قراءة في كتابة تأريخ الخلافة الأسلامية .. رؤية شخصية

بدء بواسطة يوسف تيلجي, أكتوبر 15, 2015, 03:24:53 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

يوسف تيلجي


                           قراءة في كتابة تأريخ الخلافة الأسلامية .. رؤية شخصية

)  التاريخ الذي درسناه في المدارس جعلنا نحفظ الملوك وفتوحاتهم دون أن نسأل عن مشاعر الشعوب المكبوته بعد الفتح  (  د . علي الوردي - عالم اجتماع عراقي .
المقدمة :
   الـتأريخ عامة يكتبه رجال الحقبة الزمنية ، لذا كانوا أغلب هؤلاء الرجال كتبة للسلاطين وللحكام ، يكتبون بما يؤمرون به ، وبما يتفقق مع مصالح ورغبات الحكام ، لذا تغيب الكثير من الحقائق عن المطلع من جهة ، ويطلع القارئ ما يريده  كاتب التأريخ أن يقرأ من جهة أخرى ، فتأريخ الخلفاء المسلمين كنموذج مثلا ، يرسم لنا لوحة مشرقة بأنه تأريخ كله حضارة وتقوى وعدل ومساوات وتزهد وتعبد وفتوحات و.. ، بينما الحقيقة هي غير ذلك / بالرغم من وجود بعضا من هذه المفاصل ، وذلك لأنه تأريخ مأبون بالجنس والجواري واللهو والمجون واللواط والغلمان والخصيان والقتل و الظلم و القهر ومقاربة كل الفواحش .. كتابة التأريخ ، أمثله " بعاهرة كل زبون ينام معها يكتب ما يشعر وما يحس به من لذة ، فمنهم من يمثل ليلته بالنتنة العفنة فيكتب بهذا النهج ، ومنهم من يشعر بأنها ليلة ليلاء فيكتب بهذا المنحى الأيجابي الممتع لليلة ، ومنهم من يجبر على هذه الليلة أغراءا منها / العاهرة ، فيكتب بلا أي شعور وأحساس متأثرا بمن أغراه على قضاء ليلة سوداء بلا أي عواطف ، وأخرون يحيلون العاهرة الى متعبدة فاعلة للخير ، زاهدة للحياة و الدنيا .. وهذه المصيبة الأعظم !! " . ونحن العرب كأمة عامة ، نزيف الكثير من الحقائق حالنا حال الأخرين ونود لاهثين دائما الأطلاع على الأحداث ، وأحوال الناس ، غير أبهين بحقيقة الحدث .. " ومِنْ مُتَعِ النفس أستطلاع أحوال الناس ، و الرغبة الأكيدة في معرفة ما هم عليه ، و هذه من غرائز النفس التي لا تكاد تكون مفقودةً إلا عند أقوامٍ قِلَّة . و إذا كانت هذه بتلك المكانة الغريزية فلا بد من إعمالٍ لأصلِ فهم تلك الأحوال ، و الفَهْمُ لـ ( التأريخ ) مهمٌ جداً ، و رعايته أهم من مجرد مطالعته ، إذ بالرعاية يكون الاطلاع و التحليل ، و بالمطالعة يكونُ الإعمالُ العين دون الفكر " . / نقل بتصرف من مقال ل عبد الله بن سُليمان العُتَيِّق - موقع صيد الفوائد " . ونحن كمهتمين لا بد لنا أن نطلع على أحوال الأخرين - السلف ، لمعرفة واقع وحقيقة حالهم وحياتهم ، وسأكتب في هذا المقام عن بعض الخلفاء المسلمين ، على سبيل المثال وليس الحصر .. وقبل الولوج بالنص أرى من المهم أن نعرف التأريخ حسب المنهج العلمي ،  "‏ Historiography) ) هو علم كتابة التاريخ يعنى الحوادث و الوقائع اللى حصلت فى الماضى  . التاريخ علم ضرورى للأفراد و الشعوب على حد سواء ، الفرد لازم يعرف نفسه بمعرفة ماضيه و الشعوب لازم تعرف تاريخها حتى تقدر أن تربط حاضرها بماضيها و تبقى جديره بالحياة . التأريخ أو كتابة التاريخ عمليه صعبه و معقده لإن لها جانب علمى منهجى و فى نفس الوقت لها جانب فنى و أدبى . " / نقل بتصرف من الموسوعة الحرة . وفي خطة بحثي المختصر سأختار  خليفة كنموذج من العصر الأموي وأخر من العصر العباسي ، مع أضاءأت على الخلافة العثمانية ، وهذا لا يعني أن ما تبقى من خلفاء هم أسوياء ، ولكن بالمطلق هم أقل مجونا وشذوذا وهوسا بالجنس أو كانت أعمالهم تغطي على أنحرافهم ، أو أن من كتب التأريخ كان من كتبة السلاطين ، بأمتياز وبتفوق ! فكان غير محايدا وبعيدا عن النهج العلمي ! فجانب الحقيقة والواقع ! ، ومن المؤكد هناك شواذ لهذا الطرح .
العصر الأموي :
في العصر الأموي يبرز أسم  الوليد بن يزيد بن عبد الملك  ( 125 - 126 ) هجرية / ويسمى الوليد الثاني بن يزيد الثاني الأموي القرشي ، كحالة فريدة وشاذة بكل معنى الكلمة ، هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم ، أبو العباس الأموي الدمشقي وُلِدَ سنة 90هـ ، ولم يتمكن أبوه من استخلافه لصغر سنه فعقد لأخيه هشام ، وجعل الوليد وليًّا للعهد بعد هشام ، كانت له ألقاب عدة : فلُقِّبَ  بالبيطار ، ولقب بخليع بني مروان والفاتك ، وأمه أم الحجاج بنت محمد الثقفية .  بويع له بالخلافة وهو بدمشق بعد وفاة عمه هشام ، وقد اختلفت الأقوال فيه ، وتضاربت فمن قائل يقول عنه مثل العصامي : " كان أكمل بني أمية أدبًا وفصاحة ، وأعرفهم باللغة والحديث ، وكان جوادًا مفضالاً  " ، ثم يناقض "العصامي" نفسه قائلاً : " ولم يكن في بني أمية أكثر منه إدمانًا للشُّربِ والسماع ، ولا أشد مجونًا وتهتكًا منه واستخفافًا بالدين وأمر الأمة " ، بينما يقول عنه السيوطي             " كان فاسقًا شريبًا للخمر ، منتهكًا حرمات الله ". نقل بتصرف من موقع قصة الأسلام بأشراف راغب السرجاني . ونلاحظ هنا أن كتبة التأريخ / كالعصامي مثلا  ،  يصفه بأنه :" كان أكمل بني أمية أدبًا وفصاحة " ثم يرجع عن رأيه نفسه ويصفه بأقدح الصفات  ، ويذمه أيضا السيوطي ... ومن المؤكد أن ذمه كان بعد رحيله أي بعد مقتل الوليد ،  ( أن الخلفاء لم يكتفوا بمئات الجواري والسراري مضافاً إليهن أربعة زوجات وعددا  لا محدود من ما ملكت الأيمان والعبيد لم تعد كافية لتطفئ نار شهوة الخلفاء ولهيبها ، فإتجه بعضهم إلي الغلمان لممارسة اللواط وإرتكاب الفحشاء ! فـ خليفة المسلمين وأمير المؤمنين " الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان " لم يكن مبلغ فحشه وفجوره أن أمر جاريته أن ترتدي ثيابه وتصلي بالناس بدلاً منه وهي سكرانه ، بعد أن سمع صوت الآذان أثناء ممارسته الجنس معها .. بل بلغ به الأمر أن راود " أخاه " عن نفسه . ذلك لأنه كان إلى جانب الجواري يشتهي الغلمان ! ولم يجد خجلاً في أن يعبر عن رغباته الشاذة في أشعاره فقال :                                                 
) أدنيا مني خليلي عبداللإه من دون الإزار ...  فـلـقـد أيـقـنـت أنـي غــيـر مـبـعـوث لـنـار ... وأتركا من يطلب الجنة يسعي في خسار .  ) / نقل بتصرف من موقع حركة مصر المدينة - مقال لمحمد جمال بعنوان - الشذوذ واللواط في تاريخ الخلفاء نصيب !
