مشاكســــــة التقــــــــدم ... الــــــى الــــــــــوراء/ مال الله فرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, فبراير 25, 2016, 04:06:12 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

   مشاكســــــة

التقــــــــدم ... الــــــى الــــــــــوراء
   


برطلي . نت / بريد الموقع


  مال اللـــــه فـــــرج
Malalah_faraj@yahoo.com


كم تغير هذا العالم الكبير مترامي الاطراف الذي حولته ثورة الاتصالات بكل سعته الى قرية صغيرة وهي تضعه تحت مجسات عدسات تلسكوبية فائقة الدقة والخطورة، حتى امسى بامكان اجهزة التجسس والمراقبة والمتابعة (الامبرياليـــــة) و(الاشتراكيــــــة) معا، ان تكتشف عبر محطاتها الرقابية والتجسسية سواء تلك السابحة في الفضاء اللامتناهي أم تلك التي  تستوطن الاقمار الصناعية هويات ووجوه واصوات السائرين على سطح كرتنا الارضية وان تكشف انواع والوان ملابسنا الداخلية، وفضائح غرف النوم، بل وربما تحدد بدقة متناهية ما موجود تحت الارض،  وفي ظل ذلك، امسى بامكان الطفل الياباني وهو في الثانية ام في الثالثة من عمره ان يستخدم الحاسوب ويحدد مكامن الخلل فيه وربما يبادر بتصليح اعطابه، في حين ان هنالك مسؤولين كبار في بعض الدول (الثوريـــة التقدميــــة النهضويـــــة) ما زالوا يجهلون استخدامه والتعامل مع تقنياته.
اما نحن، وفي الوقت الذي راحت فيه الدول والشعوب تسابق بعضها الى الامام للامساك باي فرصة للتطور والتفوق على الآخرين، فاننا ايضا اخذنا نسابقها ونسابق الزمن في الجري، لكن في الاتجاه المعاكس، اي الى الوراء، لدرجة اننا وعلى الرغم من كوننا ضمن جداول التقييم العالمية واحدة من اغنى البلدان النفطية، فقد امسينا (نتســــول) المساعدات (الانســــانية)، بعد ان التهمت حيتان الفساد (الخطيــــرة) معظم ميزانياتنا الكبيرة، وبعد ان كانت تحتل شاشاتنا التلفازية،  البرامج الثقافية الرفيعة حلت محلها البرامج الرخيصة الرقيعة، وبعد ان كنا نترقب بلهفة كل اربعاء المربي الفاضل كامل الدباغ عبر محطات برنامجه الذي كان يستقطب الصغار والكبار (العلــــــم للجميــــع)، أمسينا نطالع وجوها كالحة امتهنت الدجل الرقيع من دجالين محترفين يسوقون خرافاتهم فيقرأون الطالع ويدّعون اكتشاف المجهول ومعرفة المستقبل المهول، ويتعرفون على الامراض دون ان يشاهدوا المرضى ويصفون العلاج ويحلون عقد العانسات والمطلقات ويعالجون السرطان والذبحة القلبية والشلل الدماغي والعجز الجنسي واصابات النخاع الشوكي بحفنة من اوراق الذرة والشعير والنعناع وحبة البركة والتين الشوكي والصبار وبيض النعام ولبن العصفور ودماغ الصرصور.
وبعد ان كان الملك الشاب فيصل الثاني رحمه الله, كمثال,  يترجل من سيارته في الشارع العام ويقدم بمنتهى الاحترام اجازة السوق لرجل المرور الذي لاحقه على دراجته البخارية ليقطع له وصلاً يتضمن عقوبة مالية نظرا لتجاوزه الاشارة المرورية، اصبحنا في عصرنا (الثــــوري) نشاهد حمايات بعض المسؤولين يعتدون علنا على رجال المرور لانهم سمحوا لسيارة الاسعاف بالمرور قبل موكب مسؤول, ربما, مسطول، وفي زمن (الدكتاتوريـــــة الملكيـــــة) ايضا، سبق ان احيل الوصي عبد الاله الى القضاء لانه (تجــــرأ) على صرف مبلغ ضئيل فوق استحقاقه خلال احدى سفراته للخارج واضطر تنفيذا لحكم القضاء لدفع غرامة مالية، في حين امست في زمننا الثوري (المعاصــــر)  عملية تهريب اموال البلاد (مهمــــة) طبيعية لكل شاطر من مافيات الفساد، مما ارغم الحكومة على اعلان