كلمة قداسة سيدنا البطريرك خلال القداس الإلهي بمناسبة عيد الميلاد المجيد 2011

بدء بواسطة برطلي دوت نت, ديسمبر 26, 2011, 08:32:44 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

كلمة قداسة سيدنا البطريرك خلال القداس الإلهي بمناسبة عيد الميلاد المجيد 2011



المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرّة

هذه هي القصيدةُ اليتيمةُ الفريدة، التي نظَّمتها السماءُ ولحنتّها، وأنشدتها الملائكةُ معلنةً بذلك بهجَتَها بميلادِ السيد المسيح، الذي هو ميلادُ السلام، وبدءُ العملِ بميثاقِ المصالحة بين السماءِ والأرض، وفَتْحِ باب الملكوت أمام المحرَّرين من الخطيّة.

ففي الليلةِ التي وُلدَ فيها المسيح يسوع مخلّصَ العالم، ابتهجت السماءُ وتهلّلت، ابتهاجَ الصادقِ الوفيِّ، وهو يبرُّ بوعده. ووقفَ ملاكُ الربِّ برعاةٍٍ بسطاء، فخافوا خوفاً عظيماً، فهدّأ الملاك روعَهم بقوله لهم: «لا تخافوا، ها أنا أبشركم بفرحٍ عظيم يكون لجميع الشعب، أنه وُلدَ لكم اليومَ في مدينة داود مخلصٌ هو المسيحُ الرب».

أجل تجسَّد الإلهُ الكلمةْ، من الروحِ القدسِ ومن مريمِ العذراء، وَوُلدَ في ملءِ الزمان، بل صارَ زمانُ ميلاده تاريخَ التواريخ، وابتدأ بميلادِهِ عهدُ النعمةِ والرحمةِ والحنان، عهدُ الحقِّ والمغفرةِ والقداسة.

ويكشفُ النبي اشعياء النقابَ عن سرِّ رسالةِ السيد المسيح فيقول: «لأنَّهُ يولَدُ لنا ولدٌ، ونُعطى ابناً، وتكونُ الرئاسةُ على كتفهِ، ويُدعى اسمهُ عجيباً، مُشيراً، إلهاً قديراً، أباً أبدياً، رئيسَ السلام».

فرسالةُ السيد المسيح هي رسالةُ السلام، فقد أرسى دعائِمَ السلامِ الحقيقي بين الله والإنسان، وبين الإنسان وأخيه الإنسان، وفي عظتِهِ على الجبل قال السيد المسيح: «طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناءُ الله يدعون».

ولما ودّعَ تلاميذه قبل آلامه قال لهم: «سلامٌ أتركُ لكم، سلامي أعطيكم»، هذا هو السلام الداخلي، سلام الضمير، وهو انسجامُ إرادةِ الإنسانِ مع إرادة الله، والتحرّرِ من الآثامِ والعملِ بشريعةِ الله، فالسلام هو هبةُ الله تعالى للمؤمنين الأتقياء، ويَنجلي هذا السلامُ في حياتهم اليومية في السرّاءِ والضرّاء، إذ يعيشون معاً بسلامٍ ووئام، لأنهم يؤمنون أن مولود بيت لحم معهم يرافقهم في طريق الحياة، فقد دُعي «عمانوئيل» الذي تفسيرُه الله معنا.

ورسالةُ اليومَ هي رسالةُ المحبةْ، المحبةُ التي أعلنها السيد المسيح في ميلاده ومن خلال أقواله وأمثاله وأفعاله، فعلَّمنا محبةَ الله، والقريب وحتى محبة الأعداء.

ليهبنا الربُ نعمةَ السلام والمسرّة، وأن نتمِّمَ وصيةَ الرسول بولس بقوله: «افرحوا، تَعزّوا، اهتمّوا اهتماماً واحداً، عيشوا بالسلام، وإله المحبةِ والسلام سيكون معكم»، وليَضعْ الربُّ في أفواهِنا كلماتَ التسبيحِ، كي نُنشدَ له أناشيدَ الشكران مع الملائكة قائلين: «المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرّة».

أيها السامعون الكرام:
ننتهزُ فرصةَ حلولِ عيدِ الميلادِ المجيد، لنتقدّم باسمنا الشخصي وباسم أبناء كنيستنا السريانية الأرثوذكسية في جميع أنحاء العالم، بالتهاني إلى سيادة الرئيس الدكتور بشار الأسد، ولأبناء الشعبِ السوري كافةً، متضرّعين إلى الإله المتجسّد ليتغمّد برحمته الواسعة شهداءَ الوطن، وأن يحفظَ سورية الحبيبة وأبناءَها الأعزاء، من كلِّ خطرٍ وشدّةٍ وضيقْ، فقد آنَ للغيمةِ السوداء القابعة على صدرِ وطننا أن تنقشع، وكلنا ثقةٌ بوعي شعبنا السوري الأبي، وكلنا إيمانٌ بوحدتنا الوطنية المتينة، وفي القريب العاجل سنبدأ معاً عهداً جديداً، في وطنٍ هو للجميع، والجميع له، بشكلٍ تَسودُه العدالةُ والمساواة، والحوار بالكلمة، ويضمنُ لجميعِ المواطنين الشرفاء، حقوقهم المشروعة كافةً، ومن هنا نرفع تحيةَ إكبارٍ وإجلالْ إلى جيشنا السوري المقدام، وإلى كلِّ من يعمل بتضحيةٍ ونكران الذات لما فيه مصلحةُ البلاد والعباد.

أعادَ الله أعيادَه المقدسة عليكم جميعاً، باليمنِ والبركات، ووطَّدَ أمنَه وسلامَه في أقطارِ المسكونَةِ قاطبةً، وخفّفَ عن الناسِ ويلاتَ الحروبِ والنزاعات والمجاعات بنعمته تعالى آمين.

وكل عام وأنتم بألف خير.


http://syrian-orthodox.com/readnews.php?id=1155