الاختلاف المُنتَظر في منهج العبادي وخيارات حكومته/ فخري كريم

بدء بواسطة بهنام شابا شمني, أغسطس 17, 2014, 08:02:34 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

بهنام شابا شمني

الاختلاف المُنتَظر في منهج العبادي وخيارات حكومته

برطلي . نت / خاص للموقع


 فخري كريم

بمحض الصدفة، كنت أطالع بشغف المُكْتَشِف كتاب "التصميم العظيم" الذي يتناول "إجابات جديدة على أسئلة الكون الكبرى"، عندما انفلت الدخان الأبيض من مدخنة البيت الشيعي، وصدر التكليف الرئاسي الصعب للدكتور حيدر العبادي بتشكيل حكومة القاعدة الوطنية الشاملة، وعبور مرحلة الإخفاقات والأزمات الشاملة (الكتاب من تأليف العبقري المعاصر ستيفن هوكينغ، وليونارد مولدينوو).
كانت ولادة الدخان الأبيض عسيرة، كما العملية القيصرية في حالة ولادة محفوفة بخطر وفاة الأم او وليدها البكر. وأظهرت التطورات اللاحقة للتكليف، قبلها بليلة دكناء، وبعدها بأيام، القلق الشعبي، والرهافة التي كان عليها احساس الجمهور بمخاطر استمرار ما كان قائماً، وما كان يتهدده من تحدٍ بدا مضمراً، لكنه كان مكشوفا لكل من ادرك بمعايشة الاحوال التي سادت البلاد عبر عقود من الاستبداد، ومن صيغٍ متهافتة لنزعة التسلط واغتصاب السلطة، تارة تحت شعارات "الثورة "و"القائد الضرورة"، واخرى تحت مسمياتٍ فاح منها الفساد والمكابرة والادعاء بتمثيلٍ كاد ان يتشبه بالأئمة والأولياء، ان لم يصبح كذلك، في شعارات المنادين بولاية ثالثة، وهم يهتفون بـ"حسين العصر"، بعد ان بات استدعاء المختار وتمثيله "بائداً" لا يجسد حالة، بينما يطالب نائبٌ ليس من سواد الشعب، باستنساخه، ثم يرى الآن ان الشعب مطالبٌ بنحت تمثالٍ من الذهب له، واعتباره من العظماء الخالدين!
واذا كان الجمهور الصاعق، المعروفة منابته ومصادر غيضه وإثارته، هتف مطالبا العبادي بعبارة "شيل ايدك"، فقد يكون الهتاف المذكور ملائماً من وجهة أخرى مع تطلعٍ شعبي مكبوت، لا يتجاسر على اظهار تفاؤله بما سيكون عليه الوضع في آتي الأيام.
ان قوى التغيير الشعبية، تنتظر من العبادي حقاً أن "يشيل ايده" عن نموذج الحكم السابق، بكل ما كان يعنيه من نهجٍ وسياساتٍ وأساليب وأدوات حكم متعارض مع الدستور وقيم العملية السياسية الديمقراطية، ومتناقضٍ مع آمال وطموحات الشعب بكل مكوناته، وقواه الإيجابية. وهي بهذا المعنى، دعوة إيجابية تنطوي على بارقة أمل بالاختلاف والعبور على كمٍ هائلٍ من الخرائب، والفشل والانحسار في بطانة الإخفاقات، والخيبة والعجز عن ادراك مقاصد بناء الدولة ومتطلباتها، وسبيل تحقيق أي منجزٍ في أي مجالٍ حيويٍ له علاقة بما هو جوهري للناس وللبلاد.
وتلك خارطة بيانية لسنوات ولايتين، خلافاً لما سمعه العراقيون في "خطبة التنحي"، اصبح العراق خلالها "سبّاقاً" في الفشل بين الأمم الفقيرة لا الغنية، فاسداً بامتياز بين اكثر الدول والنماذج العالمية شهرة بالفساد والتدني.
والتمني الشعبي، ان "يُنحّي" المكلف الرئاسي، الخارطة المذكورة، ويتشارك مع جميع الذين صاغوا فكرة التغيير العسيرة، في رسم "خارطة الأمل"، خارطة الاختلاف الإيجابية، التي تحدد مواقع الفشل، وتضع علامات بارزة على المواقع التي تحدد السير التصاعدي للإنجازات التي تنتظرها الناس، بعد ان تعبت في الانتظار الطويل للمرتجى المؤجل، وكاد صبرها أن ينفد، وقواها تتداعى وهي ترى فيضان النكد والتعدي والنهب وغياب الافق، ينذرها ويبدد ما تبقى فيها من صبرٍ جميل.
بالصدفة ايضاً وانا أقرا "التصميم العظيم"، علمت ما لم اعلمه سابقاً، لغفلة مني، ان السيد حيدر العبادي، مهندسٌ له براءة اكثر من اختراعٍ كما يقال، لم اطلع عليه، وهو حافز لي لكي اهديه نسخة من الكتاب العظيم، واستل الآن منه حتى ذلك الوقت عبارة موجزة عن الاختلاف المطلوب منه، وكيف ان الاختلاف في الجدل العلمي، وفي نظريات الفيزياء الكمومية "ينتج فيضاً نوعياً وتحولاً في الكيف". ولان السيد العبادي مهندس، لابد ان يكون مواكباً لتحول الفيزياء الى هندسة، فالمؤلف هوكينغ وزميله يذكران "ان الشحنتين الكهربائيتين او المغناطيسين من النوع نفسه، يتنافر كل منهما مع الآخر، بينما الشحنات الكهربائية المختلفة او المغناطيسين المختلفين، يتجاذبان"! ولعل في الاختلاف الذي ساد سنواتٍ عجافاً بين دعاة التغيير وفريق الحكم، أن يتحول الى تجاذب في المصالح والرؤى، وان يُقصيا النموذج من النوع نفسه ويتنافرا، لعل في ذلك ما يشكل رؤيا جديدة تشع بالأمل، وتحول التحفظ الذي ما برح سائداً في التقييم، الى فنارٍ يتجاوز الشكوك، ويزيل الهواجس، ويتدارك الفشل والإخفاق.
اطلق رائد الفضاء الاميركي نيل ارمسترونغ الذي حط على القمر كاول انسان، مقولته الشهيرة "انها خطوة صغيرة لإنسان، ولكنها قفزة كبيرة للإنسانية"!
ان من الممكن ان تكون خطوة التحول الشكلية، التي لم تكتمل بعد، ولم تظهر ملامحها الايجابية الانتقالية، قفزة لشعبنا وبلادنا، ان هي تجاوزت كل ما انطوت عليه المرحلة السابقة، وفتحت مساراً مختلفاً، كل الاختلاف، لتُنسي العراقيين شوائب وأدران:
"ما ننطيها".....!