تفسير الاصحاح 21 من سفر الرؤيا

بدء بواسطة باسل البرطلي, ديسمبر 24, 2011, 01:37:12 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

باسل البرطلي

الإصحاح الحادى والعشرون
آية 1 "ثم رايت سماء جديدة و ارضا جديدة لان السماء الاولى و الارض الاولى مضتا و البحر لا يوجد فيما بعد".

هذا نفس ما قيل فى (إش17:65) + (إش22:66) + (مت35:24) سماء جديدة وأرض جديدة لأن السماء الأولى والأرض الأولى مضتا.

1.     السماء الجديدة والأرض الجديدة هى ما قيل عنها ما لم تره عين وما لم تسمع به أذن ولم يخطر على بال إنسان...(1كو9:2) وعن أن الأرض تزول والسماء تزول " تنحل السموات ملتهبة والعناصر محترقة تذوب. ولكننا بحسب وعده ننتظر سموات جديدة وأرضا جديدة " (2بط13،12:3).

2.     راجع (رو19:8-22) ومنها نفهم أن الأرض والسماء (ما نراه حاليا من سماء الكواكب) هى فى حالة مؤقتة بسبب لعنة الخطية (تك17:3) ولكن سيعاد تكوين الكون وسيكون فى حالة مجد تتناسب مع ما حصل عليه الإنسان من حالة مجد وحرية من الشر. ستكون هناك أرض جديدة تنتهى منها صورة اللعنة وهكذا سماء جديدة لا تغضب على الأرض، أى تختفى الظواهر الطبيعية المدمرة. ويكون الكل فى حالة جمال فائق.

3.     السماء الجديدة هى لقاء مع الرب على مستوى جديد وشركة جديدة لم نختبر مثلها ونحن فى الجسد الترابى. والأرض الجديدة هى علاقتنا مع البشر إخوتنا فى محبة كاملة. والسماء الجديدة هى علاقة محبة وأخوة مع السمائيين من الملائكة (رؤ10:12) والكل متحد مع الرب يسوع فى وحدة أبدية.

والبحر لا يوجد فيما بعد = البحر بمياهه المالحة يشير لشهوات العالم الخاطئة والبحر بإضطراباته وأمواجه يشير للحياة المضطربة على الأرض ويشير للموت، فمن يحيا فى البحر لابد أنها وسيموت. وكل هذا قد إنتهى فى السماء فالسماء هى سلام عجيب دائم وإرتواء دائم وشبع دائم وبلا قلق (إش20:57). والبحر يشير أيضا للفواصل بين الناس. وهذا لا يوجد فى السماء.



آية 2 "و انا يوحنا رايت المدينة المقدسة اورشليم الجديدة نازلة من السماء من عند الله مهياة كعروس مزينة لرجلها".

هناك تشبيه طريف للقمص تادرس يعقوب يفسر هذه الآية فقد قال عن يوحنا أنه كطفل صغير بالكاد يعرف اللغة ولم ير طائرات من قبل ودخل مطارا ورأى فى المطار طائرات كثيرة فعاد ليقول رايت حماما كبيرا على الأرض. وهنا مع  مفردات اللغة البشرية المحدودة (العاجزة عن التعبير عن السماويات) التى يعرفها يوحنا أطلق على المكان الذى سنكون فيه مع الله فى السماء مسكن ومدينة فهى مدينة لأن الله يسكن فيها مع البشر، ولأن الله يسكن فيها أسماها المدينة المقدسة وهى أورشليم الجديدة = هى الكنيسة وهى جديدة فى مقابل أورشليم القديمة التى سكن الله فيها مع شعبه فى القديم وهى جديدة فكل علاقة لنا مع الله فى السماء ستكون جديدة، على مستوى جديد لم نختبره من قبل على الأرض وهى جديدة لأن كل ما فى السماء سيظل جديدا بصفة دائمة لا يصيبه القدم، والإحساس بالقدم يسبب زهد وملل الإنسان فى الشىء، أما لو ظل جديدا فى نظر الإنسان فهذا يشير للتعلق بالشىء والإعجاب به، وهذا سيكون شعورنا تجاه السماويات، لن نمل أو نزهد فيها أبدا.

