إلى متى يبقى الفقراء الأكثر بؤسا و غبنا في وطني؟

بدء بواسطة حكمت عبوش, يونيو 02, 2011, 04:44:28 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

حكمت عبوش

إلى متى يبقى الفقراء الأكثر بؤسا و غبنا في وطني؟

                                                     حكمت عبوش

يبلغ الذين يعيشون دون مستوى الفقر في العراق 23% من سكانه أي 7-8 مليون مواطن وهذا ما تقوله الجهات الرسمية وهذه واحدة من قصص معاناتهم .
جاءني صديقي قبل أيام قلائل ليقول بألم : لقد راجعنا مكتب البطاقة الذكية في القضاء الذي نستلم منه رواتبنا للرعاية الاجتماعية .ونحن منذ ستة أشهر لم نستلم فلسا واحدا وفي عامي 2009 و2010  آكلو علينا رواتب عدة شهور – فأجابني الموظف: لا يحق استلام رواتب الرعاية إلا لمن بلغ عمره ( 65 ) عاما فما فوق والأرامل والمطلقات . وأنا عمري  (56 ) عاما فلا يحق لي الاستلام فكيف إذن؟
وعندما راجعنا مجلس ناحية برطلة نفى عضو المجلس المسؤول عن الرعاية الاجتماعية وجود مثل هذا التحديد ولكن عندما راجع صديقي المكتب ثانية أجيب بنفس الكلام من  الموظف . هنا ساورنا الشك بأن تكون حادثة الفساد و الكامنة في اختلاس 18 مليار دينار في ( مديرية الرعاية الاجتماعية في نينوى ) هي السبب ووجود ( 48 ) ألف معاملة منجزة جاهزة ومصادق عليها ولكن معظمها بأسماء وهمية كما قال ( حميد الزيدي ) المفتش العام في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية إن ( 8 ألاف ) معاملة فقط تستحق رواتب الرعاية الاجتماعية . وهنا يفرض السؤال نفسه:
أليس هذا الفقير المحتاج الذي سجل ليحصل على راتب الرعاية بأمس الحاجة لهذه الدنانير القليلة ؟
أليس من واجبه وحقه معا تلبية حاجات أهل بيته و أطفاله- ولو بالحد الأدنى – من سكن وغذاء وملابس وكهرباء وماء ونفقات دراسة إلى غيرها من نفقات الحياة في خضم هذا الغلاء المتصاعد دوما والزمن الصعب ؟
أإنصاف أن نترك هذا المحتاج بلا راتب 6 شهور ( والجماعة السراق ) في مديرية الرعاية الاجتماعية في نينوى - وقبلها سرقات كبرى في نفس المديريات و لكن في محافظات أخر- منهمكون في ترتيب نهبهم المخزي والتغطية على تزويرهم للأسماء و الأرقام و القوائم المنافية لأبسط مبادئ الأخلاق والعمل .أيعلم هذا المسؤول أو الموظف السارق إن إضافة هذا المليون أو المليار المسروق إلى ملياراته المكدسة يعني حرمان مئات بل ألاف الأطفال الفقراء من الأقلام والدفاتر والثياب والأحذية للسير إلى مدارسهم في شوارع أحياءهم الفقيرة المليئة بالمياه الآسنة، و هنا من حقنا أن نسأل:أيقبل المسؤول الكبير أن يؤجل استلام راتبه(تأجيلا فقط) لستة أيام و ليس ستة أشهر كما هو حال المشمولين بالرعاية الاجتماعية ثم يفاجأ الفقير أن دنانيره القليلة قد (شفطت) من قبل(الجهاز الإداري الفاسد؟) و نسأل أيضا لماذا راتب الرعاية هو(110 ألاف)دينار فقط و (125الف) لمن له 6 أطفال في بلد بلغت ميزانيته هذا العام كما أعلنت (82)مليار دولار أي ما يقارب (81 ترليون) دينار أليس هذا الراتب في منتهى القلة و البؤس في مجتمعنا الغني بثرواته؟ و نسأل ثالثا أعدل أن يكون راتب النائب أو الوزير أو المستشار أو المسؤول الكبير 30 مليون دينار أو أكثر أو اقل من هذا و المليون الواحد هو ما يقارب 9 أضعاف هذا الراتب الصغير و هذه مضروبة ×30 و أحسب، و لكن قبل أن يجيب أي مسؤول نذكرهم بما قاله الإمام علي عن هذا التباين ( ما اتخم غني إلا و جاع فقير ) وعلينا أن نستدل من هذا الكلام الكبير الواضح معاني العدالة ويكون مرشدنا في سن القوانين و إصدار القرارات الخاصة بالرواتب و التي يجب أن تنصف الفقير الذي ربط فقره بجشع وتخمة الغني بل ولم يأت إلا منه والمقصود هنا ليست تخمة البطن فقط بل الآن تخمة الأرصدة والقصور والزوجات والسيارات والحراس والحاشية وغيرها من متع الدنيا . وهذا ما يراه الجميع بأم أعينهم .
لقد عاش الإمام علي فقيرا زاهدا ورغم انه كان خليفة و أمامه ما لذ وطاب من متع- عاث بها غيره من الخلفاء كما شاءوا و كما تقول كتب التاريخ- إلا انه أبى أن يمد يده إليها و كان يخاطب المتع قائلا:
( غرّي غيري) و استشهد في العراق محافظا على نقائه و سمو ذاته و فكره، و الأقربون أولى بالمعروف و لذلك  فليقتدي به المسؤولون في العراق و ليتعظوا من إدانة التاريخ لخصومه و لا يختلف اثنان- إلا فاقدي البصر و البصيرة- إن احد أسباب سقوط طاغية العراق صدام في 9/ 4/2003 هو إفقاره لأغلب أبناء الشعب العراقي.
إن المطلوب هو إيقاف دفع الفقراء – بإهمالهم و تهميشهم و الاستهانة بهم – إلى حافة الهاوية و لن يكون هذا إلا بالإيقاف الجاد لمسلسل المحاصصة المخاتل الصدئ و ذلك للقضاء على الفساد المالي و الإداري المخجل و البدء ببناء صادق و سريع لدولة المؤسسات الديمقراطية يتم فيها مقاضاة و معاقبة السراق و ناهبي أموال الفقراء و كل الشعب.





نشرت في صحيفة طريق الشعب يوم الثلاثاء 31/5/2011