هل إن الله موجود فقط في دور العبادة / شمعون كوسا

بدء بواسطة matoka, أكتوبر 26, 2012, 01:24:46 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

matoka

هل إن الله موجود فقط في دور العبادة



برطلي . نت / بريد الموقع
شمعون كوسا

تناولت فهرس كتاباتي لرؤية ما نقُص فيها وما زاد من مواضيع ، فوجدتُ باني قد  أكثرت من التحدث عَمَّن أعمى المالُ أبصارَهم وبصائرَهم ، فاضحى الصديق من جرّاء ذلك يتنكر لصداقته والاخ يبتعد عن اخيه ، واصبح الناس لا يرون في بعضهم غير مشاريع تخدم مصالحهم الخاصة ، كما لاحظتُ باني لم أُركّز كثيرا على النهاية التي نتجه اليها جميعا ، موت يقودنا من آذاننا ، لاننا ضيوف على الدنيا ولا بدّ للضيف ان يغادر المنزل . وفي تسلسل المواضيع ، لفتت انتباهي فقرةُ لم تكن تحمل غير علامتي استفهام وتعجب . فتذكرت حالاً الموضوع الذي كان يراودني كثيرا ، والذي كنت اخشى الخوص فيه خشية التعرض لسهام بعض المتزمتين .  كان فعلاً موضوعا تجرأتْ فيه افكاري القفز من فوق الاسلاك الحمراء . توقفت هنا ، وبعد مراجعة قصيرة توصلت لقناعة تقول : هل نحن في عصر يسمح لنفسه تقييد حرية فكر يستنير بقواعد المنطق ؟  فجمعت افكاري المخزونة التي صاغت نفسها بالحديث التالي :

كلّما كنتُ أقوم بزيارة منطقتنا ، ألاحظ كنائسَ جديدةً تم تشييدها باسم طائفة جديدة . لم تبقَ فئة صغيرة أو طائفة مهما كان حجم جمهورها لم تطالب ببناء بيت لِله خاصٍ بها. قلتُ ، أيعقلُ أن تحتاج بقعة صغيرة بحجم منطقتنا إلى هذا الكمّ الكبير من دور العبادة ؟  من البديهي اننا لا نستطيع معالجة تشرذمنا وتوحيد معتقداتنا او اختلافاتنا الجزئية التي التحمت بنا وتسري في عروقنا منذ مئات السنين حتى دون ان نفهمها احيانا ، ولكن من جهة اخرى عدت لاستفهم نفسي قائلا : ألا نؤكد دوما بان إلهنا واحد ؟ هل يُصاب بيت الله الفلاني مثلا باذىً إذا قام اتباع طائفة معينة بإقامة صلاتها فيه بالتناوب ؟ أهي فعلا الحاجة الملحّة ، ام هذه مجرد رغبة في إثبات للوجود والتباهي والمنافسة في نوع البناء والقول مثلا بان الفلانيين ليسوا افضل منّا.  . أستغفر الله واقول ، هل تحوّل الله الى كائن تفصّله كلُّ فئة على مرامها وتطلق عليه صفات خاصة بها ، أو ربما تقول بانه لا يفهم إلا لغتها ولا يرتاح إلا لتراتيلها وصلواتها التي تركز على كلمات معينة  ؟ إن الله لا يطالب بتشييد بيوت خاصة وفخمة له ، لان البيت الحقيقي الذي يرتاح اليه هو قلب الانسان المملوء حبّا وحرارة . لذا فانّي اقول إذا كانت بيوت الله ضرورية لاقامة بعض الشعائر ، فانها ليست المكان الوحيد للصلاة .

