اليوم الثاني من الحلقة النقاشية في أربعينية الشاعر الأب يوسف سعيد

بدء بواسطة برطلي دوت نت, أبريل 18, 2012, 08:15:48 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

اليوم الثاني من الحلقة النقاشية في أربعينية الشاعر الأب يوسف سعيد




موقع عشتار تي في

تواصلت لليوم الثاني أعمال الحلقة النقاشية التي تقيمها المديرية العامة للثقافة والفنون السريانية لمناسبة أربعينية الشاعر الأب يوسف سعيد، على قاعة متحف التراث السرياني بعنكاوا في الساعة التاسعة صباحا.

استهلت الجلسة الثانية التي أدارها الأستاذ الناقد ياسين النصير، ببحث الأستاذ جاسم عاصي المعنون (ما يتبدى  من الشعر- قصائد "طبعة ثانية للتاريخ" أنموذجا) قال فيه:" إننا أمام شاعر أولا وأب في الفكر الديني ثانيا. وهاتان الصفتان تجمعهما الخاصية الإنسانية في بؤرة واحدة كما القصيدة. فالشاعر الأب يجمع في تصوراته الكوني والدنيوي في صورة واحدة يمثلها الإنسان. وهي التي ولدت لنا شعرا لإنسان يمارس مفاهيمه المختلفة ببعد واحد كبير ومكثف في إنسانية الإنسان، هذه الصورة في مفهوم (الإنسان- الأب- الشاعر) هي التي دفعت بالأب الشاعر إلى أن يكون إحساسه الشعري بالوجود تلقائيا منطلقا من مستقر مبدأي".

وأضاف:" لعل النظرة الفاحصة لقصائد الديوان تستوقفنا أمام العديد من المحاور التي عالجتها قصائد هذه المحاور التي تُبأر في مركز واحد، هو إعادة النظر في الظواهر من خلال الانعكاسات الحسية التي تركتها على الذات الإنسانية متمثلة في ذات الشاعر، لقد راوحت القصائد بين قصائد قصار وأخرى طويلة نسبيا، وفي كلتا الحالتين، ثمة تحقيق لرؤى جديدة".

تلاه الأستاذ ناجح المعموري ببحثه المعنون (الاطراس الأسطورية في تجربة الأب يوسف سعيد الشعرية) بدأه بقراءة أبيات من قصيدة فضاءات للأب الراحل "وأمّا أنت

يا أيها المقوس جذع شجرة قديمة

أنظر!

أسرابُ من عصافير الأرض

ترحل يومياً

نحو

ينابيع

انهار مقدسة (ص38 فضاءات الأب يوسف سعيد)"

واستطرد قائلاً: "لعبت ديانات الشرق دوراً مهماً في المسيحية وأكثر العناصر بروزاً هي الآلهة الشابة المذكرة/ القتيلة والمنبعثة، واهم هذه الإلهة اوزوريس المصري وأدونيس/ أتيس في أسيا الصغرى/ ميثرا الفارسي/ يوسف التوراتي/ وأخر النماذج زكريا النبي. وظف الأب يوسف سعيد أسطورة الإله الشاب القتيل التي تماهى معها يسوع". وأضاف: "في فضاء الأرض تصعد الأم الكبرى في ديانات الشرق إيقونة سردية محكومة بعدد من الأيقونات. وجميعها تبدأ بمفردة النمط العالي/ او عنصر نظرية الخيال وكانت الأرض رمزا للسيدة العذراء مريم وظهور الشجرة مثمرة هي تمظهرات الأم/ الأرض/ ومريم والشجرة رمز دال على السيد المسيح. وما قاله الأب يوسف سعيد يفضي على اوزوريس وأدونيس اللذين صعدا نحو فضاء يسوع. وأسطورة اوزوريس متماثلة مع مكونات يسوع ولا يمكن قراءة شخصية يسوع بعيدا عن نسق الإلهة الشابة القتيلة والتي كان القمح دالاً عليها".

مشيرا الى "ان المشترك بين الإلهة الوثنية ويسوع، لم يبق ثابتا، بل تحرك قابلا بالارتجال والتحول الواضح والبسيط مع حيازة جديدة لها دواعٍ موضوعية، مثل شخصية النبي زكريا الهارب في محاولة للخلاص من الاضطهاد واحتمال القتل مثلما حصل لابنه يحيى، احتمى بالبستان، استمع لصوت شجرة تنادي عليه: تعال يا زكريا. الشجرة هنا هي الأم الرمزية التي فتحت رحمها / جذعها واستعادته مرة ثانية".

جرت بعدها تلاوة شهادات بالمناسبة من شعراء وأدباء ورواد جماعة كركوك الأدبية، عبرت عن عميق الأسى والحزن على فقدان علم من أعلام الأدب والثقافة والشعر في العراق لا بل في العالم، تلاها الأديب والشاعر السوري صبري يوسف، حيث سرد الدكتور فاضل العزاوي جزءا من ذكرياته العذبة مع الراحل الكبير وأضاف:" لقد كسر الأب يوسف سعيد وكسرنا نحن أيضا معه كل الحواجز التي تفصل ما بين البشر، باسم المذهب أو الدين أو السياسة، مؤكدين أخوتنا الإنسانية في الإبداع قبل أي شيء آخر. ولا اعتقد انه جعلنا في يوم ما نشعر بأننا  مختلفون أو انه اقرب إلى الله منا، بل انه لم يكن يخطر حتى في بالنا أننا ننتمي الى قوميات وطوائف ومذاهب واديان مختلفة، ألا يعبر هذا عن الرسالة الحقيقية التي أراد السيد المسيح إيصالها الى البشر جميعا في كل زمان ومكان؟، تلك الرسالة القائمة على المحبة قبل أي شيء آخر".

أما الاستاذ زهدي الداؤودي فسرد بعضا من ذكرياته مع الراحل وتأثيره في نتاجه الأدبي فيما بعد مؤكدا ان:" الأب يوسف سعيد كان احد ابرز عناصر جماعة كركوك، أكبرهم عمرا وتجربة ودراية وتمردا، كان طائرا يحلق على ابعد نجمة تاركا سربه ومغردا خارجه ومحاولا أن يجعل من السماء والأرض منزلا من الفردوس. وظل يعيش مع هذا الحلم إلى أن غادرنا إلى الأبد".

وبعد استراحة قصيرة بدأت الجلسة الثالثة بإدارة الأستاذ بطرس نباتي وكان أول الباحثين الأديب صبري يوسف ببحثه (رحلة فسيحة في بناء القصيدة عند الأب يوسف سعيد)، حيث يرى الشاعر صبري يوسف أن الأب الراحل يوسف سعيد يمتلك لغة متدفقة بالصور الخلاقة، مميزة بمفرداتها، كما يتميز الشاعر الراحل بالخيال الجامح حيث يقود القارئ إلى فضاءات رحبة، يترجم مشاعره بكل عمق مركزاً على عوالمه الفسيحة ويعكس عوالم روحية صوفية وحياتية راقية.

وآخر البحوث كان بحثا بعنوان (قراءة في الشعر السرياني للأب يوسف سعيد) قدمه الأستاذ بنيامين حداد الذي قرأ شيئا من شعر الأب يوسف سعيد بالسريانية، ثم تحدث عن لقائه الأول به في احد مهرجانات المربد، منتصف الثمانينيات، ووصفه (الاب يوسف) لأشعاره بالعربية بأنها غامضة مقارنة بأشعاره بالسريانية.

كما يرى الباحث ان الشاعر:"كباقي الشعراء الحداثويين، يكتب شعره تحت تأثير معاناة مغرقة جدا بالذاتية، ولكن تبين لي أيضا، ان ما يكتبه بالسريانية اقل غموضا واقل تغريبا. وانه اقرب في شعره السرياني إلى ( الاخر) منه بالعربية.

مؤكدا في الختام انه ليس سوى مجرد قارئ لشعر الأب يوسف سعيد ولم ينصب نفسه ناقدا.

أعقب ذلك تقديم شهادة الأستاذ صلاح فائق الذي قدم في مستهلها تعازيه القلبية إلى أسرة الشاعر الأب يوسف سعيد الذي:" لن يموت إنما انتقل إلى مكان آخر، ذلك لأنه كان و سيبقى حيا في حياتي، فهو معلمي الأول، حيث خدم كل من احتاج الى نصيحته وتضامنه في العراق وفي غيره من البلدان، وفي شعره يقف شامخا كشاعر حديث ووطني في آن. العراق شعره وشعره العراق".

افسح بعدها المجال امام الحضور لطرح تساؤلاتهم واستفساراتهم وتقديم مداخلاتهم التي اجاب عنها المحاضرون بسعة صدر. ولغرض تعريف الحضور باشعر الاب يوسف سعيد بالسريانية، عرض تسجيل صوتي للراحل يلقي فيه بعض اشعاره بالسريانية بمصاحبة عزف عود للموسيقار منير بشير.

واختتمت الجلسة بكلمة المديرية العامة للثقافة والفنون السريانية شكر خلالها الدكتور سعدي المالح كل من ساهم من منتسبي المديرية في إنجاح هذه الفعالية، لاسيما قسمي الإعلام والخدمات، كما شكر السادة المطارنة الأجلاء والآباء الكهنة الأفاضل على حضورهم ومساهمتهم في إغناء الحلقة النقاشية، كما شكر كل من تجشم عناء السفر من داخل العراق وخارجه لاسيما الأديب صبري يوسف المقيم بالسويد والذي رفد متحف المديرية بمخطوطات ومقتنيات تعود للأب الراحل، ليتم عرضها في جناح خاص به، فضلا عن دواوينه ومجاميعه الشعرية الكاملة.