مشاكســـة فياغــــرا سياســـــية / مال الله فرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, أبريل 11, 2013, 08:52:05 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

مشاكســـة
فياغــــرا سياســـــية



مال اللــه فرج
Malalah_faraj@yahoo.com


اشتعلت حرب المنشطات من جديد في الاسواق السياسية مع اطلالة ملامح (تجربــــــة) اخرى من تجاربنا الديمقراطية ممثلة بانتخابات مجالس المحافظات ' التي تمثل حلقة جديدة في سلسلة طويلة من هذه (التجــــارب الديمقراطيــــــة ) المختلفة التي تذوقنا طعم ونكهة المئات من انواعها واصنافها  وتلمسنا منشأ وتاثيرات وافرازات واهداف ونوايا وموطن زراعة كل منها ' منذ ان انطلقت بواكيرها الاولى بقوة وعلانية ' اثر ازاحة النظام الملكي (بطريقـــــة ديمقراطيــــــة) واغتيال جلالة الملك فيصل الثاني رحمه الله   (بطريقــــة ديمقراطيـــــة ايضـــــا) عام 1958 ليومنا هذا ' حتى حفظنا كل انواع الديمقراطيات واشكالها ومحتوياتها 'الشرسة منها والهادئة ' الرومانسية والهجومية 'العدائية والصديقة 'الوطنية والاقليمية 'الاشتراكية والرأسمالية 'العسكرية والمدنية 'الطائفية والميليشاوية 'السياسية والجهادية 'الخجولة والمتحررة.   
ومع ذلك ما تزال الاحزاب والتحالفات والانظمة والحكومات والبرلمانات تتحفنا كل حين بتجربة جديدة منها ' حتى امسينا بحق مختبرا للتجارب الديمقراطية , ورغم ذلك فقد فشلنا  فشلا ذريعا في بناء هيكل حقيقي لديمقراطية حقيقية ليس لها مخالب ولا انياب ولا ميليشيات ولا سجون سرية ' هيكل يستمد تاثيراته وحضوره من قيم حقيقية اصيلة , نتفق عليها جميعا ' لتنقذنا من حقول ومختبرات التجارب الديمقراطية الشرسة المنافقة المتطرفة العنيفة التي لم يتوان  بعضها عبر مختلف الازمنة ' عن قطع الالسن والاصابع وحتى الرؤوس بأساليب (ديمقراطيـــــــــة) وبذريعة الحفاظ على الديمقراطية و قيمها والتي البسها البعض الف رداء بالف لون ' وحولوها من (حكــــــم الشــــــعب) ' كما ارادتها الفلسفة اليونانية ' الى اضطهاد الشعب واستغفاله وركوبه وسرقته وابتزازه والمتاجرة بحقوقه كما دأب على ذلك بعض السياسيين والحكام والبرلمانيين والمسؤولين في هذا البلد وذاك ' بنفس الوقت الذي يملأون فيه اجهزة الاعلام صراخا صاخبا حول الديمقراطية والحرية وحقوق الشعوب والتبادل السلمي للسلطة.   
في خضم هذا الواقع (الديمقراطـــــــــــي)  تشتعل الاستعدادات الدعائية والشعاراتية المكثفة لانتخابات مجالس المحافظات مترافقة كالعادة مع اوسع المزادات والمزايدات والعروض والاغراءات والامتيازات والتسهيلات التي انتجتها المطابخ الاعلامية لهذا الحزب ولذلك التحالف ولهذا المكون ولذلك المسؤول ' وهي تغرق الشوارع والساحات العامة وجدران الدور والمحلات والدوائر والمؤسسات واعمدة الكهرباء بطوفان اللافتات والشعارات والوعود الفضية والذهبية والماسية التي حفظها المواطنون عن ظهر قلب لكثرة ترديدها في اجهزة الاعلام ولكثرة رفعها في مختلف المناسبات والممارسات الديمقراطية دون ان يلمسوا أي وجود لها على ارض الواقع حتى امست مثار تندرهم وهم