افلاسها دون ان يتمكن المسؤولون المعنيون سؤال بعض (اصحـــاب الحصانـــــات) وعوائلهم لا عن طبيعة تحويلاتهم المالية ولا عن مصادر ثرواتهم الشخصية التي تتناسل وتتكاثر بأسرع من سرعة الصوت والضوء ولا عن ما يحملونه معهم من اموال وذهب وربما كنوز من القطع الاثرية سواء خلال ايفاداتهم الرسمية، ام خلال سفراتهم السياحية للراحة و(الاســــتحمام) عـــــذرا (الاســــتجمام) على الرغم من ان (عفونــــــة) ضمائر بعضهم الفسادية لا تنظفها او تزيل ادرانها كل حمامات العالم وكل مساحيق التنظيف فيه.
اما على صعيد بعض (انجازاتنـــــا) في مسيرة التربية والتعليم، فحيث سبق لمنظمة (اليونســــكو) ان اعلنت في السبعينيات نظافة العراق من الامية، الا اننا استطعنا (بهمــــة) بعض مسؤولينا المعنيين (الثوريين) الغيارى تحقيق انتصار ساحق ماحق باعادة الامية ثانية وتنميتها ورعايتها ودعمها لتصل نسبتها الى (18%) تزامن ذلك مع تأكيد مسؤول تربوي رفيع ضبط (3124) شهادة مزورة خلال عام (2015) ، كما حققنا نجاحا منقطع النظير في تضخيم اعداد وكلاء الوزارات والمدريرين العامين حيث بلغ مجموعهم وفقا لتأكيدات برلمانية (5251 )، من بينهم (4535) مديرا عاما و(716) وكيل وزارة ولو وزعنا  هؤلاء الوكلاء (الخبـــــراء) على (20) وزارة لاصبح لدينا (36) وكيلا لكل وزارة، ومع ذلك فقد اعلنت حكومتنا (الرشـــيدة) رغم امتلاكها كل هذه (الثـــروة) من الوكلاء افلاسها فما الذي كان يفعله هؤلاء الوكلاء؟ ، وربما احد الاسباب الرئيسة لافلاسنا هو هذا التضخم الفضائي في هذه الدرجات العالية عديمة الفعالية، وما يتقاضونه من رواتب خيالية ومخصصات وحمايات وسيارات ونسب وحصص وامتيازات، تزامن ذلك مع تأكيد مسؤول رفيع إن هيئة النزاهة تعاملت خلال الفترة الماضية مع 15 ألف قضية فساد واحالت اكثر من 18 وزيرا و100 مدير عام ومسؤول إلى القضاء.
من جانب آخر، وخلافا لكل الاحزاب والمكونات السياسية في العالم التي تسعى خلال ادارتها للبلاد الى اتقان مستلزمات القيادة وعلم الادارة وفن ادارة الازمات وتنشيط الاقتصاد لتنمية موارد البلاد وتخفيف الضرائب عن كاهل العباد، فان معظم احزابنا وتشكيلاتنا ومكوناتنا السياسية اهملت ذلك وسعت لتشكيل (لجــــان اقتصاديـــــة) خاصة بها لتنمية ثرواتها الشخصية والحزبية على حساب الثروات والمصالح الوطنية، وارغام وزرائها في الحكومة على احالة مناقصات وزاراتهم الى الشركات التي تمتلكها او التي تتعامل معها لضمان اعلى نسب من العقود والمناقصات، وبهذا الصدد سبق لتقرير دولي ان كشف عن ان (14) مسؤولا رفيعا من مسؤولينا الافاضل باتوا يمتلكون (258) مليار دولار (فقـــــط) وربما تضاعفت ثرواتهم تلك الآن بفعل (نضالهــــم) المتصاعد على كل الجبهات.
بيد ان الاغرب والاعجب تنامي (فايــــــروس) الضياع الذي ضرب بلادنا بعنف، فضاعت الموصل، وضاعت اسماء المسؤولين عن تلك الكارثة وضاعت نتائج تقرير اللجنة  التحقيقية البرلمانية حول ضياعها، وضاعت عملية مساءلة (بطــــــــل) ضياعها، وضاعت ميزانية 2014، وضاعت الحسابات الختامية لمعظم ميزانياتنا خلال السنوات السابقة، وضاعت معظم المشاريع وتخصيصاتها، وضاعت كل وعود الاصلاحات، وضاعت معظم املاك الدولة، وضاعت معظم مفردات البطاقة التموينية، كما سبق ان ضاعت كل وعود المسؤولين لنا بالرفاهية والسعادة والمساواة والخدمات والتوزيع العادل للثروات، وكأن البلاد باتت تغرق في بحر الضياع، فهل من مناضل ثوري حقيقي ايها المناضلون الشرفاء يوقف مأساة تراجعنا الكارثية الى الوراء؟