عالم... بعيون الفالنتاين منجد فيصل الميالي ترى لماذا يصر العالم على ان يحتفل

بدء بواسطة ماهر سعيد متي, فبراير 15, 2014, 03:07:52 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

ماهر سعيد متي

عالم... بعيون الفالنتاين

منجد فيصل الميالي

ترى لماذا يصر العالم على ان يحتفل بالحب ..ونصر ان نحتفل بالموت ..؟ في عيد الحب وفي بلاد الله اجمع يتوزع الحب كقطع الحلوى في أفواه العشاق وتمتزج حلاوته مع رضاب شوقهم ..أما نحن الذين لم تحل علينا بركات فينوس فنتقاسم في هذا الوطن الموت اما عن طريق المفخخات او قذائف الهل فاير...
هل فعلا ان هذا طارئ علينا ..؟ ام أننا شعب لا يصل الى ذروة شبقه الايروسي الا كالثري الإنجليزي ترينس (في رواية احدى عشر دقيقة) لباولو كويللو صاحب الطقوس الغامضة في بلوغ اللذة و النشوة من خلال الألم و العذاب ..الا يبدو ذلك أصيلا فينا ..؟ لو رجعنا القهقرى قليلا في تاريخنا الم نختر الإعدام (الستاليني) فهد ورفاقه حازم وصارم في ساحة المتحف يوم 14 فبراير من عام 1949 لا لشيء الا لنرضي (ترومان)...!
وقت كان العشاق الروس والامريكيون يشبعون عناقا ودفئا في الساحة الحمراء وواشنطن سكوير بارك ... في حديث سريع ولكن ممتع مع الشاعر الفريد سمعان عن أسباب إعدام فهد اخبرني ان فهد كان يقبع في الزنزانة المجاورة له في سجن (ابو غريب) 1949 .. كان يسترسل في الحديث كنت انا أتصور العالم عندما يمر كشريط في عيون الفريد ..ترى كم تغير هذا البلد منذ ذلك الحين الى الآن ؟ وكم تمددت قيم التشدد والعسكرة والبداوة على المساحات الخضراء للمدنية و التنوع والحب ..؟ لدرجة ان مؤسسي المدنية الكلدانية العراقية منذ فجر الحضارة اصبحوا يبحثون عن ملجأ لهم في الإمارات ذلك البلد الصحراوي الذي لم يسمح للرمال بخنق التنوع الذي اختاره ...ولو حاولنا ان نقتحم على الفريد أمنياته وهو في تلك الزنزانة في مثل هذا اليوم قبل 65 عاما بالضبط ..بماذا كان يحلم ؟ الم تكن أحلامه اكبر كلفة بكثير من أحلامنا اليوم .. لأن كثير من أحلامنا اليوم كانت متحققة في عراق الأمس وتلك هي المصيبة والمفارقة في آن .. !! لم يكن الفريد يحلم بمدنية الدولة كما نحلم اليوم فمدنية الدولة والمجتمع كانت موجودة ولم يكن يحلم بوحدة العراق لأنها كانت متحققة ولم يكن يحلم باحترام التنوع لأنه كان ينضوي تحت حزب هو الأكبر في الحركة الوطنية العراقية وكان مسؤوله الاول فهد (المسيحي) ثم جاء بعده يهوذا صديق (اليهودي) ثم بعده مالك سيف (المندائي) ثم (الكردي) بهاء الدين نوري ..لم تكن تلك الأحلام تراود جيله بل ان أحلامهم (الأممية) أوسع بكثير من أحلامنا فهم كانوا يحلمون ببلد يحقق للإنسان العدالة الاجتماعية وللوطن استقلالية القرار الخارجي ..بلد يناصر الجياع في العالم ..أما نحن اليوم فأحلامنا جد مسكينة فهي لاتعدوا ان تكون إكمال السير في احد الشوارع دون ان تواجه احدنا طرود الموت التي تجوب الشوارع ...