تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

وصايا الرجل العجوز

بدء بواسطة simon kossa, ديسمبر 05, 2011, 03:59:01 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

simon kossa

وصايا الرجل العجوز
شمعون كوسا

قبل ايام إتصل بي أحد القرّاء قائلا : إن مقالك الاخير عن أوراق الخريف لم يرُق لي بقدر ما كانت تروق لي مقالاتك السابقة . عرفتُ بان المتصل هو من إقليم دأب قاطنوه على قطع الاشجار واستئصالها لفسح المجال أمام بناء منازل جديدة وبيع قطع اراضي وشراء عمارات وهدم بيوت وتشييد غيرها وتوسيع ما كان صغيرا منها،   كل ّ ذلك خدمة للمستأجرين  !!، فقلتُ له : لإستساغة هذا المقال والاستمتاع بمحتواه ، كان عليك إفراغ ورشة رأسك من المعدات والاموال التي تتطلبها هذه المشاريع لمدة اربع دقائق ونصف فقط  ، وتركّز على عرض خاص تؤدي أدوارَه  أوراقُ أشجار ، اوراق خلعت خضارها واصطبغت بالف لون ولون ، وبدأت تتطاير هنا وهناك مودعة الطبيعة بحركات بديعة قبل الهبوط لمعانقة الارض والعودة الى التراب الذي نبعت منه .
لكي لا يفكر البعض باني في صدد كتابة ملحق للمقال السابق اكتفي بهذه المقدمة  وسادخل مكتبي .
لم يمهلني القلم أكثر من دقيقتين ليقفز بين اناملي . امسكت به دون ان اعرف ما ساكتب ، كان الفكر خاويا كأغلب ساعاته ، وبالرغم من ذلك كنت أرى نفسي متشوّقا  لكتابة شئ ، إشباعاً لرغبة في داخلي وايضا للحيلولة دون انقطاعي عن اصدقاء شعرت برغبتهم في مرافقتي أو التحليق بصحبتي . وضعتُ القلم في جيبي وحملت نفسي على ظهري وخرجت كعادتي لاستلهم بعض الافكار من بني الطبيعة وأحفادها من عصافير طائرة أو معشعشة ،  أواشجار  باسقة تتغازلُ قممُها مع أول نسمة ، أوازهار باسمة ، أوأنهر تجرّ مياهها بهدوء ، أوغيوم بيضاء أعطتها الرياح شكل قطيع اغنام افلت مؤقتا من سكاكين جزاريه ، أوسماء  في ازرقاق ايام الخريف الصافية ، أوآفاق بعيدة محمّلة بكثير من الآمال،  فقلت :عسى   بعض هذه او كلها مجتمعة تمكـّنني من إشباع نهم هذا القلم . إتجهت تلقائيا نحو نفس الطريق الذي أفضي بي قبل ذلك الى ضفاف نهر صغير كنت قد ألِفت التخطـّي على حافاته .
النهر لا يتوقف عن جريانه ، ولكني  تخيّلته هذه المرة متوقفا في احدى زواياه ينتظرني ليستأنف تقدمه ، فمشيت معه ، أغـّذ  السير حينا وابطئ الخطى احيانا ، الى ان وصلنا منعطفا ابصرت فيه امرأة عجوز همّت بترك مقعدها وتوجهت نحوي بابتسامة عريضة وقالت :
انا لم ألقاك قبل الان وحتى أني اجهل اسمك ولكن زوجي المرحوم كان قد رسم لي صورة عنك لا يمكن ان اُخطِئَها .انا سعيدة بلقياك هنا عند هذه المصطبة التي طالما تقاسمتـَها والمرحومَ لتجاذبِ أطرافِ حديثٍ أوتبادل اشعار أوالتنقل بين الحان شجية  .  منذ شهرين كاملين وانا مواضبة على المجئ هنا كل يوم انتظر قدومك ،  قبل اسبوعين فقط فكرت بتقليص زياراتي الى مرتين في الاسبوع ، ويا ليتك تعلم مدى سروري بلقائك ، لاني اقوم الان بتنفيذ وصية كانت موضع اهتمام كبير لدى زوجي  .