وقال عبد الله بن واقد الجرمي : قال : لما اجتمعوا على قتل الوليد ، قلدوا أمرهم يزيد بن الوليد ، فشاور أخاه العباس ، فنهاه ، فخرج يزيد في أربعين نفسا ليلا ، فكسروا باب المقصورة ، وربطوا واليها ، وحمل يزيد الأموال على العجل ، وعقد راية لابن عمه عبد العزيز ، وأنفق الأموال في ألفي رجل ، فتحارب هم وأعوان الوليد ، ثم انحاز أعوان الوليد إلى يزيد ، ثم نزل يزيد حصن البخراء ، فقصده عبد العزيز ، ونهب أثقاله ، فانكسر أولا عبد العزيز ، ثم ظهر ونادى مناد : اقتلوا عدو الله قتلة قوم لوط ، ارموه بالحجارة ، فدخل القصر ، فأحاطوا به ، وتدلوا إليه فقتلوه ، وقالوا : إنما ننقم عليك انتهاك ما حرم الله ، وشرب الخمر ، ونكاح أمهات أولاد أبيك . ونفد إلى يزيد بالرأس وكان قد جعل لمن أتاه به مائة ألف . وقيل : سبقت كفه رأسه بليلة ، فنصب رأسه على رمح بعد الجمعة ، فنظر إليه أخوه سليمان ، فقال : بعدا له . كان شروبا للخمر ماجنا ، لقد راودني على نفسي . قيل : عاش ستا وثلاثين سنة ، وكان مصرعه في جمادى الآخرة سنة ست وعشرين ومائة فتملك سنة وثلاثة أشهر ، وأمه هي بنت محمد بن يوسف الثقفي أمير اليمن أخي الحجاج ونقل عنه المسعودي مصائب ، فالله أعلم .
مقتله : وروي الطبري وتابعه ابن الاثير وابن كثير انه لما احاط اتباع يزيد ابن الوليد بالوليد بن يزيد في قصره وحصروه قبل ان يقتلوه ، قالوا : (  فدنا الوليد من الباب فقال اما فيكم رجل شريف له حسب وحياء اكلمه ، فقال له يزيد بن عنبسة السكسكي ، كلمني قال له : من انت ؟ قال : انا يزيد بن عنبسة ، قال : يااخي السكاسك ، الم ازد في اعطياتكم ؟ الم ارفع المؤن عنكم ؟ الم اعط فقرائكم ؟ الم اخدم زمانكم ؟ فقال : انا ما ننقم عليك في انفسنا ، ولكن ننقم عليك في انتهاك ما حرم الله وشرب الخمر ونكاح امهات اولاد ابيك واستخفافك بامر الله ، قال : حسبك يا اخا السكاسك فلعمري لقد اكثرت واغرقت وان فيما احل لي لسعة عما ذكرت ورجع الي الوراء واخذ مصحفا وقال يوم كيوم عثمان ، ونشر المصحف يقرأ ، ثم قتلوه ، وكان آخر كلامه قبل ان يقتل ، اما والله لئن قتلت لا يرتق فتقكم ولا يلم شعثكم ولا تجتمع كلمتكم ) . / نقل بتصرف من موقع تأريخ الحضارة الأسلامية . ويؤكد أيضا نكاح الوليد بن يزيد بن عبد الملك لأمهات أولاد أبيه ، مرجع أخر وهو كتاب سير أعلام النبلاء -الطبقة الثالثة / الجزء الخامس ل محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي – موقع أسلام ويب .
العصر العباسي :
الخليفة الأمين محمد بن هارون بن محمد بن عبد الله بن محمد بن علي ابن عبد الله بن العباس ، وهو سادس الخلفاء العباسيين ، تولى الخلافة بين عامي 193 إلى 198 للهجرة 809 - 813 ميلادية ، ودامت فترة حكمه خمس سنوات تقريبا وأهم ما ميز عهده هو النزاع الذي قام بينه وبين أخيه المأمون ، كان هذا النزاع استمرارا للصراع القائم بين العرب والعجم داخل الدولة العباسية ، وكان يمثل الحزب العربي الأمين ووزيره الفضل بن الربيع ، أما الحزب الفارسي فكان يتمثل بالمأمون ووزيره الفضل بن سهل ومر النزاع بين الأمين والمأمون على مرحلتين ، المرحلة الأولى كانت دبلوماسية سلمية انتهت سنة 195 هجرية والمرحلة الثانية كانت مرحلة حرب انتهت بمقتل الأمين سنة 198 هجرية . / نقل بتصرف من الويكيبيديا . هذا الخليفة كان لوطيا ، وكان له غلاما يدعى " كوثر " .. (  ولما خرج "المأمون" علي "الأمين" وقامت بينهما الحرب تنازعاً علي الملك ، خرج "كوثر" من قصر الأمين ليري كيف يدور القتال ، فأصابته على الفور جمرة أدمت وجهه . ولما شاهده الخليفة على هذه الحال ترك أمر  القتال ، وتوجه إليه كي يمسح الدماء عن وجه عشيقه . ونظم فيه الشعر باكياً فقال :             
ضربوا قرة عيني ومن أجلي ضربوه ... أخـذ الله لـقـلبـي مـن أنـاس حـرقـوه
نقل بتصرف من موقع ( tkarefalbkare.blogspot.com/2014/.../blog-post_28.htm  ) .