نازلة من السماء = أى لها مجد الله وهى نازلة أى لتستقبل الغالبين ولترفعهم إليها كما نزل المسيح من السماء ليرفعنا إليه فى السماء، فهنا نسمع أن أورشليم ستنزل من السماء لترفعنا للسماويات. من عند الله = فهو الذى أعدها لنا. هو أصل وجودها ومنبعها السماوى. ولنلاحظ أن الكنيسة رأسها فى السماء وهو المسيح، وجسد المسيح يمتد عبر الزمان والمكان ليجمع الكل فيه ويصعدهم للسماء. الله فى محبته هيأ لعروسه هذه المدينة السماوية فهى عروس المسيح والمسيح أعطاها حياته، وهى لبست المسيح فزينها كعروس له = مهيأة كعروس.

مزينة لرجلها = زينها المسيح بالفضائل والكمالات التى أهداها لها.



آية 3 "و سمعت صوتا عظيما من السماء قائلا هوذا مسكن الله مع الناس و هو سيسكن معهم و هم يكونون له شعبا و الله نفسه يكون معهم الها لهم".

مسكن الله = رمزا للإستقرار النهائى فى حضن الله، هناك نرى الله وجها لوجه مسكن الله مع الناس = ولم يقل مسكن الناس مع الله، فالله هو المشتاق بالأكثر لأن يسكن مع الناس. فحينما دعاه إبراهيم ليدخل خيمته ويأكل طعاما دخل الله وهو لا يحتاج للأكل لأنه يريد أن يدخل بيت إبنه إبراهيم ويفرح به وهو الذى طلب أن يصنعوا له خيمة إجتماع ليجتمع بهم ويسكن فى وسطهم.

وهم يكونون له شعبا. والله نفسه يكون معهم إلها لهم = هم كانوا شعبه وهم على الأرض ولكن الآن سينعمون بمفاهيم أكثر عمقا لعلاقتهم مع الله، وسيشعرون بلذة جديدة لهذه العلاقة وهذا ما بشر به السيد المسيح مريم المجدلية "قولى لهم إنى أصعد إلى أبى وأبيكم وإلهى وإلهكم" (يو17:20). حقا الله هو إله كل البشرية سواء كانوا أبرار أو أشرار، ولكن المسيح بفدائه صنع صلحا وصرنا لله شعبا خاصا له ينعم علينا بخيراته ومحبته. المسيح أعادنا للأحضان الإلهية، لذلك يوجد فى شرقية الهيكل فى الكنائس جزء مستدير مواجه للمذبح يسمى حضن الآب. فالمسيح بجسده ودمه اللذان على المذبح أعادنا لحضن الآب. المسيح أعادنا فيه لحضن الآب  ونحن فى المسيح صرنا أبناء لذلك فلا إنفصال بين "أبى وابيكم"، "إلهى وإلهكم". فى المسيح صرنا كالإبن الضال الذى عاد لأحضان أبيه "فوقع على عنقه وقبله" (لو20:15).



آية 4 "و سيمسح الله كل دمعة من عيونهم و الموت لا يكون فيما بعد و لا يكون حزن و لا صراخ و لا وجع فيما بعد لان الامور الاولى قد مضت".

سيمسح الله كل دمعة من عيونهم = ففى السماء فرح كامل وعزاء كامل ولكن السؤال، هل سيكون هناك دموع ليمسحها الله؟ قطعا لا دموع فى السماء حيث الفرح الكامل. ولكن المعنى أن الله سيعطينا أن ننسى كل الآلام والجروح السابقة. فمن المعلوم أن هناك جروحا نفسية وآلام نفسية ناتجة عن أحداث مؤلمة تحدث للإنسان فى الماضى، ولكنه لا ينسى جروحها أبدا مع الزمن، وكل ما يتذكرها يتألم وتهيج فيه جروحه مهما إنقضى من زمان. ولكن فى السماء لن نذكر شيئا موجعا ولا مؤلما، لأن الأمور الأولى قد مضت = أى لا حزن ولا صراخ ولا مرض ولا ألم.... فلا خطية هناك والموت لا يكون فيما بعد = ستكون لنا حياة أبدية ويبتلع الموت (إش8:25) لا يكون حزن = أورشليم السمائية هى مكان الفرح الدائم الحقيقى.



آية 5 " و قال الجالس على العرش ها انا اصنع كل شيء جديدا و قال لي اكتب فان هذه الاقوال صادقة و امينة".

