أوباش ليبيا...والمقبرة البريطانية / د. علاء كنه

بدء بواسطة matoka, أبريل 09, 2012, 09:57:30 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

matoka

أوباش ليبيا...والمقبرة البريطانية




بقلم : د. علاء كنه
بريد الموقع




شاهدت للأسف قبل فترة ماتناقلته وسائل الإعلام الغربية والمواقع الإلكترونية من بث مقاطع من فلم لفيديو في واقعة غريبة حيث يظهر فيه عشرات الرجال المدججين بالسلاح وهم يركلون القبور في المدافن العسكرية للجنود البريطانيين والذين قتلوا أثناء الحرب العالمية الثانية في مدينة بنغازي الليبية محاولين تدميرها، مما أدى الى وضع المجلس الإنتقالي الليبي في موقف محرج لايحسد عليه، والإعتذار رسمياً من بريطانيا والتعهد بالقبض على الجناة ومحاسبتهم. في الوقت الذي هم أحوج الى مساعدة تلك البلدان لإعادة أعمار البلد الذي أنهكته الحرب الأخيرة، ويتضمن الفلم الهجوم الوحشي على تلك المقبرة ومحاولة تحطيم رمز الصليب الموجود على المقبرة بإعتباره رمز الكفار، وحسب ماعلمت إن العديد من المدن الليبية قد شهدت مؤخراً أيضاً سلسلة من التفجيرات طالت الكثير من المراقد والأضرحة فيها!.
لقد تعمدت أن لا أكتب في هذا الموضوع إلا بعد ان أقرأ وأسمع كل تبعاته بالتفصيل. كما أود ان أذكر وأبين بعض الحقائق التي نسيها أو تناساها البعض. تعتبر هذه الظاهرة غريبة على مجتمعاتنا المحافظة بغض النظر عن الدين أو العِرق، وشخصياً لم أسمع عن مثل هذه الأفعال من قبل في بلداننا العربية إلا نادراً وبحالات معدودة لإغراض معينة منها البحث عن الدفائن من كنوز ونفائس لدى الأموات أو الى ممارسة الشعوذة وبعض الطقوس الغريبة الأخرى وماشابه ذلك. كما تعتبر ظاهرة نبش القبور في الإسلام تحديداً أمر غير جائز شرعاً وغير لائق عرفاً وأخلاقاً، وليست من أخلاق المسلمين، لما فيها من إنتهاك لحرمة الموتى وجرحاً لذوي وأقارب الميت من الأحياء، كما هو الحال في جميع الأديان السماوية الأخرى التي تعني بمراعاة وإحترام حرمة المقابر والأموات. والمحير بالأمر إن هذه الظاهرة بدات بالتنامي وخاصة في مجتمعاتنا العربية مؤخراً على شكل مجاميع أو أفراد لغايات عديدة أخرى أهمها النازع الديني، وفي رأي الشخصي أعتقد إن السبب في ذلك يعود الى الفتاوي الغريبة التي يطلقها البعض من رجال الدين بين الحين والأخر وكان أخرها فتوى (2012)! التي أطلقها البطل رئيس هيئة كبار العلماء ورئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء! ومفتي المملكة العربية السعودية عبد العزيز بن عبدالله آل الشيخ (المرجعية الأكبر في السعودية) بوجوب هدم جميع الكنائس في شبه الجزيرة العربية معتبراً إن شبه الجزيرة تخضع لدين الإسلام فقط، ووجود الكنائس في بعض الدول هو إعتراف بصحة هذه الإديان!. وهنا أود أن أسأل فضيلة الشيخ المبجل (حفظه الله ذخراً للمسلمين) ماهو رأيك لو عامل بلدان الكفار بالمثل وطالبوا بهدم مساجد أمة المسلمين في أوربا والولايات المتحدة؟ وأين سيؤدي المسلمين الذين فروا من أمامكم ومن أمام فتاويكم صلاتهم؟
إن مثل هذه الفتاوي وتبعات تأثيراتها لاتزيد الطين إلا بلّةً ولا تفيد إلا في تأجيج وبث روح الفتنة والفرقان وتوسيع الفجوة بين الأديان التي تدعو الى التعايش الديني والتسامح وخاصة في الظروف الحالية التي تمر بها البلدان العربية. أما بخصوص تاريخ بلدان الجزيرة العربية فانها شهدت الوجود المسيحي منذ قرون عديدة، وتاريخ نجران يشهد بذلك وخاصة للذين لديهم نقصاً في المعرفة والبحوث العلمية والإفتاء!.
وأود أن أقول بهذه المناسبة لماذا أصبح البعض بهذه الدرجة من التخلف؟ ولماذا في هذه الوقت بالذات؟ هل هو بسبب تأثير رجال الدين وفتاواهم وفضائياتهم التي خربت شعوب المعمورة! والتي جعلت البعض منا يفيض بالحقد والكراهية تجاه غيرنا من الشعوب. أم هو شعورنا بالغيرة والحسد والإحباط ممن هم أفضل حالاً وتقدماً منا. إن ماقامت به تلك الفئة من الرعاع والذين بالطبع لايمثلون ليبيا الحرة ولا شعبها الأبي، لا يمثل سوى أدنى مستوى من الأخلاق والضمير وهم يصب لغايات سياسية أخرى يعلمها الجميع اليوم وإلا وهي محاولة زرع وبث الفوضى وإستغلال الوضع الحرج الذي تمر به العزيزة ليبيا اليوم لأمور وغايات خاصة، وماهو إلا أحد نتاجات تلك الفتاوي، ومكسب من المكاسب التي أضافت رصيداً لأولئك المنافقين الذين يدعون بإنه لايوجد هناك من يغار على دينه أكثر منهم بالرغم من أن أغلبهم لايؤدي جميع الفروض المطلوبة منه، ولايوجد هناك من يضاهيهم في مضايقة الكفار وبلا منازع.
كما أود أن أسأل هؤلاء الأوباش الذين قاموا بهذا الفعل المشين بعض الأسئلة لعل وعسى هناك من يجيبني عليها:
- هل نسي هؤلاء (المحررين!) أم تناسوا إنه لم يكن بمقدورهم تحرير ليبيا العزيزة لولا مساعدة "القوات الصليبية" (قوات حلف الناتو!)؟
- هل نسي هؤلاء (الأوباش!) بأنه لولا هؤلاء "الصليبين" لظل عقيدهم الأخضر التعس القذافي وأولاده وأحفاد أحفاده يحكمونهم أبد الدهر؟
- هل نسي هؤلاء (المنتصرين!) الذين تشطروا على الموتى، بانه لولا الدعم الخارجي لبقيت (الفريق عائشة) محامية القائد المنصور! على رأس سدة الحكم ومتسلطة على رقابهم؟ وربما يأتي يوم وتصبح ملكة ليبيا.
- أين كان هؤلاء (المنافقين) عندما كانت قوات حلف الناتو تقصف القوات الموالية للعقيد الأخضر؟
- أين كان هؤلاء (الشجعان على القبور!) عندما كان القذافي يحكم ليبيا؟
- هل هي من طبائع الشعب العربي (عامة) والشعب الليبي (خاصة) أن ينبشوا ويهدموا قبور الموتى؟
تلك الأسئلة التي حيرتني وحيرت الكثيرين ممن رأوا ذلك المقطع وخاصة في أوربا والذين أول ماعلقوا على مقاطع الفديو .... قالوا نعم أنه رد الجميل لنا!.
إن الضرب بيد من حديد وبدون أي تساهل مع هؤلاء الأوباش كائناً من يكونوا وأمثالهم والذين يسرحون ويمرحون بسلاحهم بحجة الدين محاولين ترهيب المواطنين وفرض سيادة اللاقانون والإنفلات الأمني، هو الأسلوب الأمثل للتعامل معهم والذي سيجبرهم وغيرهم على إحترام سيادة القانون والنظام. إضافة الى ذلك تعرية أفكارهم ومنطلقاتهم الهدامة ونشر ثقافة المحبة والتسامح والأخاء بدلاً عنها. والمتتبع للأخبار يمكنه ملاحظة وبكل بساطة محاولة إعادة سيناريو تدمير العراق وحضارته في ليبيا من مدخل الدين والطائفية.
أقول هنا لكل المثقفين والأحرار في ليبيا، إن الشعب الليبي المناضل مدين بالجميل والعرفان لكل من ساهم معه في تحرير العزيزة ليبيا من حكم وجبروت القذافي الأخضر. كما إنها بأمس الحاجة اليوم الى مساعدتكم ومساعدة دول العالم وخاصة الدول الكبرى للنهوض بليبيا حرة أبية مرة ثانية بعد أكثر من أربعين عاماً من الحرمان والطغيان، والتخلص من أولئك المرتزقة ومحاسبتهم أشد الحساب لما أقترفوه من ذنب بحق ليبيا والذي لايقل عن ما أقترفه العقيد الأخضر وأزلامه بحقها، وأخشى على الليبيين أن يصبحوا مثلنا نحن العراقيين حيث يتمنى ويفضل البعض منهم عودة عصر الطاغية مرة ثانية على رؤية وجوه هؤلاء الرعاع الذين يحاولون تشويه سمعة ليبيا وسمعة الشعب الليبي، وختاماً أقول "اللهّم لاتحاسبنا على ما عمل السفهاء منا".

د.علاء كنه
سان دياكو/ كاليفورنيا

Matty AL Mache