تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

8 شباط ذلك اليوم المشؤوم

بدء بواسطة د.عبد الاحد متي دنحا, فبراير 08, 2012, 11:17:20 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 2 الضيوف يشاهدون هذا الموضوع.

د.عبد الاحد متي دنحا

8 شباط ذلك اليوم المشؤوم

2012-02-07

نجم الساعدي*\الصباح الجديد

بعد ان نجحت ثورة 14 تموز 1958 شرعت الأبواب أمام عهد جديد تحول فيه العراق من  مجتمع عشائري  تقليدي الى مجتمع مدني، حيث وجهت الثورة ضربات الى الطبقات التقليدية كطبقة الاقطاع وحلفاءها في المدن، وتحولت فيه القيادة الى زعماء ثوريين من طبقات مختلفة، وأدت الى انطلاق  تطور صناعي وثقافي والى عهد من الحريات المدنية من تشكيل الاحزاب والجمعيات والنقابات لتأخذ دورها في المجتمع واصبحت تلك ظاهرة جديدة واقعية امتد اثرها نحو الدول المحيطة وتخوفت تلك الدول وانتبهت لما يجري حولها من تحولات جذرية كذلك امتد الخوف الى قوى عالمية التي حفزها هذا الحدث الكبير في العراق وهذه الثورة الجماهيرية الشعبية الكبرى وصميم وطنية قادتها وبالتعاون مع الطبقات المتضررة داخل العراق ولاجل احتواء ثورة 14 تموز والنظام الديمقراطي الجديد اجتمعت تلك القوى على قرار واحد باسقاط هذه الثورة باشد الاساليب شراسة وابتدأت التآمر منذ الشهر الاول وانشقاق عبد السلام عارف، بمساندة من القوى القومية التي خافت على ان تطمس قيادتها للامة العربية وتحالف الجمهورية العربية المتحدة بقيادة عبد الناصر والسوريين وتآمر عبد السلام عارف منذ الشهر الاول لقيام الثورة بعد دعواته للوحدة مع الجمهورية العربية المتحدة حتى ابعد كسفير للعراق في المانيا الغربية انذاك .
وكذلك من عوامل التهيئة للانقلاب على الثورة هو التركيبة الوزارية للوزارة الاولى (مجلس الوزراء) الذي تشكل بعد الثورة حيث كان المجلس يضم اقطاب متنافرة من الانتماء الحزبي والفكري ولكل اهدافه او اهداف حزبه وولائه فمنهم الشيوعي والبعثي والقومي ومن حزب الاستقلال والحزب الوطني الديمقراطي والبارتي الكردي.
وقد كان لمغامرة بعض الضباط المغمورين الذين لم يتمكنوا من الحصول على مناصب قيادية بعد ثورة تموز كأحمد حسن البكر وصالح مهدي عماش وصبحي عبد الحميد وطاهر يحيى وعارف عبد الرزاق وعبد الرحمن عارف وعبد الستار عبد اللطيف دور مهم في التعامل مع القوى المؤثرة في حدوث الانقلاب سواء من القوى الخارجية (المخابرات الامريكية والبريطانية) والجمهورية العربية المتحدة والحكومات الاقليمية الكويت والسعودية والاردن وكذلك مع قوى الداخل من الطبقات التي ازيحت من السلطة ومن الواجهة ومنها طبقة الاغوات في كردستان من (شمال العراق) التي ازعجها احتضان الزعيم قاسم للقائد الكردي الملا مصطفى البارزاني بعد دعوته للعودة الى العراق واستقباله من قبل كبار الشخصيات العسكرية والمدنية في بغداد وتخصيص دار نوري السعيد له اخذت تلك القوى تحرض على القتال والتمرد والتنسيق مع شاه ايران والغرب والقوى القومية العربية كما يذكرها الدكتور حامد محمود عيسى في كتابه المشكلة الكردية في الشرق الاوسط القاهرة 1991.
وكان للعفو المتكرر عن المتآمرين او تخفيض محكومياتهم واعادتهم الى مناصبهم اثر كبير في تشجيع المتآمرين على الايغال في التآمر.
لقد كان فكر الزعيم قاسم هو اشاعة القيم الانسانية مثل العفو والعدل والتسامح لا يجابه الا بالجحود والايغال في التآمر وهذا مدعاة لنبذ كل الطروحات التي تقول بأن قاسم كان مخطئا حيث كان يجب عليه ان يستعمل العنف لكون القانون لم يستقر بعد، ان فعل قاسم هو نقيض لكل القيم البدوية والفلاحية والعشائرية المتخلفة حيث كان يمثل فكرا حضاريا نبيلا متقدما تجاوز الاعراف السائدة وعمم فكرة التسامح وقد كرر مرارا في خطبه على هذا المبدأ (سنبقى متسامحين حتى بالنسبة للاشرار من رجال العهد البائد) و(سامحوا اولئك الذين اساءوا اليكم، اننا لا نحمل الابن وزر الاب، ذلك لان ابناء الحاضر سيخلفون جيلا طيبا للمستقبل).

طاحونة الموت بدأت تدور في رحاب الوطن الذي تعافى من نظام ملكي فاسد تواً ولم تمض اربعة اعوام ونصف حتى حدث ما لم يكن يصدقه الشعب الذي ساند الثورة وزعيمها الذي ظلم كما لم يظلم أحد. ولا يمكن لاي باحث او مؤرخ منصف ان ينكر دوره كلما ذكرت ثورة 14 تموز المجيدة حيث كان الزعيم مؤسس اول جمهورية عراقية وشخصية عسكرية وسياسية ذات نكهة عراقية خالصة لا تشوبها شوائب، هذه الحقيقة التي لم يتمكن أعدائه من طمسها. لقد اخذ عدد من الذين كانوا ضد الزعيم عبد الكريم قاسم وشاركوا بمحاولات انقلابية ضده تحليل ما حدث واعترفوا بموضوعية وعقلانية عندما اعادوا تذكر الاحداث في مذكراتهم ولقائاتهم وخاصة الذين انشقوا عن زمرة صدام وعاشوا خارج العراق امثال هاني الفكيكي وطالب شبيب ، خالد علي الصالح، عبد الكريم فرحان و... لقد اعترفوا بمكانته ربما في صحوة ضمير او بالاصح تأنيب ضمير بعدما أخذت السنين منهم ماخذاً وكذلك بسبب اخفاقهم في تحقيق الشعارات البراقة والكاذبة التي كان يطلقونها، ومنهم من دعاة الوحدة العربية الكاذبة والذين ساهموا في تفكيك الروابط القومية حتى في ابسط اشكالها واولهم عبد السلام عارف الذي سرعان ما اختلف مع عبد الناصر بعد استلامه السلطة. وهذا التحول في مضمون شعار الوحدة العربية نفى مصداقية اغلب المنادين بها اثناء صراعهم مع الزعيم.
تمتلكني مشاعر جياشة كلما مرت ذكرى 8 شباط الاسود فأنني اعتبرها بداية النكسة وبداية الدمار الذي حل بالعراق ونهاية عصر قصير جميل مر بنا. لقد مثل الزعيم عبدالكريم قاسم نموذجاً للقائد الوطني الذي يضع مصالح شعبه ووطنه فوق كل اعتبار لذلك ظل خالداً في الذاكرة العراقية.

*كاتب عراقي

لو إن كل إنسان زرع بذرة مثمرة لكانت البشرية بألف خير