"تحرير" الموصل لن يفيد شعبنا بشيء وداعش أخرى تنتظرنا

بدء بواسطة ماهر سعيد متي, أكتوبر 03, 2016, 02:30:54 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

ماهر سعيد متي

"تحرير" الموصل لن يفيد شعبنا بشيء وداعش أخرى تنتظرنا بعد شراء أمريكا لفرع القاعدة في سوريا

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد


ان تكون لنا أحلام كبيرة هذا أمر طبيعي، بيد أن التعامل مع الأحلام وكأنها الواقع معناه فقدان البوصلة في التعامل مع الواقع.

وكأقلية نحن لا نفهم كثيرا في السياسة. ندمج بين الأخلاق والسياسة بينما الاثنان امران مختلفان تماما.

الأخلاق تعني الالتزام بما نراه اعرافا حميدة دينية كانت او لها علاقة بالشرف، وتجنب الأخلاق غير الحمدية انطلاقا من الدين والعرف الاجتماعي.

السياسة ليست ابدا الخيار بين واحد من إثنين كما هي الأخلاق. السياسة قد تفضل الشر على الخير وتناور بينهما وتضيف إليهما خيارات أخرى وتتحالف حتى مع الشر ضد الخير انطلاقا من مصلحتها.

السياسية كودوينية، استنادا الى الفيلسوف الأمريكي ويليم كودوين. كودوين يقول في السياسة لا مكان للمحبة والتسامح والعطاء والغفران – أركان المسيحية كرسالة سماء –ولا مكان ابدا لمقولة ان تحب قريبك كنفسك ولا مكان للأخلاق.

ويأتي كودوين بسيناريوات عديدة وأشهرها صيتا في العلوم السياسية هو The Fire Case الذي فيه يبرهن ان القيمة الإنسانية والأخلاقية للبشر فرادا وجماعات ودول ليست متساوية ابدا ولا يمكن ان يكون ولدي بالنسبة لي مساويا لولد جيراني ولا مكان لحبي لقريبي كنفسي.

وأنقل هنا السيناريو ببعض التصرف كي أقربه للقراء.

لو حدث وأن تواجد قديس تجري على يديه العجائب مع رجل شرير وقاطع طرق وقاتل في غرفة واحدة. وحدث ان شبّ حريق في هذه الغرفة. وحدث ان كان متواجدا شخص بالقرب من هذه الغرفة ولكن لهذا الشخص مصلحة لدى الرجل الشرير وبغيابه لن تتحقق هذه المصلحة وستصيبه خسارة كبيرة. وكان امام هذا الشخص خيار واحد وهو ان ينقذ إما القديس او الشرير من النار، فمن سينقذ؟ يقول كودوين إنه بطبيعة الحال ودون سؤال سينقذ الشخص الشرير.

وكودوين بسيناريواته القريبة من هذه وضع أسس الفلسفة النفعية او فلسفة المنفعة utilitarianism والتي تشكل ركنا من أركان السياسة في عالم اليوم لا سيما في أمريكا والدول الغربية (رابط 1).

سألوا مرة سياسيا عما إذا كان يكذب في أقواله وتصرفاته ومواقفه، فضحك قائلا: "أكذب! ولماذا لا أكذب. أنا اقتل وأشن الحرب وأهاجم أي كان من اجل قضيتي ومصلحتي فلماذا لا أكذب."

ولهذا، لا نستغرب إن كانت الدول الغربية مثلا تتحالف مع زعيم او حكومة دكتاتورية وتغض النظر عن كل خطاياه لأن التحالف هذا يحقق مصلحتها، وحالما تنتهي المصلحة تستخدم الدكتاتورية ذاتها والتي كانت تهادنها سببا لضربه.

قبل فترة باعت أمريكا حلفائها الأكراد في سوريا مثلما تبيع أي بضاعة في السوق. وهذه ليست اول مرة يتم بيع الأكراد بأبخس الأثمان.

وإن نظرنا الى الواقع في العراق لرأينا ان دول التحالف وغيرها مثل إيران وتركيا تتواجد من أجل مصلحتها.

والميليشيات (في العراق ليس هناك جيشا نظاميا وطنيا تابع للمركز – بغداد – او إقليم كردستان -اربيل) التي تقوم "بتحرير" المدن الكبرى ولأقضية والنواحي والقرى من سيطرة داعش يهمها أولا وقبل كل شيء مصلحتها.

ومصلحة هذه الميليشيات (العربية الشيعية والكردية السنية) تقتضي ان يحقق لها التحرير تلبية منافعها أولا وقبل أي شيء أخر.

الميليشيات الشيعية بودها ان ينقرض السنة كما كان بود داعش ان ينقرض الشيعة. الميليشيات الكردية بودها ان ينقرض السنة العرب والشيعة العرب والشيعة التركمان والشيعة الشبك من كل المناطق التي تريد اغتصابها وضمها اليها.

والموصل مدينة تتنوع فيها الإثنيات والأديان والمذاهب، ولكن الولاء هو للاصطفاف المذهبي بالدرجة الأولى.

التركمان – الذين غالبيتهم شيعة ولهم تواجد كثيف في الموصل جزء من الحشد الشعبي – الميليشيات الشيعية. وكذلك الشبك ومعهم الأكراد الفيلية. المذهبية والطائفية والمحاصصة تأتي قبل الوطن والولاء للعلم الوطني.

