مشاكسة رفقــا بالاســـاتذة / مال الله فرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, أكتوبر 13, 2013, 05:29:06 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

مشاكسة
رفقــا بالاســـاتذة




مال اللــه فـرج
malalah_faraj@yahoo.com


اعصار عنيف من التساؤلات الحادة فجره بقوة رئيس احدى الجامعات (الافريقيــــــة) وهو يهز بغضبه المشروع المشاعر الطلابية والانسانية معا ' مستفزا الاحاسيس بثورة غاضبة مكتومة لكنها محتدمة بأعماقه ' عبرت عن مدى اصطخابها وعنفها ' وهي تشتعل في داخله ' علامات الاستفهام الحادة التي حفرها تصرفه وكلماته الملتهبة في اليوم الجامعي الاول.
فعلى النقيض تماما من مراسيم الفرح والبهجة والتفاؤل التي تستقبل بها مختلف الجامعات العالمية طلبتها في يومهم الدراسي الاول حيث باقات الزهور واحتفالات الترحيب وكرنفالات التعارف احتفاءا بالخطوة الاولى على اديم العالم الجامعي الساحر اللذيذ الذي غالبا ما يكون ساحة لاروع الصداقات ولاعنف قصص الحب  وذاكرة تختزن بين تلافيفها ارقى العلاقات الانسانية الشفيفة , فضلا عن كونه البوابة الاخيرة للاطلالة على المستقبل والانغماس بالحياة العملية ' فان رئيس الجامعة ذاك فاجأ طلبته وهو يفتتح عامهم الدراسي الجديد بتقليد عجيب غريب أذهل الحضور جميعا وادهشهم معا.
فبمنتهى البساطة بادر رئيس تلك الجامعة (الافريقيــــة)  المميزة التي نجحت رغم قصر عمرها في تخريج دفعات من الكفاءات العلمية عبر مختلف الاختصاصات وكانت محط اعجاب الكثيرين وحسد الكثيرين ايضا لمكانتها ولأنضباطها العالي ولنهجها العلمي القويم ' بادر بهدوء الى خلع سترته ليرتدي عوضا عنها صدرية واقية من الرصاص كتلك التي يرتديها الصحفيون والاعلاميون ومراسلو  الصحف والاذاعات والفضائيات الذين يتواجدون في ساحات القتال ويقفون على مقربة من خطوط النار وهم يقومون بتغطية الاحداث الملتهبة ليكونوا بشجاعتهم المتفردة وباندفاعهم المهني مشاريع فداء واستشهاد من اجل مواكبة الحدث وتوثيقه بمهنية عالية ونقل الحقائق بمصداقية نزيهة محايدة.
وعلى الرغم من كون ذلك الاستاذ الجليل ربما قد دخل كتاب غينيس للارقام القياسية دون علمه كونه ربما اول استاذ في التاريخ يستقبل طلبته في يومهم الدراسي الاول في رحاب جامعة علمية تقع وسط احياء مدنية وفي ظل اجواء الامن والسلم والاستقرار  بصدرية مضادة للرصاص وكأنه في ساحة حرب فعلية وليس في رحاب اجواء جامعية ' الا انه كما يبدو من حيرة الطلبة واستغراب بعضهم ودهشة الاخرين انما اراد بمبادرته (القتاليـــــة) تلك ان يبعث الى من يهمه الامر برسالة دقيقة ومعبرة وواضحة المعالم عبر حرصه وبذكاء عال على ان تكون رسالته تلك موجهة بدقة ومباشرة الى الهدف تماما.
باختصار كان فحوى تلك الرسالة يقول( انني على استعداد للشهادة من اجل نزاهتي وعدالتي ومبدئيتي ورسالتي العلمية) ' ولقد اوقف ذلك الاستاذ الجليل بلحظات حاسمة كل تخيلات وتوقعات ودهشة واستغراب وتأويلات  طلبته الذين اذهلهم منظر رئيس الجامعه وهو يرتدي صدرية مضادة للرصاص وسط الحرم الجامعي عبر مبادرته بعرض جوانب من الحقائق التي ترسم تضاريس واحدة من اخطر الكوارث العلمية واحقرها عندما يسقط بعض الذين فشلوا لأي سبب في عبور مراحلهم الدراسية بنجاح  في مستنقع التهديد بالسلاح في محاورة اساتذتهم الاجلاء وهم يحاولون التغطية على فشلهم وخذلانهم وخيباتهم وربما غباء او عدم مبالاة بعضهم بتحويل الحرم الجامعي من حوار الحضارات الى حوار الرصاصات.
بشجاعة مبدئية اوضح رئيس تلك الجامعة لطلابه بلهجة يعتصرها الالم وتغلفها المرارة بأنه تلقى تهديدات بالقتل لانه طبق بمهنية ومنهجية وبعدالة ومبدئية قرار الهيئة التدريسية الجامعية المختصة بعدم السماح للطلبة الراسبين في الدورين الاول والثاني العبور الى المرحلة الاعلى ' بل البقاء في مراحلهم مع منحهم ميزة الامتحان خلال السنة الدراسية الاتية بالدروس التي فشلوا فيها فقط وليس بجميع الدروس ' كما رفض مجلس الجامعة منح الطلبة الراسبين خمس درجات اضافية لتعديل معدلاتهم ودرجاتهم في المواد التي فشلوا فيها ومنحهم عبر ذلك امتيازا ربما لايستحقونه.
وكان من نتائج وافرازات ذلك الموقف المبدئي الذي يحرم اي نوع من المساومة والتساهل الذي من شأنه الاساءة للكفاءة العلمية والانتقاص من مستواها  الرفيع انفجار موجة من التهديدات والشتائم والمسبات البعيدة ليس عن الموضوعية وحسب وانما المنافية للاخلاق وللقيم الاجتماعية وللعدالة ولحرمة التعليم الجامعي ' وفي مقدمتها تهديد رئيس الجامعة بالقتل ' فهل يرغب ذلك المجتمع (الافريقـــــي)   ان تسير جامعاته وفقا لارادات ومصالح وانانيات بعض المتخلفين وتفقد موقعها العلمي الرفيع الرصين ؟ ام ان ما يريده ذلك المجتمع كما المجتمعات الراقية تعزيز القيم العلمية وتحصينها من مثل هذا الابتزاز؟
في الواقع لقد قال ذلك الاستاذ والمربي المبدئي الفاضل كلمته بمنتهى الحزم والعزم والشجاعة وهو يرتدي الصدرية المضادة للرصاص امام طلبته ليوجه عبرها رسالة واضحة ومبدئية جديرة بالتقيم والاحترام والاعتزاز مفادها (لن اساوم على المستوى العلمي لهذه الجامعة الحيوية التي تسلمت امانة رئاستها حتى لو كلفني ذلك حياتي) فاية شجاعة علمية هذه في زمن عزت فيه الشجاعة هنا وانكفأت هناك ؟
وانا اتلمس تفاصيل ذلك الموقف البطولي المبدئي لرئيس تلك الجامعة (الافريقيــــة) حمدت الله ان ذلك يحدث هنالك في (افريقيــــا) حيث الجهل سيد المجتمع وليس لدينا حيث العلم والنهوض الحضاري واحترام الكفاءات العلمية سادة المجتمع ' اذ لم ينجح الارهاب والانحطاط والتطرف والعنف والجريمة المنظمة لدينا الا في اغتيال (250) استاذا جامعيا (فقـــط) خلال سنة ونصف ' بعد سقوط النظام البائد ' كان منهم (34) استاذا جامعيا في مدينة الموصل وحدها وفقا   لاحصائية رابطة المدرسين الجامعيين العراقيين الى جانب اضطرار (1500) اخرين من خيرة الاطباء والكفاءات العلمية ورؤساء واساتذة الجامعات الى الهجرة ومصارعة امواج الغربة وذلها خلال تلك الفترة فقط هربا من العنف والتهديد والابتزاز والقتل والاختطاف.
ولعل من المضحك المبكي اننا في ظل ذلك كله ' وفي خضم ابشع حالات العنف والتجاوزات والانتهاكات والتهديدات التي ما تزال تحدث في بعض مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا ضد الاسرة التعليمية والتدريسية وعمداء المعاهد والكليات ورؤساء الجامعات ما زلنا نردد بنفاق ونحن نتحدث عن هؤلاء الاجلاء(قف للمعلم وفه التبجيلا .. كاد المعلم ان يكون رسولا).
رفقا باساتذتنا الاجلاء .. والف تحية لهولاء الاكفاء النبلاء .. ورحمة الرب لمن التحق منهم بركب الشهداء.