تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

عندما يتحول بعض الطب الى تجارة

بدء بواسطة simon kossa, مايو 27, 2011, 06:14:08 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

simon kossa

عندما يتحول بعض الطب الى تجارة
شمعون كوسا

في سياق متابعتي العامة  لظواهر مستقاة من صلب حياتنا اليومية ، كانت المراجعات الطبية تهيئ نفسها كل مرة للخروج من قوائم تفكيري، ولكني لا اعرف لماذا كنت أرجئ خروجها بالرغم  من المفارقات والتناقضات التي تنطوي عليها.
الان وقد تركت السنابل والجبال والاجواء والافاق البعيدة جانباً ، سأخفف من قائمة افكاري وأريح نفسي من ثقلها بسرد بعض حالات حقيقية  بدت لي غير منطقية . حالات أتوقع ان يكون قد مرّ بها كل فرد في مراجعاته الطبية ، ولعلّ ما يكون قد مرّ به غيري هو أغرب بكثير مما سأرويه.

لا بدّ لي هنا من التأكيد على أنّ حديثي يتناول حالات خاصة دون تعميم ، وأنا لا اقصد طبيبا معينا ولا بلدا معينا وإن كانت هذه الظواهر  في حالة ازدياد .  بعض من هذه الملاحظات عشتها شخصيا ، وقسم آخر سمعته من الاقرباء والاصدقاء والجزء الاكبر كان حصاد مطالعات في المجلات والكتب والجرائد وبصورة خاصة الانترنيت .

أبدأ بالتكلم عن حالة شخص ذهب للطبيب وهو يعاني من ضغط دم شرياني مرتفع نسبيا ، درجتين فقط فوق المعدل . قرر الطبيب المعالج إرسال مريضه الى طبيب القلب الذي أجرى له كافة الفحوصات المطلوبة وغير المطلوبة وادخله في كاقة اجهزته الحديثة والتقليدية ، وعندما لم يكتشف شيئا أوصى المريض بمراجعة اخصائي الاوردة . بعد ان مرّ هذا الطبيب بجهازه على أوردة المريض ابتداء من الرقبة الى القدمين ، واستعان بشاشته للعثور على تطور جديد في الحالة التي كان يعرفها عن هذا المراجع،  لم يهتدِ الى تضيّق جديد في الاوردة.  بعد هذين الفحصين المهمين ، قرر الطبيب المعالج إرسال زبونه المعتلّ الى أخصائي أوردة الكلى ، طبيب تنتهي مهمته بانتهاء الاوردة عند  الكلى . وهذا بدوره لم يجد على شاشته شيئا يذكر ولكنه بحكم اقتراب قبضته الفاحصة من الكلى ، تجرأت شاشته بتصوير الكلى حيث لاحظ فيها أكياسا وصفها بالعادية ولكنه قال : هذا ليس من اختصاصي ،  لذا يفضل ان تستشير اخصائي الكلى .  استأنف المريض رحلته الى اخصائي الكلى ، وكأنه مكلف بتنفيذ  بروتوكول خاص لزيارة مبرمجة تشمل سلسلة طويلة من الاطباء . اجرى الاخصائي الجديد فحصا بالموجات فوق الصوتية وانتهى قائلا  : فعلا هناك اكياس عادية جدا ولا يوجد هناك اي سبب للقلق ، غير انه من الافضل ان يُختتم الفحص بصورة طبقية للاكياس،  لان زاوية احدى الاكياس تختلف عن البقية . كان الموعد بعد اسبوعين وتمّ التهيّؤ لذلك بتناول أدوية خاصة تحول دون حدوث مضاعفات جانبية ، لان مريضنا الرحالة كان يحمل أوزار عدد لا بأس به من الامراض ويتناول عنقودا كاملا من الادوية يوميا !! . أمضى المريض صاحبُ الضغط شبه العالي اسبوعين في قلق شديد مما ستكشفه الصورة الطبقية . جرى الفحص الكبير في اليوم المشهود ، وكان كل شئ طبيعيا ، وبقي أمر الضغط على حاله ، فسجلت الدعوى ضد مجهول !!!

من الجدير بالذكر ان هؤلاء الاخصائيين كانوا عبارة عن مجموعة اصدقاء ، وفي كل مرة كان يتم التأكيد بضرورة اجراء الفحص عند الطبيب الفلاني وليس غيره !!

وفي حالة اخرى ، استيقظ  المريض من النوم صباحا وأحسّ بترنح خفيف كان سبق له وان شعر به قبل ذلك . ذهب للطبيب المعالج لمجرد الاطمئنان وللحصول على وصفة العلاج المعروف للاذن الوسطى ، غير أن الطبيب إرتأى إرساله الى اخصائي للآذان . جرى استقبال المريض بابتسامة عريضة ،  وانتهت كافة الفحوصات وبوضعيات مختلفة ولم يجد الطبيب شيئا . إستهل الطبيب هنا ابتسامته الثانية وقال : هناك جهاز جديد في مجال الاذان ، لا شك أن فحصه مكلف شيئا ما ، غير أنيّ انصح  القيام به زيادةً في الإطمئنان  . تمّ تحديد الموعد بعد شهر من هذه النصيحة ، وفي يوم الفحص ، نفـّذ الطبيب مهمته بسرعة البرق .  طبعاً ، بعد أن ضمن اجرة الفحص ، أصبح الطبيب على عجل من امره ، وانتهى باصدار النتيجة التي أتت مع اخر ابتسامة ، ألا وهي  : ليس عندك شئ يذكر . هزّ المراجع  رأسه في قلبه وقال : كنت اعرف ذلك قبل ان أجيئ اليك  .
بلغ مسامع المريض فيما بعد بان طبيبنا هذا كان قد ابتاع لتوّه هذا الجهاز باهض الثمن ، وكان لا بدّ له من إطفاء دَيونه واسترداد قيمة  الجهاز باسرع طريقة ، ولاجله كان هذا الفحص إلزاميا لمن يحتاجه أو لا يحتاجه .
عندما رأى المريض بانه لم يتم البتّ في قضيته  ، لان الجولة توقفت عند آخر ابتسامات اخصائي الاذان ، توجّه لطبيبه المعالج وتجرّأ بطلب وصفة العلاج الذي كان يعرفه واعتاد عليه .

حالة اخرى تخصّ مريضة كانت تعاني من سعال شديد استمر لفترة معينة . قرر الطبيب معالجتها بدواء فعال قضى على السعال ، ولكنه فضّل ان تقوم المريضة باجراء صورة شعاعية للصدر . تم أخذ الصورة ولم يظهر شئ . فقرر الطبيب ارسالها لاخصائي في الصدرية والربو . بعد اخضاع المريضة لمختلف الفحوصات التي هي بعدد الاجهزة التي يملكها الطبيب ، وقبل ان تقرر الاجهزة بانه المريضة لا تشكو من شئ مخيف ، كان قد تهيّأ الطبيب لطلب صورة طبقية (سكانر) وحدّد بنفسه الموعد مع زميل له في نفس الطابق .  الموعد كان بعد ثلاثة اشهر . السؤال هنا هو : اذا لم يكن هناك شئ ، لماذا هذا الفحص ، واذا كان هناك شك او قلق ، لماذا الإرجاء الى ثلاثة اشهر وليس في نفس اليوم أو اليوم الذي يليه لمعالجة الداء في بدايته  اذا كان هناك داء ، لانه كان باستطاعة المريض الحصول على موعد مباشر مع طبيب آخر !!! ،من جهة اخرى ، ألا يقال بانه يجب معالجة الامراض حالا وفي بداياتها الاولى  ؟

سابقا كان الطبيب يعالج المريض من قمة رأسه الى أخمص قدميه ، والان اصبح لكل سنتيمتر من الجسم أن لم أقل لكل مليمتر وِلاية تحت وصاية طبيب خاص . اودّ ان اذكر هنا ما روته لي امرأة كانت تشكو من ظاهرة غير عادية على أحد اصابع قدميها . ذهبت الى اخصائي في الجلد عاين  لها الظفر ولكنه لم يقرر شيئا ، لانه لجأ  الى تقرير مختبر خاص يقوم بزرع جزء من الظفر للتعرف على الظاهرة ، والزرع هذا لا يأتي بثماره الا بعد مضيّ شهر . أرادت المريضة إنتهاز الفرصة لاستشارته في ألم تحُِسّ به بين اصابع قدميها ، فقال لها الاخصائي بان هذه الامر هو من اختصاص طبيب آخر. تقاضى الطبيب ، الذي لم يعالج شيئا، أجرا لا بأس به ، وبقي المريض تحت رحمة المختبر .
لقد شعرتُ بعض المرات أن بعض الاطباء يرون في المريض معينا للرزق يجب ألاّ ينضب ، ولاجله أحسست بان هناك من لا يحاولون معالجة المريض بصورة كاملة لكي يعود اليهم، ناهيك عن الحالات التي يطلبون فيها عودة المريض بعد اسبوع او اسبوعين او شهر . وبعض الاطباء لا يمنعونك عن طعام قد يضرك او الاكثار من مواد غذائية غير منصوح بها ، وفي المقابل تراهم  لاتفه الامور يضخـّمون الحالة ويطلبون منك قائمة طويلة من الفحوصات في المختبر الفلاني لانهم لا يثقون بمختبر غيره ، أو يبدأون معك درب صليب مراجعات لا ينتهي الاّ بالاخصائي الرابع عشر ، ولو ان مراحل درب الصليب اصبحت الان خمس عشرة مرحلة على ما اعتقد !!

