مشاكسة أغتيـــال الأحبــــة / مال الله فرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, يونيو 30, 2013, 02:38:00 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

 
مشاكسة
أغتيـــال الأحبــــة



مال اللـــه فــرج
Malalah_faraj@yahoo.com



لعل من الطبيعي ان اشد ما يبهج الاسر في كل زمان ومكان تلك الدقائق الممتعة بحميميتها الاسرية التي ينتزعونها من أجندة الزمن ' ليغادروا انشغالاتهم المهنية وازماتهم الاجتماعية وارتباطاتهم الرسمية ' وهم  يتحلقون حول اجهزة التلفاز في دورهم ويتابعون برنامجا جماهيريا يستحوذ على اهتمامهم او يروحون عن انفسهم بسفرة قريبة او بعيدة لساعات او لايام او يرتادون ناديا اجتماعيا ليتحرروا من تضاريس دوائرهم ومنازلهم التي ادمنوها وهي تطالعهم ليل نهار, عندها تفرض المحبة العائلية ابهى حضورها وأروع تفاصيلها الانسانية ,والوالدان خاصة يتفانيان في اغراق ابنائهم بحنانهم ومحبتهم ورعايتهم وحكاياتهم وطرائفهم ومشاركتهم العابهم ومسابقاتهم المختلفة حيث لا يعود للاختلافات العمرية أي اعتبار, اما الامر غير الطبيعي فهو ان تتحول هذه المناسبات الاسرية الحميمة بكل رهافة مشاعرها ونبل مكنوناتها وشفافية احاسيسها الى ساحة مأسي مفجعة يتبارى فيها الوالدان من حيث يدريان  او لا يدريان  باغتيال الاحبة الاقرب الى القلوب والنفوس وهم زينة الحياة  الدنيا وبهجتها ....الاطفال .
فقبل ايام اثارني منظر عائلة بعينها كانت تمضي سهرتها اللطيفة باحد النوادي الاجتماعية بمنتهى الحبور والانسجام ' فرحين  مبتهجين , بالاخص وان الطفلة الصغيرة التي لم تكن تتجاوز ربما الخامسة كانت دائبة الحركة والنشاط والابتسام ' مثل فراشة ساحرة بملابسها البيضاء تطير هنا وتحط هناك ' دون ان يشعروا بانفاس الموت التي كانت تتسلل نحوها ونحو اشقائها وتحاصرهم.
بمنتهى البساطة كان الوالد وزوجته يتباريان بتدخين (الاركيلة) وكأنهما يخوضان مسابقة دولية ' وينفثان كميات كبيرة من الادخنة بوجوه طفلهيما وبوجه تلك الطفلة الفراشة ' غير ابهين بالسموم القاتلة التي يوجهانها لاطفالهما الثلاثة من اجل لذة انانية عابرة 'في وقت تؤكد فيه تقارير منظمة الصحة العالمية ان التدخين السلبي يؤدي سنويا لوفاة ستمائة الف شخص ' من بينهم مائة وخمسة وستين الف طفل ' أي ان التدخين السلبي يغتال يوميا اكثر من اربعمائة وخمسين طفلا بريئا لا ذنب لهم ولا مفر امامهم الا ان يكونوا ضحايا لنرجسية ابائهم وامهاتهم واشقائهم الذين ينفثون دخان سكائرهم واركيلاتهم بوجوههم.
على الصعيد نفسه تؤكدالتقارير الدولية بان التدخين يقتل حاليا اربعة ملايين شخص سنويا واكثر من نصفهم هم من مدخني الاركيلة ' بالاخص وان التقارير ذاتها تدعي بان تدخين نفس واحد من الاركيلة يعادل تدخين ستمائة سيكارة , فضلا عن ان تدخين الاركيلة التي امست موضة العصر بين شبابنا ونساءنا ومراهقينا يؤدي الى الاصابة بجميع انواع السرطانات والامراض الخطيرة الاخرى.
وبودي من هنا ان اهمس باذن ذلك الرجل الفاضل وباذن زوجته الفاضلة ما ذنب اطفالكما لتجعلونهم ضحايا لنشوة شخصية عابرة وانتما تنفثان سموم السرطانات المختلفة بوجوههم ' في وقت اردتما فيه الترويح عن انفسكما وانفسهم بتلك السهرة العائلية التي اردتموها ان تكون فسحة من الفرح والمرح والانطلاق والترويح عن النفس واذا بكما تسمحان من حيث تدريان ام لا بأدخنة السرطانات المختلفة بالتسلل الى رئتي كل طفل شارككم بهجة السهرة تلك؟
ويا ايها الاب الفاضل وياايتها الام الفاضلة في كل مكان وانتما تحرصان على تربية اطفالكما تربية نموذجية واسعادهم بشتى الاساليب ' لكنكما لا تلتفتا لمضار وافرازات التدخين السلبي المباشرة على صحتهم وحياتهم ' هل تدركان ان عدد ضحايا التدخين لوحده خلال سنة واحدة فاق عدد ضحايا مرض الايدز المرعب الذين توفوا خلال (12) سنة ؟ وأن عدد ضحايا التدخين في العالم بلغ خلال عشر سنوات (43) مليون انسان ' وان معدل وفيات التدخين سنويا هو ثلاثة ملايين ونصف المليون انسان ' وبمعدل وفاة مدخن كل تسع ثوان .
ولعل من مفارقات هذا الزمان ' ان تبلغ قيمة تجارة الدخان العالمية سنويا (407) مليار دولار في الوقت الذي يضرب الجوع فيه سنويا بحدود مليار انسان ولو وزعت مبالغ تجارة الموت هذه على جياع العالم لامنت لكل منهم اكثر من دولار يوميا وعلى مدار السنة وربما يكفي هذا المبلغ المتواضع لتوفير ثلاثة وجبات طعام متواضعة يوميا وطوال السنة لبعضم بالاخص في الدول الفقيرة.
الى ذلك فقد اهدى احد الموظفين الذي كان على طرفي نقيض مع مديره المباشر 'والذي لم يكن يسلم من توبيخاته وعقوباته ولاتفه الاخطاء ' أركيلة فاخرة واغراه بتدخينها , وام تمض ايام الا وأدمن عليها ' بحيث اصبح المدير المعني يتفاخر بانه أمسى لا يستغني عنها طوال ساعات الليل والنهار بالاخص عندما يسترخي ليلا لمتابعة البرامج الفضائية ومباريات كرة القدم' واذ سئل ذلك الموظف عن الهدف من ذلك (النفــــاق الوظيفــــي) الواضح ' بالاخص وان الجميع يعلم بانه ومديره لا يطيقا ولا حتى يستلطفا بعضهما؟؟؟
اجاب بخبث وهو يبتسم (لقد وضعته على طريق الموت البطئ) ' ولعله كان محقا .