كل شىء جديدا = المعرفة والفهم وأجسادنا الممجدة كل هذا سيكون جديدا.

ولن تسأم النفس ولن تشعر بالملل من أى شىء، إذ ليس فيها شى يعتق أو يشيخ، بل يشعر المؤمن أن كل شىء كأنه جديد يراه لأول مرة ويفرح به. فرؤية الله لا تشبع النفس. بل يزداد الإنسان شهوة لرؤية الله ومعرفته وإكتشاف محبته ومجده والنظر إليه والسجود له وهذا يمتد إلى ما لا نهاية  أكتب فإن هذه الأقوال صادقة وأمينة = ربما لا يصدق الإنسان أن الله أعد له كل هذه الأفراح لذلك يؤكد الله لنا صدق هذه الأقوال.



آية 6 "ثم قال لي قد تم انا هو الالف و الياء البداية و النهاية انا اعطي العطشان من ينبوع ماء الحياة مجانا".

قد تم = كل ما وعد به الله قد تم. فالله قد أعد بيت الزيجية، وتم الزمان لتدخل العروس له وتكون فى أفراح وأمجاد ابدية.

أنا هو الألف والياء البداية والنهاية = أنظر تفسير آية (رؤ8:1) أنا أصل كل الأشياء وستؤول لى كل الأشياء.

أنا أعطى العطشان من ينبوع ماء الحياة  = ينبوع ماء الحياة هو إشارة للروح القدس. وهذا هو نفس ما قاله السيد المسيح للسامرية (يو10:4).

وراجع أيضا (يو37:7-39). والله يعطى الروح القدس للعطشان ليرويه أى من يشعر بالإحتياج فيطلب، فالله يعطى الروح القدس للذين يسألونه (لو13:11).

مجانا = 1) لأن المسيح دفع الثمن بدمه                    2) يستحيل أن نقدر على الثمن

قصة:- صنعوا دواء لمرض خطير فى إنجلترا تكلف 700 مليون جنيه إسترلينى وصنعوا منه ما يكفى لعلاج شخص واحد وأرادوا تجربته، وجاءت لهم إمرأة، إبنها مصاب بهذا المرض ليجربوا فيه الدواء، وشفى الولد وسألت عن الثمن فقالوا لها أنه مجانا لأن السيدة ستعجز عن دفع الثمن لأنه باهظ. فهل نستطيع نحن أن ندفع ما يقابل دم المسيح.



آية 7 "من يغلب يرث كل شيء و اكون له الها و هو يكون لي ابنا".

من يغلب = حقا لا يوجد ما يساوى دم المسيح، ولكن الروح القدس، وميراث السماء لا يعطى إلا لمن يجاهد ويغلب ولا يتكاسل، وماذا يعطى الغالب؟

يرث كل شىء = يرث الله يرث مع المسيح (رو17:8) فإكليل البر لا يوضع سوى لمن جاهد الجهاد الحسن وأكمل السعى (2تى8،7:4).



آية 8 "و اما الخائفون و غير المؤمنين و الرجسون و القاتلون و الزناة و السحرة و عبدة الاوثان و جميع الكذبة فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنار و كبريت الذي هو الموت الثاني".

هؤلاء لا يرثون مع المسيح بل نصيبهم فى البحيرة المتقدة بالنار والكبريت الخائفون = أى الجبناء الذين ينكرون الإيمان خوفا على حياتهم الزمنية ومصالحهم المادية. وهؤلاء أشر الفئات لذلك تصدروا القائمة. ولكن من الذى ينكر؟ لا ينكر إلا الضعيف. وإذا كان الروح القدس هو روح القوة (2تى7:1). والروح القدس هو الذى يشهد فينا إذا وقفنا أمام الملوك والولاة (مت20،19:10) إذا فالذى ينكر هو الخالى من النعمة، أى غير المملوء من الروح القدس  الذى لم يشعر فى حياته بالإحتياج، ولم يطلب فى حياته الإمتلاء من الروح القدس، هو من إنشغل بالزمنيات تاركا الروحيات، هذا الإنسان حينما تأتى عليه ساعة يطالبونه بإنكار الإيمان سينكره. هذا لم يستفد من عمل المسيح.

السحرة = من يستخدمون قوة الشيطان.



سؤال :- هل الخائفون أشر من غير المؤمنين والسحرة حتى يتصدروا القائمة؟ قطعا. فالخائف هو مؤمن وله كل الإمكانيات حتى يمتلىء ويغلب (يمتلىء بالروح القدس) ولكنه أهمل وتكاسل وتراخى، ولم يعد يثق فى الله.

عبدة الأوثان = يدخل فيها عبادة الذات والشهوات والمال...

جميع الكذبة = هم أتباع الشيطان الكذاب (يو 44:8) والشيطان هو ابو الكذابين. وهؤلاء يستخدمون الغش والخداع فى معاملاتهم. ويدخل مع هؤلاء أتباع الوحش.



آية 9 "ثم جاء الي واحد من السبعة الملائكة الذين معهم السبعة الجامات المملوة من السبع الضربات الاخيرة و تكلم معي قائلا هلم فاريك العروس امراة الخروف".

إذا كان الملاك قد حمل جاما يسكب منه ضربات، فليس معنى هذا أن الملاك يحمل مشاعر كراهية للبشر، بل هو ينفذ أحكام الله العادلة ضد الأشرار.وهنا نرى فرح الملائكة بما أعده الله من مجد للبشر. هنا الملاك يعلن عن قلبه المملوء محبة للكنيسة. ولكن هناك من له مجد عال (جبل عظيم) آية (10) وهناك من له ضربات. والملاك يعلن عدل الله بهذا وذاك.



آية 10 "و ذهب بي بالروح الى جبل عظيم عال و اراني المدينة العظيمة اورشليم المقدسة نازلة من السماء من عند الله".

جبل عظيم = إشارة لأن أورشليم السماوية ستكون مرتفعة جدا وسماوية، لا يقدر إبليس وهو فى بحيرة النار أن يصل إليها أو يقترب منها. وايضا فى قوله جبل عظيم إشارة لثباتها وعدم إهتزازها.



آية 11 "لها مجد الله و لمعانها شبه اكرم حجر كحجر يشب بلوري".

لها مجد الله.. كحجر يشب = سمعنا من قبل أن الله الجالس على العرش فى المنظر شبه حجر اليشب (رؤ3:4). وهنا نسمع أن الكنيسة ستكون كحجر يشب. وهذا ما شرحه يوحنا فى (1يو2:3) "لم يظهر بعد ماذا نكون. ولكن نعلم أنه إذا أظهر ذاك نكون مثله، لأننا سنراه كما هو" وشرحه بولس الرسول" الذى سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده" (فى21:3). ومجد الكنيسة ليس من ذاتها بل من الله، الله يعطى مجده لعروسه "وأنا قد أعطيتهم المجد الذى أعطيتنى" (يو22:17) نحن سنعكس الأمجاد الإلهية. سيكون لنا جسد ممجد ليس من نفسه ولكن لأن مجد الله ينعكس عليه وسيكون لنا جسدا نورانيا ليس من نفسه ولكن لأن نور الله ينعكس عليه وهذا معنى "لأننا سنراه كما هو" (1يو2:3).



آية 12 "و كان لها سور عظيم و عال و كان لها اثنا عشر بابا و على الابواب اثنا عشر ملاكا و اسماء مكتوبة هي اسماء اسباط بني اسرائيل الاثني عشر".

كان لها سور عظيم وعال = الله لها سور من نار (زك 5:2) إذا فالله هو الذى يحميها وهى أمنة تماما. ولا تعود تحارب إبليس أو تحارب من إبليس.

لها إثنا عشر بابا = 12 = 3        [  المؤمنين بالله مثلث الأقانيم ]

[ قاموا من موت الخطية  ] × 4 (فى كل جهات الأرض)

[ عمل فيهم الأقنوم الثالث]

إذا رقم 12 هم شعب الله فى كل زمان وفى كل مكان، الذين هم لله، ويحيون حياة توبة (أف14:5) ومملوئين من الروح القدس الأقنوم الثالث.

على الأبواب إثنا عشر ملاكا = رأينا رقم 12 باب، حتى يدخل للمدينة السماوية كل شعب الله فى كل زمان ومكان. ووجود ملائكة على الأبواب إشارة لأنهم يمنعون دخول الشياطين وغير المستحقين كما وقف قديما كاروب على باب الجنة.

وأسماء مكتوبة هى أسماء أسباط بنى إسرائيل = لا تفهم بمعنى حرفى وإلا فلن يدخل إبراهيم وإسحق ويعقوب وايوب ونوح فهم ليسوا من نسل الأسباط ولكن المعنى أن شعب العهد القديم  الأبرار منهم، سيدخلون والأبواب مفتوحة لشعب العهد القديم والجديد. هى كنيسة واحدة. هى إسرائيل الله (غل16:6) ولكن هذه الكنيسة تبدأ من العهد القديم، هى بدأت بآدم ثم نسله ثم الأسباط ثم كنيسة العهد الجديد التى يمثلها ايضا 12 تلميذا بنفس المعنى.

فكنيسة العهد الجديد هى إمتداد لإسرائيل أما اليهود الذين لم يؤمنوا بالمسيح بعد أن أتى المسيح فهم حكموا على أنفسهم بالخروج من إسرائيل الله. ولفظ إسرائيل الله يعنى الكنيسة التى بدأت بشعب العهد القديم وممتدة حتى الآن وبالتالى فاليهود غير المؤمنين غير مستطيعين الدخول من الأبواب الـ12.



آية 13 " من الشرق ثلاثة ابواب و من الشمال ثلاثة ابواب و من الجنوب ثلاثة ابواب و من الغرب ثلاثة ابواب".

ثلاثة أبواب من كل جهة. حتى ان كل من يؤمن بالله مثلث الأقانيم، وعمل فيه الروح القدس، وكان حيا أى تائبا، قام من موت الخطية، وكانت له بذلك القيامة الأولى... هذا يمكنه الدخول. ولأى إنسان من كل جهات العالم الأربعة.



آية 14 " و سور المدينة كان له اثنا عشر اساسا و عليها اسماء رسل الخروف الاثني عشر".

إثنا عشر أساسا = هى أساسات السور وعليها اسماء رسل المسيح = رسل الخروف الإثنى عشر = حماية الله إذن مبنية على أساس الإيمان بالمسيح، لذلك فاليهود رافضى المسيح لن يدخلونها. وكل أنبياء العهد القديم قد تنبأوا عن مجىء المسيح. لذلك قيل أن شهادة يسوع هى روح النبوة (رؤ10:19) وهذا ما قاله بولس الرسول "مبنيين على أساس الرسل" (أف20:2) أى تعاليم وكرازة الرسل بالمسيح.



آية 15 "و الذي كان يتكلم معي كان معه قصبة من ذهب لكي يقيس المدينة و ابوابها و اسوارها".

قصبة = لقياس المدينة ومعنى هذا:-

1.     هم نصيب الرب، فالقياس يتم لتحديد نصيب ميراث كل شخص من تركة معينة. حبال (المناظر للقصبة وبها يتم تقسيم الرض للميراث) وقعت لى فى النعماء فالميراث حسن عندى (مز6:16) وهكذا قال بولس الرسول عن ميراث الرب "ما هو غنى مجد ميراثه فى القديسين" (أف18:1).

2.     أبناء الله معروفين ومقاسين من قبل الله ومحفوظين لديه.

من ذهب = أى أن سكان المدينة قد قيسوا بمقاييس البر، المقاييس السماوية (فالذهب رمز للسماويات) فوجدوا مستحقين فهم تبرروا بدم المسيح.



آية 16 "و المدينة كانت موضوعة مربعة طولها بقدر العرض فقاس المدينة بالقصبة مسافة اثني عشر الف غلوة الطول و العرض و الارتفاع متساوية".

نجد هنا أن المدينة مكعبة أى أن طولها = عرضها = إرتفاعها وإذا رجعنا لخيمة الإجتماع أو الهيكل لوجدنا أن قدس الأقداس وحده هو الذى له هذه المواصفات أى مكعب. وقدس الأقداس يشير لعرش الله فى السماء، وهو مكعب إشارة لأن صفات الله كلها متساوية، كمالات الله كلها متساوية. هو كامل كمال مطلق، غير ناقص فى شىء. لو تمتع إنسان مثلا بصفة الرحمة تجد رحمته تسود على عدله والعكس صحيح، أما الله فصفاته كلها كاملة فهو الكامل وحده فى كل شىء. والآن نسمع أن أورشليم السماوية ستكون مكعبة أى ستصير كاملة، وذلك راجع لسكنى الله فيها، أو ليست هى مسكن الله مع الناس (آية 3). فالله سيعطيها من كماله لتصير كاملة فى نظر السمائيين وسيفرحوا بها.