وتركيا، حليفة التركمان متواجدة في معسكر قريب من الموصل.

وإيران حليفة الشيعة متواجدة تقريبا في كل مكان.

ماذا حدث في المناطق "المحررة"؟ تدمير ممنهج للعمران والبنيان الى درجة ان مدينة كبيرة مثل الرمادي جرى فيها مسح أكثر من 50% من البيوت بالأرض.

هذه المناطق خرجت من سيطرة داعش المرعبة والدموية ولكنها صارت تحت سيطرة ميليشيات لا ترحم إن كانت شيعية او كردية.

ماذا سيحدث في الموصل؟ ستحدث كارثة. لأن الميليشيات الكردية والشيعية لا تكن أي ود للموصل كمدينة وسكانها كسنة عرب لأسباب تاريخية وأسباب متعلقة بالموقف من داعش.

وطائرات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لا يهمهما كثيرا إن تم تدمير المدينة او تم تدمير البيت على الكل.

وإن تم "تحرير" مدينة الموصل، ستعيث هذه الميليشيات فيها فسادا ولا نريد ان نذكر القراء بما أحدثته الميليشيات الكردية التي يقول مسعود البرزاني إنها "منضبطة" من عبث وسرقة وفلتان في الموصل بعد الغزو الأمريكي مباشرة ولا نريد أن نذكر القراء بتقارير منظمات حقوق الإنسان المستقلة مثل Human Rights Watch حول الطريقة التي كانت الأسايش وغيرها من أجهزة الأمن والاستخبارات الكردية تضطهد شعبنا في سهل نينوى ومن ثم تركته لقمة سائغة لداعش.

اما الميلشيات الشيعية بأصنافها فهي أتت لتنتقم وليس لتحرر.

وكأن كل هذا لا يكفي، هناك داعش أخرى في الطريق قد تكون أكثر رعبا ودموية من التي نعرفها الأن.

إنها القاعدة في سوريا، متمثلة بجبهة النصرة – التي غيرت اسمها الى "فتح الشام" من خلال نصيحة أمريكية كي تصبح مقبولة – مع عدة تنظيمات جهادية أخرى (مثل جيش المهاجرين والأنصار، وصقور الشام، ولواء التوحيد، وجيش الإسلام، وحركة أحرار الشام الإسلامية، وأنصار الشام، ولواء الحق، وغيرها من التفرعات) التي تشكل جيشا مهولا ومخيفا يتم تسليحه بشكل استثنائي وتمويله بمئات الملايين من الدولارات من أمريكا والتحالف الذي تقوده ولا سيما حلفائها في الخليج – قطر والسعودية – وتركيا كذلك.

وداعش كما نعلم خرجت من رحم القاعدة في العراق. والقاعدة أساسا خرجت للوجود لمحاربة الاتحاد السوفيتي السابق في أفغانستان والذين أسسوها ومولوها وسلحوها الى درجة اخذت تقاوم الوجود السوفيتي في أفغانستان ومن ثم تلحق به هزيمة نكراء هم أمريكا والسعودية وباكستان.

ذات القاعدة وتفرعاتها في سوريا في طريقها ان تصبح "حبيبة أمريكا" وحلفائها. ليس هناك فصائل معارضة معتدلة في سوريا. الذين يحاربون هناك هم داعش، الذي يبدو أنه في أفول، ومن ثم القاعدة متمثلة بجبهة النصرة والمجموعات الجهادية المتحالفة معها.

داعش الجديدة هذه في الطريق لأننا نتحدث ليس عن عشرات الالاف من المقاتلين الجهاديين بل ربما مئات الالاف يتم تسليحهم وتموينهم وتمويلهم دون حساب كي يلحقوا هزيمة بحزب الله وإيران وروسيا في سوريا.

وكما نرى فإن أمريكا ترفض فصل – حتى الأن وربما لن تسمح ابدا – المعارضة المعتدلة – التي ليست موجودة في الواقع – عن جبهة النصرة وحلفائها كي تحاربهم روسيا وأمريكا سوية.

جرى اتفاق بهذا الخصوص مع روسيا ولكن سرعان ما نكثت أمريكا الاتفاق تحت ضغط صقور الاستخبارات والبنتاغون الذين يشتد ساعدهم ويقال ان الأمر وصل درجة انهم لا يطيعون حتى أوباما.

إذا كان في سيناريو كودوين هناك قديس واحد على الأقل، فإن غرفة السيناريو الحالي في كل من سوريا والعراق والأشخاص الذين فيها والواقفين امامها وخلفها وفوقها وتحتها كلهم أشرار.

ولهؤلاء الأشرار نحن لا نشكل أية منفعة او مصلحة. نحن صفر ولا نأتي في حساباتهم ولا وجود لنا في اعتباراتهم ولا هم يحزنون.

ماذا بقي لنا وما هو طريق الخلاص او خارطة الطريق للخلاص للحفاظ على الوجود؟ الجواب في المقال القادم.

=========================
رابط 1
http://plato.stanford.edu/entries/godwin/


http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,822580.0/topicseen.html
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة