مشاكسة / خــارج التغطيــــة / مال الله فرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, ديسمبر 03, 2012, 07:09:07 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

مشاكسة
خــارج التغطيــــة



مال اللــه فـرج
Malalah_faraj@yahoo.com



كان من عادة معظم المسؤولين والمدراء العامين في زمن النظام السابق عند نقلهم من دوائرهم الى دوائر اخرى المبادرة بالاهتمام غير العادي بمسألة (ستراتيجية) على جانب كبير من الاهمية (الوطنيـــة) والخطورة والحساسية والحميمية الشخصية ممثلة باتخاذ الاجراءات اللازمة والسريعة لترتيب عملية نقل الملاك الخاص من الموظفين الشخصيين الذين كانوا يعملون معهم الى دوائرهم الجديدة وهم غالبا ,السائق والسكرتير وعامل الخدمة (الجايجي ) ' حيث كان بعضهم يتفاخر بطريقة ونوعية الشاي والقهوة والدارسين التي يعدها عمال الخدمة لديهم اكثر من تفاخرهم بانجازاتهم وبنجاحاتهم المهنية.
اما السكرتير فيمثل كاتم الاسرار الشخصية للمسؤول المعني سواء المتعلقة منها بعلاقاته المهنية او العائلية او النسوية والعاطفية , فضلا عن مسؤولياته المباشرة في توفير المستلزمات والاحتياجات والمتطلبات اليومية لعائلة رئيسه وفي مقدمتها التسوق ووسائط النقل وحجز مواعيد الاطباء وصالونات التجميل لافراد العائلة السعيدة وحتى مواعيد التلقيحات الدورية لكلاب الزينة التي كانت تستكمل بها عوائل بعض المسؤولين برستيجها امام الاخرين ' نظرا لانشغال المسؤول المعني بمهماته الوطنية الثقيلة وبعلاقاتة النسائية الحميمة وبنزواته الشخصية الاثقل من كل مهماته الاخرى ,في حين يمثل السائق الخاص صمام الامان في معرفة اماكن وتنقلات المسؤول وافراد عائلته واصدقائه وصديقاته وربما عشيقاته ' وبذلك فقد كان حلقة حيوية ومهمة في الدائرة الضيقة التي تحمي اسرار المسؤولين وتصون خصوصياتهم.
لكن كثيرا ما كان بعض المسؤولين عندما تطيح بهم عواصف واعاصير سياسية او مهنية او تلقي ببعضهم امام المساءلة يفاجئون بمعظم اسرارهم الشخصية الحميمة والمثيرة منشورة مثل الغسيل القذر على حبال اللجان التحقيقية ' ليكتشفوا بعد فوات الاوان غباءهم في عدم تلمسهم للقنوات والخيوط السرية التي كانت تربط بين بعض موظفيهم الشخصيين وكاتمي اسرارهم بالدوائر الامنية وبما اتاح وضعهم داخل (التغطية اليومية) وفتح كل ملفاتهم الشخصية وعرض فضائحهم الفسادية.
اما مسؤول دائرتنا في تلك الايام فقد تميز عن معظم المسؤولين الاخرين بمبادرته ومنذ اليوم الاول لاستلامه لمهامه بنصب نظام مراقبة تصويرية في جميع طوابق الدائرة من خلال تثبيت كاميرات مراقبة تعمل على مدار الساعة ' مما اثار دهشة وغضب وحنق واستهجان واستنكار وتندر جميع العاملين بلا استثناء.
بيد ان اعصار الاحتجاجات ازداد حدة وعنفا جراء اجتهادات وتفسيرات وتوقعات وتصورات وادعاءات الموظفين المختلفة ' فمنهم من ادعى ان هذه الكاميرات الظاهرية وضعت للتغطية وان هنالك اجهزة تصوير اخرى بالغة الدقة والتمويه مخفية في الطوابق والغرف والمكاتب ' وادعى اخر بزرع اجهزة تنصت وتسجيل حتى داخل اجهزة الهواتف التي كنا نستخدمها ' بيد ان اعنف تلك الاجتهادات والتوقعات والادعاءات جاءت على لسان زميلنا احمد الذي توقع ان تكون هنالك اجهزة تصوير مخفيه حتى في دورات المياه مما اصاب الزميلات خاصة بهستريا الذعر والرعب وامتنعن في ضوء تلك التوقعات والنصائح عن استخدام دورات المياه لفترة طويلة تجنبا للفضائح.
وتبعا لذلك فقد سجل مؤشر القبلات المختلسة والمغازلات اليومية الملتهبة والمصافحات العنيفة التي تعصر الايادي بشدة وتكاد ان تحطم الاصابع وتعبر عما يعجز عنه اللسان  بين المحبين والعشاق والمعجبين في الدائرة انخفاضا ملحوظا ' كما توقفت  عملية تداول النكات والنوادر السياسية والجنسية معا وتراجعت عملية انتقاد المسؤول المعني و(شرشحته) وشتمه من قبل اعدائه , لكن اعاصير الشتائم  والانتقادات كانت تتفجر بقوة وعنف ما ان تعبر خطوات المنتسبين بوابة الاستعلامات حيث نصبح وفق توصيف الزميلة جميلة بضحكتها المحببة(خارج التغطية) حتى اصبحت عبارتا خارج التغطية وداخل التغطية من ابرز الطرائف اليومية 'وعندما اقترحت احدى الزميلات رفع الامر الى الجهات الامنية لاجراء تحقيق حول تلك الانتهاكات المدانة للخصوصيات الشخصية للمنتسبين سخرت منها زميلة اخرى مدعية ان مسؤولنا لم يكن ليجرأ على نشر نظام المراقبة ذاك لو لم يحصل مسبقا على الموافقات الامنية بالاخص وان الكثير من مختلف المستويات الامنية كانوا يراجعون الدائرة انذاك.
تذكرت ذلك مع اندلاع حرب الملفات السرية بين بعض المسؤولين في الداخل والخارج والكشف عن جوانب من مباحثات واحاديث شخصية والتلويح بعرض الكثير من المواقف السرية والحوارات والاراء التي طرحت في لقاءات واحاديث خاصة للنيل من هذا السياسي او من ذاك المكون مما يعني ان الجميع ربما في هذا الزمن الديمقراطي الذي ازدهرت فيه شعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان قد اصبحوا, وفق توصيفات الزميلة جميلة (تحت التغطية).
بيد ان الغريب والعجيب ' ان هذه التغطية الشاملة باجهزتها الالكترونية التصويرية والتنصتية والتسجيلية عالية الحساسية وبالغة الدقة قد فشلت وما تزال تسجل فشلها الذريع والمريع في تغطية الصفقات المشبوهة والعقود الوهمية والاختلاسات والفساد وسرقة المال العام وتنفيذ الاجندات الخارجية والعمولات والاعتقالات العشوائية والسجون السرية ,ولعل ملابسات ومداخلات صفقة السلاح الروسية ونجاح المسؤولين الفاسدين دائما في الهرب بغنائمهم الى الخارج ما يؤكد (النجاح الوطني ) في عملية (تدجين) اجهزة التغطية الالكترونية التي اصبح باستطاعتها ان تحدد اشكال والوان الملابس الداخلية للمواطنين العاديين وما وراءها والاهداف والمرامي الظاهرة والمخفية في المقالات النقدية للصحفيين المشاكسين ' لكنها تفشل دائما في الكشف عن الاختلاسات المليارية للمسؤولين الفاسدين.
في ضوء ذلك يبدو ان جميع المواطنين اصبحوا داخل التغطية ربما لدواع (امنية).. بينما بقي الاخرون خارجها لدواع (وطنية).