وتشير بعض المصادر  ( أن الامين الذي كإخوته نشأ في جو الترف والمجون في قصر العائلة واشتهر بلواطه وعشقه للغلمان ! مؤدبه ومؤدب أخوته هو عالم العربية المعروف الكسائي الذي اشتهر بلواطه وسكره أيضا , وقد نجح كتبة التاريخ الى حد ما في التستر على العاهة الاخلاقية للكسائي إلا أن الحقيقة لايمكن أخفاءها الى الابد . ذكر السيوطي نقلا عن ابن الاعرابي : ( كان الكسائي اعلم الناس , ضابطا عالما بالعربية قارئا صدوقا , إلا أنه كان يديم شرب النبيذ ويأتي الغلمان ) / بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحات للسيوطي ج2 ص 137 , ودون الصفدي : ( أنه كان يشرب الشراب ويأتي الغلمان , قيل إنه أقام غلاما ممن عنده في الكتاب يفسق به وجاء بعض الكتاب ليسلم عليه فرآه الكسائي ولم يره الغلام فجلس الكسائي في مكانه وبقي الغلام قائما مبهوتا , فلما دخل الكاتب قال ماشأن هذا الغلام قائما ؟ قال : وقع الفعل عليه فانتصب ذكر..) / الوافي بالوفيات ج21 ص 49 للصفدي المتوفى سنة 764 هجرية . وهذا مكمن الداء فإذا كان المؤدب فاسقا فما حال الطالب والمتعلم ؟ لم تهم الامين أمور الدولة بقدر الاهتمام بأمور ديوانه الذي كان يعج بالغلمان والخصيان والشاذين ! قال السيوطي :      ( لما ملك الأمين ابتاع الخصيان وغالى بهم وصيرهم لخلوته ورفض النساء والجواري) ( تاريخ الخلفاء ج1, سيرة الامين ) ، وقال ابن الاثير وغيره : ( لما ملك الأمين وكاتبه المأمون ، وأعطاه بيعته ، طلب الخصيان وأباعهم وغالى فيهم ، فصيرهم لخلوته ليله ونهاره ، وقوام طعامه وشرابه ، وأمره ونهيه ، وفرض لهم فرضاً سماهم الجرادية ، وفرضاً من الحبشان سماهم الغرابية ، ورفض النساء الحرائر والإماء حتى رمى بهن ، ومما قيل فيه من الشعر :
لقد أبقيت للخصيان هقلا يحمل منهم شؤم البسوس
فأما نوفل فالشأن فيه وفي بدر فيالك من جليس
وما للمعصمي شئ لديه إذا ذكروا بذي سهم خسيس.
وجه إلى جميع البلدان في طلب الملهين وضمهم إليه وأجرى عليهم الأرزاق واحتجب عن أخويه وأهل بيته واستخف بهم وقواده وقسم ما في بيوت الأموال وما بحضرته من الجواهر في خصيانه وجلسائه ومحدثيه وأمر ببناء مجالس لمنتزهاته وموضع خلواته ولهوه ولعب  وعمل خمس حراقات في دجلة على صورة الأسد والفيل والعقاب والحية والفرس وانفق في عملها مالا عظيما .. الخ) / بأختصار عن الكامل لابن الاثير ج5 ص 410, ذكر أيام الأمين . ( لقد وصل شغف الامين بالغلمان والخصيان الى حد لايمكن نكرانه مما جعل أمه زبيدة تأمر الجواري الحسان بلبس ملابس الرجال أملا منها بتغيير الشذوذ في ابنها الامين , وظهرت في عهدها موضة الغلاميات وهن جواري القصر الحسان الذين كانوا يلبسون ملابس الرجال ! ( فلما رأت أم جعفر شدة شغف الامين بالخدم واشتغاله بهم اتخذت الجواري المقدودات الحسان الوجوه ، وعممت رؤوسهن ، وجعلت لهن الطُّرَر والأصداغ والأقفية ، وألبستهن الأقبية والقراطق والمناطق ، فماست قدودهن ، وبرزت أردافهن ، وبعثت بهن إليه ، فاختلفن في يديه ، فاستحسنهن واجتذبن قلبه إليهن ، وأبرزهن للناس من الخاصة والعامة ، واتخذ الناس من الخاصة والعامة الجواريَ المطمومات ، وألبسوهن الأقبية والمناطق ، وسموهن الغُلاميات) / مروج الذهب ج4 ص226 . ويشير هذا النص من بعيد الى انتشار اللواط والسحاق في قصور الخلفاء.
