الدستور العراقي وحقوق المكون المسيحي ... من كتابي حقوق المكون المسيحي في التشريع

بدء بواسطة ماهر سعيد متي, نوفمبر 25, 2011, 01:36:07 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

ماهر سعيد متي

الدستور العراقي وحقوق المكون المسيحي ... من كتابي حقوق المكون المسيحي في التشريع
استحكمت الظروف المحيطة بالوضــــــــــــــع العراقي عامة وما لحقه مـــــــــــــــن متغيرات ما بعد عام 2003 بتبني دستورا حـــــــــــديثا يواكب الأحداث ، لكن الدســــــــــــــتور يجب أن لا يصــــــــــــاغ في يوم وليلة ولا أن يأتي

بقوالب جاهزة بل يستوجب ان يمر بمراحل تراتبية ورتيبة تضفي عليه الرصانة القانونية على ان يلبي مطامح جميع اطياف الشعب لا ان يخدم شريحة ما او ايدلوجية ما دون سواها خاصة وان الجميع هم شركاء في الحقوق كما هم شركاء في الواجبات الملقاة على عاتقهم ، وحيث ان الدستور هو القانون الأسمى حسب قاعدة علوية القانون الدستوري والذي يوجب أن لا يشرع قانون يخالف وأحكامه وهذا ما نصت عليه أحكام المادة 13 منه على  (يُعَدُّ هذا الدستور القانون الأسمى والأعلى في العراق، ويكون ملزما في أنحائه كافة، وبدون استثناء). لذا كان لزاما تشريع النصوص التي تخدم الجميع .
انتاب الدستور العراقي لعام 2005 عددا من المآخذ التي جاءت نصوصها لتنتقص من حقوق الأقلية المسيحية منها:-
أولا: الديباجة :
ألغت الديباجة  أي ذكر للمكون المسيحي ودوره الفعال في نهضة المجتمع العراقي في جميع مجالات الحياة عبر التاريخ ، الم يكونوا خير من نقلوا الثقافات وتراجمها ، وأول من برزوا في ميادين العلم ، وهل يتناسى المؤرخون أن المسيحية قد تجذرت في ربوع الوطن من شماله إلى جنوبه وخير شاهد على ذلك آثارها المدفونة والمزاح عنها تراب الأزمان ، يجب أن لا ننسى فضل هؤلاء وان نذكر لهم ذلك إنصافا لما بذلوه من جهودا في خدمة هذا البلد الجميل.
ثانيا: المادة 2/اولا /1
وقد نصت هذه المادة على (لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام).وهو نص اثار العديد من علامات ألاستفهام كونه قد زج الدين في قلب السياسة  دون استئذان ليعيد  ذاكرة الزمن إلى العصور الوسطى التي مرت بها الدول الأوربية وما عانته من صراعات مزقت النسيج وقتلت النفوس دون وازع فالبشر كانوا يحرقون باسم الدين ويحاكمون صوريا بالاعتماد
على شهادة ناقم .



الم تشن حروبا عظام باسم الصليب .والصليب بري من أية عملية سفك للدماء وكمثال آخر على تنافر الدين مع السياسة نذكر العالم غاليليو غاليلي الذي أحرقت كتبه بعد أن كفرت أفكاره



وفي العالم العربي ، الم يحاكم الحلاج ويصلب على مرأى الناس بحجة الهرطقة ، وبأسم الدين



بدا الخطاب السياسي في العراق وكأنه ممتزج بالخطاب الديني بشكل يصعب فصله ، وتراكض رجال الدين صوب السياسة متلهثين كلا يغني على منواه ، وعلى انغام يلحنها ويعزفها آخرون، وانبرى العديد منهم يطبق سياسة
(العصا والجزرة) (5)


فالعصا لمن عصا ، والجزرة هي عبارة عن وعود تتقاذفها الألسن لمن يصطف الى جانبهم ، دون ان ترى (تلك الوعود) ضوء النهار ، هكذا اختلطت المواعظ بالسياسة حتى لم يتبقى لرجل الدين الوقت الكافي كي يفي بالتزاماته وواجباته الدينية. بذا طفق التاريخ ليعيد سرد الماضي بأخطائه التاريخية ، وعود على بدء.. فبعد مرور مائة عام على فصل الدين عن السياسة واحتفال فرنسا بهذه المناسبة التي كانت نقطة ارتكاز لها نحو التقدم ..تم زج هذا النص الذي أعادنا إلى نقطة الصفر.والأمر الآخر الذي يثير المزيد من التساؤلات هو عبارة ثوابت الإسلام ، وهي عبارة واسعة التدليل والتفسير وقابلة للتأويل فهناك من يقول إن الثوابت هي :

وحدانية الله وملائكته واعتماد التنزيل للقرآن الكريم والإقرار بالرسل ، وتحريم المحرمات ، والحدود التي وضعها الله في كتابه المفصل والزكاة والحج والصيام
ومنهم من يعزو الثوابت إلى إعجاز القرآن الكريم والاعتقاد بكماله وحفظه، ، والسنة النبوية ، وان الأمة الإسلامية هي خير امة أخرجت للناس ، ووجوب الموالاة بين أهل الإسلام جميعاً ووجوب المعاداة والبراءة من الكفار جميعاً ولو كانوا من الآباء والأخوان ، واعتقاد فضل هذه الأمة الإسلامية على جميع أمم الهداية، وأنهم حملة رسالة الله الخاتمة إلى أهل الأرض جميعاً ، وعالمية رسالة الإسلام , وسوى ذلك ، وان طبقت هذه الأحكام لأستوجب التعارض والعلوية مع  أي فكر ديني آخر لما تورده من احكام .فالمشرع العراقي لم يذكر عبارة (اركان الأسلام ) (6)لكنه ذكر عبارة ثوابت الأسلام ، وهي عبارة قابلة للتأويل والقياس
ثالثا : المادة 92/ ثانيا التي نصت على (تتكون المحكمة الاتحادية العليا من عدد من القضاة، وخبراء في الفقه الاسلامي وفقهاء القانون يحدد عددهم، وتنظم طريقة اختيارهم، وعمل المحكمة، بقانون يسن باغلبية ثلثي اعضاء مجلس النواب )،هو نص اوجب ان يكون خبراء الفقه الأسلامي اعضاء في المحكمة الأتحلدية العليا متناسيا بذلك وضع احد الخبراء من الديانة المسيحية او الأقتصار على الخبراء دون زج الفقه الديني بالموضوع خاصة وان الشريعة الأسلامية هي احد مصادر التشريع وليس المصدر الأول له .
رابعا : المادة 125 نصت على : (يضمن هذا الدستور الحقوق الادارية والسياسية والثقافية والتعليمية للقوميات المختلفة كالتركمان، والكلدان والاشوريين، وسائر المكونات الاخرى، وينظم ذلك بقانون ) ، بدءا من الأصلح وضع عبارة كل مكونات الشعب العراقي بدلا من التركمان والكلدان والآشوريين ، ثم ان هذه المادة غير مطبقة على ارض الواقع ، فالأجدى بالمشرع الكريم اعتماد مقترحات قوانين من قبل مجلس شورى الدولة أو مجلس الوزراء وتبنيها فيما يخص تفعيل هذا النص


