بيت المدى يؤبّن عَلّامة بغداد.. سالم الآلوسي.. خدمة العلم والدعوة الى وحدة الوطن

بدء بواسطة matoka, يناير 24, 2015, 06:34:44 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

matoka

بيت المدى يؤبّن عَلّامة بغداد.. سالم الآلوسي.. خدمة العلم والدعوة الى وحدة الوطن











برطلي . نت / متابعة
بغداد / المدى
2015/01/24

بأجواء يسودها الحزن، أقام بيت المدى فعاليته الثقافية يوم أمس الجمعة، فقد تبادل الحاضرون التعازي وسط عبرات البكاء وحرقة الدموع وكلمات الأسى لفقدان رمز وطني يعد واحداً من أعمدة المجالس الأدبية بعد ان أغنى الثقافة العراقية بمجالاتها العلمية والتراثية والأثرية. انه سالم الآلوسي الذي ودعنا في السادس عشر من الشهر الماضي. واحتفاءً بأربعينيته جرى الحديث عن مناقبه واستعراض جوانب من تجربته ولمحات عن حياته مصورة بفيلم وثائقي أعدته مؤسسة المدى لجمهورها الذين حضروا معبرين عن حبهم واعتزازهم بالفقيد الراحل.

وقد بيّن مقدم الجلسة الباحث عادل العرداوي ان الفقيد الراحل يعد من رواد التوجه الوفاقي بالعراق وهو مؤسس معهد الوثائقيين العرب في بغداد نهاية سبعينات القرن الماضي، وله يد بيضاء على دار الكتب والوثائق الحالية، مشيراً الى انه تتلمذ على يد مجموعة من أعلام العراق، وقد زامل العلّامة مصطفى جواد والدكتور علي الوردي والشيخ جلال الحنفي والدكتور حسين أمين والدكتور الآثاري طه باقر وغيرهم.
قرية آلوس
كان أول المتحدثين الباحث احمد الآلوسي وهو ابن أخ الفقيد الراحل مبتدئاً بتقديم الشكر والامتنان لمؤسسة المدى أصالة عن نفسه ونيابة عن جميع أفراد عائلة الفقيد، مبيناً ان هذا الشكر والامتنان موصول لكل الأوفياء ممن كتب منهم مقالاً او أنشد شعراً او قال كلمة بحق المحتفى به. وقال: ينتمي عمي الآلوسي الى قرية آلوس الطيبة بأهلها وسط أعالي الفرات، والتي لا يقطع هدوءها إلا نعي النواعي وهديل الحمام وحفيف سعف نخيل. وقد خرج من هذه القرية الصغيرة الكثير من العلماء والأدباء والمفكرين والمفسرين للقرآن الكريم. ولكن جد سالم الآلوسي رحل من هذه القرية وسكن بغداد صوب الكرخ.. وأضاف: وفي بغداد ولد عمي سالم الآلوسي سنة 1925 في محلة سوق حمادة، وفي بداية حياته تلقى تعليمه عن طريق الكتاتيب وعلى يد الملا عواد الجبوري.. ومنها انطلق الى التنقيب والآثار وقد اختلط بكبار العلماء والوجهاء من الآثاريين والأدباء والمفكرين. مشيراً الى انه تزوج من السيدة مهاب درويش لطفي العالمة الآثارية وعالمة المسكوكات، وقد أنجبت له (عبّاد) الذي توفي وهو في ريعان شبابه، فصبر وصبرت. وقال: السيدة مهاب أهدت للعراق يدها التي قطعت أثناء احدى سفراتها للتنقيب، مبيناً ان عمه سالم قد حرص عليه وعلى إخوته في تنشئتهم ورعايتهم وفاء لأخيه الذي توفي وهم صغار، وقد زوج ابنته زينب من أخيهم.
نكبة وطن
فيما أشار الباحث عبد الحميد الرشودي الى انه عرف الفقيد الراحل سالم الآلوسي منذ أوائل ستينات القرن الماضي عن طريق الندوة الثقافية التي كان يقدمها الفقيد من خلال شاشة تلفزيون بغداد. وقال: ثم بعد ذلك أسعدت بلقائه وتشرفت بصحبته قرابة نصف قرن، وقد وجدت فيه أخاً حميماً وصديقاً كريماً يحفظ للصديق حقه ويصون كرامته، فالمعرفة عنده ذمة يجب ان تصان وهذا خلق نادر في زمن غاض فيه الوفاء وفاض الغدر والرياء. لافتاً الى ان الخالق العظيم قد وهبه بسطة من العلم وسعة في الحلم، وقد وهب أمته ووطنه عصارة فكره وحشاشة قلبه. فقد حفظ شرف الكلمة وصان كرامة القلم فلم يدنسه في مدح طاغية باغية او تملق سلطان جائر، وانما كان همّه خدمة العلم