ذكر السيوطي في الخليفة الامين قول الشاعر:
أضاع الخلافة غش الوزير وفسق الأمير وجهل المشير
لواط الخليفة أعجوبة وأعجب منه حلاق الوزير
فهذا يدوس وهذا يداس كذاك لعمري خلاف الأمور ( السيوطي ، تاريخ الخلفاء 1 سيرة الامين)
نقل بتصرف من موقع / منتديات الحسين .
مقتله :  لما اشتد به الأمر اجتمع عنده من بقي معه من الأمراء والخدم والجند ، فشاورهم في أمره فقالت طائفة : تذهب بمن بقي معك إلى الجزيرة أو الشام فتتقوى بالأموال وتستخدم الرجال ، وقال بعضهم : تخرج إلى طاهر وتأخذ منه أمانا وتبايع لأخيك ، فإذا فعلت ذلك فإن أخاك سيأمر لك بما يكفيك ويكفي أهلك من أمر الدنيا ، وغاية مرادك الدعة والراحة ، وذلك يحصل لك تاما .  وقال بعضهم : بل هرثمة أولى بأن يأخذ لك منه الأمان فإنه مولاكم وهو أحنى عليك ، فمال إلى ذلك ، فلما كانت ليلة الأحد الرابع من صفر بعد عشاء الآخرة واعد هرثمة أن يخرج إليه ، ثم لبس ثياب الخلافة وطيلسانا واستدعى بولديه فشمهما وضمهما إليه وقال : أستودعكما الله ، ومسح دموعه بطرف كمه ، ثم ركب على فرس سوداء وبين يديه شمعة ، فلما انتهى إلى هرثمة أكرمه وعظمه وركبا في حراقة في دجلة ، وبلغ هذا كله طاهرا فغضب من ذلك وقال : أنا الذي فعلت هذا كله ويذهب لغيري ، وينسب هذا كله إلى هرثمة ؟ فلحقهما وهما في الحراقة فأمالها أصحابه فغرق من فيها ، غير أن الأمين سبح إلى الجانب الآخر وأسره بعض الجند ، وجاء فأعلم طاهرا فبعث إليه جندا من العجم فجاؤوا إلى البيت الذي هو فيه وعنده بعض أصحابه وهو يقول له : ادن مني فإني أجد وحشة شديدة ، وجعل يلتف في ثيابه شديدا ، وقلبه يخفق خفقانا عظيما ، كاد يخرج من صدره ، فلما دخل عليه أولئك قال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، ثم دنا منه أحدهم فضربه بالسيف على مفرق رأسه فجعل يقول : ويحكم ! أنا ابن عم رسول الله   ، أنا ابن هارون ، أنا أخو المأمون ، الله الله في دمي . فلم يلتفتوا إلى شيء من ذلك ، بل تكاثروا عليه وذبحوه من قفاه وهو مكبوب على وجهه ، وذهبوا برأسه إلى طاهر ، وتركوا جثته ، ثم جاؤوا بكرة إليها فلفوها في جلِّ فرس وذهبوا بها ، وذلك ليلة الأحد لأربع ليال خلت من صفر من هذه السنة / نقل بتصرف من كتاب البداية والنهاية – الجزء العاشر لأبن كثير ، كيفية مقتل الأمين .