= معاهدة ( سيفر) لحقوق الأقليات والتي توجب الألتزام بحماية حقوق الأقليات مع منح حق تقديم الشكاوى الى محكمة العدل الدولية .
=نص الأعلان العالمي لحقوق الأنسان لسنة 1948 على ( يولد جميع الناس احرارا متساوون في الكرامة والحقوق ... ولكل انسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات ، دون تمييز بسبب العنصر او اللون او الجنس او اللغة او الدين او الرأي ...)
=(1)محاكم التفتيش Inquisition ،ديوان أو محكمة كاثوليكية نشطت خاصة في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، مهمتها اكتشاف مخالفي الكنيسة ومعاقبتهم..استخدمت بشكل عام لمحاكمة المهرطقين بواسطة الكنيسة الرومانية الكاثوليكية. وكان ذلك من خلال محاكمات إكليريكية أو المحاكم التي كانت تقيمها الكنيسة الرومانية الكاثوليكية لقمع أو مكافحة الهرطقة، وكانت مهمتها اكتشاف السحرة ومعاقبتهم حيث قامت محاكم التفتيش بحرق 59 امرأة باسبانيا، 36 بإيطاليا و4 بالبرتغال، بينما قامت محكمة القضاء المدني الأوروبي بمحاكمة 100 ألف امرأة، 50 ألف منهم تم حرقهم، 25 ألف بألمانيا خلال القرن السادس عشر من أتباع مارتن لوثر. وكانت سلطة محاكم التفتيش على أتباع الكنيسة من المعمدين فقط، والذين كانوا يشكلون الغالبية من السكان، لكن كان ممكنًا لغير المسيحيين أيضًا أن يحاكموا بتهمة سب الدين. وكان استخدام وسائل التعذيب في حق من كان يُظن أنه من الهراطقه أمر مألوف كأسلوب بشع للعقاب من قطع أوصال وحرق الناس أحياء.
=(2) الحملات الصليبية أو الحروب الصليبية بصفة عامة اسم يطلق حالياً على مجموعة من الحملات والحروب التي قام بها أوروبيون من أواخر القرن الحادي عشر حتى الثلث الأخير من القرن الثالث عشر (1096 - 1291)، كانت بشكل رئيسي حروب فرسان، وسميت بهذا الاسم نسبة إلى الذين اشتركوا فيها وتواروا تحت رداء الدين المسيحي وشعار الصليب من أجل الدفاع عنه وذلك لتحقيق هدفهم الرئيسي وهو الاستيلاء على أرض المشرق في الوقت الذي كان فيه الشرق منبع الثروات ولذلك كانوا يخيطون على ألبستهم على الصدر والكتف علامة الصليب من قماش أحمر.كان السبب الرئيس وراء سقوط البيزنطيين الدمار الذي كانت تخلفه الحملات الأولى المارة من بيزنطة (مدينة القسطنطينية) عاصمة الإمبراطورية البيزنطية وتحول حملات لاحقة نحوها.كانت الحروب الصليبية سلسلة من الصراعات العسكرية من الطابع الديني الذي خاضه الكثير من أوروبا المسيحية ضد التهديدات الخارجية والداخلية. وقد خاض في الحروب الصليبية ضد المسلمين، وثنية من السلاف، والمسيحيين الروسية والأرثوذكسية اليونانية، والمغول، والاعداء السياسيين للباباوات. كان الصليبيون يأخذون الوعود ويمنحون التساهل.هدف الحروب الصليبية في الاصل كان احتلال القدس والأراضي المقدسة من المسلمين، وكانت القاعدة التي أطلقت في الأصل استجابة لدعوة من الإمبراطوريه البيزنطيه الارثوذكسيه الشرقية لمساعدتهم ضد توسع المسلمين السلاجقه في الأناضول.
=(3) جاليليو جاليلي ،(15 فبراير 1564 - 8 يناير 1642)،(بالإنجليزية: Galileo Galilei‏) عالِم فلكي وفيلسوف وفيزيائي إيطالي، ولد في بيزا في إيطاليا.. نشر نظرية كوبرنيكوس ودافع عنها بقوة على أسس فيزيائية، فقام أولا بإثبات خطأ نظرية أرسطو حول الحركة، وقام بذلك عن طريق الملاحظة والتجربة.كان جاليليو يدافع عن نموذج كوبرنسكوس بخصوص أن الشمس ثابتة و الأرض والكواكب تتحرك حولها ، كان كوبرنيكوس قد نشر هذا الكتاب عام 1543 . واستاء قساوسة الفاتيكان لأن ذلك مخالف لما جاء في الإنجيل بأن الأرض ثابتة . وكان اعتقاد رجال الكنيسة أنذاك بان الأرض هي الثابتة وأن الشمس والكواكب تتحرك حولها. فكان رجال الكنيسة يتهمون جاليليو بالخروج عن تعاليم الإنجيل. ومن نحو 1612 كان جاليليو يدافع على صحة ما جاء في كتاب كوبرنيكوس .أصدر القسيس باولو أنتونيو فوسكاريني عام 1615 كتابا أراد أن يثبت به عدم صحة الاستنتاجات الفلكية لكوبرنيكوس وأنها لا تتطابق مع ما جاء في الإنجيل . وبناءا على ذلك فتح الفاتيكان لعملية استقصاء الحقائق بعد تمهيد من الماردينال روبرت بيلارمين . وفي عام 1616 منع كتاب فوسكاريني من التداول . كذلك منعت عدة مخطوطات عن الاستنتاجات الفلكية لكوبرنيكوس وأخرى ليوهانيس كبلر . إلا أن كتاب كوبرنيكوس الأصلى De Revolutionibus Orbium Coelestium الذي نشر عام 1543 لم تمنعه الكنيسة وإنما منع من التداول ، وحفط حتى عام 1822 في مكتبة الفاتيكان ، على أساس أن نموذج الحسابات التي تنادي بأن الشمس هي مركز المجموعة الشمسة وليست الارض خاطئة.
=(4)  أبو عبد الله حسين بن منصور الحلاج (858 - 26 مارس، 922) (244 هـ 309 هـ) من أعلام التصوف السني من أهل البيضاء وهي بلدة بفارس، نشأ بواسط والعراق، الحسين بن منصور بن محمى الملقب بالحلاج يعتبر من أكثر الرجال الذين اختلف في أمرهم، فجماهير علماء السنة اجمعوا على تكفيره وتبديعه ورميه بالسحر والشعوذة ونسبه إلى مذهب القرامطة الإسلامية، وهناك من وافقوه وفسروا مفاهيمه. فلسفته التي عبّر عنها الحلاج بالممارسة لم ترضى الفقيه محمد بن داود قاضي بغداد، فقد رآها متعارضة مع تعاليم الإسلام حسب رؤيته لها، فرفع أمر الحلاج إلى القضاء طالباً محاكمته أمام الناس والفقهاء. فلقي مصرعه مصلوباُ بباب خراسان المطل على دجلة على يدي الوزير حامد ابن العباس، تنفيذاً لأمر الخليفة المقتدر في القرن الرابع الهجري
=نص المادة 2 / ثانيا من الدستور تتناقض مع نص المادة 42 منه والتي تنص على  ( لكل فرد حرية الفكر والضمير والعقيدة ) والتي جاءت متوافقة مع نص المادة (18) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

