تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

المباديء والتغير بسرعة 360

بدء بواسطة برطلي دوت نت, أغسطس 07, 2011, 11:39:37 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

المباديء والتغير بسرعة 360


الأستاذ متي كلو

من مراسيم جمهورية ثورة 14 تموز 1958 الأولى مرسوم بتعيين اللواء الركن صالح زكي توفيق مدير السكك الحديدية العام والذي كانت تربطه بعبد الكريم قاسم "رئيس الوزراء وقائد ثورة تموز 1958" صداقة متينة وحميمة وكان من اخلص واعز أصدقاء "الزعيم عبدا لكريم قاسم" وحال استلامه المنصب بدا بتعين المئات من العمال والموظفين المنتمين إلى الحزب الشيوعي العراقي أو من السياسيين الذين كانوا نزلاء  في سجون ومعتقلات  وأقبية النظام الملكي البائد أو ذوي الاتجاهات السياسية الماركسية اليسارية ، واستلم البعض منهم مناصب في هذا المرفق الذي كان من المرافق الحيوية في تركيبة المؤسسات الرسمية الحكومية.

وبعد أحداث كركوك عام 1959 وبعد الخطاب الذي ألقاه  عبد الكريم قاسم في كنيسة مار يوسف في الكرادة/ خربندا في 19تموز / يوليو 1959 وهاجم فيه ما حصل في المدينة من عنف  وقتل أكثر من 70 شخصا من أبناء المدينة حيث أشار من طرفي خفي إلى الشيوعيين الذين سماهم "ببعض الجماعات" وأطلق عليهم اسم الفوضويين! .

وبعد هذا الخطاب بدأت بعض الوزارات بالتضييق على الشيوعيين وأنصارهم في وظائفهم وكان أولهم صالح زكي توفيق المدير العام للسكك الحديدية ، حيث بدا بإصدار أوامر إدارية بفصل الكثير من الذين عينهم بعد قيام الجمهورية في 14 تموز ، وعندما سأله احد أصدقائه لماذا هذا التغير، قال جملته المشهورة"بدلنا الكير".

ولكن هنالك من ضحى بحياته ومستقبله في سبيل المبادئ التي كان يحملها وأتذكر احدهم "ي" عندما اعتقل بعد 8 شباط 1963 وكان "ي" احد منتسبي الجيش العراقي، وأودع احد المعتقلات وتم إحالته إلى محكمة عسكرية خاصة لمحاكمة العسكريين الذين اتهموا بتهم سياسية ،.

وبالرغم من أفكاره التي كانت تتقاطع مع الكثير من أبناء عمومته وعشيرته ولكن تسابق اغلبهم بالوقوف إلى جانبه في محنته واستطاع احد أقربائه إن "يتوسط" عند رئيس المحكمة بإطلاق صراحة بشرط أن يعلن براءته من الحزب الذي ينتمي إليه في قاعة المحكمة أثناء المحاكمة ، وابلغ قريبه هذا الخبر إلى أهله وأبناء عمومته وأصبح إطلاق صراحة مجرد وقت وبانتظار تحديد يوم المحاكمة وهرع والده إلى المعتقل ليبلغ ولده الوحيد بهذا الخبر السار وطلب منه أن يعلن براءته من الحزب أمام "الحاكم" وبدا  الحزن والقلق عليه وعلى أمه التي لم تذق طعم النوم منذ اعتقاله ، طرق "ي" رأسه ونظر إلي أبيه وشاهد أن في عيون والده رجاء  وتوسل بان يعلن ذلك أمام المحكمة ويعود إلى أهله وعشيرته.

وتم تحديد يوما المحاكمة وحضر"ي" إلى قاعة المحكمة ووقف أمام رئيس المحكمة العقيد "..." ، وبعد مطالعة المدعي العام العسكري سال العقيد المتهم "ي"  هل هو منتمي إلى الحزب "الهدام" صمت طويلا ثم وجه بصره ناحية والده .

فوجده مطأطئ الرأس.. ،وشرد ذهنه وهو يفكر بوالده الطاعن في السن وأمه المريضة وحالها وهو في الاعتقال وأخواته الأربعة، ومضت لحظات أخرى وهو يسال نفسه أسئلة متقاطعة الإجابة! هل يكذب ويقول انه برئ  من الحزب وينسف مبادئه ونضاله أم يفتخر بانتمائه إلى حزبه وبدد صمته صوت رئيس المحكمة وهو يسأله :

هل أنت منتم إلى الحزب الفلاني!

، أجاب "ي" بأعلى صوته:

نعم أنا عضو في الحزب ويشرفني أن أكون احد أعضائه.

ذهل والده من إجابته وصمت، وانحدرت دمعة حارقة من عينه.

وفي حياتنا ألان الكثير من أمثال صالح زكي توفيق في تغير مواقفهم واتجاهاتهم وميولهم و"كتاباتهم" ووفق مصالحهم وتختلف نسبة التحول لتصل أحيانا إلى 360 درجة.

ومنهم السياسيين والفنانين والكتاب و"الأدباء"و"الشعراء" وغيرهم  من"المثقفين" ومن  السخرية أن نجد اليوم "البعض" من هؤلاء كانوا من رفاق وزملاء "ي" وأعضاء بارزين في"أحزاب وكيانات وتجمعات سياسية" .

واليوم "بارزين" في الهرولة والحصول على نوع من "المصلحة الشخصية" كما هنالك الكثيرين أمثال"ي" ..

وشتان ما بين  الثرى والثريا .

المصدر : نقلا عن جريدة بانوراما التي تصدر في سدني / استراليا