الخلافة العثمانية :
الخلافة العثمانية ، العثمانيون ، آل عثمان ، الأتراك : سلالة تركية حكمت في تركية ( البلقان و الأناضول ) و في أراض واسعة أخرى ، مابين سنوات 1280-1922 م . أصبح العثمانيون القوة الرائدة في العالم الإسلامي . حاولوا غزوا جنوب إيطاليا سنوات 1480/81 م . وتمكن السلطان سليم القانوني ( 1512-1520 م ) من فتح كل بلاد الشام و فلسطين : 1516 م ، مصر: 1517 م ، ثم جزيرة العرب و الحجاز أخيرا . انتصر على الصفويين في معركة خلدران و استولى على أذربيجان . بلغت الدولة أوجها في عهد ابنه سليم الثاني ( 1520-1566 م ) الذي واصل فتوح البلقان ( المجر: 1519 م ثم حصار فيينا ) ، واستطاع بناء أسطول بحري لبسط سيطرته على البحر المتوسط ( بعد 1552 م تم إخضاع دول المغرب الثلاث : الجزائر ، تونس ثم ليبيا ) بعد سنة 1566 م أصبح الملك في أيدي سلاطين عاجزين أو غير مؤهلين . ثم منذ 1656 م أصبحت السلطة بين أيدي كبير الوزراء ( وزيري أعظم ) أو كبار القادة الإنكشاريين . بدأت مع هذه الفترة مرحلة الانحطاط السياسي و الثقافي . / نقل بتصرف من موقع تاريخ الحكام و السلالات الحاكمة . وبالرغم ما تحقق من توسع وفتوحات / دموية ، فأن الخلافة العثمانية خلافة سادت ثم بادت ، توسعت ثم تقهررت ، وكانت عائمة / في جوانب منها على بحر من الدم والغدر والمجون ، حكم بها النساء / في جوانب أخرى ، مكرا ودسائسا وسحرا أكثر من الرجال ، ولأننا نبحث في جوانب مستترة منها / لم يتوقف المؤرخين عندها ولم يعطها حقها ، أرى في هذا الصدد أن أسرد بعضا من الأضاءأت العامة بخصوصها :
الأضاءة الأولى / الحرملك - وهو مؤسسة تضم ظاهرا العائلة المالكة / النساء بالغالب ، كوالدة السلطان وأخواته وقريباته والنساء المسبيات والجواري ، وهو كنظام يعمل من أجل خدمة وترفيه ومجون الخليفة ، ويشرف عليه في كثير من الأحيان والدة السلطان / الخليفة ، أي أن الوالدة تشرف على تحضير الجواري و المسبيات لأبنها ، وأراه بالحقيقة مؤسسة يندى لها الجبين  لما به من خصيان وغلمان وجواري ، والحرملك أنسانيا وأجتماعيا  حالة وواقع مهين وماجن يسجل وضعا مهينا وعلامة بارزة رذيلة في تأريخ الخلافة العثمانية ، وقد ( ارتبط مفهوم الحريم بالدولة العثمانية للدلالة على الجناح الضخم الملحق بقصر السلطان والذي يضم والدته وزوجاته وجواريه ، وبقية أفراد عائلته ، ويتهم المؤرخون بعض أعضاء هذا الجناح بالتدخل في شؤون الدولة فيما بات يعرف ب "سلطنة الحريم " ، كان الحرم السلطاني في الباب العالي يأخذ مساحة كبيرة تضم ما يزيد على 400 غرفة ، وإضافة إلى أسرة السلطان وجواريه ، فإنه يضم أيضًا الخدم والموظفين من الجنسين المعينين للاهتمام بأعضاء الجناح ومرافقه المتعددة التي تضم مطابخ وحمامات وصالونات ومكتبات وحدائق . ويُميَّز الحرم السلطاني بتعبير الحرم الهُمايوني بالتركية العثمانية:  Harem-i Hümayun)  ) أي حريم السلطان العثماني ، وهذا القسم هو الذي يؤدي إليه "باب السعادة" في القصر العثماني وهو الباب الذي لا يدخله أي أحد ، وقد ألهم ما وراءه خيال الأدباء والرسامين ، وارتبط بالأساطير ، ويُتهم أعضاؤه من الجواري والمحظيات بإشغال السلاطين عن مهام الدولة ، فيما يُتهم أعضاؤه الآخرون ، مثل زوجات السلاطان ووالداتهم ، بالتدخل في شؤون الحكومة . والأخيرة ، وهي والدة السلطان ، تعد المسؤول الأول في الحرم العثماني ، وتمارس سلطة مطلقة في اختيار أعضاء الحرم وتوزيع أدوارهم ولا يضاهي سلطتها هذه سوى السلطان نفسه .. ) / نقل بتصرف من الموسوعة الحرة .