=(5) لهذه المقولة قصة والقصة مفادها انه كان هناك رجل له حمار عنيد لايريد الحركة ، واذا تحرك فانه يتحرك على هواه وليس على هوى الرجل . فقام الرجل بربط جزرة في طرف العصا ثم ركب الحمار فقام يلوح بالجزرة امام الحمار ، فانتفض الحمار ليأكل الجزر ، وبدأ بالركض ليدرك الجزرة التي امامه ، وعلى ذلك قام الرجل بالتلويح بالجزرة يمينا ويسارا هكذا حتى وصل الى وجهته .
=(6) أركان الإسلام خمسة ، الشهادتان (شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ) وإقامة الصلاة ، ودفع الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا
.


المشاور القانوني ماهر سعيد متي
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة

د.عبد الاحد متي دنحا

شكرا استاذ ماهر على الموضوع القيم, مع امثلة واقعية.
فعلا لا يتطور اي مجتمع اذا لم يفصل الدين عن الدولة.

مع تحيات

عبدالاحد
لو إن كل إنسان زرع بذرة مثمرة لكانت البشرية بألف خير

ماهر سعيد متي

مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة

sarmadaboosh

شكرا استاذ ماهر على هذا التوضيح القانوني و الطريقة الجميلة التي اتبعتها في الشرح لكي يفهمها حتى من لم يكن له المام في القانون

ماهر سعيد متي

مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة

amo falahe


الأخ العزيز ماهر المحترم

لاشك بأن موضوعك السلس الجميل كان طرحه واقعيا وبالأدلة والبراهين
وهنالك نقاط كثيرة تم طرحها من القانونيين والأساتذة المتخصصين بالقانون
والدستور وقد نقدوا بدراسات مطولة لهذا الدستور التي تم وضعه  وكما يقول
(سياسيونا) أنفسهم على عجالة بأمر من برايمر
وأيضا ان القانون وضع في عهد الأحتلال على يد شخص صهيوني ومعروف من حضرتك ومن قبل
اشخاص ممثلين عن الأحزاب المسيطرة على الحكم دون النظر الى كفائاتهم
فماذا تتوقع ان يخدم مثل هذا القانون سوى دعم الطائفية وتركيزهاودعم الأنفصال
ووضع ىليات ستظر غرابتها يوما بعد يوموتضارب نصوصها بعض ببعض
ومنها أختراق لحقوق الأقلية المسيحية التي لها حق العيش في الوطن اسوة بالاكثرية
واريد ان أختم الموضوع كليا بأن مابني على باطل سيكون باطلا

موضوعك جميل ورائع وليتك تطرقت الى بعض الجوانب
التي تم شرحها لاحقا من قبل الأخوة المتخصصين بالقانون والدستور
وبيان الأخطاء الكثيرة التي احتوتها نصوص الدستور

تقبل مروري
مع خالص تحياتي
ابوميلاد

ماهر سعيد متي

شكرا على مرورك عزيزي ابو ميلاد .. الموضوع اخذ وبشكل مختصر واقتصر على ما يمس حقوق المسيحيين منهم .. تحياتي
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة