مشاكســة أغنــى البـــلاد وأفقـــــــر العبـــــــــــاد/ مال الله فرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, نوفمبر 30, 2013, 09:11:20 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

 
مشاكســة
  أغنــى البـــلاد
وأفقـــــــر العبـــــــــــاد


مال اللـــه فــرج
malalah_faraj@yahoo.com 


هل غيرت اعاصير الازمات الدولية مسارها واتجاهاتها لتضع العالم امام تحد جديد , ذلك هو الثروات النفطية ؟ ولتجعل من هذا العصب الرئيسي للاقتصاد العالمي بؤرة للكوارث والمنازعات بالاخص بعد ان (نجحت) بعض الدول الممسكة بقوة باوسع احتياطيات هذه الثروة الحيوية بامتياز كبير وبكفاءة متفردة , وربما لاول مرة في التاريخ , بجمع الضدين وتحقيق المعادلة المضحكة المبكية , وربما المخزية (أغنى البلاد .. وأفقر العباد).
ففي ليبيا التي اطاحت عبر ثورة ربيعها العربي بدكتاتورها  القذافي في تشرين الاول 2011 ووضعت مصيرها وثرواتها واقتصادها بايدي ابنائها , فشلت وعلى مدى عامين في اطفاء لهيب المنازعات سواء بين الخصوم السياسيين او بين المليشيات التي اصبحت دولة داخل دولة , واخفقت في توظيف ثرواتها النفطية الكبيرة في تحقيق الامن والرفاهية والاستقرار للشعب الليبي على الرغم من أنها تصدر اكثر من مليوني برميل من النفط يوميا ولديها عاشر اكبر احتياطيات نفطية في العالم وتحتل المرتبة السابعةعشرة في انتاج النفط ولا يتعدى تعدادها السكاني الستة ملايين والنصف مليون نسمة فقط.
فما تزال البطالة بحدود 25% والاف العوائل لا يتعدى دخلها الشهري المائة دينار ليبي الى جانب اضطرار عوائل ترزح تحت مستوى خط الفقر العيش في اكواخ من الطين , مما دفع اقليم برقة قبل ايام لاعلان استقلاله النفطي عن ليبيا والمبادرة بانشاء (المؤسسة الليبية للنفط والغاز ) لتكون هذه الخطوة التي عزا السيد (عبد ربه البرعصي) رئيس المكتب التنفيذي لاقليم برقة المزمع اقامته احد اسبابها الى (عجز الحكومة عن التحقيق في سرقات النفط وتركيب العدادات).
اما في السودان , ورغم مرور حوالي ربع قرن على اقدام الرئيس البشير على الامساك بزمام الامور بيد من حديد (بطريقة ثورية ديمقراطية متفردة لا تقيم بثوريتها اي اعتبار لعملية التداول السلمي للسلطة )  , وربما سيبقى ممسكا بالرئاسة لربع قرن اخر وبطريقة ديمقراطية ايضا رغم انف المعارضة والمجتمع الدولي ومذكرة القبض والمحكمة الدولية ' الا انه فشل فشلا ذريعا في توظيف عائدات الثروة النفطية لبلاده في الارتقاء بالاقتصاد وامتصاص البطالة والقضاء على الفقر والجوع والامية على الرغم من ان عملية البدء بتصدير النفط السوداني قد بدأت قبل خمسة عشر عاما , وتحديدا منذ 1999, فما يزال السودان يمثل الدولة الاولى عربيا بمستوى الفقر الذي بلغت نسبته (46,55%) .
الى ذلك فقد اشعلت الثروة النفطية حرائق الخلافات بين السودان وجنوبه (جمهورية جنوب السودان) منذ الايام الاولى لاستقلاله في التاسع من تموز 2011 بدل الاتفاق على توطيف هذه الثروة وعائداتها لصالح الطرفين خاصة ولصالح كل السودانيين بشكل عام .
وبدل البحث في ميادين توسيع الاستكشافات والانتاج وتحويل ذلك الى صناعة نفطية والى مورد لتامين قاعدة اقتصادية حيوية منتجة وصلت الخلافات بين الجانبين الى خطوة مأساوية القت بافرازاتها السلبية الحادة على الاقتصاد باقدام حكومة البشير على وقف تصدير نفط الجنوب عبر خطوطها الناقلة لتخسر بذلك ربما مئات الملايين من الدولارات كان الشعب السوداني واقتصاده بأمس الحاجة اليها , وفي وقت بلغت فيه مديونية السودان الخارجية (30) مليار دولار , اضافة لاضطرار دولة الجنوب لاقتراض مبلغ (1,5) مليار دولار من الاسواق المحلية والاجنبية لسد احتياجاتها خلال فترة ايقاف عملية التصدير.
في خضم ذلك اوضحت وزارة نفط جنوب السودان ان مبيعات البلاد من النفط الخام بلغت خلال ستة اشهر اكثر من  (1,3) مليار دولار دفعت منها أكثر من (300) مليون دولار الى حكومة البشير عن رسوم التصدير عبر خطوطها الى ميناء بورسودان.
اما في العراق الذي يمتلك ثاني اكبر الاحتياطيات النفطية ويحتل موقع ثاني اكبر مصدر للنفط في منظمة الاوبك بسقف تصديري بلغ (2,5) مليون برميل يوميا محققا عائدات تفوق المائة مليار دولار سنويا في ظل توقعات في ان تكون ميزانيته السنوية لعام 2014 بحدود (176,5) مليار دولار , فما يزال الفقر والبطالة والفوضى والفساد وغياب الخدمات سادة المشهد الوطني حيث اكدت بعثة الامم المتحدة في العراق (يونامي) ان ستة ملايين عراقي مازالوا يعيشون تحت مستوى خط الفقر , في حين اغرقت اول (مزنة) من الامطار بغداد بالفيضانات وبطفح المياه الثقيلة والحقت الاضرار بممتلكات الاف العوائل الفقيرة وارغمت الحكومة على اعلان تلك الايام المنكوبة عطلة رسمية لتكشف امام الرأي العام حجم الفساد وحجم العجز الحكومي في ميدان الخدمات, يضاف لذلك اضطرار مئات العوائل للعيش في اكواخ الطين والصفيح والحصول على قوتهم اليومي من مخلفات سلال القمامة في واحدة من اغنى البلاد النفطية.
الى ذلك فشل البرلمان خلال دورة كاملة في اقرار قانون النفط والغاز بسبب حالات الشد والجذب بين الحكومة المركزية وحكومة اقليم كردستان وغياب النظرة الموضوعية للمصالح الوطنية العليا وستراتجية التوزيع العادل للثروات مما منح احدى دول الجوار منفذا (للتدخل) في هذا الشأن الوطني الحيوي الداخلي باقتراحها الية لتوزيع العائدات النفطية بين الجانبين مما يطرح سؤالا وجيها رغم مرارته (هل ما يزال بعض مسؤولينا اطفالا بنظر هذه الدولة او تلك وبحاجة لوصاية ونصائح الاخرين ؟).
اخيرا ايها السياسيون والمسؤولون الحريصون على مصالح البلاد والعباد , بعيدا عن المزايدات والشعارات تعالوا الى اقليم كردستان الذي بنى ويبني مستلزمات حياته من حصته في الميزانية الرسمية وتلمسوا بانفسكم مالذي حققه وقارنوا بين  واقعه وواقع اية محافظة عراقية اخرى علكم تضعون اصابعكم على الداء .. وتتلمسون طريقكم الى الدواء.