يعتقد الكثيرون إن قدسية الله محصورة في بيوته او كنائسه ، وان القول بان الله حاضر خارج هذه الحيطان بالنسبة لهم هو ضرب من الخيال او مجرد مقطع قصيدة لشاعر يتحدث على هواه ، لان الشاعر أصلا يصرف ما لا ينصرف !!  أنا لا أنكر ، واكرّر من جديد ، بأن دور العبادة قد شيّدت فعلا لاقامة بعض المراسيم الخاصة ، غير اني اشعر بتواصل أكبر لوجود الله خارج هذه الحيطان ، وقناعتي هذه دعتني الى قول ما يلي :
تواصلاً مع خيط افكاري ، تمثلتُ نفسي حاضرا في بيت الله أصلّي . بعد ربع ساعة من تواجدي سمعتُ صوتا يناديني من بعيد : اخرج بهدوء وستجدني في الاماكن التي سأَهديك إليها . قال لي : سِر في الشارع الرئيسي حتى نهايته ، وعند بلوغ عتبة الدار رقم 5 اطرق الباب فتراني في وجه شخص مشرف على الموت ، إنه رجل يعاني من مرض عضال وباتت ايامه معدودة ، قبّله واجلس بجانبه لعلّك تخفف من آلامه. بعد هذا إنتقلْ باتجاه الجنوب الى أن تصل السجن الكبير ، ادخل هناك وستجدني في وجه شابين محكومين بالاعدام ظلما ،  خذ بيدهما ، وحاول ان تبعث فيهما الامل وتزرع فيهما الرجاء في عالم سيحقق لهما العدل .
وبالقرب من هناك ، في الجهة اليمنى ، ستجد بيتا طينيا متواضعا ، ادخل هناك وستجدني في وجه أفراد عائلة فقيرة لم تذق طعم الاكل منذ خمسة ايام ، حبذا لو قمت باطعامهم . وعند خروجك إتّجه نحو التلة الصغيرة ستجدني في  وجه رجل مقعد قد ترنحت عربته وسقط منها قبل اربع ساعات ولم يسعفه أحد . وبعد هذا إتّجه الى وسط المدينة للدخول في شارع الجداول ، اقرع الباب الاخضر الكبير،  لتجدني في وجه شخص ركبته هموم الحياة ، شخص حائر في كيفية ايصال طرفي الخيط للتمكن من العيش ، فاسمعه وبدّد مخاوفه وشجّعه على مواجهة الحياة ،  وفي نفس الشارع ، في البيت قبل الاخير ستجدني في وجه صبيّة مقبلة على الانتحار بسبب إشاعات أُلصِقت بها ، قمْ بتوسيع دائرة أفكارها لان امامها الحياة باكملها . ولا تنس البيت القريب من هناك ، بيت تسكنه بنات أرغمَهُنّ الزمنُ على ترك الطريق الصواب ، فكلمهن بمحبة وحنان وحذارِ أن ترميهن بحجر. وهكذا إبقَ ولاتبارح المنطقة ، وانتقل من شارع الى آخر ، واطرق الابواب لانك ستجدني في وجه كل محتاج ، وفي شخص كل مظلوم ، وكل طفل عارٍ أو عطشان .

ستجدني حتى في وجه قطة جريحة أوعصفور مكسور الجناح ، ولا تستغرب لاني خلقت كل شئ على صورتي ومثالي .

قلتُ لله وماذا عن صلاتي ، هل سيبقى لي وقت لتلاوتها ؟ اجابني إنك باعمالك هذه تكون قد تلوت اعظم صلاة لانك بحثت عنّي ورأيتني في وجه كلّ من  زرتهم وقمت باسعافهم ، لقد منحتهم جميعا حبك وحنانك ، وهذا اعظم شئ تقوم به ، لان محبة الغير هي اسمى اهداف الانسان ، وانا لا اطلب منه اكثر من ذلك.

بخصوص أحد الاشخاص المغرضين الذين يصرّون على الاعتقاد بان الله حبيس  المعابد حصراً ، أريد ان أروي ما يلي :
دخل أحد المرائين بيت الله بخشوع وهو قد ارتدى ثوب الحملان . من الخطوة الاولى وهو لا زال عند عتبة الباب ، بدأ بالركوع واستقام ، وعاود الحركة عدة مرات الى ان وصل الصفوف الاولى بعد سبع ركعات .
بقي اثناء الصلاة يرفع يديه ويتمتم صلوات لا يفقه معناها ، لان المهمّ عنده كان تحريك الشفاه . لدى جمع النقود ، اخرج من جيبه ورقة نقدية وبدأ يهزها ليجعلها تصدر صوتا ومن ثمّ القاها في السلة . كان لا ينقطع عن قرع صدره أثناء الصلاة ويفعل ذلك بقوة ولا ينقطع الى ان يشرع بسعال قويّ مسموع من الجميع . عند انتهاء الصلاة ، يتوقف عند الباب ويتعمّد الانتظار بغية التحدث الى الكاهن والتبرع امامه  بورقة نقدية أخرى ، يودعها صندوق المعونات دون الحاجة الى هزّها.