تأملتُ المصطبة وتذكرت العجوز والساعات التي امضيتها الى جانبه ، تذكرت رواياته وحكمه وامثاله وانغامه ، وتذكرت طريقة حديثة ولحظات صمته ، فتأثرت ، وتقدمت لزوجته بتعازي ومواساتي واعتذرت لها عن غيابي عن هذا المكان الذي كان بالنسبة لصديقي العجوز شبه مزار.

بدأتِ الزوجة تكلمني عن العجوز وتتحدث عن ايامه الاخيرة  .ومن جملة ما ذكرته هو انه كان متشبثا بالحياة بصورة خاصة وبكافة جوارحه ، ويأبي التصديق بانه مقبل على مغادرة الحياة أوالقبول بان هذا القدر لا مفرّ منه . كان يعشق الحياة حتى لحظاته الاخيرة ، وكان كثيرا ما يردّد بهدوء وتأثر بيت شعر بهذا الخصوص يقول :

إذا كان الموت رقادا بعده صحو طويل ،
فلماذا لا يبقى صحونا هذا الجميل ؟

كنت اقول له : إن ما تقوله كفر وهو امر بعيد عن الواقع . فالرغبة في هذا الصحو الجميل يحتاج الى حالة شباب دائمة ، كما يجب إيجاد عالم خال من الامراض ، ناهيك عن أنّ الصحو الجميل هذا لا ينصف دوما المظلوم ، فهناك من لم تبشّ الحياة بوجههم أبداً، وهناك من خـُلقوا مشوهين ، وهناك من قضوا ايامهم بين المرض والالام ،  وهناك المعذبون من قبل اسيادهم . وهل تعتقد بان الناس كلهم يرون جميلا ما انت تراه جميلا ؟ إن إحساسك المرهف هو الذي يجعلك ان ترى كل شئ جميلا ، فبعض ما تراه جميلا لا يراه غيرك كذلك او حتى يراه قبيحا ، وهؤلاء كلهم بحاجة الى بلوغ سعادة حقيقية لا يوفرها لهم هذا الصحو الجميل .

واضافت قائلة : لا تؤاخذني  يا ابني لقد اخذني الكلام. كان زوجي يحبك  كثيرا ولا يشبع من إبراز صفاتك الحميدة ، لذا اوصاني ان اسلمك هذه الرسالة يدا بيد. بعد ان تسلمتُ الرسالة ،  قبلتني العمة العجوز وقالت : ها إني اغادر مرتاحة البال لان حملا ثقيلا قد ازيح عن صدري  .

جلستُ على المصطبة والتفتّ الى النهر واذا ببعض مياهه لا زالت في انتظاري وأبت المغادرة دون إيعازي ،  فابتسمت لها معتذرا وشاكرا وكان هذا إيذانا لاستئناف جريانها . بدأتُ بقراءة الرسالة ووجدت فيها خزينا من امثال وتجارب واقوال مأثورة  استخلصها العجوز من مسيرة حياته . كان يبدأ بفكرة ، يشرحها قليلا ثمّ يُلحِقها ببعض بيوت من الشعر ، فانه يقول مثلا :

إن الحياة قصيرة جدا ، ولكن يجب ان نعيشها بكاملها دون نهمل أية زاوية فيها ، والى آخر يوم فيها لانها وإن كانت قصيرة فهي جميلة جدا ، ولقد صدق الصوت المخملي الذي تغنّى بها بهذه الكلمات  :

ليس سرّاً يا رفيقي إن ايامي قليلة   
ليس سرا إنما الايام بسمات طويلة
إن اردت السر فاسأل عنه ازهار الخميلة
عمرها يوم ، وتحيا اليوم حتى منتهاه

لاجل هذا، يا صديقي ، لا تترك مناسبة دون اغتنامها ، لان اليوم الذي انت فيه هو وحده مُلكك ، فهذا اليوم هو الذي سيمسي غدا ماضيا وهذا اليوم كان في الامس مستقبلا ، فتشبّتْ به واغنم منه سعادتك لانه لا البكاء على الماضي سيعيد لك عزّاً ولا الخوف من المستقبل سيمنع عنك النوائب.

لا تلمني يا صديقي فانا احب الشعر فاسمع هذه الابيات التي تؤكد ما قلته :

أحكََمُ الناسِِِ في الحياة أناسُ
علـّلوها فأحسنوا التعليلا
فتمتّعْ بالصبح ما دمتََ فيه
ولا تخف أن يزول حتى يزولا
وإذا ما أظلّ رأسَك همّ
قصِّرْ البحث فيه كي لا يطولا
أدركتْ كنهَها طيورُ الروابي
فمِن العار ان تظلأ جهولا
تتغنّى والصقر قد مَلكَ الجوّ
عليها ، والصائدون السبيلا
تتغنى وقد رأت بعضها يُؤ
خـذ ُحيّا والبعض يقضي قتيلا
تتغنى وعمرها بعض عام
أفتبكي وقد تعيشُ طويلا ؟
وتعلـّمْ حبَّ الطبيعة منها
واترك القال للورى والقيلا
فالذي يتـّقي العواذل يلقى
كلّ حين في كل شخص عذولا

تغنّ إذن يا صديقي لاني اعرف بانك تعشق الغناء ، فالغناء هو انطراب يزيل عن النفس كربها . تغنّ بكل ما خلقة الله من جمال تراه في الزهر والشجر والسماء والطيور والانسان خـَلقا وخـُلقا . واذا لم تقوَ على الغناء فأنصت لما شجا من الالحان ، واختر منها ما يحرّك اعمق  الاوتار فيك. واعشق بما يشير لك قلبك وعاقر بنت الحان معتدلا ، أولم تقل المزامير إن بعض الخمر يفرّح قلب الانسان ؟
ومن جهة اخرى أودّ القول إن في الحياة لحظات سعادة يصعب وصفها ،  انها لحظات انشراح ترتبط  بالطفولة ، بلون معين   بموقع معين،  بظرف معين ، بمشهد معين ، بكلام معين ، بفكرة معينة ، بنغمة معينة أوفي زمن معين خلق شعورا  جميلا عميقا ، والف مواقف طفيفة اخرى، انها حالات نشوة لا تستغرق سوى لحظات ولكنها تبلغ ذروة تتفجر لها كافة الحواس ،  هي لحظات يحلو للانسان استعادتها لتلطيف النفس أيام تتعرض للقحط والجفاف  .

اوصيك بِأَلاّ  تدينَ الناس بسرعة ، لان كل انسان هو عالـَم خاص بذاته ولكل انسان سرّ يخفيه في داخله .وقد يكون من لا يستهويك منظره شخصا قيّما على كنز في ثنايا نفسه . لا يمكنك معرفة الظروف والدوافع كما هي ،  وإنّ نفس الحكم لا يصلح تنفيذه على نفس التصرف ومع كل انسان. واذا اضطررت الى اتخاذ موقف فافعله بعد سماع رنـّة الجرس من طرفيها  وبعد استقصاء طويل ، لان كثيرا من احكامنا تأتي مخطوءة لا سيما التي تقع على عجل او في سورة غضب . وبعض الندم في هذا الخصوص لا يطفؤُه الانتحاب ، وقد تستمر هذه المرارة بملاحقة صاحبها حتى القبر.

لربما ستهزأ مني اذا تحدثت عن موضوع يعتبره الناس من البديهيات  لانه يتردد كل يوم ومنذ آلاف السنين . كلامي هوعن حبّ الناس . انه بنظري يوازي حبّ الله ، بل بدونه يصعب حبّ الله .  نكون قد ادّينا الحب هذا بامانة عندما نخصّ به الناس جميعا . فبالاضافة الى المشاعر التي يُفيضها هذا الحب نحو الغير ، فانه يقود الانسان الى اكتشاف زاوية اخرى لجمال للحياة ، تزيد النفس سعادة ، وكم يحلو لي هنا ايضا أن أذكر بعض ابيات شعر تقول :

أيقظ شعورَك بالمحبة إن غفا
لولا الشعور ، الناس كانوا كالدمى
أحببْ ، فيغدو الكوخ كَونا نيّراً
وأبغضْ ، فيُمسي الكونُ سجنا مظلما
ما الكأس لولا الخمر غير زجاجة
والمرء لولا الحب إلاّ أعظما

قد يكون بين من  تحاول حبَّهم أناسُ لا يبادلونك نفس الشعور ، بل يقابلونه بمزيد من الاحتقار والاهانة ، ويقرأون في اقترابك منهم ضعفا . فهؤلاء لا تحقد عليهم ، اشفق عليهم لانهم عليلو النفس فاتركهم وشأنهم ، لانك إذا بالغت في محاولاتك، فستكون تقريبا كالذين طلب منهم في الكتب بألاّ يلقوا جواهِرَهم  قدّام الخنازير.

خلال متابعتي لوصية العجوز كنت أرى نفسي وانا جالس أنصت اليه بعمق ، يتغنى بهذه الكلمات والاشعار بصوته الجميل ، واتطلع الى انظاره التي كانت تختار هدفها في آفاق قد تذهب الى أبعد مما تراه العيون.
انني اتوقف هنا ، لان قائمة وصايا صديقي طويلة غير انـّها مليئة بالحكم.  كل ما قاله الشيخ الوقور معروف ولكن قيمته نابعة من كونها ثمرة تجربة حقيقية . انه رجل دنيوي ولكنه شديد الالتزام بالقيم والاخلاق . لقد لاحظتُ بان المرحوم كان متأثرا جدا بالشاعر إيليا ابو ماضي .
لقد انقذتنا بعض الوصايا هذه المرة ، فهل سنضطر للعودة اليها لاحقا ؟

ماهر سعيد متي

#1
إن الحياة قصيرة جدا ، ولكن يجب ان نعيشها بكاملها دون نهمل أية زاوية فيها

كلما سطرت الكلمات اكثرت بأبداعك ... مااجمل وأروع وابدع ماقرأت ... ارجو ان لا تحرمنا من المزيد ... ادامك الله .. وكلمة الشكر لك تقف مشدوهة منتقصة من ما سبق ... تحياتي

url=http://www.gulfup.com/show/X6quiwsw7r9hv][/url]
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة

simon kossa

شكرا لك يا استاذ ماهر ، كلماتك التي تغمرني بلطفها تشجعني على الاستمرار في الكتابة
اشكرك على الصور غير اني احمد الله بان زوجة العجوز سوف لن تصل الى الموقع لقراءة  المقال
لانها باعتقادي كانت اصغر سنا من زوجها !!
شكرا لك

جون شمعـون آل سُوسْو


الأخ الشماس شمعون كوسا المحترم

سـتختلف مداخلتي هذة عن سابقاتها قليلا ً وستتخذ منحى فلسفي ومساحة وهامش أكبر ؛ فنحن البشر ما دمنا نسمة ً من روح الله والتراب فهذا حالنا ما حِيينا ؛ فـطبيعة الإنسان المزدوجة في تكوينه الأساسي والأصلي الذي جمع الله فيه بين المادة"الطين" والروح "نفحه" ، أو الجمع بين الجانب العلوي الروحي السماوي .. والسفلي الجسدي الأرضي ، فـالجسد يشده إلى الأرض لأنه من طينها، والروح نور خفيف لطيف تـشتاق إلى السمو والصفاء والارتفاع .

وكما أشرت من خلال ما جاء بمقالك الرائع رغم أنه لم يرُق لأحد الأخوة القرّاء فـَمن الجميل أن نحترم رأيه ونتقبل الآخر على علاتـه إن وجدت .. والأهم والأجمل أن لا ترضخ وتستسلم وتكسر قلمك ، بل أن تتماسك وتضبط نفسك فلا تدع هذا أو أي شخص آخر غيره أن يدفعك لغير ما ترغب أو تقتنع به ، وليس بالضرورة ما لم يعجبة لا يعجب الآخرين ؛ فلا مانـع من أجل الورد أن نسقي العليق " البُلوعقين " .. فنحن لا شك نعاني معظمنا هذا الواقع المرير وخاصة ً نحن نمر بأزمة فكر وأزمة أخلاق وأزمة ضمير وأزمة مواقف .
فـالفلسفة الأخلاقية هي دراسة أفعال الإنسان من حيث إنها صالحة أو طالحة .

أستوقفني هذا المقطـع وهو الأهم :

(( قد يكون بين من تحاول حبَّهم أناسُ لا يبادلونك نفس الشعور ، بل يقابلونه بمزيد من الاحتقار والاهانة ، ويقرأون في اقترابك منهم ضعفا . فهؤلاء لا تحقد عليهم ، اشفق عليهم لانهم عليلو النفس فاتركهم وشأنهم ، لانك إذا بالغت في محاولاتك، فستكون تقريبا كالذين طلب منهم في الكتب بألاّ يلقوا جواهِرَهم قدّام الخنازير. ))


جدير ٌ بنا نحن الفئة المحسوبـة على حملـة الثقافـة والفكر والقيم السامية أن نكون قدوة حـَسـنه وأن نعامل "الآخرين" من الناس بطبعنـا وأخلاقنا لا بأطباعهم مهما كانوا ومهما تعددت تصرفاتهم التي قد تجرحك وتؤلمك في بعض الاحيان يا أبا كميل الورد . فالمحبـة والمعرفـة دعامتان لتوازن الإنسان وكابح أمين وفعّال لكبح الانفعالات العنيفة التي تسيطر على قلب وعقل الإنسان أحيانـا ً مدعومة بالتسامح والسمو الروحي الحقيقي .

وأخيرا ً أعتقد وأجزم : إن الإنسان أبن فكره وبيئته ، و الفكر لا يأتي من فراغ بل من الواقع الذي يعيشه الإنسان فإذا كان هذا الفكر نقياً و سليماً و عقلانياً فسوف تكون تصرفاته متوازنة معقولة ومنضبطة ، وإذا كان فيه خلل وتشويش فستكون تصرفاته غير متوازنة مُتأرجحة قلقلة و غير منضبطة رعونية بل وحتى عدوانية أحيانـا ً ؛ ولا يوجد أسرة أو عشيرة أو مجتمـع يخلو من نماذج كهذة .

وأختم بالقول : كن شامخـا ً كالنخلة عن الأحقاد مرتفعـا ً .. ترمى بحجر فتعطي طيب الثمر

والسلام على من أتبـع الپـِيـك وسـَكر بالليالي  يا  شماسنا  الغالي

  وفي الاعادة افادة 

sarmadaboosh

لا استطيع الا ان اقف اجلالا لهذا القلم الجميل الذي اعتبره مساحة لترتاح فيه النفس من هموم الصراعات بين الاقلام الاخرى و وقفة تامل في مدرسة الحياة شكرا لك و أرجو المزيد.

simon kossa

مقتبس من: جون شمعـون آل سُوسْو في ديسمبر 07, 2011, 01:13:40 مسائاً

الأخ الشماس شمعون كوسا المحترم

سـتختلف مداخلتي هذة عن سابقاتها قليلا ً وستتخذ منحى فلسفي ومساحة وهامش أكبر ؛ فنحن البشر ما دمنا نسمة ً من روح الله والتراب فهذا حالنا ما حِيينا ؛ فـطبيعة الإنسان المزدوجة في تكوينه الأساسي والأصلي الذي جمع الله فيه بين المادة"الطين" والروح "نفحه" ، أو الجمع بين الجانب العلوي الروحي السماوي .. والسفلي الجسدي الأرضي ، فـالجسد يشده إلى الأرض لأنه من طينها، والروح نور خفيف لطيف تـشتاق إلى السمو والصفاء والارتفاع .