كنتُ شخصيا اراجع الاطباء في بلد عربي غير العراق ، وكنت احدّث أحد أطبّائي عن عواصف التراب التي تضرّ كثيرا بمرضى الربو ، وبأن هذه التقلبات أتت جراء الحروب وتخلخل الارض ، فاجأني الطبيب بجوابه عندما قال : هذا شئ حسن لانه  لولا مثل هذه الحروب التي زلزلت الاتربة  وهؤلاء القادة التي اشعلوها ، لما تمكنّا نحن من الحصول على مصدر العيش  ؟
وهذا الطبيب نفسه كان يجري لي في كل زيارة فحصا في جهاز النفخ ، فكان الجهاز يخرج بنتيجة سلبية عندما كنت اعاني من ضيق في التنفس ، وكانت نتيجته إيجابية في الحالة المعاكسة ، وفي كل مرة كان يبتسم الطبيب للنتيجة الايجابية ويهنئني ، وكنت اقول له  :ايها الحكيم ، أنا شاعر مسبّقا بنفسي وبارتياحي ولم اكن بحاجة الى هذا الفحص المكلف لكي اكتشف ذلك !!

ومرّة اخرى كنت اكلم طبيبا عن والدي الذي بلغ السابعة والتسعين من العمر والذي قضى حياته رافضا تناول أي دواء ، فاجابني الدكتور بقوله : ان مثل هذا الشخص لا يفيدنا . وانا الذي كنت انتظر منه ان يُبديَ شيئا من الاعجاب أو الاستغراب أويستفسر عن الطرق التي يتبعها للمحافظة على صحته !!
حتى مختبرات الادوية وجدت طرقاً كثيرة لمضاعفة أرباحها لانها تلعب دورا كبيرا في توجيه الاطباء نحو الدواء الفلاني .  بدأت بعض المختبرات في تقليص هامش الحدود المسموح بها لبعض التحليلات والامراض، فمثلا ما كان مسموح به بنسبة مائة  لمرض ما أصبح تسعين فقط ، وهذا يزيد احتمالية دخول التحليل ضمن الخط الاحمر ، ويدعو الى تكثيف استخدام الدواء الفلاني .

ان الحالات كثيرة وانا متأكد بان لكل شخص قصته مع الطبّ والاطباء ، ولم ارغب التطرق هنا الى حالات كثيرة اخرى ومهمة جدا في مجال العيون او الاسنان ولا الطب الجراحي ، ولم اتطرق الى الاخطاء التي يقع فيها بعض الاطباء ولو ان الوقوع في الخطأ هي من خواصّ الانسان لانه ليس كاملا . في بعض الاحيان يبدو لي المريضَ كالعربة التي ، ما أن تمتدّ يد المصلح اليها حتى يظهر فيها عطب آخر جراء التصليح الاولي .

انا اقول بان عددا كبيرا من الحالات البسيطة لا تحتاج الى إزعاج الطبيب ، لانها اصبحت حالات معروفة والناس حاليا مطـّلعون على كثير من الامور الصحية ، ومن جهة اخرى قد يكون قسم كبير من مراجعاتنا حصيلة تعب او قلق او وهم .

اخيرا اودّ الاختتام بالتأكيد والقول : نحمد الله على ان اغلبية الاطباء يحملون لواء العلم وهم اصحاب رسالة وهدفهم الاول هو راحة المريض وشفاءه . والذين يرون في المريض معين رزق او يضعون الربح قبل مصلحة المريض هم ضعاف النفوس وهؤلاء موجودون في كافة شرائح المجتمع .



قمر

#1
موضوع جيد....انا معك سيد شمعون هذه الحالات غير منطقية وفعلا الطب اصبح تجارة(يجي المريض عندي فلان شي الطبيب لازم عملية والعملية راح اتكلفك يكول انا ما عندي فورررا ما اكدر اسويلك العملية دبرلك فلوس)
والحالات الي ذكرتها لبعض الاشخاص فعلا صحيحة لان ويا الكل تصير بالوقت الحالي وهذا يسمى استغلال
المريض لازم يكون عنده عناية خاصة ومسهلة سواء لوضعه المادي والشخصي
البشر اصبح همهم المادة فقط .....الله يسامح كل من يستغل مريض
شكرااااااااااااا على الموضوع

لن احآوٌلِ انِ أغيرِ من نفسّيِ لأجلِ أي شخص
ولن أعبث بشخصيّتي لأرضّيِ الآخرينِ إنِ لمِ
تٌعجبك شخصيتّي ليست مشكلتي فغيرّك يعشّقهآِ.

ماهر سعيد متي

                        ابدعت استاذ سيمون بوصفك لمهنة كانت سامية وانسانية .. تحولت بغياب الرقابة الى تجارة .. شكرا على الموضوع الرائع .. تحياتي
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة

د.عبد الاحد متي دنحا

شكرا استاذ شمعون على الموضوع والنماذج الموضوعية والقيمة

اقتباس
سابقا كان الطبيب يعالج المريض من قمة رأسه الى أخمص قدميه ، والان اصبح لكل سنتيمتر من الجسم أن لم أقل لكل مليمتر وِلاية تحت وصاية طبيب خاص
طبعا الحالة بها مغالاة ولكن هناك حالات بالعكس, كأن طبيب او طبيبة, يذكرون في لوحتهم, اختصاصي اطفال ونسائية وتوليد وباطنية وصدرية وحتى الجلدية وقسم منهم لهم شهادة طبية عامة وبدون اي تخصص.

مع تحيات

عبدالاحد
لو إن كل إنسان زرع بذرة مثمرة لكانت البشرية بألف خير