الأضاءة الثانية / دموية الحكم – الخلافة العثمانية ، خلافة الدم و التوحش و القتل و الدسائس و الفتن ، ونهج كل مستحرم ومستهجن ، فالسلاطين يفعلون كل الكوارث والموبقات من أجل الحكم ، فالسلطان سليمان القانوني / مثلا ، يقتل أبنه مصطفى ، وولي عهده خنقا ، لأحساسه بطمع أبنه بالحكم (  وفي عام 1553 ، سافر السلطان إلى فارس ، واستدعى ابنه إلى خيمته ، ليتم خنقه فور دخوله بخيط من الحرير وبمساعدة خمسة من الجلادين الصم البكم الذين كان يعهد لأمثالهم بشنق أصحاب المكانة الرفيعة ، وخصوصاً أبناء الأسر الحاكمة وفقاً للتقاليد العثمانية في إعدام الشخصيات المهمة . ويقال إنّ سليمان القانوني قتل ابنه مصطفى بفتوى مزيّفة من شيخ الإسلام أبي سعود .. ) / نقل بتصرف موقع البيان الألكتروني . والأمر الأشنع و الأفظع هو قتل الأمير بايزيد وأولاده الاربعة ،  ( أما عن قتل بايزيد ابن سليمان وأبنائه الأربعة ، فيقول القرماني في أخبار الدول بعد سرد أحداث الخلاف الذي شبّ بين بايزيد وأخيه سليم الذي أصبح وليا للعهد بعد مقتل مصطفى : "آل الأمر إلى انهزام بايزيد وولده أورخان مع إخوته إلى بلاد العجم فاجتمع مع الشاه طاهماسب فاستقبله وراعاه فبعد ذلك أرسل والدهم السلطان سليمان بطلبهم من الشاه وأرسل أمير الأمراء خسرو باشا لخنقه مع أولاده الأربع وهم السلطان أورخان والسلطان محمود والسلطان عبد الله والسلطان عثمان وكان له ولد صغير  في مدينة بروسه فخنقوا الجميع وذلك في سنة سبعين وتسعمائة ونقل أجسادهم من قزوين إلى بلاد السلطان فدفنهم في سيواس..." ) / نقل بتصرف من موقع العقل زينة .
الأضاءة الثالثة / مذابح الأرمن – لقد ختمت الخلافة العثمانية عهدها بأبشع مذبحة بشرية ، وهي مذابح الأرمن ، فيقول السيد سليمان يوسف يوسف في مقال له منشور بموقع أيلاف بعنوان "  نيسان ذكرى مذابح الأرمن والآشوريين في تركيا " (  لقد عانت معظم الشعوب التي أستعمرها العثمانيون من مظالم السياسة الشوفينية والأيديولوجية القومية للأتراك ، التي اتسمت منذ البداية بنزعة دينية عرقية عنصرية ، حتى وصل الأمر بهذه الشعوب إلى مستوى الانحطاط الثقافي والاجتماعي بسبب عقلية الرعاع للأتراك العثمانيين المستعمرين وما زالت بصمات التخلف وآثار الانحطاط ظاهرة على هذه الشعوب . وقد شخص كل من شكسبير وفيكتور هوغو مخاطر السياسة العثمانية الغاشمة بالقول "  من هنا مرَ الأتراك " . فقد نشر العثمانيين الخراب والدمار في كل المناطق التي اجتاحوها . ومارسوا شتى أنواع التدمير والنهب والتخريب بحق ثقافات وحضارة الشعوب الأخرى ، في مقدمتهم الأرمن والآشوريين ... ) الى أن يقول الكاتب (( .. مع نمو الوعي القومي و الفكر السياسي الوطني للشعوب المظلومة ، في نهاية القرن التاسع عشر ، بدأ المثقفين والمفكرين من هذه الشعوب بإنشاء حركات التحرر وتأسيس الأحزاب الوطنية التي طالبت وناضلت من أجل التخلص من وطأة حكم الأتراك العثمانيين وبدأ يتصاعد النضال التحرري والكفاح المسلح لهذه الشعوب ، خاصة لدى الشعوب المسيحية مثل ( الأرمن والآشوريين ) . مما دفع تركيا-وهي تشعر بالهزيمة - في 24 نيسان من عام 1915 للقيام بحملة اعتقالات وإعدامات لرواد الفكر القومي ورموز النضال التحرري ، وكذلك القيادات الدينية ، الذين دعوا إلى تحرير الشعوب المظلومة من حكم الأتراك وتم نفيهم إلى داخل الأناضول حيث تمت تصفيتهم . وكانت هذه الحملات تمهيداً لحملات الإبادة الجماعية و ( المذبحة الكبرى ) عام1915م بحق الأرمن والآشوريين . فبعد تغييب القوة السياسية والإدارية والفكرية المسيحية الفاعلة وأصبح المسيحيون بلا حماية بدأت الخطوة الثانية في تنفيذ خطة الإبادة الجماعية وهي الترحيل ( السوقيات) في قوافل جماعية سيراً على الأقدام ... )) . 
الختام :
قراءتي للتاريخ عامة وتأريخ الخلافة الأسلامية خاصة ، أدونها بالنقاط التالية /  وأن ما ينطبق على الجمع ينطبق على الجزء :                                                                                                                               1. كتابة التأريخ تستلزم تناول الحدث من عدة محاور ، لأن الحقيقة لا ينظر لها من زاوية واحدة ، فتارة الحقيقة  تقرأ بين السطور ، ومرة ثانية يكتب الحدث دون ذكر الحقيقة ، ومرة ثالثة يراد منك أن تتوصل أنت ، أو أن تستكشف أنت المراد من الخبر أو الحدث ، وفي حالات أخرى يكتب الحدث بحقيقة معاكسة مجافية للواقع و المنطق ! فلهذا أن كتبة التأريخ لهم الدور الأكبر في أبراز الحقيقة .
2. كاتب التاريخ من الضروري أن يكون أقرب إلى الحقيقة وأبعد من دوائر المصالح الضيقة ولغة البلاط وسلطة الحاكم وأن يحييد الولاءات والحسابات الضيقة ، وأن يعتمد المناهج والتقنيات العلمية مع فلترة الأحداث لتصفية الرؤية الحقيقية للحدث .                                                                                                       3. الكثير من الكتابات تطبع بأفكار مسبقة ، تؤثر على الحدث وعلى الكاتب نفسه ، ويدخل الكاتب في كثير من الأحيان برنامجه الفكري وطريقته الخاصة في السرد في هذا النهج ، وبهذا المنحى أو ما يقاربه تشير جريدة الأتحاد الأماراتية /  كتابة التاريخ والحوار بين الحضارات - تاريخ النشر : الثلاثاء 31 ديسمبر 2013 أن         ( .. الحضارة ما دون سواها كتابة التاريخ لا تخلو من التأثر برؤى ومعتقدات وانطباعات وأفكار مسبقة وأنماط ذهنية وسلوكية ونفسية تجعل المؤرخ في أغلب الحالات متحيزاً لدرجة ما مهما كانت ضآلتها ، ويكون تدوينه للتاريخ بأسلوب سينمائي وروائي شيق يجعله سلعة رائدة ومقبولة للقراءة في العصر الذي كتب فيه ، وبما لا يخالف توجهات السلطة أو القوى المختلفة المهيمنة على الحياة السياسية الاجتماعية والمجتمع نفسه ، فكتابة التاريخ تمنح المؤرخ فرصة لتقديم وجهة نظره الخاصة في سرد وتفسير التاريخ ، في عملية وجدانية وذاتية لإقناع القارئ بحججه التاريخية وجذب أنوار الشهرة والخلود .. ) .                                                                                                      4.  أما موضوعنا ، ذات الصلة / التأريخ الأسلامي العربي وبالتحديد الخلافة الأسلامية ،  فبالرغم من بعض صفائحه البيضاء .. ، ولكنه بالعموم يعج بالمغالطات ، فهناك  حقائق  مشوهة ، وأخرى مسلوبة ، وثالثة معكوسة ، فالظالم مظلوما ، والمظلوم ظالما ، الشاذ سوي ، والسوي  شاذا ، واللوطي متعبد ومتدين ، والمتعبد ماجنا ، والجاهل أديبا ، والمفكر أمي ، فهناك كتب يكتبها رجال وتنسب لأخرين ، عالم من التزوير و التزييف والتدليس و التحريف ، أنه تأريخ الأنكسارات والفظائع و الفضائح ، تأريخ كتبه ، عبيد السلطان ، برؤيتهم وبمنهجهم ، وبما يخدم ملوكهم وأولياء نعمتهم ! الشفافية منعدمة والحياد مفقود والعلمية غائبة .