يقارنون بينها وبين واقعهم (الـــــــــــوردي) , والتي لو طبق 10% منها لاصبحت اقتصادياتنا ونمط حياتنا ومستوى معيشتنا وشفافية الحريات ومعايير حقوق الانسان لدينا تتقدم على ما يماثلها في ارقى التجارب الدولية , بالاخص وأن بلادنا تطفو على بحيرات نفطية خرافية ' ولسارعت معظم الدول وفي طليعتها دول الاتحاد الاوربي لاستجداء اقباس من تجربتنا الفريدة الجديدة العتيدة لأقامة هياكل ومرتكزات تجارب شعوبها على اسسها الفريدة' ولدخلنا بخيلاء كتاب غينس للارقام القياسية كافضل دولة ديمقراطية وحضارية.
وما بين الحملات الاعلامية والشعارات الدعائية , ازدهرت اسواق المنشطات (الثوريــــــــــة) المختلفة ' وفي مقدمتها الفياغرا السياسية التي تفوق بفاعليتها وبسرعة تأثيراتها الفياغرا التقليدية بمئات المرات ' بعد ان اثبتت كفاءتها في تنشيط  ذاكرة  الكثير من السياسيين والبرلمانيين  وفي تحقيقها (انتصـــابا ســــريعا ومذهــــــــــــلا) للمواقف الجديدة التي كانت تشكو من خمول سياسي مزمن بفعل ترهلها الايدلوجي ' وتغيير القناعات والولاءات ' وحتى الستراتيجيات ان اقتضت الضرورة ذلك ' بالاخص وان تفاعلات مكوناتها تستمد تاثيراتها السريعة الحاسمة من مضادين حيويين اساسيين هما الترغيب والترهيب.
ولعل ما شهدته وما باتت تشهده الساحة السياسية من انشقاقات في هذا الحزب او ذاك ومن تغيير القناعات ومن اصطفافات جديدة ومن ولاءات جديدة ومن التحولات السريعة من اقصى اليمين الى اقصى اليسار' ومن انبثاق تشكيلات جديدة ومن عمليات الانقسامات الحادة ' وانهيار قوائم ' واهتزاز تحالفات ' وانشطار مكونات , ما يؤكد بجدارة النجاح الساحق الماحق للفياغرا السياسية في محورها الاول ممثلا بسياسة الترغيب والاحتواء وحسم مزادات شراء الاصوات وتسويق المواقف واعادة رسم تضاريس (ديمقراطيـــــــــــة) جديدة استعدادا للمعركة الفاصلة ' اما من الذي تحمل ويتحمل تكاليف الفياغرا السياسية الباهضة هذه ' فان امتدادات المواقف واصدائها كفيلة بالبوح بالمصادر الحقيقية للاموال السياسية رغم تشابكاتها الداخلية والاقليمية.
على الجانب الاخر ينشط التأثير الاشد فاعلية وسخونة للفياغرا السياسية ليضع بصماته الواضحة على طبيعة الاستعدادات المحكمة والمبكره للانتخابات المنتظرة ' سواء من خلال حرب الملفات السوداء ' والفضائح المالية ' ومعركة كشف الاوراق ' او من خلال الاقصاء والتهميش والتلويح باعادة احياء الملفات النائمة وربما تفعيل مذكرات قانونية او امنية ' دون ان تسقط ايدلوجية الفياغرا السياسية من حساباتها الدور الحيوي والحاسم لديمقراطية (العبــــوات اللاصقـــــة وكواتـــــم الصــــــوت) في اخراج الاصوات (الناشــــــزة) من ساحة المنافسة الحقيقية ' بالاخص وان الايام الماضية كانت شاهدة على العديد من كفاءة وفاعلية ونتائج هذه الاساليب والممارسات (الديمقراطيــــــــة) التي تمت وتتم وفق ارفع المعايير والمصالح (الاقليميــــــــة).
من يدري ' ربما ندخل موسوعة غينس من خلال فاعلية  فياغرانا السياسية ' بعد ان فشلنا في جميع مهامنا الوطنية لنكون المصدر الاول عالميا لهذه المعايير الديمقراطية.