المسيحيون في منطقة الجزيرة: الحرب طالت مناطق سكناهم.. ومصير المخطوفين لايزال مجه

بدء بواسطة برطلي دوت نت, مايو 25, 2015, 02:36:35 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

المسيحيون في منطقة الجزيرة: الحرب طالت مناطق سكناهم.. ومصير المخطوفين لايزال مجهول



برطلي . نت / متابعة
عنكاوا دوت كوم :كمال شيخو: كلنا شركاء

بدأت السيدة سارة وهي من سكان بلدة تل تمر- تبعد نحو حوالي 48 كلم شمال غرب مدينة الحسكة- والتي تبلغ من العمر (86) سنة، كلامها لـ (كلنا شركاء) بالقول: "فرمان الخابور الي نعيشه هل الأيام؛ هو نفسه فرمان سيفو يلي حكى عنه ابي وجدي"، فقبل مائة سنة وتحديداً في صيف العام 1915، قتل أكثر من نصف مليون سرياني اشوري في مجازر جماعية اطلق عليها "مذابح سيفو"، اذ قتل حوالي مليون ارمني مسيحي في تركيا، ومن بقي على قيد الحياة فر الى دول الجوار، واضافت السيدة الطاعنة في السن: "عم نعيش نفس اللحظات ونفس القصص والروايات"، واستدركت بحزن قائلة: "قبل كان الموت رحمة بطلقة رصاصة، ولكن هلق الموت خطف وبالسكين والسيف".

خطف الأهالي

ويصادف صيف العام الجاري ذكرى مئوية "مذابح سيفو" والتي تعرف في التاريخ بالمذابح الآشورية أو مذابح السريان. تطلق على سلسلة العمليات الحربية التي شنتها قوات نظامية تابعة للسلطات التركية بمساعدة مجموعات مسلحة موالية لها، استهدفت مدنيين آشوريين (سريان وكلدان) أثناء وبعد الحرب العالمية الأولى، أودت إلى مقتل مئات الآلاف منهم، كما اجبروا الى النزوح من مناطق سكنهم الأصلية في جنوب شرق تركيا الحالية، وشمال غرب إيران، الى دول الجوار سيما سوريا والعراق.

وشن مقاتلي تنظيم (داعش) هجوماً واسعاً نهاية شهر شباط/فبراير الماضي على قرى تلك الأقلية، ببلدة تل تمر وتتبعها (33) قرية يدين قاطنيها الطائفة السريانية الاشورية المسيحية.

عم نؤيل والذي فر من قرية تل مغاص ونزح الى مدينة الحسكة، أكد لـ (كلنا شركاء) أنه "صباح يوم الأثنين 23 شباط/ فبراير وعند قرابة الساعة الرابعة صباحاً سمعنا أصوات القذائف تنهال على قرية تل مساس المجاورة لنا، اعتقدنا في البداية أنها ستهدأ بعد قليل، لكن ما لبثت أن تزايدت أصوات القصف أكثر"، وبعد حوالي ساعة شاهدوا عدداً من أهالي قرية تل كوران الواقعة على الضفة المقابلة لقريتهم على نهر الخابور "وقد عبروا النهر بقارب صغير، وقالوا لنا: أهربوا حالاً فإن عناصر داعش تجتاح قرى الخابور وتخطف الأهالي، وعند الساعة السادسة فجراً من ذات اليوم الاثنين غادرنا البلدة".

شعب أصيل

تقع القرى جنوب نهر الخابور، وكان التنظيم يسيطر على 16 قرية قبل دحرهم من وحدات حماية الشعب والمرأة الكردية والمجلس السرياني العسكري وحرس الخابور، إلا ان التنظيم خطف 260 من سكان تل القرى، وبعد عدة ايام أفرج عن 30 سريانياً من قرية تل كوران جلهم من النساء والمسنين، واحتفظوا بجميع الرجال والشباب والاطفال.

رجل دين مسيحي طلب عد الإفصاح عن اسمه خوفاً على سلامة المختطفين، شرح لـ (كلنا شركاء) ان: "حالات الخطف طالت المكون السرياني الآشوري لأنهم من المسيحيين، وأكثر المكونات المجتمعية التي تعرضت لعمليات الخطف المنظم في مدن الجزيرة"، مؤكداً: "لأسباب تتعلق بوضعهم المادي أو انتمائهم الديني، من أجل الحصول على المال، والنتيجة دفع المسيحيين على الهجرة".

الدكتور سعد من مسيحي مدينة الحسكة، اعرب انه وعائلته "جهزنا حقائب السفر، اوضاع المنطقة غير مستقرة، فمنذ شهرين ونصف ونحن مهددين، لانّ مسيحيو سوريا على خط النار"، وينتظر ما ستؤول أليه معارك بلدة تل تمر، ومحيط مدينة الحسكة.

ولم يفصح رجل الدين المسيحي عن اية معلومات بخصوص المفاوضات الجارية بين الكنيسة، ويعزوا السبب الى "الظروف الدقيقة التي ترافق عملية التفاوض والتكتم الشديد من قبل طرفي المفاوضات، بقصد ضمانها استمرارها من جهة، والحفاظ على سلامة المخطوفين بالدرجة الأولى من جهة ثانية".

ترهيب المسيحيين

بحسب مصادر من الكنيسة، ان التنظيم طلب فدية مالية وقدرها 24 مليون دولار، ولاتزال المفاوضات جارية، وأكدت هذه المصادر ان المخطوفين المسيحيين نقلوا الى سجن في مدينة الرقة (عاصمة تنظيم داعش) بعد ان عرضوا على الهيئة الشرعية التابعة للتنظيم واصدرت قرار بتوقيفهم.

من ناحيتها وثقت الشبكة الاشورية لحقوق الانسان عدد المخطوفين، وذكرت الاحصائية ان قرية تل شاميرام: خطف منها 36 امرأة، و 30 طفلاً، و45 رجلاً. بينا خطف من قرية تل جزيرة: 43 امرأة، وتسعة أطفال، و 32 رجلاً. كما خطف من قرية تل هرمز: ثلاثة نساء، وستة رجال. وباقي المخطوفين من قرى تل فيضة وقبر شامية وتل غويران.

الخالة جورجيت من قرية تل جزيرة نزحت هي الأخرى الى مدينة الحسكة، تسكن في منزل يعود لعائلة تقربها. كانت تحمل في يدها ألبوم صور يحوي ذكريات ولديها طوني وفادي وزوجها ميشال؛ فالمعارك التي اندلعت في محيط قريتها غيرت مصير جميع أفراد أسرتها.

ويعزوا رجل الدين ان "الهدف من وراء عمليات الخطف هو ترهيب المسيحيين وإخافتهم لدفعهم الى طلب الحماية من الجهات العسكرية المسيطرة على الأرض باعتبارها المصدر الوحيد الذي يقدم الحماية للمسيحيين في مناطقهم وبالتالي يقع على المسيحيين، أو غيرهم من السوريين، واجب الطاعة والمساعدة".

تدمير وحرق الكنائس

جورجيت وهي تقلب صور عائلتها، تساءلت "ما عرفنا شيء عنهم لهلا، كل ما نسمعه اشاعات وحكي منقول، مافي شيء مؤكد وواضح، مصيرهم مجهول"، كانت تتحدث وعينيها تذرفان الدموع حزناً على فراقهم، وعبرت لـ (كلنا شركاء) بصوت حزين "ابني طوني عمره 30 سنة، كان متزوج من جديد وفادي طفل لا يتجاوز عمره 12 سنة، وزوجي ميشال عمره حوالي الـ 60 سنة. كلهم خطفوا بنفس الليلة"، واضافت: "ليش ومنشان شو هل السؤال محيرني من أول يوم؟!" هنا توقفت عن الكلام وبكت قليلاً ثم حاولت جمع قواها وأنهت حديثها بالقول: "الله لا يسامحهم".

ووفق تقارير دولية ومصادر اشورية مسيحية، يبلغ أعداد السريان الآشوريين المتبقين في سوريا نحو ثلاثين ألفاً من بين 1.2  مليون مسيحي في سوريا، يعيش معظمهم في مدينة الحسكة، وبعد اندلاع الانتفاضة الشعبية المناهضة لنظام الحكم في سوريا، نزح كثير من المسيحيين وتحديداً الآشوريين خلال الصراع المستمر منذ أربعة أعوام.

وبحسب مصادر آشورية، فقد قامت عناصر تنظيم (داعش) في هجومها الأخير قبل شهرين ونصف، بتدمير كنيسة "الربان بثيو" في قرية تل هرمز، وأحرقت كنيسة "قبر شامية" المعروفة باسم مار جرجس. وتحدثت هذه المصادر عن استهداف التنظيم العديد من كنائس ريف الحسكة ونالت جزءاً من الحرق والدمار.