والدعوة الى وحدة الوطن والتوكيد على هوية المواطنة التي لا يغلب عليها أي انتماء آخر. مبيناً انه كان خيمة واسعة استظل بها جميع أفراد الشعب من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه. وأضاف: ان مقاييسه في العلاقات والصداقات مبنيّة على مقاييس أخلاقية. وهذا ما يفسر ظاهرة التوجع والتفجع عليه من قبل جميع عارفي فضله على اختلاف أديانهم وقومياتهم ومذاهبهم ومشاربهم. مؤكداً ان رحيله لم يكن خسارة لأسرته وطلابه وأصدقائه حسب، وانما رزية أمة ونكبة وطن.
فيلسوفٌ جامع
وتساءل المحامي القانوني طارق حرب: هل نجعلها مجلس عزاء ورثاء ام جلسة مدح وثناء وإطراء. مبيناً ان أخلاق وطبيعة جوهر الآلوسي تنأى عن ان يكون مجلسنا للتأبين والرثاء فقط. وقال: الآلوسي رجل آمن بان صحائف الكتب اثمن من رقائق الذهب، وانه لا يوجد امتع من الكتاب فهو زائر لا يُمل وخير جليس في الزمان. لافتاً الى ان المحتفى به لا يمكن ان يقبل بان تكون الجلسة للبكاء والرثاء فقط. وتابع: فهو تراثي آثاري تاريخي فيلسوف متصوف من المعتزلة، وقد جمع من كل شتات الثقافة. كاشفاً بان الآلوسي قد أشار عليه بتأليف كتاب عن بغداد، وبناء على نصيحته قام بتأليف كتاب"وزراء بغداد". وأضاف: هل يعتقد ان لا يكون هذا الرجل فيلسوفاً وهو ينادي بما ينبغي ان يكون، وليس ما هو كائن، ألم يكن معتزلياً عندما فضل العقل على النقل واخذ بنظرية التحسين والتطبيع العقليين؟.
فلسفةُ الموت
من جانبه، لفت الباحث عكاب سالم الطاهر الى انه سينطلق من عبارة وردت في حديث الرشودي وهي نكبة وطن وخسارة أحبة. وقال: عادة النفس البشرية حين تكون أمام نكبة او خسارة عزيز ان تلجأ الى التفسير والتعزية. مشيراً الى قول أبي العلاء المعري"رب لحد قد صار لحداً مراراً ضاحك من تزاحم الأضداد". وايضاً لفت الى قول الشاعر المعاصر أجود مجبل الخفاجي من سوق الشيوخ في فلسفة الموت"قدر تلتقي به الأضداد ـ ومن الموت بدأ الميلاد ـ لحظة الموت تستريح الحكايات ـ وتنهي حديثها شهرزاد". ثم بيّن ان علاقته بعائلة المحتفى به تبدأ من معرفته بطبيب شاءت المصادفات المؤلمة ان يلتقي به وهو خلدون درويش لطفي وكان واحدا من اهم المسؤولين في وزارة الصحة الى جانب الدكتور النوري وطبيب الأطفال رياض ابراهيم الذي صار فيما بعد وزيراً للصحة. مبيناً ان الصدف شاءت ايضاً التعرف الى أخته مهاب درويش لطفي خلال عمله في السياحة. وقال: من خلال خيمة وزارة الثقافة تعرفت على الأستاذ سالم الآلوسي وكنت مسؤول توزيع في الدار الوطنية والآلوسي مدير عام المركز الوطني لحفظ الوثائق. وكانت زوجتي طالبة في قسم المكتبات بالجامعة المستنصرية والآلوسي يحاضر لهم عن الأرشفة. مبيناً انها كانت تنقل له باستمرار جدية ورصانة وعلمية هذا الإنسان. وقال: تواصلت معه، وكان آخرها يوم اثنين اتصلت به بشأن مشروع يخص أمانة بغداد. مبيناً ان بغداد في نهاية كل سنة تستقبل مؤتمر المدن العربية والإسلامية، وكان هناك تخطيط معين له علاقة بالأستاذ الآلوسي، ومن خلال اتصال هاتفي تم تحديد يوم السبت موعداً يجمعهم على الغداء في بيت الآلوسي. ولكنه للأسف توفي قبل الموعد.
مبدعٌ يستحق الذكرى
وفي مداخلته، بين الباحث باقر الزبيدي ان الدول لا تقاس بكثرة نفوسها ولا بكثرة ثرواتها وانما تقاس بكثرة مبدعيها وعلمائها ومثقفيها. وقال: اليوم لنا وقفة مع مبدع يستحق الوقوف من قبلنا وقفة تأملية طويلة لما قدمه من جهود في مجالات عدة. واصفاً إياه بدائرة معارف تمشي على رجلين لما قدمه من أعمال في منتهى الغزارة والعطاء في مجال البحث والكتابة.















Matty AL Mache