فقاس المدينة = الملاك صار يدرك الآن ماذا صار للبشر من كمال.

12000 غلوة = هذه حوالى 4500 كم فهى متسعة جدا. ولكن ليس هذا الرقم (ال 4500 كم) هو ما يهمنا بل ال (12000 غلوة) أى 12×1000 أى شعب الله الذين يحيون الآن فى السمائيات. فرقم 1000 هو رقم السمائيات.

شعب الله الآن صار سماويا.



آية 17 "و قاس سورها مئة و اربعا و اربعين ذراعا ذراع انسان اي الملاك".

قاس سورها 144 ذراع. ذراع إنسان أى الملاك 144 ذراع أى حوالى 70 مترا. وهذا الطول يعتبر لا شىء بالنسبة لإرتفاع المدينة نفسها والمقدر بحوالى 4500 كم. ولكن ليست الأبعاد هى التى تهمنا بل ما تشير لها الأبعاد من معانى ورموز.

فكون أن المدينة لها سور، فهذا يعنى الحماية. وإذا فهمنا أن الله كان يحمى شعبه فى العهد القديم والعهد الجديد، وكان لهم سور من نار (زك5:2) فبالأولى، فإن الله يحمى شعبه وهم فى السماء. فالسور يشير لحماية الله لشعبه فى العهدين وفى السماء وبينما كانوا على الأرض. وكون السور 144 ذراعا فهذا إشارة لأن الله كان يحمى شعبه فى العهد القديم وفى العهد الجديد (144 = 12×12). فنظرا لضعف الإنسان فهو محتاج لحماية الله. فالإنسان ضعيف وليس كالملائكة. فالملائكة بطبيعتهم أقوياء إذ ليس لهم أجساد ضعيفة. وكون الملاك يقيس هذا السور، فهذا يعنى أن الملاك صار يتصور كمية الحماية التى كان الله يحيط بها شعبه. وأن الكل كان ينعم بهذه الحماية عبر التاريخ وكون الملاك كان يقيس بذراع إنسان وليس بذراع ملاك فهذا يعنى أنه صاريتصور لزوم هذه الحماية للإنسان الضعيف بسبب جسده وأنه الآن هنا فى أورشليم السماوية بسبب تلك الحماية. لقد صار الملائكة يعطون عذرا للبشر فى سقطاتهم المتكررة، لقد صاروا يشعرون بضعفهم كبشر وأهمية الحماية التى كان الله يحيطهم بها. ربما فى وقت من الأوقات كان الملائكة يندهشون كيف يقبل الله إنسان صنع هذه الخطايا ربما ماكانوا يفهمون، كيف يكون للبشر نفس مجد الملائكة. ولكن كون أن الملاك يقيس السور بذراع إنسان فهذا يعنى أنه أصبح يعطى عذرا للبشر فيما كانوا يفعلونه. وصار يمجد الله على حمايته للبشر التى بدونها ما كان للإنسان أن يدخل هذا المكان

ولكن السور أيضا يشير لأن من فى المدينة ما عاد معرضا للخروج منها ثانية، كما خرج الإنسان مرة من الجنة، ما عاد الإنسان قابلا للسقوط. ولن يدخل لهذه المدينة شيطان مرة أخرى ولا حية فالشيطان الآن فى بحيرة النار.



آية 18 "و كان بناء سورها من يشب و المدينة ذهب نقي شبه زجاج نقي".

بناء سورها من يشب والمدينة ذهب شبه زجاج نقى = اليشب شفاف، والذهب معدن غير شفاف. والمعدن قوى والزجاج شفاف وهش ولكن المعنى كله رمزى. فإذا فهمنا أن اليشب يشير لله نفسه (رؤ3:4) والذهب يشير للسمائيات. والزجاج للشفافية يكون المعنى أن الله نفسه هو سور المدينة السمائية التى تحيا فى شفافية بعد أن تخلص البشر من كثافة الأجساد المادية، سيكون السمائيون من البشر لهم صفة النقاوة والشفافية والحياة السماوية. والله يحرس هذه الصفات، وما عاد إبليس قادر أن يسقطهم ثانية من هذه الحياة السمائية.



آيات 20،19 "و اساسات سور المدينة مزينة بكل حجر كريم الاساس الاول يشب الثاني ياقوت ازرق الثالث عقيق ابيض الرابع زمرد ذبابي. الخامس جزع عقيقي السادس عقيق احمر السابع زبرجد الثامن زمرد سلقي التاسع ياقوت اصفر العاشر عقيق اخضر الحادي عشر اسمانجوني الثاني عشر جمشت".

سمعنا أول مرة عن الأحجار الكريمة فى الجنة (تك12:2). وكان ذلك قبل السقوط. وسمعنا عن الأحجار الكريمة على كتف وعلى صدرة رئيس الكهنة الذى كان رمزا للمسيح. والمعنى أن أولاد الله هم الأحجار الكريمة التى يحملها على كتفه ويضعها فى قلبه ولأجلهم خلق الجنة ليضعهم فيها، ولما خسروها جاء كرئيس كهنة ليحمهلم فيه مرة أخرى وليعود بهم للسماء. هو بفدائه كان رئيس كهنة أعادنا لأورشليم السماوية ولنكون أحجارا كريمة فى بيت أبينا السماوى. ولأن هذه الأحجار موجودة فى الأساسات نفهم أن أورشليم السماوية مؤسسة على محبة الله لأولاده، فلأجل محبة الله لأولاده أسس لهم هذه المدينة السماوية وجملهم فصاروا كأحجار كريمة. وهناك تفسير آخر مكمل للتفسير الأول أن الوحى إستخدم التشبيه بأحجار كريمة لأن فى هذا تعبير عن جمال وبهاء أورشليم السماوية بأقصى ما تستطيع اللغة البشرية. عموما فإن أولاد الله هم زينة أورشليم السماوية. فكون أن إبن الله الذى يغلب يكون عمودا فى هيكل الله.

راجع (رؤ12:3) فالعمود يستخدم:

1.     لتدعيم المبنى.

2.     لزينة المبنى.

وفيما يأتى محاولة لفهم بعض خواص أورشليم السماوية

يشب = إذا لها شفافية الله ومجد الله. كلها محبة نقية لا مكان فيها لكراهية فاليشب إتخذ رمزا لله نفسه (رؤ3:4).

ياقوت أزرق = هى سماوية إرتفعت تماما عن مجد وملذات الأرض.

عقيق أبيض = نقية وطاهرة بلا خطية.

زمرد ذبابى = لونه أخضر إشارة لدوام الحيوية.

جزع عقيقى = لونه أحمر إشارة لإنتصارها على أعدائها (رؤ20،19:14).

عقيق أحمر = كل من فيها مفدى بالدم.

زبرجد = أنقى أنواع الذهب، رمزا للكمال السمائى بلا نقص أرضى فلا أجساد ناقصة لمن هم هناك. الزبرجد ذهب لا يوجد به أى شوائب.

زمرد سلقى = لونه كالبحيرة الهادئة، رمزا للصفاء والسلام الذى يسود هناك.

ياقوت أصفر = النار تزيده لمعانا، وإلهنا نارا أكلة. فوجودنا هناك أمام الله يزيدنا بهاء ولمعانا.

عقيق أخضر = تأكيد على دوام الحيوية ودوام النمو.

أسمانجونى = يمتاز بالصلابة. يكسر أى شىء ولا شىء يكسره فهو رمز للخلود.

جمشت = يمتاز بالجاذبية المغناطيسية. هكذا سنكون منجذبين للمدينة السماوية لا نريد تركها.

هذه مجرد محاولة لفهم ما تعنيه تلك الأحجار الكريمة. والمعنى العام أن حياتنا هناك ستكون بشكل مجيد مختلف عما نحياه هنا. الله سيعطينا فضائل. وكل منا سيتميز عن غيره، "برهم من عندى يقول الرب" (إش11:54-17) نحن بالفضائل التى سيعطيها لنا الله سنكون كحجارة كريمة. وإختلاف أنواع الحجارة الكريمة يشير لأن كل إبن للملكوت يتزين بزينة إلهية مختلفة عن أخيه لكنها ثمينة وجميلة وفى تكامل بينها وبين بعضها البعض.



آية 21 "و الاثنا عشر بابا اثنا عشرة لؤلؤة كل واحد من الابواب كان من لؤلؤة واحدة و سوق المدينة ذهب نقي كزجاج شفاف".

والإثنا عشر بابا إثنتا عشرة لؤلؤة، كل واحد من الأبواب كان من لؤلؤة واحدة المسيح هو الباب الذى تدخل فيه الخراف (يو9،7:10) والمسيح هو اللؤلؤة الواحدة كثيرة الثمن (مت46:13). وهناك بالتالى باب واحد من لؤلؤة واحدة كثيرة الثمن. فمن باع أمجاد الأرض التى هى لآلىء كثيرة ليشترى هذه اللؤلؤة الواحدة كثيرة الثمن (المسيح) سيجد نفسه قد دخل من الباب إلى أورشليم السماوية. ولماذا هناك 12 باب لأن الدخول لكل المؤمنين الآتين من كل مكان ومن كل إتجاه (رقم 4) بشرط أن تكون لهم قيامة مع المسيح (القيامة رقمها 3). والقيامة معناها أن المؤمن قد إعتمد وقام متحدا مع المسيح (رو3:6-5) ثم ظل متحدا بالمسيح بحياة التوبة. وأن الروح القدس الأقنوم الثالث قد ثبته فى المسيح فلا دخول إلا لمن ظل ثابتا فى المسيح وهذا عمل الروح القدس.

سوق المدينة = السوق هو مكان التعامل بين الناس وبعضهم البعض.

ومعاملاتنا مع إخوتنا فى السماء ستكون على مستوى سمائى = ذهب نقى وفى نقاء = كزجاج شفاف.



آية 22 "و لم ار فيها هيكلا لان الرب الله القادر على كل شيء هو و الخروف هيكلها".

الهيكل هو مكان لقاء الله مع شعبه، والآن الله ساكن مع شعبه بل هو فيهم وهم فيه، فلا حاجة لوجود هيكل بعد هذا الإتحاد. والهيكل تقدم فيه ذبائح غفرانا للخطايا، والآن لا خطايا يقدم عنها ذبائح. لقد صار لقاءنا مع الله على مستوى الوحدة وفى نقاوة بلا خطية.



آية 23 "و المدينة لا تحتاج الى الشمس و لا الى القمر ليضيئا فيها لان مجد الله قد انارها و الخروف سراجها".

الله نور، وهو سينير المدينة. وكنا على الأرض نحتاج للظلمة حتى نستريح. والآن لا تعب. بل راحتنا أن نكون فى الله ونراه دائما.



آية 24 "و تمشي شعوب المخلصين بنورها و ملوك الارض يجيئون بمجدهم و كرامتهم اليها".

تمشى= نشير لأن المخلصين يمشون وراء المسيح فى خضوع كامل، فلقد إنتهى كل تمرد وعصيان.

وملوك الأرض يجيئون بمجدهم وكرامتهم إليها = هؤلاء من كان لهم كرامة زمنية، حينما رأوا مجد الله إحتقروا كل ما كان لهم من مجد ووضعوه تحت قدمى الله. بل لن يدخل أورشليم السماوية إلا كل من وضع مجده تحت قدمى المسيح بينما هو مازال على الأرض، أى أثناء حياتهم على الأرض إحتقروا كل كرامة زمنية واضعين نصب أعينهم مجد أورشليم السماوية التى يريدون الوصول إليها.



آية 25 "و ابوابها لن تغلق نهارا لان ليلا لا يكون هناك".

الأبواب مفتوحة لأنه لا خشية من أعداء يأتون إليها، فكلهم الآن فى البحيرة المتقدة بالنار. لن تغلق نهارا = العادة أن تغلق الأبواب فى الليل لا فى النهار. فما معنى قوله لن تغلق نهارا. الرد فى النصف الثانى من الآية لأن ليلا لا يكون هناك = فإذا كان الله نور المدينة فلن يكون هناك ليل، ولن يكون هناك خوف حتى بغلقوا الأبواب.



آية 26 "و يجيئون بمجد الامم و كرامتهم اليها".

كل مجد الأمم وكرامتهم ستوضع تحت قدمى المسيح.



آية 27 "و لن يدخلها شيء دنس و لا ما يصنع رجسا و كذبا الا المكتوبين في سفر حياة الخروف".

هنا نجد حدود من يدخل لأورشليم السماوية.