وكما أشرت من خلال ما جاء بمقالك الرائع رغم أنه لم يرُق لأحد الأخوة القرّاء فـَمن الجميل أن نحترم رأيه ونتقبل الآخر على علاتـه إن وجدت .. والأهم والأجمل أن لا ترضخ وتستسلم وتكسر قلمك ، بل أن تتماسك وتضبط نفسك فلا تدع هذا أو أي شخص آخر غيره أن يدفعك لغير ما ترغب أو تقتنع به ، وليس بالضرورة ما لم يعجبة لا يعجب الآخرين ؛ فلا مانـع من أجل الورد أن نسقي العليق " البُلوعقين " .. فنحن لا شك نعاني معظمنا هذا الواقع المرير وخاصة ً نحن نمر بأزمة فكر وأزمة أخلاق وأزمة ضمير وأزمة مواقف .
فـالفلسفة الأخلاقية هي دراسة أفعال الإنسان من حيث إنها صالحة أو طالحة .

أستوقفني هذا المقطـع وهو الأهم :

(( قد يكون بين من تحاول حبَّهم أناسُ لا يبادلونك نفس الشعور ، بل يقابلونه بمزيد من الاحتقار والاهانة ، ويقرأون في اقترابك منهم ضعفا . فهؤلاء لا تحقد عليهم ، اشفق عليهم لانهم عليلو النفس فاتركهم وشأنهم ، لانك إذا بالغت في محاولاتك، فستكون تقريبا كالذين طلب منهم في الكتب بألاّ يلقوا جواهِرَهم قدّام الخنازير. ))


جدير ٌ بنا نحن الفئة المحسوبـة على حملـة الثقافـة والفكر والقيم السامية أن نكون قدوة حـَسـنه وأن نعامل "الآخرين" من الناس بطبعنـا وأخلاقنا لا بأطباعهم مهما كانوا ومهما تعددت تصرفاتهم التي قد تجرحك وتؤلمك في بعض الاحيان يا أبا كميل الورد . فالمحبـة والمعرفـة دعامتان لتوازن الإنسان وكابح أمين وفعّال لكبح الانفعالات العنيفة التي تسيطر على قلب وعقل الإنسان أحيانـا ً مدعومة بالتسامح والسمو الروحي الحقيقي .

وأخيرا ً أعتقد وأجزم : إن الإنسان أبن فكره وبيئته ، و الفكر لا يأتي من فراغ بل من الواقع الذي يعيشه الإنسان فإذا كان هذا الفكر نقياً و سليماً و عقلانياً فسوف تكون تصرفاته متوازنة معقولة ومنضبطة ، وإذا كان فيه خلل وتشويش فستكون تصرفاته غير متوازنة مُتأرجحة قلقلة و غير منضبطة رعونية بل وحتى عدوانية أحيانـا ً ؛ ولا يوجد أسرة أو عشيرة أو مجتمـع يخلو من نماذج كهذة .

وأختم بالقول : كن شامخـا ً كالنخلة عن الأحقاد مرتفعـا ً .. ترمى بحجر فتعطي طيب الثمر

والسلام على من أتبـع الپـِيـك وسـَكر بالليالي  يا  شماسنا  الغالي

  وفي الاعادة افادة 




اخي جون
لقد اجبتك وعلقنت مطولا على مداخلتك في الجبهة الاولى

simon kossa

مقتبس من: sarmadaboosh في ديسمبر 07, 2011, 04:44:32 مسائاً
لا استطيع الا ان اقف اجلالا لهذا القلم الجميل الذي اعتبره مساحة لترتاح فيه النفس من هموم الصراعات بين الاقلام الاخرى و وقفة تامل في مدرسة الحياة شكرا لك و أرجو المزيد.

الاستاذ سرمد

اشكرك على كلماتك الرقيقة ،
فعلا نحتاج جميعا الى الابتعاد عن هموم الدنيا التي لا تنتهي وعن الكذب والتلفيق والتظاهر
لكي نحلق للبحث عن السعادة في الطبيعة