتها قبل التنقيط وبعده من جهة ، وتوصيل معلومة الصلب من جهة ثانية ، وذلك لعدم وجود أي مصادر تبين كيف كانت تقرأ هذه الأية بالتحديد ، وذلك لأعتبار أن هذه الأية أية تتعلق بالعقيدة المسيحية وهي صلب المسيح .
الخاتمة :                                                                                                                             أضافة لكل ما ورد من دلائل وحقائق وقرائن حول عملية الصلب ، أورد الأتي لكي أختم الموضوع :                           أ -  في النص القرأني  قال تعالى  " : نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام "   سورة أل عمران .  الأية تؤكد وبشكل تام بأن الرسول محمد نزل عليه الكتاب مصدقا لما بين يديه من التوراة و الأنجيل ، أي كل ما ورد في الأنجيل حقيقة وأخباره صادقة ، وهذا ما تؤكده الأية بشكل تام ، لم يقل  " ما عدا واقعة صلب المسيح ، لأنه شبه له ولم يصلب "  ،  أو لم يقل "  من الأية كذا الى الأية كذا وهذا لا يشمل كذا وكذا " ، ولم يقل " بوجود أنجيل حقيقي و أخر محرف /  كما يدعي البعض " ،  قال الأنجيل بالمطلق ، أذن عملية الصلب حقيقة مصادقا عليها أسلاميا ، حسب النص القرأني .                                                                                                                                               وحسب تفسير القرطبي للأية الواردة في أعلاه ، يؤكد على التصديق للتوراة و الأنجيل :
(( قوله تعالى : نزل عليك الكتاب يعني القرآن بالحق أي بالصدق ، وقيل : بالحجة البالغة . والقرآن نزل نجوما : شيئا بعد شيء ، فلذلك قال ( نزل ) والتنزيل مرة بعد ( ص  7 ) . والتوراة والإنجيل نزلا دفعة واحدة فلذلك قال أنزل ، والباء في قوله ( بالحق ) في موضع الحال من الكتاب ، والباء متعلقة بمحذوف ، التقدير : آتيا بالحق ولا تتعلق ب نزل لأنه قد تعدى إلى مفعولين أحدهما بحرف جر ، ولا يتعدى إلى ثالث . ومصدقا حال مؤكدة غير منتقلة ; لأنه لا يمكن أن يكون غير مصدق ، أي غير موافق ; هذا قول الجمهور . وقدر فيه بعضهم الانتقال على معنى أنه مصدق لنفسه ومصدق لغيره )) / تفسير القرطبي للقرأن – موقع أسلام ويب .                                    ب -  أرى أن عملية الصلب ، وقعت لا محالة ، وشهد عليها  شهود عيان ، أبتداءا من عملية القبض على المسيح ، محاكمته ، جلده ، تعذيبه ، حمله للصليب ، دق المسامير برجليه ومعصميه ، تثبيت الرقعة على الصلب التي كتب عليها " هذا ملك هو اليهود " ، تسميره على الصليب ، دفنه ، قيامته ، ظهوره للتلاميذ ، ثم  موقف توما الرسول من المسيح " .. الذي اشتهر  بموقفه من قيامة الرب من بين الأموات . فلما أظهر الرب يسوع ذاته مساء أحد القيامة لم يكن توما معهم ، ولما أخبره بقية التلاميذ بهذا الظهور قال لهم : أن لم أبصر في يديه أثر المسامير واضع يدي في جنبه لا أؤمن . وفي الأحد التالي أظهر الرب ذاته إلى تلاميذه في العلية ومعهم توما وعاتبه الرب عتابًا لطيفًا ، وألزمه أن يضع إصبعه في أثر المسامير ويضع يده في جنبه فذاب توما خجلًا ، ومن فرط اليقين صرخ " ربي والهي "  فقال له يسوع " لأنك رأيتني يا  توما آمنت . طوبي للذين امنوا ولم يروا "    ( أنجيل يوحنا  20 : 26-29 ) .. أذن عملية الصلب  وقعت وحدثت فعلا  بشهادة / على أقل تقدير ، كل من : تلميذي المسيح / من ضمن الحواريين الاثنى عشر وهما كاتبا الأنجيل متى ويوحنا ، أضافة الى الأنجيلي مرقس  " الذي كان مرافقا للتلميذ بطرس - أهم تلاميذ المسيح " و الأنجيلي لوقا  " الذي رافق بطرس وبرنابا " ، مع جمع من النساء منهم مريم العذراء أمه ، مريم المجلية ، مريم أم يعقوب ويوسي أم أبني زبدي .. كل هؤلاء وغيرهم من التلاميذ و الأتباع شهدوا الصلب شهادة عيان وليس نقلا عن أحد ، والذي لم يحضر أبلغه معلمه أو زميله أو مريده أو تابعه ، فالأنجيل  ليس رواية كتبت نقلا عن طرف ثان أو ثالث .. ولكنه خبرا يقينا كتبوه الذين شهدوا ورأوا وحضروا وتابعوا " عملية الصلب " على جبل الجلجثة .                                                                                                                                            يجب علينا  /  كدارسين ، كتاب  ،  مهتمين و باحثين .. ، أن نبعد الأدلجة عن النص الديني ، وذلك من أجل أن نقرأ النص بأستقلالية فكرية و بمنظور حداثوي بعيدا عن القراءة الدينية الماضوية ، مستبعدين عاطفة الأنتماء الديني / العقائدي ،  عن أسلوب ونهج البحث ، وذلك حتى نقرأ النص بشكل حيادي كي نصل الى حقيقة النص الذي نحن بصدده .. ويجب أن نقبل الحقائق مهما كانت نتيجة البحث من تأثير أو أنعكاس ،  أيجابيا كان أو سلبيا على المعتقد أو على الشريعة ، خلاف ذلك سنكون متقوقعين على المفهوم الجامد القديم للنص  ، وبهذا نكون لا نزال " ننظر " لأي حدث أو واقعة أو أي خطب .. تحقق / تحققت ، قبل اكثر 14 قرنا ، بفكر وعقلية ومنظور البداوة السابق التي كان يعيشها العرب في صدر الرسالة المحمدية ... و " عملية الصلب  " هو الموضوع  الأهم الذي يستحق ، أن ننظر أليه بعقلية علمية مستقلة وبمنطق القرن الواحد والعشرين ، وأن كل قراءة يجب أن تكون بعقلية متفتحة حتى نحصل على نتائج متفقة مع التطور الذي نعيشه ،  وأن " كل جهد أو أي دراسة  أو بحث  أو أي تمحيص أو أي محاولة  أو تدقيق أو أعادة تقييم .. "  أو أي " قراءة  " حداثوية  لأي موضوع  ، هي خطوة على طريق الثورة الدينية  للمفهوم القديم للنص القرأني .