وما أن يجد صاحبنا نفسَه خارج بيت الله ، حتى يقوم بخلع ثوب الحملان ليرتدي بدلة الذئاب الخاطفة السفرية . يقول في سرّ نفسه أنا الان خارج بيت الله ، لقد قمتُ بواجباتي في الصلاة والتبرع . فيقوم بنفخ صدره ، ويبسط ذراعيه مزهوّا ، ويفرك يديه ، ويُخرج من جيبه  ورقة طويلة يكون قد أدرج فيها جدول أعماله لذلك اليوم . الفقرة الاولى فيها كانت تدعوه للتوجه الى المحكمة للادلاء بشهادة زور لقاء مبلغ مهم من المال .

الفقرة الثانية كانت تركّز على ضرورة اقناع فلان بتحوير كلامه لغاية في نفسه ، والفقرة التي تليها كانت تذكّره بزيارة صديقه الذي يملك صالة يتقاطر عليها النمامون والمنافقون. ومن بعض المهام الاخرى ، موضوع تهديد شخص يقوم بعرقلة بعض اعماله غير الكاثوليكية ، وفقرة اخرى تقول له : لا تنسَ الرشوة الموعودة لفلان ، وفقرة اخرى تدعوه لزيارة لفلان من اجل إغاضة جاره ، واخرى تعيد الى اذهانه أمر الاشاعات التي يجب عليه بثّها.

مع كل ما ذكرته ، لم يكن صاحبنا الا عند الفقرات الاولى من ورقة طويلة جدا. قلتُ في نفسي ، لقد آن الاوان كي اغادر الخطوط الحمراء واعود داخل السياج المسموح ، لاني اذا استمررت هكذا ساعرّض نفسي لاطلاقة طائشة من صاحبنا الذي لازال في بدلة الذئاب الخاطفة التي يرتديها خارج بيت الله ، وقد اكون انا ضمن الفقرات الاخيرة ، اسفل القائمة !!






Matty AL Mache

ماهر سعيد متي

مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة

عمانوئيل




الاخ الكاتب المحترم, انا اتفق معك بان الله لاتحده بيوت عبادة ولاكنائس ولا اسوار ايضا. الله موجود في كل مكان لذلك اود ان اذكرك بالكلمات الماسية التي قالها الرب يسوع المسيح له المجد في انجيل متى: 
حينئذٍ يقول الملك للذين عن يمينه تعالوا يا مباركي أبي رِثوا الملك المعد لكم منذ إنشاء العالم* لأني جعت فأطعمتموني وعطشت فسقيتموني وكنت غريباً فآويتموني* وعُرياناً فكسوتموني ومريضاً فعُدتموني ومحبوساً فأتيـتم إليّ* حينـئذ يُجيـبه الصديقون قائلين يا رب متى رأيناك جائعاً فأطعمناك أو عطشان فسقيناك* ومتى رأيناك غريباً فآويناك أو عُرياناً فكسوناك* ومتى رأيناك مريضاً أو محبوساً فأتينا إليك* فيُجيب الملك ويقول لهم: الحق أقول لكم بما أنكم فعلتم ذلك بأحد اخوتي هؤلاء الصغار فبي فعلتموه* حينئذٍ يقول أيضاً للذين عن يساره ......الخ

ولكن لدي تعقيب على جزئية (ستجدني حتى في وجه قطة جريحة أوعصفور مكسور الجناح ، ولا تستغرب لاني خلقت كل شئ على صورتي ومثالي) هذا الشئ ليس كتابي لان الله خلق الانسان وحده على صورته ومثاله. الله ميز الانسان في خليقته وليس الحيوانات وان اتفقت معك في الرحمة والرفق في الحيوان لانها خليقة الله.



simon kossa

الاستاذ عمانوئيل

اشكرك على مداخلتك
ان ما قصدته بوجه الله هو تعبير عام يدل بان كل صنيعة تشبه صانعها . أن الحيوانات هي من صنع يد الله مثلما كل الطبيعة ، الا نرى الله بجمال الطبيعة . ألا نرى الله في الشمس والقمر والنجوم وكل عناصر الطبيعة الخلابة ، واذا وجدت قطة جميلة الا نقول سبحان الله. وانا لم ارجع الى ما هو كتابي وليس كتابيا لاني افكر واكتب معتمدا على كل ما تعلمته ولم انو ابدا ان اعطي درسا في الكتاب المقدس. شكرا لك .

matoka

نرحب بالاستاذ " شمعون كوسا " عودك الكريمة الى الموقع بعد ان تم لكم شرح و بيان الطريقة الفنية في استخدام صفحاته ،
شكرا للمداخلة والتوضيح على ردود اعضاء الموقع الاعزاء
Matty AL Mache