وأما (ميثولوجيا) التنوع ووحدة الوطن ومدنيته فقد أصبحت ترفا غادرنا منذ ان رحل اليهودي أنور شاؤول هاربا من بلد يكره أبناءه بلا سبب وهو يردد( ما نال من حبي لأمة أحمد كوني علي دين الكليم تعبدي.. سأظل ذياك السموأل في الوفا أسعدت في بغداد أم لم أسعد) ... ترى لماذا لم نتوقف عن إنتاج الموت واللاعقلانية منذ عهد السومريين الى عالم اليوم الذي اصبح يقدس الكائن الإنساني وعقله..؟ فلاشك ان كثيرا من بقاع العالم كانت مصابة بمرضنا التاريخي هذا لكنها أجرت لنفسها تداخلا جراحيا ضروريا لتقليم أظافر السلطة وتدجينها لتصبح قط مدجن قادر على التأقلم مع أجواء الحياة الدافئة ...لماذا بقينا مغرمين بالنزول الى أقبية الموت حكاما ومحكومين ..؟ ظلت ألمانيا تعتبر أي ذكر للقائد الدموي للجستابو هيملر عمل يرقى الى مستوى العداء مع قيم المجتمع الألماني وكذلك روسيا التي ترفض اي حديث عن نيكولاي يزوف قائد الشرطة السرية في فترة (التطهير الأعظم) وهي التسمية الستالينية المفضلة لعملية قتل الملايين من المناوئين ودأبتا على بناء مجتمع يحترم الإنسان لأنه إنسان وحسب.. بينما عجزنا عن بلورة مجتمع يجمع على إدانة شخصيات مارست إهانة الروح الإنسانية للعراقي من مثل بهجت العطية او مدحت إبراهيم جمعة او ناظم كزار او حتى قبلهم مثل ملا علي الخصي الشرطي المملوكي الذي كان يسوم البغداديين سوء المعاملة والاحتقار .. ؟ الا نجد اليوم ان هناك مفارقة مضحكة بين حال شعوب أصبحت تبتكر صور جديدة للحياة مثل فرنسا التي اختارت لوزارة ثقافتها أندريه مالرو مؤلف (الأمل) و (الشرط الإنساني) والبرازيل التي اختارت مغني وموسيقار السلام جيلبرتو جيل وزير للثقافة فيها في حين اننا نختار الصحاف واسعد الهاشمي وزراء لثقافة سوداء لا تنتج الا قيحا يخنق أبناءها..؟ هل السبب اننا أمة دموية كما يدأب باقر ياسين ان يقنعنا..ام لأننا شعب بدوي بقناع شفيف كما كتب الوردي سابقا.... ام لأننا أمة لم تفلح في إنتاج هوية ..او بالأحرى لم تفلح في إنتاج هوية للحياة ..أليس من العجيب ان الخوف وشغف الدم هو الهوية التي ضلت توحدنا تحت اي دكتاتورية مستعدة لممارسة طقوس الموت التي تتوهج أرواحنا فرحا زائفا بها وخوفا أزليا منها ..! ربما ان السبب في فشلنا دوما على ان نحتفي بالحب (وطنيا) هو لأننا أسارى الذاكرة.. والذاكرة لا تحتفظ الا بنظام متسق من كل ما يمجد الانا الجماعية ويكره الآخر ... لذا بقي رأس حاضرنا مطلوبا في أي لحظة كثمن لتسويات قادمة من الماضي ..ولذا بقينا اسرى في تيه المسافة بين السقيفة والحويجة ...فالذاكرة كما يرى نيتشه سبب مأساة الكائن البشري لأنه قبلها لم يكن يعرف الا المرح ودفق الحياة ...وعليه ربما سيكون لزاما علينا كأمة تريد كما شعوب الأرض ان تحتفي بالحب او بدلالة زمانية له كالفالنتاين ولو بعد حين..ان تبلور نظاما يخرج من صفد الذاكرات الى ضوء الاعتراف بالتنوع تحت سقف الحب لهذا الحياة ... نظاما (يرنو) الى المستقبل ... ولا يعتاش على الحصاد المر للماضي ..



http://www.almadapaper.net/ar/news/459182/%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A8%D8%B9%D9%8A%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%AA%D8%A7%D9%8A%D9%86
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة