العراق: بإقالة واستقالة القاضي العگيلي البقاء للأفسد

بدء بواسطة ماهر سعيد متي, مارس 15, 2014, 05:48:15 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

ماهر سعيد متي

العراق: بإقالة واستقالة القاضي العگيلي البقاء للأفسد


قرأتُ مقالات وسمعتُ حوارات للقاضي عبد الرَّحيم العگيلي، رئيس هيئة النَّزاهة (2008- 2011)، قبل كتابة هذه المدونة، ولا أخفي كنتُ ومازلتُ أنظر للرَّجل بإعجاب وأمل بإنقاذ العِراق مما هو فيه. نظرتي للاقتصادي سنان الشَّبيبي، محافظ البنك المركزي، الذي أُقيل وصدرت بحقه مذكرة اعتقال ظالمة، ونظرتي لمعاونه الاقتصادي مظهر محمد صالح، الذي أُعتقل وعند إطلاق سراحه بكفالة دمعت عينه، فلا هو مِن داعمي الإرهاب، ولا مِن الفاسدين، ولا المزورين البائعين ضمائرهم. هكذا أنظر للقاضي العگيلي. ولكلِّ تكنوقراط عراقي نزيه.

أقول: مثلما تأثرتُ بدمعة الاقتصادي مظهر، وبدهشة الاقتصادي سنان، لِما صدر ضدهما مِن فساد قضائي، تأثرت أن يُساق العگيلي إلى التحقيق بتهم كيدية، فكتبَ معاتباً زميلاً له منذ أيام الدِّراسة في المعهد القضائي، ويعرفه حق المعرفة، بعد أن وجده يجمع الحطب لحرقه بتوجيهٍ، وأخيراً كتب العگيلي تحت عنوان: "هذه تُهمي وشكراً لصمتكم"! ووجدتُ نفسي أحد المعنيين بهذه الشَّكوى وهذا الصَّمت أيضاً.

عدد التهم الموجهة إلى القاضي العگيلي ثماني عشرة تهمةً، وهو القاضي غير الخانع فاقترب مِن حيتان الفساد، فإذا خنع القاضي وخان العدل اضطرب الميزان، وميزان العراق اليوم مضطرب لخنوع القضاء المفضوح، منها ما تجمعه مع اللُّصوص، ومنها مع الإرهابيين في قفص واحد، فهذه هي عدالتنا الخانعة سريعة في إعداد ملفات ضده بالرَّشوة والفساد والسرقة، وأخفها استغلال المنصب، بينما المرتشون والفاسدون طُلقاء بل تجدهم في مناصبهم جاثمين:
1-   تسريب إسرار، بنشر أرقام عن أداء هيأة النَّزاهة.
2-   استلام أجهزة تحقيق أمريكية كمعونات.
3-   تزويد السَّفارة الأمريكية بأرقام هيأة النزاهة.
4-   الاحتفاظ بملفات الفساد.
5-   نصب كاميرات في بنايات الشُّهود (سرية خشية عليهم من الاغتيال).
6-   صرف سلف مالية للإيقاع بالمرتشين والفاسدين.
7-   فقدان ملف سجل عام عن فقدان مادة (ماء غريب خاص بالأطفال).
8-   تضليل الرأي العام بإعادة مبالغ مالية.
أُغلقت هذه التُّهم الثمان، لكن أغربها هو تزويد السَّفارة الأمريكية بأرقام هيأة النَّزاهة، وكأن أمريكا لم تؤسس هذه المؤسسة، ولم تؤسس الدَّولة نفسها بعد سقوطها، ولم ترفع هذا وتنزل ذاك!
أما التُّهم التي يُحاكم عليها العگيلي وفق قانون الإرهاب هي:
1-   تنفيذ أوامر القبض لموظفين في مؤسسات الدَّولة.
2-   إيداع الموقوفين داخل بناية الشُّهود.
3-   تعيين أشخاص ونقل آخرين وعددهم اثني عشر شخصاً.
4-   طبع مشروع مكافحة الفساد، والقيمة سبعمئة دولار لا غيرها.
5-   إيفاد عشرة موظفين لتعلم اللغة الإنكليزية.
6-   حفظ الاخبارات، لكذب الخبر وعدم صحته فيُحتفظ به.

أما الأربع تهم المتبقيات فاثنان منها تصريحات لقنوات فضائية، تنبذها رئاسة الوزراء، واثنان حُركت حديثاً ضده، وهو لا يعلم ما هما، فربما (اغتيال وعنف ضد المتظاهرين) 2011 مَن يعلم، فمازالت الواقعة جريمة تبحث عن تلفيق متهم، للخلاص منها!

هذه كلُّ تهم القاضي عبد الرَّحيم العگيلي، ليست بينها شراء أجهزة فاسدة للكشف عن المتفجرات، ولا الفساد الأعظم في صفقة الأسلحة الرُّوسية، ولا بيع عقار بحجم جامعة البكر، ولا فساد وزارة التجارة، وليس للقاضي العگيلي عقد طويل الأمد في قصر من القصور الرئاسية، ولا يمتلك فضائية وحزب له مقرات في الخارج والداخل، خلال أسبوعين مِن وظيفته، ولا متهم بالسطو على أرض أو دار أو مطار مثل مطار المثنى، ولا بدفع رواتب لآلاف مِن عناصر القوات المسلحة، الذين لا وجود لهم، ولا أحد إخوانه أخذ مقاولة واحدة لمئتي مدرسة ولم ينجزها، ولا ولده صار مسؤولاً عن عقارات المنطقة الخضراء، ولا ولده منع هبوط الطائرة اللبنانيَّة، وكاد يُعرض عشرات الرّكاب لمخاطرة، ولا صهره يتحكم، ولا هو وزع مكرمات من المال العام لأغراض انتخابية، ولا ولا ولا ولا.

مع ذلك سيقف القاضي العگيلي في قفص الارهابيين واللُّصوص ليحاكم على تهم جُند لتدبيرها عشرات الموظفين.

تأسست هيأة النَّزاهة العام (2004) بقرار مِن الحاكم المدني بول بريمر (2003-2004)، على أنها هيأة مستقلة لا تخضع لرئيس الوزراء حسب الدُّستور، وكذلك البنك المركزي ناهيك عن القضاء، لأنه ما قيمة هذه المؤسسات إذا خضعت للسلطة التنفيذية؟ جاء في المادة (99) مِن الدُّستور العراقي: "تُعد المفوضية العليا لحقوق الإنسان، والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وهيئة النـزاهة، هيئاتٌ مستقلة، تخضع لرقابة مجلس النواب، وتنظم أعمالها بقانون".

ترأس هيأة النَّزاهة، خلال وجودها، أربعة رؤساء: القاضي راضي الرَّاضي، وعزل بظروف مشابهة، القاضي موسى فرج، ولا ندري ما هي التهمة التي أُخرج بها، لكنَّ ما نعلمه لم يكن فرج على مزاج السلطة التنفيذية لا فكراً ولا سلوكاً مِن الأساس، ثم القاضي عبد الرَّحيم العگيلي، وبعده تولى الأمر نائبه. كنتُ كتبتُ قبل إقالة راضي الراضي (2007) بشهور، وأشرت إلى أن الرَّجل عَقد ندوةً وسمعتُ منه استحالة هزيمة الفساد لأنه سُلطة عليا، وكأنه يقول البقاء للأفسد، وذكرتُ أنه لم يأت معه طاقم مؤسسته، ولا مرافقون، وكان لا زال رئيساً، أتت معه ابنة أخته، وهي تُقيم بالخارج مع زوجها وأولادهما كبقية اللاجئين العراقيين منذ الزمن السابق، فراح أحدهم مستشهداً بما كتبته وجعلها تهمة ضده، بأنه عينَ ابنة أخته في حمايته... يا إلهي ما هذا الجهل!

حقاً أن البقاء للأفسد، فحتى هذه اللحظة، لم يُفتح ملف فاسد واحد، مِن الفاسدين الكبار، وبإقالة القاضي العگيلي تكون النَّزاهة رفعت رايَّة الاستلام، ومعنى هذا أن الخدمات تبقى ضحلة، والإرهاب يبقى على أشده، بنسبة كبيرة منه تتعلق بالفساد المالي والإداري.

يختم القاضي العگيلي رسالته لمن لاذوا بالصَّمت بالآتي: "هذه تهمي التي جُند عشرات الموظفين، بل مؤسسات كاملة للعمل عليها على نار هادئة- منذ أكثر من سنتين- لضمان إسكات صوتي، وتشويه صورتي وخلط الأوراق على الناس، وظهرت لها أهمية جديدة حاليا هي منعي من الدخول في الانتخابات المقبلة، لأنهم لم يضغطوا لإخراجي من القضاء من أجل أن أعود لهم في مجلس النواب، ويا لها من غاية سامية تهم امن وسلامة البلاد ومصالحه العليا والطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك هي إصدار حكم ضدنا في احد هذه القضايا الستة، وما أسهل ذلك إنما الأمر يحتاج للسرعة قبل تصديق مفوضية الانتخابات على المرشحين، وهم مستعجلون جداً. فادعوا لأخوتكم بالتوفيق، فلعل الله يخلصهم منا إلى الأبد أو يخلصنا منهم إلى الأبد"(موقع صوت العراق).

لم ينته الأمر عند هذا الحد، بل وضع اسم العگيلي على قوائم الاجتثاث لمنعه مِن الترشيح إلى الانتخابات! فأي حلم يراود جفوننا! لكنَّ العگيلي صار مسؤولاً عما جمع ضده مِن تهم، فقد كتب وهو القاضي: بطلان الولاية الثَّالثة لرئيس الوزراء دستوريَّاً، وأن قانون الأحوال الشَّخصيَّة الجعفري سيطبق على كلِّ العراقيين، بمادة مخادعة فيه، لا يراها ويفضحها إلا قاضٍ نزيه.

د. رشيد الخيّون

http://www.majalla.com/arb/2014/03/article55250356
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة